لماذا تعتبر الدرجات الصغيرة من الاحترار مهمة؟

سؤال ما قبل «كوب 27»

الدرجات الصغيرة من الاحترار تسبب مشكلات كبيرة (أرشيفية)
الدرجات الصغيرة من الاحترار تسبب مشكلات كبيرة (أرشيفية)
TT

لماذا تعتبر الدرجات الصغيرة من الاحترار مهمة؟

الدرجات الصغيرة من الاحترار تسبب مشكلات كبيرة (أرشيفية)
الدرجات الصغيرة من الاحترار تسبب مشكلات كبيرة (أرشيفية)

قبل أسابيع من قمة المناخ «كوب 27»، يثور تساؤل لدى كثيرين عن خطورة ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين، ولماذا تبدو الدرجتان مستوى خطيراً من الارتفاع، وهذا ما يجيب عليه تقرير نشرته وكالة «أسوشيتد برس» أمس.
يقول التقرير إنه «على مقياس الحرارة، يبدو عُشر الدرجة ضئيلاً، وبالكاد يمكن ملاحظته، لكن تلك التغيرات الطفيفة في متوسط درجة الحرارة يمكن أن يتردد صداها في المناخ العالمي لتتحول إلى كوارث كبيرة حيث يصبح الطقس أكثر وحشية وأكثر قسوة في عالم أكثر دفئاً».
ووافقت الدول في عام 2015 على خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى «أقل بكثير» من درجتين مئويتين (3.6 درجة فهرنهايت)، والسعي لتحقيق هدف الحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية (2.7 فهرنهايت) كجزء من اتفاقية باريس.
ويقول التقرير: «قد لا يكون الاختلاف بدرجتين ملحوظاً إذا كنت تقيس الطقس بالخارج، ولكن بالنسبة لمتوسط درجات الحرارة العالمية، فإن هذه الأرقام الصغيرة تُحدث فرقاً كبيراً؛ حيث إن (كل عُشر درجة مهمة)، وهي عبارة يكررها علماء المناخ حول العالم».
وارتفعت درجة حرارة الأرض بالفعل بما لا يقل عن 1.1 درجة مئوية (2 درجة فهرنهايت) منذ عصور ما قبل العصر الصناعي، ما أعطى العالم نحو 0.4 درجة مئوية (0.7 فهرنهايت) من مزيد من الحرارة قبل تجاوز الهدف، ومعاناة مزيد من أحداث تغير المناخ الكارثية، كما يوضح التقرير.
وهذه الأعشار من الدرجة هي مشكلة كبيرة لأن درجات الحرارة تمثل المتوسط العالمي للاحترار، وبعض أجزاء العالم، وخاصة كتلة اليابسة وخطوط العرض الشمالية مثل القطب الشمالي قد ارتفعت درجة حرارتها بالفعل أكثر من 1.1 درجة مئوية، وتجاوزت 1.5 درجة مئوية، وفقاً للتقديرات.
ويقول غابي فيكي، عالم المناخ في جامعة برينستون الأميركية: «من المفيد النظر إلى درجات الحرارة مثل منحنى الجرس، ففي الطرف البعيد حيث يكون شكل الجرس ضيقاً للغاية، هذا يخبرك باحتمالات وقوع أحداث بالغة الشدة، وإذا كان لديك تحول طفيف في متوسط ذروة ذلك الجرس إلى اتجاه الاحترار، فإن ما ينتج عن ذلك هو انخفاض كبير في احتمالات درجات الحرارة شديدة البرودة وزيادة كبيرة في احتمالات درجات الحرارة شديدة الارتفاع».
ويضيف: «إنها صورة مماثلة لارتفاع مستوى سطح البحر؛ حيث يخفي التركيز على المتوسط كيف أن بعض الأماكن تشهد ارتفاعاً في مستوى سطح البحر أعلى بكثير من غيرها».
ويشير التقرير إلى أن معظم الدول، بما في ذلك أكبر دولتين مصدراً للانبعاثات في العالم، الولايات المتحدة والصين، ليست على المسار الصحيح للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية حتى درجتين مئويتين، على الرغم من الوعود بخفض انبعاثاتها إلى «صافي صفر».
وإذا ارتفعت درجات الحرارة بنحو درجتين مئويتين إضافيتين بحلول نهاية القرن، فسيتعرض العالم لـ5 أضعاف الفيضانات والعواصف والجفاف وموجات الحرارة، وفقاً لتقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
وحذّر كيم كوب، عالم المناخ بجامعة براون الأميركية، من أن «كل الرهانات متوقفة» عندما يتعلق الأمر بكيفية استجابة الأنظمة المناخية لمزيد من الاحترار، وقد يؤدي التهديد ببعض التغييرات التي لا رجعة فيها وحلقات التغذية الراجعة، التي تضخم الاحترار، مثل ذوبان التربة الصقيعية التي تحبس كميات هائلة من غازات الاحتباس الحراري، إلى مزيد من التسخين.
ويقول كوب: «إنه لأمر مذهل أن نفكر في عدد الأشخاص الذين سيكونون تحت تهديد مباشر لظواهر متطرفة مرتبطة بالمناخ إذا وصلنا لمعدل درجتين».


مقالات ذات صلة

«اليونيسيف» تحذر من أن مستقبل الأطفال «في خطر»

العالم طفل فلسطيني أثناء فرز القمامة في مكب نفايات بقطاع غزة (أ.ب)

«اليونيسيف» تحذر من أن مستقبل الأطفال «في خطر»

حذّرت منظمة «اليونيسيف» من التحول الديموغرافي والتداعيات المتزايدة لظاهرة الاحترار وتهديد التكنولوجيا المتصلة، وكلها «توجهات كبرى» ترسم مستقبلاً قاتماً للأطفال.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة (أميركا))
بيئة رجل يسكب الماء على رأسه أثناء موجة حر في هيوستن بولاية تكساس بالولايات المتحدة - 25 أغسطس 2023 (رويترز)

دراسة: ارتفاع درجات الحرارة يزيد خطر الإصابة بالرجفان الأذيني

تشير دراسة جديدة إلى أن موجات الحر قد تزيد خطر الإصابة بالرجفان الأذيني، وهو اضطراب في ضربات القلب، إلى ضعفين أو 3 أضعاف، لا سيما إذا لم يكن القلب بصحة جيدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة متوسط درجات الحرارة كان مرتفعاً للغاية منذ يناير حتى أكتوبر (أ.ب)

علماء: عام 2024 سيكون الأكثر حرارة على الإطلاق

كشفت خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي اليوم (الخميس) عن أن عام 2024 سيتخطى 2023 ليصبح العام الأعلى حرارة منذ بدء التسجيلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق تغير المناخ يرفع درجات الحرارة إلى مستويات جديدة خطيرة (أ.ف.ب)

تقرير: مستويات قياسية من الوفيات المرتبطة بالحرارة في عام 2023

حذّر تقرير جديد أعدّه مجموعة من الأطباء وخبراء الصحة من أن تغير المناخ يرفع درجات الحرارة إلى مستويات جديدة خطيرة، كما يفاقم مشكلة الجفاف والأمن الغذائي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)

لماذا يجعل الاحتباس الحراري الأعاصير أكثر قوة؟

يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات؛ مما يجعل الأعاصير أكثر قوة. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك المزيد من الأعاصير.

«الشرق الأوسط» (باريس)

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.