«سد النهضة»: جدل فني حول حقيقة الملء الإثيوبي

دراسة علمية مصرية تُفند «مغالطات» أديس أبابا

مصر تختتم فعاليات «أسبوع القاهرة للمياه» في نسخته الخامسة (وزارة الموارد المائية)
مصر تختتم فعاليات «أسبوع القاهرة للمياه» في نسخته الخامسة (وزارة الموارد المائية)
TT

«سد النهضة»: جدل فني حول حقيقة الملء الإثيوبي

مصر تختتم فعاليات «أسبوع القاهرة للمياه» في نسخته الخامسة (وزارة الموارد المائية)
مصر تختتم فعاليات «أسبوع القاهرة للمياه» في نسخته الخامسة (وزارة الموارد المائية)

فنّدت دراسة علمية مصرية حديثة، المقدار الحقيقي للمياه المحجوزة خلف «سد النهضة» الإثيوبي، على نهر النيل، الذي يثير توترات مع مصر والسودان، مشيرة إلى «مغالطات» إثيوبية في هذا الشأن.
وأعلنت أديس أبابا، في أغسطس (آب) الماضي، وصول التخزين الثالث هذا العام إلى 22 مليار متر مكعب، وسط احتجاج مصري - سوداني. لكن الدراسة التي أعدها فريق بحثي مصري، ونشرت مؤخراً بمجلة المياه «Water» العالمية، تحت عنوان «تقييم سد النهضة الإثيوبي باستخدام الاستشعار من بعد ونظم المعلومات الجغرافية GIS»، ذكرت أن التخزين الأول في يوليو (تموز) 2020 بلغ نحو 5 مليارات متر مكعب، بينما قدر التخزين الثاني في يوليو 2021 بنحو 3 مليارات متر مكعب بإجمالي 8 مليارات متر مكعب، وبلغ التخزين الثالث العام الجاري 2022 نحو 9 مليارات متر مكعب، بإجمالي 17 مليار متر مكعب.
وأثيرت شكوك حول الإعلان الإثيوبي عن وصول مخزون البحيرة إلى 22 مليار متر مكعب، وبينما أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، صحة المعلومات المنشورة بالدراسة، أوضح أن «بعد كل تخزين تحدث زيادة مؤقتة نتيجة تدفق مياه الفيضان عند الممر الأوسط وعدم استطاعته إمرار كامل الفيضان ثم يعود مرة أخرى إلى منسوب التخزين نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، ووصلت الزيادة هذا العام إلى 2.5 مليار متر مكعب عند منسوب 604 أمتار فوق سطح البحر ليصبح الإجمالي 19.5 مليار متر مكعب، وكان من المفترض أن يبدأ التراجع بداية أكتوبر الحالي، إلا أنه لم يحدث حتى الآن، وسوف يحدث خلال الأسابيع المقبلة للعودة إلى 17 مليار متر مكعب مرة أخرى عند منسوب 600 متر، مع انخفاض معدل الأمطار التي استمرت أعلى من معدلاتها بنحو 20 في المائة خلال شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر».
واعتبر الخبير المصري، المهتم بدراسة السد الإثيوبي، في إفادة على صفحته الرسمية بـ«فيسبوك»، أن الخلاف هو عبارة عن «مغالطات إثيوبية لكميات التخزين موجهة بالدرجة الأولى إلى الشعب الإثيوبي لمحاولة إقناعه بأن هناك إنجازات كبيرة في سد النهضة، رغم أنه لا توجد أي استفادة حقيقية بعد مرور أكثر من 11 عاماً على البدء في إنشاء السد، تم خلالها 3 مراحل للتخزين وتشغيل محدود لـ2 توربين ثم توقفا عن العمل بعد أيام من بدء التشغيل منذ أكثر من شهرين حتى اليوم».
وتطالب كلّ من مصر والسودان، إثيوبيا، بأن توقف عمليات ملء السد، حتى يتمّ التوصّل إلى اتفاق بين الأطراف الثلاثة حول المسألة وآليات تشغيل السد. لكنه ومنذ أبريل (نيسان) 2021، تجمدت المفاوضات بين الدول الثلاث، التي تجري برعاية الاتحاد الأفريقي، بعد فشلها في إحداث اختراق، الأمر الذي دعا مصر للتوجه إلى مجلس الأمن الدولي للاحتجاج، والمطالبة بالضغط على إثيوبيا عبر الشركاء الدوليين للقبول باتفاق يُرضي جميع الأطراف.
وكشف الخبير المصري أن الأمطار الغزيرة ما زالت تتدفق في بعض مناطق السودان حول سد الروصيرص، وامتداد النيل الأزرق والقضارف، متوقعاً ارتفاع منسوب النيل في مصر خلال الأيام القليلة المقبلة.
من جهة أخرى، اختتمت مصر (الأربعاء)، فعاليات «أسبوع القاهرة الخامس للمياه»، بحضور 27 وزيراً، و100 ممثل وفد رسمي خلال فعاليات الأسبوع، ناقشوا قضايا الندرة المائية والتغيرات المناخية، وقضايا المياه وعلاقتها بالتغير المناخي، والمياه والمناخ والتعاون المستقبلي، وإدارة الكوارث المتعلقة بالمياه والمناخ.
وقال وزير الموارد المائية والري هاني سويلم إن «ما يميز أسبوع القاهرة للمياه هو الجمع بين الخبراء التنفيذيين المعنيين بالمياه، والخبراء العالميين والباحثين من كل دول العالم، فضلاً عن سفراء وممثلين ووفود رسمية، وكذلك طلاب المدارس، ولا توجد أحداث كثيرة في العالم تجمع بين كل هذه الأطراف».
وأوضح سويلم أن مخرجات أسبوع القاهرة للمياه تمثلت في إطلاق «وثيقة القاهرة للعمل على مواجهة التغيرات المناخية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة»، لا سيما في الدول الفقيرة للمياه.
من جانبه، أكد سفير الاتحاد الأوروبي كريستيان بيرجر ضرورة «وضع قضية المياه في قلب العمل المناخي»، مشيراً إلى نجاح أسبوع القاهرة الخامس للمياه في إثراء قضية المياه ووضعها كعنصر أساسي من العناصر المتأثرة بالتغيرات المناخية باعتبار المياه العنصر الأساسي للحياة.
وأشار سفير الاتحاد الأوروبي إلى دعم كل الأطراف الدولية لقضية المياه، مؤكداً أهمية تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.