برلمان لبنان يفشل للمرة الثالثة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية

«حزب الله» وحلفاؤه يتمسكون بالورقة البيضاء... ومعوض يكسب «الثلث الضامن»

الرئيس نبيه بري يُشرف على عدّ أصوات النواب خلال جلسة أمس (إ.ب.أ)
الرئيس نبيه بري يُشرف على عدّ أصوات النواب خلال جلسة أمس (إ.ب.أ)
TT

برلمان لبنان يفشل للمرة الثالثة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية

الرئيس نبيه بري يُشرف على عدّ أصوات النواب خلال جلسة أمس (إ.ب.أ)
الرئيس نبيه بري يُشرف على عدّ أصوات النواب خلال جلسة أمس (إ.ب.أ)

لم تختلف نتائج الجلسة الثالثة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان عن سابقاتها بحيث شهد البرلمان، أمس، سيناريو مكرراً للجلسة الأولى، وذلك عبر انعقاد الدورة الأولى بحضور 119 نائباً وإدلائهم بأصواتهم قبل أن يتخذ فريق «حزب الله» وحلفاؤه قراراً بالانسحاب لإفقاد الدورة الثانية نصابها، فيما حدد رئيس البرلمان نبيه بري، موعداً لجلسة جديدة الاثنين المقبل.
وإذا كان ما شهدته قاعة البرلمان أمس متوقعاً، فإن تغييراً سُجّل في توزيع الأصوات لصالح النائب ميشال معوض وفي تركيبة التحالفات السياسية لا سيما التقارب بين «نواب التغيير» و«كتلة الاعتدال الوطني». إذ في حين بقي معوض مرشّحاً وحيداً للجزء الأكبر من الكتل المعارضة، أبرزهم حزب «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي»، فقد سُجل ارتفاع في عدد الأصوات التي حصل عليها أمس، إلى 42 صوتاً، بعدما كان 36 صوتاً في الجلسة الأولى، مقابل بقاء «حزب الله» وحلفائه متمسكين بـالورقة البيضاء، مع عدم التوافق فيما بينهم على مرشّح نتيجة الخلافات بين حلفاء الحزب المسيحيين الطامحين للرئاسة، أي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية.
وبعد توزيع الأوراق والاقتراع، أظهر فرز الأصوات نيل النائب ميشال معوض 42 صوتاً، فيما حملت 17 ورقة عبارة «لبنان الجديد» وهي تضم، وفق ما علمت «الشرق الأوسط»، عشرة نواب من «كتلة التغيير» إضافةً إلى النائب عبد الرحمن البزري وستة نواب من تكتل «الاعتدال الوطني» إضافةً إلى ورقة كُتب عليها اسم «ميلاد أبو ملهب»، وذلك مقابل 55 ورقة بيضاء لنواب «حزب الله» وحلفائه بعدما كانوا في جلسة الانتخاب الأولى 63 صوتاً (قبل أسبوعين)، وذلك نتيجة تغيّب عدد من النواب.
ووفق المعلومات فإن زيادة عدد الأصوات التي حصل عليها معوض، تضم النواب: فؤاد مخزومي وستريدا جعجع ونعمة أفرام وسليم الصايغ، الذين غابوا عن الجلسة الأولى إضافةً إلى نائبين من تكتل «الاعتدال الوطني».
وفيما عُلم أن النائب جميل السيّد اقترع بالورقة التي تحمل عبارة «ديكتاتور عادل»، أعلن النائب كريم كبارة أنه صوّت بعبارة «لأجل لبنان»، واقترع النائب أسامة سعد بعبارة «لا أحد»، تعبيراً عن استيائه حسبما أعلن، واختار النائب ميشال دويهي الذي خرج من «تكتل نواب التغيير» الاقتراع بعبارة «سيادي إصلاحي»، في وقت غاب فيه من «نواب التغيير» كل من النائبة سينتيا زرازير والنائب إلياس جرادي. مع العلم أن «نواب التغيير» كانوا قد اتفقوا في اجتماعهم مساء أول من أمس، عشية الجلسة، على التصويت لوزير الخارجية السابق ناصيف حتي، قبل أن يعدلوا عن قرارهم بطلب وتمنٍّ منه.
وفيما تلفت مصادر في «كتلة التجدد» إلى أن الحسابات كانت تؤكد حصول معوض على 44 صوتاً في جلسة أمس، وذلك باحتساب النائب إيهاب مطر الذي تغيب لأسباب صحية طارئة والنائب في «القوات» شوقي الدكاش الذي لم يتمكن من حضور الجلسة، تقول لـ«الشرق الأوسط» إن التفاوض في المرحلة المقبلة سيختلف عمّا سبقها وذلك انطلاقاً من الواقع المتمثل بحصول معوض على «الثلث الضامن» في البرلمان (أي ثلث النواب) ما سيشكّل ورقة ضغط في التفاوض، وهو العدد الذي لا يمكن تأمين النصاب من دونه. في موازاة ذلك، تشير مصادر في «الاعتدال الوطني» إلى تقدم تشهده المفاوضات بين تكتل «نواب التغيير» وهو ما تمثّل في جلسة الانتخاب أمس، في الاتفاق مع عدد كبير منهم، على التصويت بـورقة «لبنان الجديد»، وهو ما من شأنه أن يؤسس في الفترة المقبلة لتوافق أوسع يُبنى عليه.
وبعد رفع جلسة الانتخاب أمس، اتهم النائب ميشال معوض فريق «حزب الله» وحلفاءه بالتعطيل، وقال: «بات من الواضح أن هناك فريقاً يأتي إلى المجلس لينتخب جدياً رئيساً للجمهورية من أجل إعادة تكوين المؤسسات، وفريقاً عملياً، حتى لو أنه شارك في الدورة الأولى إلا أنه تبين بكثير من الوضوح أنه ليس هنا لانتخاب رئيس وحتى لا ينفضح أنه يعطِّل، ولكنّ تصرفَّ البعض في الدورة الثانية أكد مَن يشارك ومَن يعطل».
وأكد: «رغم كل التحليلات ومحاولة (القصف) على ترشحي، تبيَّن اليوم أنه الترشيح الجدي الوحيد الموجود أمام النواب واللبنانيين واللبنانيات»، مضيفاً: «أنا مرشح ولا أنتظر تسويات ومساومات إقليمية أو دولية»، مضيفاً: «طرحي إنقاذيٌّ واضح وآرائي في الأمور واضحة وغير مخفية... لبنان اليوم في حال من الانهيار. وهذا الانهيار يحتاج إلى وقف التكاذب بعضنا على بعض وإلى وضوح في التعاطي، ويحتاج إلى وفاق حقيقي ولا يحصل بالتكاذب، بل على أسس تتصل بإعادة ربط لبنان ومصالحته مع العالم العربي ومع العالم، وعلى أسس عودة الجميع إلى لبنان وترك الساحات والقبول بالحياد أو التحييد الإيجابي».
في موازاة ذلك، أكد رئيس «الكتائب» النائب سامي الجميل، «استمرار العمل على توحيد صفوف المعارضة على اسم واحد». فيما وجّه الأفرقاء الآخرون اتهامات إلى نواب التغيير، بعرقلة التفاهم بين المعارضة، وهو ما أشار إليه النائب في «القوات» جورج عدوان والنائب في «اللقاء الديمقراطي» هادي أبو الحسن.
وقال عدوان بعد رفع جلسة الانتخاب: «باتت الأمور واضحة وكيف سننطلق إلى المرحلة المقبلة، فقد تبين اليوم أن هناك 56 نائباً لا يمكنهم الاتفاق على مرشح لخوض الانتخاب من خلاله ولا جرأة لديهم للذهاب نحو دورة ثانية».
وأضاف: «اليوم المرشح ميشال معوض نال 44 صوتاً، وهذا يعني أنه استطاع بين دورة وأخرى إقناع نواب جدد للانضمام إلى معركة السيادة والإصلاح». وتوجه لـ«نواب التغيير» قائلا: «عليكم يوم الاثنين أن تحسموا أمركم، وكثرة الاجتماعات والأسماء الجديدة لن توصل إلى مكان».
من جهته، رأى أمين سر كتلة اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن، أن «المسار يبدو طويلاً، والجلسة كانت بها مؤشرات شبه حاسمة، فهناك فريق يمعن بتعطيل النِّصاب، فتارةً يستخدم الورقة البيضاء وتارةً (يطيّر النِّصاب)، وهناك مجموعة تحاول إجهاض فرصة الوصول إلى صوت وازن، وهذا أمر غير صحي»، متوجّهاً إلى النواب بالمعارضة بالقول: «ليكن النقاش صريحاً وواضحاً وأن نتلاقى على طرح معيّن، فلا يجوز الاستمرار على هذا المنوال. أين الثقة التي أعطاها الناخب اللبناني لنا كي نقدّم رئيساً إصلاحياً ووطنياً؟».
وتابع أبو الحسن: «السياسة لا تدار لا بالإرباك ولا بقلة الخبرة ولا بالنكد السياسي، وإذا التقت قلة الخبرة مع النكد نكون في كارثة حقيقية، لذلك الدعوة اليوم لنتلاقى على مُرشّح وندعو الفريق الآخر إلى حوار حقيقي». وأكد: «لدينا مُرشّح واضح حامل لمشروع وملتزم بـ(الطائف) وبعودة علاقات لبنان إلى سابق عهدها مع المحيط العربي، وجدّيٌّ بطرح أفكاره علناً، وفي المقلب الآخر توجد أسماء مخفية». وشدّد على أنَّنا «نعبّر عن ثوابتنا وملتزمون بهذا الأمر ومستمرون»، موجهاً السؤال إلى «من يُغرّد خارج سرب المعارضة»: «هناك 60 في المائة باتجاه واحد، فلماذا تفويت هذه الفرصة وتعملون بعكس قناعة الناس وتعطون فرصة للفراغ مجدداً؟».
ورغم أنه كان واضحاً أن «حزب الله» وحلفاءه أفقدوا الجلسة نصابها أمس، قال النائب في «حزب الله» حسن فضل الله، «ليس من سياستنا مقاطعة المجلس النيابي، نحن حاضرون دائماً ودستورنا واضح، وأي مرشح لرئاسة الجمهورية يحتاج إلى نصاب الـ86 نائباً، ما يعني تأمين أوسع تفاهم بين اللبنانيين، وجميعنا ملزمون بإمكانية التوافق. وهناك مساحة للتلاقي على رئيس، ومن حق أي «كتلة» أن تصوّت بالطريقة التي تراها مناسبة، وحتى الآن لا يوجد توافق، ودعوتنا إلى التوافق وعدم التوافق توصّل إلى الفراغ. كما أننا لسنا مع رئيس استفزازي وتحدٍّ، ونريد رئيساً تتفاهم عليه الكتل النيابية».
من جهته، رأى النائب في «التيار الوطني الحر» جورج عطا الله، أن «الورقة البيضاء تعني انفتاحاً على التوافق»، وقال بعد جلسة أمس: «تصويتنا هو للورقة البيضاء يعني انفتاحاً على التوافق، لأننا عندما نتبنى مرشحاً لن نغيِّر رأينا فيه».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

الملك عبد الله: أي هجوم إسرائيلي على رفح قد يسبب «مجزرة جديدة»

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الأميركي جو بايدن في 6 مايو 2024 (الديوان الملكي الهاشمي)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الأميركي جو بايدن في 6 مايو 2024 (الديوان الملكي الهاشمي)
TT

الملك عبد الله: أي هجوم إسرائيلي على رفح قد يسبب «مجزرة جديدة»

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الأميركي جو بايدن في 6 مايو 2024 (الديوان الملكي الهاشمي)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الأميركي جو بايدن في 6 مايو 2024 (الديوان الملكي الهاشمي)

قال الديوان الملكي الهاشمي في بيان إن العاهل الأردني الملك عبد الله حذر، الاثنين، خلال اجتماع مع الرئيس الأميركي جو بايدن، من أن أي هجوم إسرائيلي على رفح «يهدد بالتسبب بمجزرة جديدة».

وأشار البيان إلى أن عبد الله الثاني شدد خلال لقائه مع بايدن على ضرورة تحرك المجتمع الدولي «فوراً» لمنع حدوث كارثة جديدة في غزة، مضيفاً أن الزعيمين أكدا التزامهما بالعمل للتوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار في غزة.


قصف إسرائيلي مكثّف على رفح بعد موافقة «حماس» على مقترح الهدنة

الدخان يتصاعد من رفح في أعقاب قصف إسرائيلي 6 مايو 2024 (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من رفح في أعقاب قصف إسرائيلي 6 مايو 2024 (أ.ف.ب)
TT

قصف إسرائيلي مكثّف على رفح بعد موافقة «حماس» على مقترح الهدنة

الدخان يتصاعد من رفح في أعقاب قصف إسرائيلي 6 مايو 2024 (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من رفح في أعقاب قصف إسرائيلي 6 مايو 2024 (أ.ف.ب)

نفّذت إسرائيل ضربات جوية مكثّفة على رفح مساء الاثنين بعدما شددت على دعوتها للسكان إخلاء شرق المدينة الواقعة في جنوب غزة، وفق ما أفاد مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتواصلت الضربات دون توقف تقريبا على مدى نصف الساعة الماضية، وفق ما أفاد مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» المتواجد ميدانياً في رفح قبل وقت قصير من الساعة العاشرة مساء (19,00 بتوقيت غرينتش).

وكرر الجيش الإسرائيلي في وقت سابق دعوته سكان الأحياء الشرقية لمدينة رفح في جنوب قطاع غزة إلى إخلاء المنطقة، تمهيداً لـ «عملية برية"، بعدما أعلنت حركة «حماس» موافقتها على مقترح لوقف إطلاق النار تقدّمت به مصر وقطر.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، خلال مؤتمر صحافي مقتضب «نطلب من السكان مساء هذا اليوم (الاثنين) إخلاء المناطق التي حددناها»، موضحاً أن «بداية إخلاء السكان من الأحياء الشرقية لرفح» جزء «من التحضير لعملية برية في المنطقة». وأضاف أن على مدار اليوم قصفت الطائرات أيضاً أكثر من 50 هدفاً في منطقة رفح وصفتها بأنها أهداف «إرهابية».


«حماس» تتحدث عن اتفاق من 3 مراحل مدة كل منها 42 يوما

نائب رئيس «حماس» في غزة خليل الحية وممثلها في لبنان أسامة حمدان يتحدثان إلى الصحافيين (رويترز-أرشيفية)
نائب رئيس «حماس» في غزة خليل الحية وممثلها في لبنان أسامة حمدان يتحدثان إلى الصحافيين (رويترز-أرشيفية)
TT

«حماس» تتحدث عن اتفاق من 3 مراحل مدة كل منها 42 يوما

نائب رئيس «حماس» في غزة خليل الحية وممثلها في لبنان أسامة حمدان يتحدثان إلى الصحافيين (رويترز-أرشيفية)
نائب رئيس «حماس» في غزة خليل الحية وممثلها في لبنان أسامة حمدان يتحدثان إلى الصحافيين (رويترز-أرشيفية)

قال خليل الحيّة نائب رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة في تصريحات تلفزيونية، اليوم الاثنين، إن مقترح وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه الحركة هو اتفاق من ثلاث مراحل، مدة كل منها 42 يوما.

وأضاف الحيّة أن المرحلة الثانية من الاتفاق تنص على انسحاب إسرائيلي كامل من غزة.

وقال الحيّة إن «المقترح الذي قدمه لنا الوسطاء في قطر ومصر يتضمن 3 مراحل، كل مرحلة من 42 يوماً بهدف الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار»، لافتاً إلى أن الصيغة تشمل «انسحاباً كاملاً من غزة وعودة النازحين وتبادلاً للأسرى».

 

 


«إلى أين نذهب؟»... صرخة سكان رفح بعد أوامر للجيش الإسرائيلي بإخلاء شرقها

TT

«إلى أين نذهب؟»... صرخة سكان رفح بعد أوامر للجيش الإسرائيلي بإخلاء شرقها

أشخاص يفرون من الأجزاء الشرقية من رفح بعد أن بدأ الجيش الإسرائيلي في إجلاء المدنيين الفلسطينيين 6 مايو 2024 (رويترز)
أشخاص يفرون من الأجزاء الشرقية من رفح بعد أن بدأ الجيش الإسرائيلي في إجلاء المدنيين الفلسطينيين 6 مايو 2024 (رويترز)

يعرب المدنيون الفلطسينيون في رفح بجنوب قطاع غزة عن خوفهم الشديد بعدما باشر الجيش الإسرائيلي شن هجوم كبير على مدينة رفح، «عملية محدودة النطاق» تهدف إلى إجلاء أكثر من 100 ألف شخص من شرق المدينة الواقعة عند الحدود مع مصر.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه طلب من سكان شرق رفح المغادرة. وجاء في منشور باللغة العربية ألقي، صباح الاثنين، في الأحياء الشرقية للمدينة: «إلى كل السكان والنازحين، الجيش الإسرائيلي يعمل بقوة ضد التنظيمات الإرهابية، من أجل سلامتكم يجب الإخلاء الفوري إلى المنطقة الإنسانية بالمواصي».

وشدد الجيش على أن أي شخص يبقى «في المنطقة يعرض حياته وحياة الآخرين من عائلته للخطر».

وقال أسامة الكحلوت من غرفة عمليات الطوارئ في جمعية «الهلال الأحمر» في غزة: «فعلياً بدأت عملية النزوح على أرض الواقع ولكن بشكل محدود، بدأ المواطنون بالإخلاء بعد حالة من الرعب والذعر خصوصاً بعد الإعلان الرسمي عن المربعات المطلوب إخلاؤها، والتي يوجد فيها حالياً 250 ألف نسمة».

وفي المقابل، قدَّر الجيش الإسرائيلي عدد الأشخاص المعنيين بـ«نحو 100 ألف» شخص.

ويقيم نحو 1.2 مليون شخص غالبيتهم من النازحين في رفح راهناً، وفق منظمة الصحة العالمية.

وبقيت مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع في منأى عن العمليات البرية الإسرائيلية التي بدأت في 27 أكتوبر (تشرين الأول) في قطاع غزةن لكنها تتعرّض بشكل منتظم لغارات جوية وقصف مدفعي.

«أين نذهب؟»

ووسط الأمطار، بدأ بعض النازحين إلى رفح بترتيب مقتيناتهم استعداداً للانتقال.

وتساءل عبد الرحمن أبو جزر (36 عاماً): «إلى أين يمكن أن نذهب؟ لا نعلم، مناطق المواصي لا يوجد فيها أماكن، هي مكتظة بالنازحين، وأيضاً لا يوجد فيها مدارس لاستيعاب آلاف المواطنين. أنا وعائلتي 13 شخصاً».

وأضاف: «زوجة عمي معنا وهي مريضة وتغسل كلى في مستشفى النجار، والمستشفى أيضاً ضمن منطقة الإخلاء، فكيف سنتصرف معها؟ خصوصاً أنه لا يوجد في المواصي مستشفيات وبعيدة عن أي خدمات، هل ننتظرها حتى تموت من دون أن نتمكن من عمل شيء لإنقاذها؟».

وقال محمد النجار (23 عاماً)، محامٍ: «كل المواطنين والنازحين في حالة حذر وترقب خشية دخول الجيش الإسرائيلي إلى المدينة، وعدم معرفتهم إلى أين سيذهبون، خصوصاً أن القطاع قد استنفد منه جميع مناحي ومعالم الحياة».

وأكد: «كان لدينا بصيص من الأمل بأن تنجح المفاوضات، ويجري وقف لإطلاق النار» لكن الآن «الناس في حالة تخبط... هل يغادرون أماكنهم أم يبقون في بيوتهم؟».

وأوضح أن المنطقة التي حددها الجيش الإسرائيلي «مكتظة بالسكان أصلاً، ولا يوجد فيها أماكن لوضع الخيم».

وشدد على أن «الناس لا يثقون بما يقوله الجيش بأنها منطقة آمنة، فلا توجد منطقة آمنة في قطاع غزة من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه ما دام هناك احتلال».

وشدد الجيش الإٍسرائيلي على أن العملية «تأتي في إطار خططنا لتفكيك حركة «حماس». وقد كان هناك تذكير عنيف بوجودهم وقدراتهم العملاتية في رفح، الأحد».

وأعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 4 جنود، وإصابة أكثر من 10 آخرين في هجوم صاروخي عند معبر كرم أبو سالم مع غزة. وقال إن الصواريخ أطلقت من منطقة محاذية رفح.

«لا خطة إنسانية موثوقة»

وأعربت المنظمات الإنسانية الدولية عن قلقها الشديد من احتمال اجتياح رفح.

وقالت بشرى خالدي مديرة المناصرة في منظمة «أوكسفام» في الأراضي الفلسطينية: «من منطلق إنساني، ما من خطة إنسانية موثوقة في حال ووقع هجوم على رفح».

وأكدت: «لا يمكنني أن أفهم أن (هجوم) رفح سيحدث»، سائلة: «إلى أين سيذهب النازحون الفلسطينيون بينما محيطهم تحول إلى موت ودمار؟».

اندلعت الحرب في قطاع غزة مع شن «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) هجوماً غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصاً، معظمهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

وخطف أكثر من 250 شخصاً ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفّي 35 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليّين.

وردت إسرائيل متوعدة بـ«القضاء» على «حماس»، وهي تنفذ حملة قصف مدمرة وعمليات برية في قطاع غزة، ما تسبب بسقوط 34735 قتيلاً غالبيتهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس».


«حماس» توافق على الوثيقة المصرية... وغزة تبتهج بالزغاريد وإطلاق الرصاص

TT

«حماس» توافق على الوثيقة المصرية... وغزة تبتهج بالزغاريد وإطلاق الرصاص

نازح من رفح قبيل التهديد ببدء عملية عسكرية (رويترز)
نازح من رفح قبيل التهديد ببدء عملية عسكرية (رويترز)

أعلنت حركة «حماس» رسمياً موافقتها على المقترح المصري لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. وجاء في بيان أصدرته الحركة، أن رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، أبلغ كلاً من رئيس حكومة قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومدير المخابرات المصرية عباس كامل، في اتصالين هاتفيين، موافقة حركته على المقترح.

وجاء إعلان «حماس» بعد تبادل اتهامات مع إسرائيل بإفشال الاتفاق.

وقالت مصادر في الحركة لـ«الشرق الأوسط»، إن توجه «حماس» كان إيجابياً منذ البداية، ولم تكن تنوي عرقلة المفاوضات.

وأضاف: «بعد أخذ ردود مصرية وقطرية واضحة بشأن استفسارات ومخاوف الحركة، وبعد مشاورات بين الخارج والداخل تم إعلان الموافقة».

وأكدت مصادر «الشرق الأوسط» أن «كتائب القسام أسهمت بشكل مباشر في الرد الإيجابي».

وفور إعلان «حماس» انطلقت زغاريد في كل أنحاء القطاع، وعبر غزيون عن فرحهم بإطلاق النار في الهواء.

مناورة

لكن في إسرائيل شككوا في رد «حماس»، وقال مصدر مسؤول بحسب إذاعة «كان»، إن «حماس» وافقت على ورقة مصرية أحادية الجانب تختلف عن تلك التي وافقت عليها إسرائيل. وأضاف: «سنرد عندما تتسلم الورقة».

وقال مسؤولون كبار للقناة 12 إن الحديث يدور عن اقتراح بعيد المدى غير مقبول بالنسبة لإسرائيل.

وقال مسؤولون آخرون للقناة 13 الإسرائيلية إن «حماس» وافقت على «مسودة مصرية مخففة وهي غير مقبولة لدى إسرائيل».

وزعم مصدر في «كابينت الحرب» أن «حماس» تناور وتريد تأخير عملية رفح وتقوم بخدعة تستهدف إظهار إسرائيل كأنها تعرقل الاتفاق.

«ندرس كل المقترحات»

هذا، وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الأميرال دانيال هاغاري، إن جميع المقترحات المتعلقة بالمفاوضات من أجل إطلاق سراح الرهائن في غزة يتم دراستها بجدية، وإن الجيش يواصل، بالتوازي مع ذلك، عملياته في القطاع الذي تسيطر عليه حركة «حماس».وردا على سؤال خلال مؤتمر صحفي بشأن ما إذا كان إعلان «حماس» قبولها اقتراح وقف إطلاق النار سيؤثر على الهجوم المزمع على مدينة رفح في قطاع غزة، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي «ندرس كل إجابة وكل رد بجدية شديدة ونستنفد كل الإمكانيات فيما يتعلق بالمفاوضات وإعادة الرهائن».وأضاف «بالتوازي مع ذلك، ما زلنا نعمل في قطاع غزة وسنواصل القيام بذلك».

ونقلت «رويترز» عن مسؤول في «حماس»، قوله إن الحركة وافقت على مقترح يفي بعدة مطالب منها وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار وإعادة النازحين واتفاق لتبادل الأسرى، وإن وفداً من الحركة سيزور القاهرة قريباً لبحث اتفاق وقف إطلاق النار والخطوات التالية.

تحذيرات دولية

وكانت جهات إقليمية ودولية رفيعة حذرت من مخاطر عملية عسكرية في رفح. وأكدت السعودية في بيان لوزارة خارجيتها، مساء الاثنين، تحذيرها من مخاطر استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لمدينة رفح ضمن حملتها الدمويّة الممنهجة لاقتحام جميع مناطق قطاع غزة وتهجير سكانه نحو المجهول، وذلك في ظلّ انعدام الملاذات الآمنة بعد الدمار الهائل الذي تسبّبت به آلة الحرب الإسرائيلية.

كما أكدت السعودية رفضها القاطع لمواصلة قوات الاحتلال انتهاكاتها السافرة لجميع القرارات الدولية الداعية لوقف هذه المجازر، وانتهاكها القوانين الدولية من دون رادع بما يفاقم الأزمة الإنسانية، ويحدّ من جهود السلام الدولية.

وجددت «الخارجية» السعودية عبر البيان مطالبة المملكة، المجتمع الدولي، بالتدخل فوراً لوقف عمليّات الإبادة الجماعية التي تقوم بها قوات الاحتلال بحق المدنيّين العُزّل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.


«هدنة غزة»: موافقة «حماس» تُجدد الآمال بشأن اتفاق يؤجل اجتياح رفح

عناصر من «الإطفاء المصرية» تساعد في السيطرة على حريق اندلع جراء استهدافٍ لمخازن المساعدات في الجانب الفلسطيني من معبر رفح (القاهرة الإخبارية)
عناصر من «الإطفاء المصرية» تساعد في السيطرة على حريق اندلع جراء استهدافٍ لمخازن المساعدات في الجانب الفلسطيني من معبر رفح (القاهرة الإخبارية)
TT

«هدنة غزة»: موافقة «حماس» تُجدد الآمال بشأن اتفاق يؤجل اجتياح رفح

عناصر من «الإطفاء المصرية» تساعد في السيطرة على حريق اندلع جراء استهدافٍ لمخازن المساعدات في الجانب الفلسطيني من معبر رفح (القاهرة الإخبارية)
عناصر من «الإطفاء المصرية» تساعد في السيطرة على حريق اندلع جراء استهدافٍ لمخازن المساعدات في الجانب الفلسطيني من معبر رفح (القاهرة الإخبارية)

في ظل أجواء متوترة تُنذر بتنفيذ إسرائيل تهديداتها بتنفيذ عملية عسكرية واسعة في مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، أعلنت حركة «حماس» قبولها مقترح الهدنة في غزة، مما جدد الآمال في أن تُسفر المفاوضات المستمرة منذ عدة شهر عن اتفاق يقلل من معاناة سكان القطاع، ويؤجل اجتياحاً محتملاً لرفح.

وقالت حركة «حماس»، في بيان صحافي، الاثنين، إن رئيس مكتبها إسماعيل هنية، أجرى اتصالاً هاتفياً مع كلٍّ من رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل أبلغهم خلاله «موافقة الحركة على مقترحهم بشأن اتفاق وقف إطلاق النار».

تأتي موافقة «حماس» على المقترح، بعد تصريحات لمصدر مصري رفيع المستوى، الاثنين، أشار خلالها إلى «اعتزام وصول وفد من (حماس) إلى القاهرة، الثلاثاء، لاستكمال مفاوضات وقف إطلاق النار»، وفق «القاهرة الإخبارية».

كما تتزامن مع تهديدات إسرائيلية باجتياح رفح، حيث دعت إسرائيل، الاثنين، سكان مناطق في شرق رفح الفلسطينية بأقصى جنوب غزة، إلى «الإخلاء الفوري»، والتوجه نحو وسط القطاع، وهو ما بدا إشارة إلى عزم إسرائيل على تنفيذ تهديدها باجتياح رفح، رغم التحذيرات الأممية.

ونقلت «هيئة البث الإسرائيلية» عن مسؤولين أمنيين، الاثنين، قولهم إن «إسرائيل أبلغت مصر بتنفيذ عملية إجلاء للنازحين من مناطق بشرق رفح الفلسطينية». وأشارت إلى أن «تل أبيب أكدت للقاهرة أن عملية الإجلاء ستكون محدودة، وتقتصر على مناطق شرق رفح».

وأضافت أن «إسرائيل ترى أنه من المهم إبلاغ القاهرة بالنشاط في رفح، لا سيما أن مصر لها حدود مشتركة مع غزة، وتخشى تدفق أعداد كبيرة من سكان غزة إلى أراضيها».

وحذرت مصر، الاثنين، من مخاطر عملية عسكرية إسرائيلية محتملة في منطقة رفح الفلسطينية، جنوب قطاع غزة، لما ينطوي عليه هذا العمل التصعيدي من «مخاطر إنسانية بالغة تهدد أكثر من مليون فلسطيني في تلك المنطقة»، وفق إفادة رسمية لوزارة الخارجية.

وطالبت مصر إسرائيل بـ«ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب مزيد من التصعيد في هذا التوقيت بالغ الحساسية في مسار مفاوضات وقف إطلاق النار، وحقناً لدماء المدنيين الفلسطينيين الذين يتعرضون لكارثة إنسانية غير مسبوقة منذ بدء الحرب على قطاع غزة».

وأكدت القاهرة أنها «تواصل اتصالاتها على مدار الساعة مع كل الأطراف من أجل الحيلولة دون تفاقم الوضع أو خروجه عن السيطرة».

وسبق أن حذَّرت مصر مراراً من تداعيات عملية عسكرية في رفح، وأكدت رفضها «تهجير الفلسطينيين داخل أو خارج أراضيهم»، وعدّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ذلك «تصفية للقضية الفلسطينية».

وانعكس التصعيد الأخير على المفاوضات، ونقلت قناة «القاهرة الإخبارية» المصرية، الاثنين، عن مصدر رفيع المستوى، لم تسمه، قوله إن «قصف حركة (حماس) منطقة كرم أبو سالم تسبب في تعثر مفاوضات الهدنة».

كانت «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، قد قالت، الأحد، إنها أطلقت صواريخ على تجمعات للجيش الإسرائيلي في منطقة كرم أبو سالم، وردَّت إسرائيل بقصف منصة لإطلاق القذائف وهدف عسكري في رفح بجنوب قطاع غزة.

وأشار المصدر رفيع المستوى إلى أن «الوفد الأمني المصري يكثف اتصالاته لاحتواء التصعيد الحالي بين إسرائيل و(حماس)»، وفق ما نقلته قناة «القاهرة الإخبارية».

وأكد المصدر أن «مصر حذّرت الأطراف من خطورة التصعيد الحالي في غزة، ودعت إلى العودة للمفاوضات وما تحقق من تقدم كبير فيها».

كان القيادي في حركة «حماس»، عزت الرشق، في بيان الاثنين، إن أي عملية إسرائيلية في رفح «ستضع المفاوضات في مهب الريح»، وفق «رويترز».

واستضافت القاهرة، يومي السبت والأحد، الماضيين جولة مباحثات مع وفد من «حماس»، بحضور ممثلين عن قطر والولايات المتحدة، شهدت وفق تسريبات إعلامية مصرية «تقدماً إيجابياً»، ووصلت إلى «صيغة توافقية» بشأن معظم نقاط الخلاف بين إسرائيل وحركة «حماس»، وإن لم تعكس التصريحات الصادرة من طرفي المفاوضات هذا التقدم، حيث بدا كل طرف متمسكاً بمطالبه، ومحملاً الطرف الآخر المسؤولية عن «فشل الاتفاق».

كان مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، قد أبدى تشاؤمه من إمكانية وقف حرب غزة، رغم التسريبات المتعلقة بتقدم المفاوضات. وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجانب الإسرائيلي غير مهتم بوقف الحرب، والخط الاستراتيجي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يركز على استمرار الحرب، مع تحقيق مكاسب تكتيكية، إما بالإفراج عن بعض الرهائن وإما بالإيحاء بأنه مهتم بصفقة تبادل الأسرى».

وقال هريدي إن «نتنياهو يتلاعب منذ البداية بورقة المفاوضات»، مشيراً إلى أنه «حتى حال الاتفاق على هدنة مرحلية مؤقتة، فإن هذا الاتفاق لن يصمد طويلاً، وإن كان قد يؤجل اجتياحاً حتمياً لرفح بعض الوقت». وأضاف: «من الواضح جداً أن نتنياهو عازم على اجتياح رفح، وتصريحاته وسط المفاوضات، وقبل عملية كرم أبو سالم، تؤكد ذلك، وتنسف أي جهد لإنجاز الاتفاق».

ولم ترسل إسرائيل وفدها إلى القاهرة، للمشاركة في المفاوضات، راهنةً مشاركتها بتلقيها رداً من «حماس» بشأن مقترح الهدنة. وأعلن نتنياهو، الأحد، رفضه تنفيذ مطالب «حماس»، وعدَّ ذلك «استسلاماً»، متعهداً بـ«استمرار القتال حتى تحقيق جميع الأهداف». وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي في وقت سابق عزمه تنفيذ هدفه القضاء على «حماس»، سواء جرى الاتفاق على هدنة أم لا.

من جانبه، قال الوزير الفلسطيني الأسبق وعضو طاقم مفاوضات «أوسلو» مع إسرائيل حسن عصفور، لـ«الشرق الأوسط» إن «حرب غزة لم تكن رد فعل على هجوم من حركة (حماس)، بل هي عملية سبق التخطيط لها لإعادة ترتيب المنطقة واحتلال القطاع».

وأضاف: «في الجانب الآخر، قبول (حماس) بأي مقترحات لا تتضمن إنهاء الحرب يعني هزيمتها».

ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي يسعى الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة إلى إنجاز هدنة مؤقتة في قطاع غزة، تصاعدت الآمال بعقدها في رمضان الماضي، قبل أن تُخفق الجهود وتصل المباحثات إلى طريق مسدودة، ثم تجدد الأمل مرة أخرى مع زيارة وفد أمني مصري إلى إسرائيل حاملاً مقترحاً جديداً بدعم من واشنطن.

وقال عصفور إن «تل أبيب لن تقْدم على إيقاف الحرب دون دخول رفح»، مشيراً إلى أنها «وجدت في عملية كرم أبو سالم ذريعة لتنفيذ مخططها»، واصفاً الهجوم على «كرم أبو سالم» بـ«الغباء السياسي».

ورجح السياسي الفلسطيني أن «تكون العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح محدودة دون مجازر بحجم تلك التي تمت في خان يونس، نظراً لتكدس المدينة بالسكان». وتابع أن «تل أبيب ستعمل إلى تقسيم رفح إلى مربعات وتنفيذ عمليات نوعية محددة نظراً لحساسية وضع المدينة كونها ملاصقة للحدود المصرية».

ويثير تنفيذ عملية عسكرية واسعة في رفح مخاوف من وقوع خسائر بشرية كبيرة، كما يثير قلقاً دولياً بشأن احتمال أن يدفع هذا الهجوم الفلسطينيين تجاه الحدود المصرية، وهو ما ترفضه مصر.

وفي محادثات مع نظيره الأميركي، ربط وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، عملية الإخلاء التي أمر بها الجيش الإسرائيلي، الاثنين، بـ«الجمود في الجهود الدبلوماسية غير المباشرة»، محمِّلاً «حماس» المسؤولية عن هذا الجمود، وفق ما نقلته «رويترز». وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية في بيان: «خلال المباحثات مع وزير الدفاع الأميركي، ناقش غالانت الجهود المبذولة لإطلاق سراح الرهائن، وأشار إلى أن (حماس) ترفض في هذه المرحلة المقترحات المطروحة».

وأكد غالانت أن «العمل العسكري مطلوب، بما في ذلك في منطقة رفح، في ظل عدم وجود بديل»، وفق البيان.


تنفيذ حكم الإعدام بحق 11 شخصاً أدينوا بتهمة «الإرهاب» في العراق

علَم العراق (إ.ب.أ)
علَم العراق (إ.ب.أ)
TT

تنفيذ حكم الإعدام بحق 11 شخصاً أدينوا بتهمة «الإرهاب» في العراق

علَم العراق (إ.ب.أ)
علَم العراق (إ.ب.أ)

أعدمت السلطات العراقية اليوم (الاثنين) 11 مداناً بـ«جرائم إرهابية»، وفق ما أفادت مصادر أمنية وصحية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، لتكون المجموعة الثانية التي يُحكم عليها بالإعدام منذ أواخر أبريل (نيسان).

وأكد مصدر أمني، طلب عدم الكشف عن هويته، أن عمليات الإعدام تمّت في سجن «الحوت» في مدينة الناصرية جنوباً في محافظة ذي قار حيث أُعدم الشهر الماضي 11 شخصاً آخرين أُدينوا أيضاً بـ«جرائم إرهابية».


الرئاسة تحذّر من أكبر إبادة جماعية في «رفح» وتطالب واشنطن بالتدخل

طفلة نازحة تستعد مع عائلتها للنزوح بطلب من الجيش الإسرائيلي استعداداً لهجوم بري على رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)
طفلة نازحة تستعد مع عائلتها للنزوح بطلب من الجيش الإسرائيلي استعداداً لهجوم بري على رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

الرئاسة تحذّر من أكبر إبادة جماعية في «رفح» وتطالب واشنطن بالتدخل

طفلة نازحة تستعد مع عائلتها للنزوح بطلب من الجيش الإسرائيلي استعداداً لهجوم بري على رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)
طفلة نازحة تستعد مع عائلتها للنزوح بطلب من الجيش الإسرائيلي استعداداً لهجوم بري على رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)

اتهمت الرئاسة الفلسطينية إسرائيل بإطلاق أكبر عملية إبادة جماعية محتملة في رفح أقصى جنوب قطاع غزة، مع إجبار الجيش الإسرائيلي آلاف الغزيين على إخلاء مناطق واسعة شرق المدينة، وفي حين حذّرت حركة «حماس» بأن الهجوم الإسرائيلي لن يكون نزهة وسيوقف مفاوضات التبادل، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إنها ستبقى هناك ولن تشارك في أي عمليات إجلاء.

وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن اجتياح رفح يعني أن مليون ونصف المليون مواطن فلسطيني سيتعرّضون لمذبحة إبادة جماعية ومحاولات تهجير، محذراً من أن سلطات الاحتلال بدأت فعلياً التمهيد لارتكاب أكبر جريمة إبادة جماعية.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس مستقبلاً وزيرة خارجية سلوفينيا تانيا فايون والوفد المرافق لها في رام الله مساء الأحد (وفا)

وحمّلت الرئاسة الفلسطينية الإدارة الأميركية مسؤولية اجتياح رفح كونها توفر الدعم المالي والعسكري للاحتلال، وتقف بوجه المجتمع الدولي لتمنع تطبيق قرارات الشرعية الدولية ووقف العدوان، وتشجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقادته بالاستمرار بمجازرهم ضد الشعب الفلسطيني سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية.

وأعلنت الرئاسة أنها تُجري اتصالات مكثفة مع الأطراف الإقليمية والدولية خاصة الأميركية، لوقف مجزرة اجتياح رفح. وأضافت في بيان ثانٍ: «نطالب الإدارة الأميركية بالتدخل الفوري لمنع وقوع هذه المجزرة التي نحذر من تداعياتها الخطيرة».

وجدّدت الرئاسة التأكيد، على أن السلام والأمن في المنطقة بأسرها، لن يتمّا من دون حل عادل للقضية الفلسطينية وقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية.

وجاءت بيانات الرئاسة الفلسطينية بعدما بدأ الجيش الإسرائيلي فعلياً إجبار عشرات آلاف الفلسطينيين على مغادرة مناطق واسعة شرق رفح، وقد شوهدت عائلات فلسطينية تغادر فعلاً هذه المناطق، تحت وقع قصف إسرائيلي وبيانات تطالبهم بذلك قبل شن هجوم محتمل.

الجيش الإسرائيلي، أسقط، الاثنين، منشورات في شرق رفح، وأرسل رسائل نصية وأجرى مكالمات هاتفية مع فلسطينيين قاطنين هناك؛ لإبلاغهم بمغادرة المنطقة وبالطرق التي يجب اتباعها للذهاب إلى مناطق محددة.

ويستهدف الجيش الإسرائيلي أكثر من 100 ألف فلسطيني يقيمون في الأحياء الشرقية لرفح. وقال الجيش في بيان إنه «وفقاً لموافقة المستوى السياسي، يدعو الجيش الإسرائيلي السكان الخاضعين لسيطرة (حماس)، إلى الإخلاء مؤقتاً من الأحياء الشرقية لرفح إلى المنطقة الإنسانية الموسعة».

فلسطينيون يفرّون يوم الاثنين من رفح باتجاه المواصي بخان يونس بطلب من الجيش الإسرائيلي قبل الهجوم البري (رويترز)

وحدد الجيش في خرائط مرفقة «بلوكّات» يجب مغادرتها إلى منطقة «المواصي»، حيث «تم توسيع المنطقة الإنسانية لتشمل مستشفيات ميدانية وخياماً وكميات كبيرة من المواد الغذائية والمياه والأدوية ومستلزمات أخرى». وأضاف البيان: «هذا الأمر سوف يتقدم بشكل تدريجي وفقاً لتقييمات الوضع المستمرة التي ستجري في كل وقت».

في شأن متصل، قال الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الاثنين، إن أمر إسرائيل للمدنيين بإخلاء رفح في جنوب غزة «غير مقبول».

وقال بوريل في تغريدة على منصة «إكس»: «إن أوامر الإخلاء الإسرائيلية للمدنيين في رفح تنذر بالأسوأ، ألا وهو المزيد من الحرب والمجاعة. إنه أمر غير مقبول ويجب على إسرائيل (التخلي) عن شنّ أي هجوم بري على المدينة». واستطرد قائلاً: «يمكن للاتحاد الأوروبي، بل وينبغي عليه، العمل مع المجتمع الدولي، لمنع حدوث مثل هذا السيناريو».

فلسطينيون يغادرون مناطق في شرق رفح بعد أمر الجيش الإسرائيلي بإخلائها (رويترز)

طريق مسدودة

التحرك الإسرائيلي شرق رفح، جاء ساعات بعد وصول المفاوضات حول هدنة إنسانية وصفقة تبادل إلى طريق شبه مسدودة. وتبادلت إسرائيل و«حماس» الاتهامات، يوم الاثنين، بإفشال المفاوضات.

ورفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشدة «ادعاء مسؤول إسرائيلي»، أشار إلى أن رئيس الوزراء كان مسؤولاً عن نسف الجولة الأخيرة من المحادثات مع حركة «حماس» في القاهرة، بشأن صفقة رهائن وهدنة محتملة.

وجاء في بيان صادر عن مكتب نتنياهو، أن هذه التلميحات «كذب مطلق وتضليل متعمد للجمهور».

نازحة فلسطينية على كرسي متحرك في منطقة المواصي بخان يونس تفرّ مع عائلتها من رفح بعد أن إجلاء الجيش الإسرائيلي المدنيين من جنوب مدينة غزة الاثنين (رويترز)

وتابع البيان الصادر عن مكتب نتنياهو: «(حماس) هي التي تخرب أي صفقة من خلال عدم التحرك مليمتراً واحداً عن مطالبها المتطرفة التي لا يمكن لأي حكومة إسرائيلية قبولها، على رأسها، انسحاب إسرائيل من غزة وإنهاء الحرب».

وكان المسؤول الإسرائيلي الذي لم يذكر اسمه، قد أشار لصحيفة «نيويورك تايمز»، إلى أن تصريحات نتنياهو يوم الأحد بشأن المضي قدماً في الهجوم البري في رفح، أدت إلى تشديد «حماس» موقفها في محادثات الرهائن والهدنة.

وقال المسؤول للصحيفة في وقت متأخر من يوم الأحد، إن المفاوضات أصبحت الآن في «أزمة» وإن «حماس» تستخدمها لمحاولة ضمان عدم قيام القوات الإسرائيلية بشن هجوم بري في المدينة الواقعة جنوب غزة.

واتهم زعيم «حماس»، إسماعيل هنية، نتنياهو «بتخريب» المحادثات، مؤكداً أن الحركة حريصة على التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل ينهي العدوان الإسرائيلي، ويضمن انسحاب إسرائيل من غزة، ويحقق صفقة جدية للتبادل.

وحمّل هنية، رئيس الوزراء الإسرائيلية مسؤولية «استمرار العدوان وتوسيع دائرة الصراع، وتخريب الجهود المبذولة عبر الوسطاء ومختلف الأطراف».

طائرات إسرائيلية ألقت منشورات على منطقة رفح تدعو السكان للمغادرة بشكل فوري باتجاه ما أسمته «المنطقة الإنسانية الموسعة في المواصي» (أ.ب)

وردّد موسى أبو مرزوق، المسؤول الكبير في «حماس»، أقوالاً مماثلة في تصريحات لـ«نيويورك تايمز»، قائلاً: «كنا قريبين جداً، لكن ضيق الأفق لدى نتنياهو أجهض التوصل إلى اتفاق».

النقطة التي أدت إلى انهيار كبير، كانت متعلقة بوقف الحرب. وأكد مسؤول فلسطيني مطلّع لـ«الشرق الأوسط»، أن كل القضايا متفق عليها بشكل كبير، لكن الوصول إلى صيغة مقبولة لدى «حماس» وإسرائيل بشأن وقف الحرب، كان معقداً وفجّر المحادثات.

وقال مسؤول إسرائيلي كذلك لموقع «تايمز أوف إسرائيل»، إن إصرار «حماس» المتكرر على موافقة إسرائيل على إنهاء الحرب تسبب في انهيار الجهود الأخيرة. وزعم المسؤول إن ««حماس» تريد إعلان النصر، وهذا هو هدفها الكامل في المحادثات. من المستحيل أن توافق إسرائيل على ذلك».

وفي حين تحاول الولايات المتحدة ومصر وقطر، «إنقاذ» المفاوضات، وبينما مكث مدير وكالة المخابرات الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز، في قطر يوم الاثنين كذلك؛ لمنع المحادثات من الانهيار، بدلاً من أن يصل إلى إسرائيل كما كان مخططاً، أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت نظيره الأمريكي لويد أوستن، أنه لم يعد أمام إسرائيل «أي خيار» سوى بدء عملية عسكرية في رفح؛ لأن «(حماس) ترفض في هذه المرحلة أي اقتراح» لصفقة الهدنة وإطلاق سراح المختطفين.

أطفال فلسطينيون بانتظار الإجلاء من رفح (أ.ف.ب)

في السياق، أكد مصدر إسرائيلي الاثنين لـ«i24NEWS»، أن «هناك تشاؤماً كبيراً بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاقات في المفاوضات؛ ولذلك، الاتجاه هو التقدم بالعملية في رفح. وقد أبلغت الولايات المتحدة الليلة الماضية، بقرار إخلاء السكان من المنطقة».

وأكد مصدر في كابينت حكومة الحرب لـ«القناة13» الإخبارية، أن القرار بتنفيذ العملية اتخذ بالإجماع متوقعاً أن تبدأ الأسبوع الحالي.

لكن «حماس» حذّرت إسرائيل من أن أي هجوم على رفح «لن يكون نزهة وسيعني إنهاء المحادثات». وقال القيادي في «حماس» عزت الرشق، إن «أي عملية عسكرية للاحتلال في رفح ستضع المفاوضات في مهب الريح ولن يكون نزهة للعدو».

أحد موظفي «أونروا» خلال توزيع أجولة الطحين على النازحين في غزة (حساب أونروا على إكس)

وأكدت «حماس» في بيان أن «المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها (كتائب القسام)، على أتَمِّ الاستعداد للدفاع عن شعبنا ودحر هذا العدو وإجهاض مخططاته وإفشال أهدافه». ودعت «حماس» «المنظمات والهيئات الإنسانية، وعلى رأسها وكالة (أونروا)، إلى البقاء في أماكنها في مدينة رفح وعدم مغادرتها».

وأكدت وكالة «أونروا» أن طواقمها لن تغادر مدينة رفح لأطول فترة ممكنة، وأنها لن تشارك في الإجلاء القسري للسكان في رفح أو في أي مكان آخر في قطاع غزة.

وقالت الوكالة إن الحياة في رفح محفوفة بالمخاطر والظروف المعيشية رهيبة بالفعل، ويمكن أن تتفاقم أكثر.

وأن التهديد الذي يلوح في الأفق بالنزوح الإضافي، قد يدفع المجتمع إلى تجاوز نقطة الانهيار مما يزيد من المخاطر على مئات الآلاف من السكان. وأكدت «أونروا» أن العواقب ستكون مدمرة على 1.4 مليون فلسطيني بالمدينة.


«حماس» توافق على مقترح مصري-قطري لوقف النار... وإسرائيل تتحدث عن «خدعة»

الدخان يتصاعد في أعقاب غارة إسرائيلية على قطاع غزة 6 مايو 2024 (رويترز)
الدخان يتصاعد في أعقاب غارة إسرائيلية على قطاع غزة 6 مايو 2024 (رويترز)
TT

«حماس» توافق على مقترح مصري-قطري لوقف النار... وإسرائيل تتحدث عن «خدعة»

الدخان يتصاعد في أعقاب غارة إسرائيلية على قطاع غزة 6 مايو 2024 (رويترز)
الدخان يتصاعد في أعقاب غارة إسرائيلية على قطاع غزة 6 مايو 2024 (رويترز)

أعلنت حركة «حماس» (اليوم) الاثنين، إنها وافقت على مقترح وقف إطلاق النار من مصر وقطر.

وقالت الحركة في بيان إن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية أجرى «اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومع وزير المخابرات المصرية السيد عباس كامل، وأبلغهم موافقة حركة (حماس) على مقترحهم بشأن اتفاق وقف إطلاق النار». ولم ترد تفاصيل حتى الآن عن مضمون الاتفاق.

من جهته قال مسؤول في «حماس» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الكرة باتت الآن «في ملعب الاحتلال الإسرائيلي» للموافقة على إعلان هدنة في غزة، بعد أن أبلغت «حماس» موافقتها للوسيطين القطري والمصري. وقال المصدر مفضلا عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول الإدلاء بتصريحات علنية عن المفاوضات، «بعد موافقة (حماس) على اقتراح الوسطاء لوقف النار، الكرة الان في ملعب الاحتلال الاسرائيلي ما اذا كان الاحتلال سيوافق على اتفاق وقف النار ام انه سيعطله».

في سياق متصل نقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن مسؤول إسرائيلي قوله إن المقترح الذي وافقت عليه «حماس» يشمل تنازلات كبيرة لا يمكن لإسرائيل القبول بها. وقال المسؤول الإسرائيلي إن الهدنة التي أعلنت حركة حماس موافقتها عليها هي نسخة «مخففة» من اقتراح مصري يتضمن استنتاجات «بعيدة المدى» لا يمكن لإسرائيل قبولها. وأضاف المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته «هذه خدعة على ما يبدو تهدف إلى جعل إسرائيل تبدو وكأنها الجانب الذي يرفض الاتفاق».

وفي وقت سابق، هددت «حماس» ، بتعليق مشاركتها بالمفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل في حال وسعت الأخيرة عمليتها العسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.وجاءت تهديدات «حماس» المفاجئة عقب طلب الجيش الإسرائيلي من السكان المحليين بالمناطق الشرقية بضرورة إخلاء منازلهم تمهيداً لشن عمليةعسكرية «محدودة» ضد أهداف تتبع «حماس» ، وفق تصريحات الجيش.


«هدنة غزة»: المفاوضات إلى «مصير مجهول» وسط ترقب لاجتياح رفح

فلسطينيون يغادرون مناطق في شرق رفح بعد أمر الجيش الإسرائيلي بإخلائها (رويترز)
فلسطينيون يغادرون مناطق في شرق رفح بعد أمر الجيش الإسرائيلي بإخلائها (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: المفاوضات إلى «مصير مجهول» وسط ترقب لاجتياح رفح

فلسطينيون يغادرون مناطق في شرق رفح بعد أمر الجيش الإسرائيلي بإخلائها (رويترز)
فلسطينيون يغادرون مناطق في شرق رفح بعد أمر الجيش الإسرائيلي بإخلائها (رويترز)

مرة أخرى تعثرت المفاوضات الرامية لتحقيق «هدنة» في قطاع غزة، وسط حالة ترقب يعيشها سكان مدينة رفح الفلسطينية خوفاً من اجتياح إسرائيلي وشيك للمدينة التي باتت الملاذ الأخير لنحو 1.5 مليون نازح. وبينما تواصل القاهرة اتصالاتها لاحتواء التصعيد الأخير بين إسرائيل وحركة «حماس»، لا يبدو أن هناك أفقاً واضحاً لسير المباحثات التي تواجه «مصيراً مجهولاً»، وفق خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط».

وحذرت مصر، الاثنين، من مخاطر عملية عسكرية إسرائيلية محتملة بمنطقة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، لما ينطوي عليه هذا العمل التصعيدي من «مخاطر إنسانية بالغة تهدد أكثر من مليون فلسطيني يوجدون في تلك المنطقة»، وفق إفادة رسمية لوزارة الخارجية.

وطالبت مصر إسرائيل بـ«ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب مزيد من التصعيد في هذا التوقيت بالغ الحساسية في مسار مفاوضات وقف إطلاق النار، وحقناً لدماء المدنيين الفلسطينيين الذين يتعرضون لكارثة إنسانية غير مسبوقة منذ بدء الحرب على قطاع غزة».

وأكدت القاهرة أنها «تواصل اتصالاتها على مدار الساعة مع كل الأطراف من أجل الحيلولة دون تفاقم الوضع أو خروجه عن السيطرة».

وفي تصعيد للأحداث، دعت إسرائيل، الاثنين، سكان مناطق في شرق رفح الفلسطينية بأقصى جنوب غزة، إلى «الإخلاء الفوري»، والتوجه نحو وسط القطاع، ما بدا إشارة إلى عزم إسرائيل تنفيذ تهديدها باجتياح رفح، رغم التحذيرات الأممية.

ونقلت «هيئة البث الإسرائيلية» عن مسؤولين أمنيين، الاثنين، قولهم إن «إسرائيل أبلغت مصر بتنفيذ عملية إجلاء للنازحين من مناطق بشرق رفح الفلسطينية». وأشارت إلى أن «تل أبيب أكدت للقاهرة أن عملية الإجلاء ستكون محدودة، وتقتصر على مناطق شرق رفح».

وأضافت أن «إسرائيل ترى أنه من المهم إبلاغ القاهرة بالنشاط في رفح، لا سيما أن مصر لها حدود مشتركة مع غزة، وتخشى تدفق أعداد كبيرة من سكان غزة إلى أراضيها».

وسبق أن حذرت مصر مراراً من تداعيات عملية عسكرية في رفح، وأكدت رفضها «تهجير الفلسطينيين داخل أو خارج أراضيهم»، وعدّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ذلك «تصفية للقضية الفلسطينية».

وانعكس التصعيد الأخير على المفاوضات، ونقلت قناة «القاهرة الإخبارية» المصرية، الاثنين، عن مصدر رفيع المستوى، لم تسمه، قوله إن «قصف حركة (حماس) منطقة كرم أبو سالم تسبب في تعثر مفاوضات الهدنة».

وكانت «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، قد قالت، الأحد، إنها أطلقت صواريخ على تجمعات للجيش الإسرائيلي في منطقة كرم أبو سالم، وردت إسرائيل بقصف منصة لإطلاق القذائف وهدف عسكري في رفح بجنوب قطاع غزة.

وأشار المصدر رفيع المستوى إلى أن «الوفد الأمني المصري يكثف اتصالاته لاحتواء التصعيد الحالي بين إسرائيل و(حماس)»، وفق ما نقلته قناة «القاهرة الإخبارية».

وأكد المصدر أن «مصر حذّرت الأطراف من خطورة التصعيد الحالي في غزة، ودعت إلى العودة للمفاوضات وما تحقق من تقدم كبير بها».

واستضافت القاهرة، يومي السبت والأحد، الماضيين جولة مباحثات مع وفد من «حماس»، بحضور ممثلين عن قطر والولايات المتحدة، شهدت وفق تسريبات إعلامية مصرية «تقدماً إيجابياً»، ووصلت إلى «صيغة توافقية» بشأن معظم نقاط الخلاف بين إسرائيل وحركة «حماس»، وإن لم تعكس التصريحات الصادرة من طرفي المفاوضات هذا التقدم، حيث بدأ كل طرف متمسك بمطالبه، ومحملاً الطرف الآخر المسؤولية عن «فشل الاتفاق».

وفي وقت لاحق، الاثنين، أشار مصدر مصري رفيع المستوى إلى «اعتزام وصول وفد من (حماس) إلى القاهرة، الثلاثاء، لاستكمال مفاوضات وقف إطلاق النار»، وفق «القاهرة الإخبارية».

يأتي ذلك بينما قال القيادي في حركة «حماس»، عزت الرشق، في بيان الاثنين، إن أي عملية إسرائيلية في رفح «ستضع المفاوضات في مهب الريح»، وفق «رويترز».

وبدوره، أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لم يكن متفائلاً بإمكانية الوصول إلى هدنة في غزة، رغم التسريبات المتعلقة بتقدم المفاوضات». وأوضح أن «الجانب الإسرائيلي غير مهتم بوقف الحرب، والخط الاستراتيجي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يركز الاستمرار الحرب، مع تحقيق مكاسب تكتيكية، إما بالإفراج عن بعض الرهائن وإما بالإيحاء أنه مهتم بصفقة تبادل الأسرى».

وقال هريدي إن «نتنياهو يتلاعب منذ البداية بورقة المفاوضات»، مشيراً إلى أنه «حتى حال الاتفاق على هدنة مرحلية مؤقتة، فإن هذا الاتفاق لن يصمد طويلاً». وأضاف: «من الواضح جداً أن نتنياهو عازم على اجتياح رفح وتصريحاته وسط المفاوضات، وقبل عملية كرم أبو سالم، تؤكد ذلك، وتنسف أي جهد لإنجاز الاتفاق».

ولم ترسل إسرائيل وفدها إلى القاهرة، للمشاركة في المفاوضات راهنة مشاركتها بتلقيها رداً من «حماس» بشأن مقترح الهدنة. وأعلن نتنياهو، الأحد، رفضه تنفيذ مطالب «حماس»، وعدَّ ذلك بمثابة «استسلام»، متعهداً بـ«استمرار القتال حتى تحقيق جميع الأهداف». وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي في وقت سابق عزمه تنفيذ هدفه بالقضاء على «حماس»، سواء جرى الاتفاق على هدنة أم لا.

ومن جانبه، قال الوزير الفلسطيني الأسبق وعضو طاقم مفاوضات «أوسلو» مع إسرائيل حسن عصفور، إنه «لا جدوى من المفاوضات». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «حرب غزة لم تكن رد فعل على هجوم من حركة (حماس)، بل هي عملية سبق التخطيط لها لإعادة ترتيب المنطقة واحتلال القطاع».

وأضاف: «في الجانب الآخر فقبول (حماس) بأي مقترحات لا تتضمن إنهاء الحرب يعني هزيمتها».

ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي يسعى الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة إلى إنجاز هدنة مؤقتة في قطاع غزة، تصاعدت الآمال بعقدها في رمضان الماضي، قبل أن تخفق الجهود وتصل المباحثات إلى طريق مسدودة، ثم تجدد الأمل مرة أخرى مع زيارة وفد أمني مصري إلى إسرائيل حاملاً مقترحاً جديداً بدعم من واشنطن، لكن الأمل تضاءل مرة أخرى مع تمسك الطرفين بمطالبها.

وقال عصفور إن «تل أبيب لن تقدم على إيقاف الحرب دون دخول رفح»، مشيراً إلى أنها وجدت في عملية كرم أبو سالم ذريعة لتنفيذ مخططها»، واصفاً الهجوم على كرم أبو سالم بـ«الغباء السياسي».

ورجح السياسي الفلسطيني أن «تكون العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح محدودة دون مجازر بحجم تلك التي تمت في خان يونس، نظراً لتكدس المدينة بالسكان». وتابع أن «تل أبيب ستعمل إلى تقسيم رفح إلى مربعات وتنفيذ عمليات نوعية محددة نظراً لحساسية وضع المدينة كونها ملاصقة للحدود المصرية».

ويثير تنفيذ عملية عسكرية واسعة في رفح مخاوف بوقوع خسائر بشرية كبيرة، كما يثير قلقاً دولياً بشأن احتمال أن يدفع هذا الهجوم الفلسطينيين تجاه الحدود المصرية، وهو ما ترفضه مصر.

وفي محادثات مع نظيره الأميركي، ربط وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عملية الإخلاء التي أمر بها الجيش الإسرائيلي الاثنين، بـ«الجمود في الجهود الدبلوماسية غير المباشرة»، محملاً «حماس» المسؤولية عن هذا الجمود، وفق ما نقلته «رويترز». وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية في بيان: «خلال المباحثات مع وزير الدفاع الأميركي ناقش غالانت الجهود المبذولة لإطلاق سراح الرهائن، وأشار إلى أن (حماس) ترفض في هذه المرحلة المقترحات المطروحة».

وأكد غالانت أن «العمل العسكري مطلوب، بما في ذلك في منطقة رفح، في ظل عدم وجود بديل»، وفق البيان.