يتساءل الإعلام الجزائري والأوساط السياسية إن كانت السلطات الجزائرية تنوي طي ما يعرف بـ«ملف المعتقلين السياسيين» بمناسبة الاحتفال بعيد ثورة الاستقلال، في فاتح نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وذلك بعد أن استعاد عشرات منهم حريتهم فجر أمس، بعد أكثر من سنة قضوها في الحبس الاحتياطي، وكان بعضهم متهمين بـ«دعم الإرهاب».
وتداول ناشطون في شبكة التواصل الاجتماعي، في حدود الخامسة والنصف من صباح أمس، مشاهد الصحافي محمد مولوج، والنشطاء: زهير جمعي، وزاهير مسعودان، ومالك بوجمعة، وارزقي ولحاج، وحنفي محند، وهم يعانقون أبناءهم وأفراد عائلاتهم أمام باب السجن بالعاصمة، على أثر صدور أحكام بالسجن عامين، منها عام موقوف التنفيذ، ما يعني انتهاء محكوميتهم لوجودهم في زنزانات منذ سبتمبر (أيلول) 2021.
وتعالت الزغاريد ممزوجة بالدموع، بسبب المعاناة التي تكبدها ذووهم طيلة عام كامل، وقياساً إلى خطورة التهم التي كانت تنذر بأحكام قاسية؛ خصوصاً عندما التمست النيابة السجن عشر سنوات بحقهم. وأسقط القاضي خلال المحاكمة التي دامت أكثر من 10 ساعات، تهمة الإرهاب والانتماء إلى تنظيم «حركة الحكم الذاتي في منطقة القبائل»، المعروف بـ«ماك» الذي يطالب بالانفصال، واكتف القاضي بتهم مرتبطة بـ«المس بالنظام العام» التي عدها محامون «تهماً سياسية».
وأكد محمد مولوج، صحافي جريدة «ليبرتيه» التي اختفت منذ أشهر، للقاضي، أنه «ليس إرهابياً... لكنني تعرضت وعائلتي للترهيب بسبب هذه التهمة». وتابعت النيابة الصحافي على أساس رسالة نصية هاتفية، بعثها لفرحات مهني، زعيم «ماك» اللاجئ بفرنسا، يطلب فيها مقابلة صحافية (لم تتم في النهاية). ودانت محكمة الجنايات مهني غيابياً بالسجن 20 سنة، وهو محل مذكرة اعتقال دولية منذ عام.
أما المحامون فقد انتقدوا في مرافعتهم بشدة «المادة 87 مكرر» من القانون الجنائي التي تمت إضافتها للقانون العام الماضي، وبموجبها وسعت السلطات تعريف الإرهاب ليشمل «محاولة الوصول إلى السلطة، أو تغيير نظام الحكم بوسائل غير دستورية». وطالب الدفاع بإلغائها، بحجة أن العشرات من المتظاهرين ضد الحكومة تمت متابعتهم بها.
وفي قاعة أخرى بالمحكمة نفسها، ساد الارتياح بعد أن نطق القاضي بالبراءة بحق 65 ناشطاً في العمل التضامني الخيري، عُرفت قضيتهم في الإعلام بـ«شبكة التضامن مع معتقلي الحراك»؛ حيث اتهمتهم النيابة بـ«تسلُّم أموال من الخارج»، وهو ما يمنعه القانون. ورأس هذا الفريق الهادي لعسولي الذي يقود جمعية بحي شعبي بالعاصمة، تميز نشاطها في السنتين الأخيرتين بمساعدة عائلات معتقلي الحراك بالمال والمواد الغذائية، والتكفل بحاجيات أبنائهم الذين يدرسون.
والاثنين الماضي، أصدرت محكمة الجنايات الابتدائية بالعاصمة حكماً بإعدام الصحافي محمد عبد الرحمن سمار، المعروف بـ«عبدو سمار»، مدير موقع «آلجيري بارت»، بعد متابعته بتهمة «التخابر ونشر معلومات تحمل طابع السرية»، تخص شركة المحروقات المملوكة للدولة «سوناطراك». ودانت المحكمة أحد كوادر الشركة، يدعى الأمين عويس، بالسجن 10 سنوات بتهمة «تسريب معلومات سرية» للصحافي الذي يقيم بفرنسا باعتباره لاجئاً سياسياً.
وترفض الحكومة أن تعترف لمساجين الحراك بصفة «معتقل الرأي»، بحجة أن القضاء لم يتابعهم بسبب التعبير عن مواقف سياسية معارضة، وتعتبر نشاطهم ضدها «مساً بالأمن العام»، و«نشراً للفوضى والاضطراب في البلاد». وتقول إن هناك مبالغة في عددهم المعلن من طرف الحقوقيين والمحامين، وهو 300. وقد اتهمتم مرات عديدة بـ«العمالة لجهات أجنبية معادية للجزائر». كما تتعامل بحساسية مفرطة مع المنظمات الحقوقية المحلية والأجنبية التي تتعاطى معهم بوصفهم مساجين سياسيين، وتحديداً أعضاء التنظيم الإسلامي «رشاد»، و«حركة الحكم الذاتي في القبائل»؛ حيث صنفتهما السلطات جماعتين إرهابيتين، وسجنت عديداً من المنتسبين لهما بتهمة الإرهاب.
الجزائر: بوادر «انفراجة» في ملف معتقلي الرأي بعد مغادرة بعضهم السجون
الجزائر: بوادر «انفراجة» في ملف معتقلي الرأي بعد مغادرة بعضهم السجون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة