لبنان: عائلة داني شمعون تتذكره بعد 32 عاماً على اغتياله

ابنته مرشحة للرئاسة وحزب «الوطنيين الأحرار» قريب من «القوات»

داني شمعون (غيتي)
داني شمعون (غيتي)
TT

لبنان: عائلة داني شمعون تتذكره بعد 32 عاماً على اغتياله

داني شمعون (غيتي)
داني شمعون (غيتي)

متغيران طبعا تحولاً أساسياً في مسيرة حزب «الوطنيين الأحرار» في الذكرى الـ32 لاغتيال رئيسه الأسبق داني شمعون، نجل الرئيس الراحل كميل شمعون، في عام 1990، أولهما تحول عائلته نحو توثيق العلاقة مع حزب «القوات اللبنانية»، التي كانت متهمة في التسعينات بالمسؤولية عن اغتيال داني مع زوجته أنغريد عبد النور وطفليه طارق وجوليان في منزلهم، والثاني تمثل في ترشيح ابنته ترايسي لرئاسة الجمهورية، في مسعى لتأمين استمرارية لمشروعه السياسي.
وداني شمعون، الابن الأصغر للرئيس كميل شمعون، لعب دوراً رئيسياً في بداية الحرب الأهلية اللبنانية منذ عام 1975، وأصيب في معركة تل الزعتر، كما يؤكد مقربون منه، وقاد عدة جبهات من خلال «نمور الأحرار» التي كان يرأسها قبل انتكاسها في معركة «الصفرا» على يد «الكتائب اللبنانية»، في عام 1980، في ذلك الوقت، تحول إلى العمل السياسي المؤثر، إلى جانب والده، وتولى منصب الأمين العام لحزب الوطنيين الأحرار سنة 1983، ثم منصب رئيس الحزب سنة 1985 خلفاً لوالده، وأسس سنة 1988 الجبهة اللبنانية الجديدة التي دعمت قائد الجيش العماد ميشال عون. واغتيل شمعون في 21 أكتوبر (تشرين الأول) 1990، بعد أسبوع على دخول الجيش السوري إلى القصر الجمهوري في بعبدا، ما أدى إلى الإطاحة بالحكومة الانتقالية التي كان يرأسها عون في ذلك الوقت، ولجوئه إلى فرنسا.
وبقي اغتيال شمعون لغزاً، وسط تقاذف الاتهامات المتبادلة، ففيما أدان القضاء اللبناني رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في التسعينات، باغتيال شمعون، نفى جعجع الاتهامات وعدّها مسيسة في ظل الوصاية السورية على لبنان.
ويقول المؤرخ للحرب اللبنانية نبيل يوسف لـ«الشرق الأوسط»، إن ألغازاً أمنية عديدة أحيطت بظروف اغتياله، بينها: «لماذا لم يترك منزله في ذلك الوقت مع أن المنزل بقي من دون حماية؟ وكيف تُترك شخصية مثل شمعون بلا حماية؟ ولماذا لم ينتقل للسكن عند أصدقاء له، مثل رئيس الحكومة الأسبق سليم الحص الذي كان رفيقه على مقاعد الدراسة؟ ولماذا لم يشاركه السكن أصدقاء له، طالما أنه كانوا يعتقدون أن اسمه ودوره كانا حصانة له؟» وأضاف: «هذه الأسئلة من الألغاز، رغم قناعتي أن (القوات) لم تكن مسؤولة عن اغتياله».
والدور الذي يُفترض أن يشكل حصانة له، يتمثل في دوره السياسي بعد إزاحة العماد عون من قصر بعبدا في 13 أكتوبر في ذلك العام. يقول يوسف: «كان يمكن لشمعون أن يكون صلة الوصل بين الأحزاب المسيحية والسلطة اللبنانية التي انبثقت عن (اتفاق الطائف)، وهي العلاقة التي افتُقدت بإبعاد عون إلى فرنسا، ثم بحل حزب (القوات اللبنانية) في عام 1994».
بعد سنوات قليلة على اغتياله، انقسمت العائلة بين تأييد «القوات اللبنانية» الذي يمثله شقيقه دوري شمعون، وتأييد «التيار الوطني الحر» الذي كانت تمثله ابنته ترايسي التي تم تعيينها سفيرة للبنان لدى الأردن، وكانت مقربة من «التيار». غير أنه بعد اندلاع حراك «17 تشرين»، بدلت ترايسي موقفها من تأييد «التيار»، وباتت أقرب إلى «القوات اللبنانية»، فيما ترشح ابن شقيقه كميل دوري شمعون على لائحة «القوات اللبنانية» في بعبدا في الانتخابات الأخيرة، وفاز في الانتخابات.
هذان المتغيران طبعا مسيرة أساسية في تحول العائلة، فيما بقي المحازبون القدامى والمقربون من داني، خارج هذا الاصطفاف، وأحيوا أمس ذكرى الاغتيال وحدهم بالوقوف دقيقة صمت في «مركز رثاء داني شمعون» في الحازمية. ورغم ذلك، يرى عارفوه أن المشروع السياسي الذي حمله داني، «صعب أن يستمر»، كون الرجل كان «براغماتياً، وعابراً للطوائف، ومحبوباً من قبل الجميع، وله مؤيدون ومعاونون من سائر المذاهب والمناطق».
ويقول القيادي السابق في الحزب الذي كان مستشاراً لداني شمعون قبل اغتياله نبيل ناصيف، إنه اختبر «كبر نفس داني شمعون ونظافة كفه ووطنيته وجرأته، طوال تلك الفترة»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه كان يلتقيه يومياً في منزله بالحازمية بعد دخول المجنزرات السورية إلى قصر بعبدا. ويضيف: «عشت هذا الأسبوع بتفاصيله، وكان داني يعرف أنه سيُقتل، ومن ينوي قتله. في هذا الأسبوع، تركه الكثيرون»، لافتاً إلى أنه كان قريباً منه، وسمع منه الكثير من الهواجس «التي تحققت بعد اغتياله، خصوصاً فيما يتصل بأوضاع المسيحيين في فترة ما بعد الحرب».
ويرى ناصيف أن «معايير السياسة لم تعد المواقف»، مشيراً إلى أن داني «كان براغماتياً أكثر من الجنرال عون نفسه في ذلك الوقت، واكتسب من والده الشجاعة، وكان مثل والده سيادياً ووطنياً، غير طائفي، والتف حوله الكثيرون من سائر الطوائف». أما الآن، فيرى ناصيف أن «المشروع السياسي الذي كان يحمله الرئيس شمعون وداني، تراجع، وتبدلت السياسة كثيراً» في إشارة إلى الاصطفافات على أسس طائفية.
وكانت ترايسي شمعون قدمت ترشيحها للانتخابات الرئاسية في شهر أغسطس (آب) الماضي. وقالت: «جئت لأكرس نفسي لخدمتكم، خدمة لبنان، لأعلن لشعبي وممثليه وهم نواب الأمة، عن ترشحي». وأضافت أن ترشحها يقوم على «رؤية جديدة للجمهورية قادرة أن تعطي حلولاً للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يرزح تحت عبئها الوطن».
وتوالت المواقف التي تتذكر شمعون في ذكرى اغتياله أمس. ونشر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، صورة له كتب عليها: «أوفياء... وقفات ومواقف»، فيما نشرت ترايسي ابنته صورة والدها وكتبت: «في هذا اليوم أستذكر والدي داني، وطارق وجوليان، وأستذكر معهم جميع من سقطوا من أجل لبنان. وعند كل محطة تاريخية، كالتي نعيشها اليوم، أقول مع كثيرين: لو كان داني حياً». وأضافت: «على أمل أن يحيا الوطن، ونحيا فيه بكرامة».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

إسرائيل توسّع عملية مطاردة منفذي هجوم قلقيلية

الجيش الإسرائيلي أثناء مداهمة قباطية في جنين شمال الضفة الغربية المحتلة الجمعة (أ.ف.ب)
الجيش الإسرائيلي أثناء مداهمة قباطية في جنين شمال الضفة الغربية المحتلة الجمعة (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل توسّع عملية مطاردة منفذي هجوم قلقيلية

الجيش الإسرائيلي أثناء مداهمة قباطية في جنين شمال الضفة الغربية المحتلة الجمعة (أ.ف.ب)
الجيش الإسرائيلي أثناء مداهمة قباطية في جنين شمال الضفة الغربية المحتلة الجمعة (أ.ف.ب)

واصلت إسرائيل اقتحاماً واسعاً لمناطق متعددة في الضفة الغربية، وركزت على بلدة قباطية في جنين شمال الضفة في محاولة للوصول إلى منفذي الهجوم قرب قلقيلية، الاثنين الماضي، الذي أدى إلى مقتل 3 إسرائيليين. واقتحمت قوات إسرائيلية كبيرة قباطية، واشتبكت مع مسلحين فيما قامت بتنفيذ حملة اعتقالات واسعة.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن العملية العسكرية في قباطية مرتبطة بعملية إطلاق النار في قلقيلية منذ أيام، التي قتل فيها 3 مستوطنين. واعتقلت القوات الإسرائيلية 15 فلسطينياً من قباطية في وقت قصير بينهم سيدة، ما يرفع عدد المعتقلين إلى نحو 100 في الضفة الغربية منذ الاثنين الماضي.

قوة إسرائيلية أثناء مداهمة قباطية في جنين شمال الضفة الغربية المحتلة الجمعة (أ.ف.ب)

وقال الجيش الإسرائيلي إنه «مستمر في ملاحقة الإرهابيين الذين قتلوا المواطنين الإسرائيليين الثلاثة»، الاثنين الماضي. إلى جانب قباطية اقتحم الجيش مناطق أخرى في الضفة ونفذ اعتقالات.

وكان الجيش قد بدأ عملية واسعة بعد مقتل الإسرائيليين الثلاثة وتعهد بالوصول إلى المنفذين ومرسليهم.

وأعلنت إسرائيل، بعد عملية قلقيلية، أن الضفة «ساحة رئيسية في خريطة التهديدات» وبناء عليه طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، زيادة العمليات الدفاعية والهجومية في الضفة. لكن رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك)، رونين بار، حذر من أن هذا لا يكفي، وطلب شنّ عملية عسكرية أوسع في الضفة.

ونقلت «القناة 12»، عن بار قوله في اجتماع للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت)، أنه يجب اتخاذ إجراءات أوسع لتغيير الواقع والقضاء على المجموعات المسلحة في الضفة. وأضاف: «يجب أن نتعلم من الذي حصل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)».

جنود إسرائيليون أثناء مداهمة قباطية في جنين شمال الضفة الغربية المحتلة الجمعة (أ.ف.ب)

وحذر بار من أن الانخفاض الكبير في العمليات بالضفة الغربية «مخادع ومضلل» و«لا يعكس حجم تطور الإرهاب على الأرض». وأكد أن «الشاباك» يرصد تطورات في الهجمات الفلسطينية.

وكانت «كتائب القسام» قد أعلنت مسؤوليتها عن العملية في قلقيلية، بالمشاركة مع «سرايا القدس» التابعة لحركة «الجهاد الإسلامي»، و«كتائب الأقصى» المنبثقة من حركة «فتح».

وجاءت توصيات بار في وقت تزعم فيه إسرائيل أن إيران تعمل على إنشاء جبهة في شمال الضفة.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية أكدت أن الجيش الإسرائيلي يستعد لسيناريوهات متطرفة بالضفة في الفترة المقبلة، تشمل اختراق جدار الفصل ومحاولات للاستيلاء على مستوطنات في مناطق التماس في سيناريو يحاكي هجوم 7 أكتوبر 2023.

وتقول الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إنه بعد خسارة إيران كلاً من غزة ولبنان وسوريا فإنها تركز جهودها الآن في الضفة الغربية، وهي اتهامات رددتها أيضاً السلطة الفلسطينية، التي تخوض اشتباكات ضد مسلحين في مخيم جنين قالت إنهم خارجون عن القانون ويأتمرون بأوامر جهات إقليمية.

ولم يتضح فوراً ما إذا كانت إسرائيل نجحت، يوم الجمعة، في الوصول إلى منفذي هجوم قلقيلية، لكن حملتها الواسعة في قباطية كانت مستمرة حتى وقت متأخر من اليوم.

ومنذ السابع من أكتوبر 2023 قتلت إسرائيل في الضفة نحو 850 فلسطينياً واعتقلت الآلاف، وقيدت إلى حد كبير تنقلات الفلسطينيين، فيما تهدد بضم الضفة لإسرائيل بعد وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب للبيت الأبيض.