بريطانيا: استقالة تراس تطلق منافسة محمومة على الزعامة

المعارضة تدعو لانتخابات مبكّرة... والمحافظون يختارون زعيمهم الجديد خلال أسبوع

رئيسة الوزراء البريطانية وزوجها قبيل إعلانها استقالتها خارج مقر إقامتها أمس (إ.ب.أ)
رئيسة الوزراء البريطانية وزوجها قبيل إعلانها استقالتها خارج مقر إقامتها أمس (إ.ب.أ)
TT

بريطانيا: استقالة تراس تطلق منافسة محمومة على الزعامة

رئيسة الوزراء البريطانية وزوجها قبيل إعلانها استقالتها خارج مقر إقامتها أمس (إ.ب.أ)
رئيسة الوزراء البريطانية وزوجها قبيل إعلانها استقالتها خارج مقر إقامتها أمس (إ.ب.أ)

بعد ستة أسابيع من الفوضى السياسية العارمة والاضطراب الاقتصادي، خضعت ليز تراس لضغوط حزبها المحافظ، أمس، وأعلنت استقالتها لتصبح أقصر رئيس وزراء خدمة في تاريخ بريطانيا.
وعقب مغادرة وزيرين بارزين حكومتها في غضون أيام، تراجعت سلطة تراس وفقدت القدرة على قيادة الحكومة وحزبها. وفي خطاب استقالتها الذي ألقته خارج «10 داونينغ ستريت» بعد 45 يوماً من تسلّمها الحكم، أعلنت تراس عن إجراء انتخابات الأسبوع المقبل لاختيار خلف لها، مطلقة بذلك منافسة محمومة على الزعامة.
وقالت، إنه «في ظل الوضع الحالي، لا يمكنني إتمام المهمة التي انتخبني حزب المحافظين للقيام بها». وأضافت «لذلك تحدثت إلى جلالة الملك (تشارلز الثالث) لإبلاغه باستقالتي من رئاسة حزب المحافظين»، موضحة، أن عملية اختيار النواب لخلف لها «ستستكمل خلال الأسبوع المقبل». ولم يدعم تراس سوى زوجها الذي كان معها وهي تدلي بالكلمة، وسط غياب ملحوظ لمعاونيها والوزراء الذين أيّدوها. وتراس هي رابع شخصية تتولى رئاسة الوزراء في غضون ستة أعوام، بعد انتخابها في سبتمبر (أيلول) زعيمة لحزب المحافظين بدعم من نحو ثلث نواب الحزب فقط.
في المقابل، استنكر أحزاب المعارضة إعلان تراس ودعوا إلى تنظيم انتخابات مبكرة، متحججين بأن حزب المحافظين فقد شرعيته السياسية. وتشمل لائحة المتنافسين على خلافة تراس، وفق التقارير الإعلامية، كلاً من رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون الذي قالت صحيفة «ذي تايمز» إنه يفكر في الترشح من أجل «المصلحة الوطنية»، ووزير الخزانة السابق ريشي سوناك، والمرشحة السابقة لزعامة حزب المحافظين بيني موردونت، وكيمي بادينوك. كما يدعم نواب ترشح كل من وزير الدفاع بن والاس الذي نأى بنفسه عن السباق الانتخابي لخلافة جونسون، ووزير العدل براندون لويس.
واعترفت تراس، هذا الأسبوع، بأن حكومتها ارتكبت أخطاء، لكنّها شددت على وجوب أن تركّز جهودها على أولوياتها، رافضة التخلي عن منصبها. وفي ردّها على كير ستارمر، زعيم المعارضة العمالية الذي دعاها إلى الاستقالة الأربعاء، قالت لمجلس العموم، إنها «مقاتلة» وإنها «لا تستسلم». وفي غضون أيام قليلة، ارتفع عدد النواب المحافظين الذين دعوها للتنحي علانية إلى 14، في حين يعتقد أن عشرات آخرين عبّروا عن تراجع ثقتهم بها لغراهام برايدي، رئيس «لجنة 1922» المكلّفة التنظيم الداخلي.
وغداة جلسة تصويت على مشروع قانون حول استخراج النفط الصخري شابها الكثير من التوتر في مجلس العموم مساء الأربعاء، اجتمع برايدي بتراس وأطلق عملية انتخاب خليفة لها في غضون 7 أيام، أي قبل يومين من إعلان الموازنة المرحلية الجديدة للحكومة البريطانية.

صفعات سياسية
وتلقّت تراس سلسلة صفعات سياسية منذ أن أعلنت موازنتها المصغرة قبل أقل من شهر، والتي شملت خطة خفض ضرائب على مرتفعي الدخل بلا تغطية مالية، وتسببت باضطراب في الأسواق وانهيار الجنيه الإسترليني إلى مستوى غير مسبوق أمام الدولار، وارتفاع سريع في أسعار الفائدة في خضم أزمة غلاء معيشة حادة. وعلى خلفية هذه الفوضى الاقتصادية وانتقادات البنك المركزي، اضطرت تراس الأسبوع الماضي إلى إقالة وزير خزانتها وأقرب حليف سياسي لها، كواسي كوارتنغ، والتخلي عن كل برنامجها الاقتصادي تقريباً. وتراجعت كذلك معدلات التأييد لها ولحزب المحافظين تراجعاً حاداً لصالح حزب العمال.
وخسرت تراس وزيراً ثانياً الأربعاء، هي وزيرة الداخلية التي وجّهت انتقادات لاذعة لتراجع الحكومة عن تعهداتها. وقوبلت محاولة تراس للدفاع عن سجلها أمام البرلمان بالضحك، وشهدت شجاراً علنياً بين النواب من حزبها بشأن السياسة المتبعة؛ مما أدى إلى تعميق الشعور بالفوضى في وستمنستر. ويسابق وزير الخزانة الجديد جيريمي هانت الزمن لخفض الإنفاق بمبالغ تصل إلى عشرات المليارات من الجنيهات الإسترليني في محاولة لطمأنة المستثمرين وإعادة بناء سمعة بريطانيا المالية.
ويعاني ملايين البريطانيين من أزمة في تكلفة المعيشة في الوقت الذي يتجه فيه الاقتصاد إلى ركود وارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته في 40 عاماً.
ونأى هانت بنفسه عن خوض سباق زعامة الحزب، ومن المقرر أن يقدم ميزانية جديدة في 31 أكتوبر (تشرين الأول).

دعوات للاستقرار
وبعيد إعلان استقالة تراس، عبر الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون عن أمله في أن تستعيد بريطانيا استقرارها «بسرعة». وفي موسكو، رأت وزارة الخارجية الروسية، أن بريطانيا «لم تشهد مثل هذا العار من رئيس وزراء». أما الرئيس الأميركي جو بايدن، فأكّد أن الولايات المتحدة وبريطانيا حليفتان دائمتان، وأن الأواصر القوية بينهما ستدوم. وأضاف في بيان «أشكر رئيسة الوزراء ليز تراس على شراكتها في مجموعة من القضايا، بينها تحميل روسيا مسؤولية حربها على أوكرانيا. سنواصل تعاوننا الوثيق مع حكومة المملكة المتحدة بينما نعمل معاً لمواجهة التحديات العالمية التي تواجه الدولتين».
وكانت عناوين الصحف الصادرة صباح أمس أجمعت على وصف الأوضاع بأنها «فوضى». واعتبرت صحيفة «ذا صن»، أن ليز تراس باتت «محطمة»، و«سلطتها مهشمة بعد يوم سادته الفوضى العارمة»، مشيرة إلى «حكومة بصدد الانهيار أمام أعيننا». من جهتها، اعتبرت صحيفة «ذي تايمز»، أن «رئيسة الوزراء تتمسك بالسلطة»، ونقلت عن مؤيد لتراس في الحكومة قوله «القرار نهائي». وقال عضو حزب المحافظين إد فايزي، إن «السبيل الوحيد للخروج من هذه الفوضى هو بتنحي ليز تراس وتعيين النواب المحافظين رئيساً جديداً للوزراء».


مقالات ذات صلة

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

العالم شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

أعلنت شرطة لندن، الثلاثاء، توقيف رجل «يشتبه بأنه مسلّح» اقترب من سياج قصر باكينغهام وألقى أغراضا يعتقد أنها خراطيش سلاح ناري إلى داخل حديقة القصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

قال قصر بكنغهام وصناع شاشة جديدة من المقرر استخدامها خلال مراسم تتويج الملك تشارلز الأسبوع المقبل إن الشاشة ستوفر «خصوصية مطلقة» للجزء الأكثر أهمية من المراسم، مما يضمن أن عيون العالم لن ترى الملك وهو يجري مسحه بزيت. فالشاشة ثلاثية الجوانب ستكون ساترا لتشارلز أثناء عملية المسح بالزيت المجلوب من القدس على يديه وصدره ورأسه قبل وقت قصير من تتويجه في كنيسة وستمنستر بلندن في السادس من مايو (أيار) المقبل. وقال قصر بكنغهام إن هذه اللحظة تاريخيا كان ينظر إليها على أنها «لحظة بين الملك والله» مع وجود حاجز لحماية قدسيته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

قدّم رئيس هيئة «بي بي سي» ريتشارد شارب، أمس الجمعة، استقالته بعد تحقيق وجد أنه انتهك القواعد لعدم الإفصاح عن دوره في ترتيب قرض لرئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون. وقال شارب، «أشعر أن هذا الأمر قد يصرف التركيز عن العمل الجيد الذي تقدّمه المؤسسة إذا بقيت في المنصب حتى نهاية فترة ولايتي». تأتي استقالة شارب في وقت يتزايد التدقيق السياسي في أوضاع «بي بي سي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

قدّم نائب رئيس الوزراء البريطاني، دومينيك راب، استقالته، أمس، بعدما خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّه تنمّر على موظفين حكوميين. وفي نكسة جديدة لرئيس الوزراء ريشي سوناك، خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّ راب، الذي يشغل منصب وزير العدل أيضاً، تصرّف بطريقة ترقى إلى المضايقة المعنوية خلال تولّيه مناصب وزارية سابقة. ورغم نفيه المستمر لهذه الاتهامات، كتب راب في رسالة الاستقالة الموجّهة إلى سوناك: «لقد طلبتُ هذا التحقيق، وتعهدتُ الاستقالة إذا ثبتت وقائع التنمّر أياً تكن»، مؤكّداً: «أعتقد أنه من المهم احترام كلمتي». وقبِل سوناك هذه الاستقالة، معرباً في رسالة وجهها إلى وزيره السابق عن «حزنه الشديد»، ومشيداً بسنوات خدمة

«الشرق الأوسط» (لندن)

توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
TT

توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)

قال دبلوماسيون أميركيون وروس، يوم الاثنين، إن أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيعملون على إعداد بيان بشأن سوريا في الأيام المقبلة، وذلك بعد اجتماع مغلق بشأن سيطرة قوات المعارضة على العاصمة دمشق والإطاحة بالرئيس بشار الأسد.

وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا للصحفيين بعد اجتماع المجلس المؤلف من 15 عضوا "أعتقد أن المجلس كان متحدا إلى حد ما بشأن الحاجة إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها، وضمان حماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المحتاجين". وأكد نائب السفير الأميركي روبرت وود أن أغلب الأعضاء تحدثوا عن هذه القضايا، وقال للصحفيين إن المجلس سيعمل على إصدار بيان. وتتولى الولايات المتحدة رئاسة المجلس في ديسمبر (كانون الأول). وقال وود "إنها لحظة لا تصدق بالنسبة للشعب السوري. والآن نركز حقا على محاولة معرفة إلى أين يتجه الوضع. هل يمكن أن تكون هناك سلطة حاكمة في سوريا تحترم حقوق وكرامة الشعب السوري؟"

وقال السفير السوري لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك للصحفيين خارج المجلس إن بعثته وكل السفارات السورية في الخارج تلقت تعليمات بمواصلة القيام بعملها والحفاظ على مؤسسات الدولة خلال الفترة الانتقالية. وقال "نحن الآن ننتظر الحكومة الجديدة ولكن في الوقت نفسه نواصل العمل مع الحكومة الحالية والقيادة الحالية"، مضيفا أن وزير الخارجية السوري بسام صباغ - المعين من قبل الأسد - لا يزال في دمشق. وقال للصحفيين خارج المجلس "نحن مع الشعب السوري. وسنواصل الدفاع عن الشعب السوري والعمل من أجله. لذلك سنواصل عملنا حتى إشعار آخر". وأضاف "السوريون يتطلعون إلى إقامة دولة الحرية والمساواة وسيادة القانون والديمقراطية، وسوف نتكاتف في سبيل إعادة بناء بلدنا، وإعادة بناء ما دمر، وبناء المستقبل، مستقبل سوريا الأفضل".

وتحدث نيبينزيا وود عن مدى عدم توقع الأحداث التي وقعت هذا الأسبوع في سوريا. وقال نيبينزيا "لقد فوجئ الجميع، بما في ذلك أعضاء المجلس. لذلك يتعين علينا أن ننتظر ونرى ونراقب ... ونقيم كيف سيتطور الوضع". ووفرت روسيا الحماية الدبلوماسية لحليفها الأسد خلال الحرب، واستخدمت حق النقض أكثر من 12 مرة في مجلس الأمن، وفي العديد من المناسبات بدعم من الصين. واجتمع المجلس عدة مرات شهريا طوال الحرب لمناقشة الوضع السياسي والإنساني في سوريا والأسلحة الكيميائية.

وقال السفير الصيني لدى الأمم المتحدة فو كونغ بعد اجتماع المجلس "الوضع يحتاج إلى الاستقرار ويجب أن تكون هناك عملية سياسية شاملة، كما يجب ألا يكون هناك عودة للقوى الإرهابية". وبدأت هيئة تحرير الشام الهجوم الذي أطاح بالأسد. وكانت تُعرف سابقا باسم جبهة النصرة التي كانت الجناح الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا حتى قطعت صلتها به في عام 2016. وتخضع الجماعة لعقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقال دبلوماسيون إنه لم تحدث أي نقاشات بشأن رفع هيئة تحرير الشام من قائمة العقوبات.