لبنان معزول برًا بسبب سوريا.. والخسائر فاقت 150 مليون دولار

المعارضة السورية تنتظر قرارًا أردنيًا لإعادة فتح معبر نصيب

شاحنة مخصصة للتصدير الخارجي متوقفة في منطقة المصنع على الحدود اللبنانية السورية حيث توقفت حركة التصدير الى دول الخليج بسبب اقفال معبر نصيب الحيوي بين سوريا والاردن (أ. ف. ب)
شاحنة مخصصة للتصدير الخارجي متوقفة في منطقة المصنع على الحدود اللبنانية السورية حيث توقفت حركة التصدير الى دول الخليج بسبب اقفال معبر نصيب الحيوي بين سوريا والاردن (أ. ف. ب)
TT

لبنان معزول برًا بسبب سوريا.. والخسائر فاقت 150 مليون دولار

شاحنة مخصصة للتصدير الخارجي متوقفة في منطقة المصنع على الحدود اللبنانية السورية حيث توقفت حركة التصدير الى دول الخليج بسبب اقفال معبر نصيب الحيوي بين سوريا والاردن (أ. ف. ب)
شاحنة مخصصة للتصدير الخارجي متوقفة في منطقة المصنع على الحدود اللبنانية السورية حيث توقفت حركة التصدير الى دول الخليج بسبب اقفال معبر نصيب الحيوي بين سوريا والاردن (أ. ف. ب)

تتفاقم أزمة التصدير اللبنانية مع مرور عدة أشهر على إقفال معبر نصيب السوري الحدودي مع الأردن، الذي يشكل البوابة الاقتصادية البرية الوحيدة للبنان باتجاه دول الخليج وبعض الدول العربية. ويأتي هذا الوضع في ظل لا مبالاة حكومية للتخفيف من الأعباء المالية الضخمة التي يتكبدها المزارعون وأصحاب الشاحنات الذين وجدوا أخيرا بالشارع ملجأهم الوحيد لرفع الصوت والضغط باتجاه دعم عملية تصدير المنتجات عبر البحر.
ومع سريان الشلل الحكومي على المشهد اللبناني في ظل إصرار وزراء تكتل «التغيير والإصلاح» الذي يرأسه النائب ميشال عون ودعم وزراء حزب الله لمطلبهم بوجوب تعليق البحث في أي ملف داخل مجلس الوزراء حتى إتمام التعيينات الأمنية وتعيين صهر عون، قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز، قائدا للجيش، عُلّقت كل البنود التي كانت طارئة على جدول أعمال الحكومة وأبرزها أزمة التصدير. وكان قد تم الاتفاق في وقت سابق على إقرار الحكومة مبلغ 21 مليون دولار لدعم تصدير المنتجات اللبنانية وخصوصا الزراعية منها عبر البحر، إلا أنه بسبب تعذر التئام مجلس الوزراء تقرر تعليق كل الإجراءات التنفيذية للحل.
وزير الاقتصاد آلان حكيم اقترح أخيرا تأمين المبلغ من خلال الهيئة العليا للإغاثة في حال وجود قرار حقيقي بحل هذه الأزمة ليصار بعدها لإتمام الإجراءات اللازمة من خلال الحكومة، إلا أن طرحه هذا لم يلق حتى الساعة تجاوبا من قبل المعنيين. وللعلم، يصدّر لبنان برا إلى الأسواق العربية الخضار والفواكه ومواد غذائية ومعلبات وحبوبا ومربيات وآلات ومعدات كهربائية. وبلغت صادرات لبنان عام 2014، وفق إحصاءات رسمية، أكثر من 920 مليون دولار إلى دول مجلس التعاون الخليجي وقرابة 256 مليون دولار إلى العراق. وتتصدّر المملكة العربية السعودية والإمارات والعراق قائمة الدول المستوردة من لبنان.
وحول الأزمة المتفاقمة تحدث الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان عن «خسائر بلغت نحو 150 مليون دولار تكبدها الاقتصاد اللبناني نتيجة توقف عملية التصدير برا»، لافتا إلى أن «حجم التصدير عبر البر يبلغ سنويا 450 مليون دولار، وهو ينحدر بشكل دراماتيكي وسيظل كذلك في حال لم يتم اللجوء إلى خيار التصدير بحرا، علما أن تكلفته أكبر تماما كما الوقت الذي تستلزمه العملية».
وحذر أبو سليمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من «تضرر مجال التصدير في المدى البعيد أيضا حتى ولو أعيد فتح معبر نصيب، باعتبار أن الأسواق العربية التي اعتادت الاستيراد من السوق اللبنانية ستبحث عن بديل إذا بقيت الأمور على ما هي عليه». وأردف: «المطلوب تعاطي الحكومة جديا مع الأزمة، كما تحرك المجتمع الدولي والدول المعنية بالأزمة السورية لدعم لبنان وعملية التصدير بحرًا، باعتبار أن المشكلة التي نحن بصددها نتيجة مباشرة للوضع في سوريا، وتمامًا كما يجري دعم اللاجئين السوريين هكذا يتوجب دعم لبنان والاقتصاد اللبناني».
قطاع الزراعة يؤمّن راهنًا نحو 6 في المائة من الدخل الوطني ويشغل ما بين عشرين إلى ثلاثين في المائة من اليد العاملة، ويمثل نحو 17 في المائة من قيمة الصادرات. ويبلغ الموسم الزراعي ذروته خلال الصيف وتحديدا في شهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) المقبلين.
ولقد نفّذ المزارعون والمصدّرون وأصحاب الشاحنات المبردة يوم أمس السبت اعتصاما على طريق شتورا - بيروت الدولي، طالبوا خلاله بضرورة إيجاد عبارات لنقل الإنتاج الزراعي والصناعي، وإعفائهم من رسوم الميكانيك لثلاث سنوات. وتوجه عمر العلي، رئيس نقابة الشاحنات المبرّدة، إلى المعتصمين قائلا: «إن لم يلتئم مجلس الوزراء ويقر دعم الصادرات الزراعية والصناعية في البحر وفك الحصار عنكم، فأنتم أمام كارثة ثانية، واعلموا أن بعض الوزراء هم أعداؤكم. لذلك أيها السائقون عليكم نصب الخيم أمام بيوتهم لحثهم على الذهاب إلى مجلس الوزراء والاجتماع من أجل إقرار الملفات الساخنة التي تهم مصالحكم، وإلا فهم المسؤولون عن أي عطل وضرر معنوي ومادي يصيبكم».
بدوره، طالب عمر الخطيب، رئيس نقابة أصحاب الأشجار المثمرة، بكلمته، رئيس الحكومة بـ«إيجاد الحلول السريعة لتسريع تصريف الإنتاج الزراعي وإلى تحمل المسؤولية مع المزارعين المتضررين ودعم التصدير الجوي والبحري ومؤازرة أصحاب الشاحنات المبردة وتقديم المساعدات اللازمة كي لا نصل إلى حركات تصعيدية أكبر لا تحمد عقباها».
أما على الجهة السورية، ومع احتدام المعارك بين قوات المعارضة وعناصر النظام في مدينة درعا، بأقصى جنوب البلاد، فتعطلت الإجراءات التي كانت قد اتخذتها الكتائب المسلحة مع سيطرتها على معبر نصيب في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لإعادة تفعيل المعبر. وكانت القوى الثورية والعسكرية في محافظة درعا قد توافقت على إعادة تشغيله بعد ضبطه ونشر الحواجز العسكرية لحمايته ومن ثم وضعه تحت «إدارة مدنية» يشرف عليها مجلس محافظة درعا الذي بدأ مباشرة بتجهيز الكوادر القادرة على إدارة المعبر في حال بادر الأردن إلى فتح حدود معبر جابر على الجانب المقابل.
وحتى الساعة، لا مؤشرات تدل على قرار أردني أو إقليمي بإعادة تفعيل المعبر، وهو ما أشار إليه أبو أحمد العاصمي، عضو المجلس العسكري المعارض، لـ«الشرق الأوسط»، لافتًا إلى أنّه «بمقابل تعاون كل الفصائل المقاتلة لإعادة تشغيل المعبر وتأمين احتياجاته إداريا وأمنيا وعسكريا، لا يبدو أن هناك نية أردنية لإعادة الأمور إلى نصابها». وتابع العاصمي: «إقفال المعبر كارثة اقتصادية على لبنان والأردن قبل أن تكون كارثة على سوريا، وبالتالي الفائدة ستكون عامة بإعادة تشغيله». ورجّح العاصمي أن «يغدو الوضع على المعبر مختلفًا بعد تحرير مدينة درعا... عندها فقط ستقتنع الدول المحيطة بضرورة التعاون مع قوى المعارضة لإعادة تشغيل نصيب وسترضخ لفكرة أن الحدود لن تعود يوما إلى قبضة النظام».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».