آلاف السودانيين يتظاهرون طلباً للحكم المدني

في الذكرى الـ58 للثورة الشعبية التي أسقطت حكم إبراهيم عبود

متظاهرون في مدينة أم درمان أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون في مدينة أم درمان أمس (أ.ف.ب)
TT

آلاف السودانيين يتظاهرون طلباً للحكم المدني

متظاهرون في مدينة أم درمان أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون في مدينة أم درمان أمس (أ.ف.ب)

تظاهر آلاف السودانيين في عدد من مدن البلاد للمطالبة بعودة الحكم المدني ورفضاً لتسوية محتملة مع العسكريين، وذلك في مواكب احتجاجية دعت لها لجان المقاومة وقوى المعارضة، بالتزامن مع ذكرى أول ثورة شعبية في أفريقيا والعالم العربي، أطاحت بالحاكم العسكري إبراهيم عبود في 21 أكتوبر (تشرين الأول) 1964.
وشهدت مدن الخرطوم وأم درمان وبحري، المكونة للعاصمة السودانية، مظاهرات ومواكب احتجاجية في شارع المطار بالخرطوم، ومبنى البرلمان في أم درمان، وميدان الرابطة شمبات بمدينة الخرطوم بحري.
كما شهدت مدن أخرى مواكب احتجاجية مماثلة، أبرزها مدينة ود مدني في الوسط، ومدينة الأبيض في الغرب الأوسط، ومدينة كسلا في الشرق.
وردّد المحتجّون هتافات مناوئة للتسوية والتفاوض مع العسكريين الحاكمين، واعتبروا دعوات التسوية «بيعاً لدماء الشهداء»، وقال أحد قادة المواكب لـ«الشرق الأوسط» إن «الاحتجاجات والمواكب المناوئة لأية تسوية ستتواصل مع تكثيف النضال الجماهيري السلمي حتى إسقاط الانقلاب ومؤيديه».
ودأب المحتجون على تسيير مواكب منذ قرارات قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الذي يشغل منصب رئيس مجلس السيادة، في 25 أكتوبر (تشرين الأول)، وحلّ بموجبها الحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وقال إنها إجراءات «تصحيحية»، فيما اعتبرتها لجان المقاومة وقوى المعارضة «انقلاباً» عسكرياً، وتعهدت بالعمل على إسقاطه عبر النضال السلمي.
وقال شهود عيان إن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجّين في مدينة أم درمان، حاولوا عبور «جسر النيل الأبيض» الرابط بالخرطوم، بعد أن وصلوا لمكان التجمع المعلَن، عند مبنى البرلمان القريب.
ولم تتخذ السلطات إجراءات مشددة هذه المرة، واكتفت بإغلاق جسر «المك نمر» الرابط بين الخرطوم والخرطوم بحري، ومنع المارّة والسيارات من عبوره، والذي يمر قرب القصر الرئاسي والوزارات المهمة والمؤسسات الحكومية، وهو الجسر الذي ظلت تغلقه بالحاويات قبيل الإعلان عن أية احتجاجات.
وظلت سلطات ولاية الخرطوم تغلق الجسور الرابطة بين مدنها الثلاث تماماً، باستخدام حاويات نقل الأمتعة المعدنية، عند كل دعوة لاحتجاجات، بيْد أنها تخلّت عن إغلاق الجسور أخيراً، واكتفت بمنع حركة السير عبر «المك نمر».
وعادةً تنتهي المواكب التي تبدأ الواحدة ظهراً عند الخامسة مساء، بيْد أن المحتجين في الخرطوم بحري قرروا البقاء طوال الليل في اعتصام بميدان الرابطة شمبات يستمر لمدة يوم واحد.
وتُصادف احتجاجات اليوم ذكرى الثورة الشعبية السودانية التي أطاحت بالانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال إبراهيم عبود في 21 أكتوبر (تشرين الأول) 1964، في وقت يقترب فيه «انقلاب البرهان» من عامه الأول، والذي يصادف الثلاثاء المقبل، وينتظر أن يشهد مواكب احتجاجية تجري الدعوة لها منذ الآن.
ولم تعد الاحتجاجات والمواكب بزخمها القديم، وهو الأمر الذي يرجعه محللون ومراقبون إلى الانقسام العميق بين المعارضين السودانيين، ففيما يسعى تحالف المعارضة الرئيسي «الحرية والتغيير» إلى إنهاء الانقلاب عبر العمل الجماهيري الشعبي، وفي الوقت نفسه عبر عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة وتجمُّع دولي، فإن قوى معارضة أخرى، بزعامة الحزب الشيوعي السوداني ولجان مقاومة، ترفض أي تفاوض مع العسكريين، وتؤكد «إسقاط الانقلاب» عبر الاحتجاجات والعصيان والإضرابات، وفقاً لما تسميه «التغيير الجذري»، وتتمسك بشعار «لا تفاوض ولا اعتراف ولا شراكة مع الانقلابيين» الذي ظل يردَّد طوال عام.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.