الجزائر: تجدد المطالب باعتراف فرنسا بـ«جرائمها الاستعمارية»

رغم ظهور مؤشرات على طي «صفحة الماضي والتوجه لشراكة اقتصادية استثنائية»

ماكرون يقدم أوسمة لعدد من قدامى المحاربين خلال حفل التكريم الذي أقامه لهم في باريس أمس (أ.ف.ب)
ماكرون يقدم أوسمة لعدد من قدامى المحاربين خلال حفل التكريم الذي أقامه لهم في باريس أمس (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: تجدد المطالب باعتراف فرنسا بـ«جرائمها الاستعمارية»

ماكرون يقدم أوسمة لعدد من قدامى المحاربين خلال حفل التكريم الذي أقامه لهم في باريس أمس (أ.ف.ب)
ماكرون يقدم أوسمة لعدد من قدامى المحاربين خلال حفل التكريم الذي أقامه لهم في باريس أمس (أ.ف.ب)

جددت جمعيات وتنظيمات جزائرية مطالبتها فرنسا بـ«الاعتراف بجرائمها الاستعمارية»، ودفع تعويضات مادية عنها، مقابل أي حديث عن «تطبيع العلاقات» بين البلدين، وذلك بمناسبة إحياء الذكرى الـ61 لقتل مئات المتظاهرين الجزائريين في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 1961 في باريس. وجاءت هذه المطالب والدعوات بعد أسابيع قليلة من زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر، نهاية أغسطس (آب) الماضي، والتي ظهرت فيها مؤشرات كثيرة على طي «صفحة الماضي»، والمضي نحو بناء شراكة اقتصادية استثنائية.
وكثفت تنظيمات ما تعرف بـ«الأسرة الثورية» دعواتها للسلطات بـ«الضغط على فرنسا لدفعها إلى الاعتراف علناً بأن ممارساتها خلال 132 سنة من احتلال الجزائر (1830 - 1962) كانت جريمة ضد الإنسانية، وأن تعتذر وتدفع التعويض». وقد جاء ذلك على ألسنة قادة «المنظمة الوطنية للمجاهدين»، و«المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء»، وكذا «المنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين»، وجمعيات مهتمة بأحداث حرب التحرير، مثل «جمعية مشعل الشهيد»، أثناء مؤتمرات عقدوها أول من أمس، واستنكروا فيها «رفض فرنسا، التي تتغنى بحقوق الإنسان والحرية، تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والسياسية تجاه ماضيها الأسود في الجزائر».
والأحد الماضي، دعا حزب «جبهة التحرير الوطني»، (أغلبية)، في بيان، السلطات الفرنسية إلى «الاعتراف بمجازر تاريخية أودت بحياة عشرات المتظاهرين الجزائريين في باريس عام 1961»، وطالبها أيضاً بـ«بالاعتراف بتلك المجازر بوصفها جريمة دولة والاعتذار عنها».
وفي العادة، تفضل الحكومة الجزائرية عند الاحتفال بمحطات تاريخية أن يتم «تذكير فرنسا بجرائم الاستعمار»، وأن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، وذلك عن طريق «تنظيمات الأسرة الثورية» والصحافة والأحزاب، وذلك بإبراز أحداث تاريخية كبيرة، مثل قتل متظاهرين جزائريين ورميهم في نهر السين بباريس عام 1961، أو ما يسمى «يوم الهجرة»، والتفجيرات النووية بصحراء الجزائر التي بدأت في 1960، وتواصلت إلى ما بعد الاستقلال، ومعارك سقط فيها مجاهدون خلال حرب التحرير التي خلفت مليوناص ونصف المليون شهيد.
وقد أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في خطاب إحياء ذكرى «مجازر المهاجرين الجزائريين بفرنسا»، أنها «فرصة نسترجع فيها مآسي وعبر تلك المجازر النكراء، التي اقترفها المستعمر الآثم قبل 61 عاماً في حق بنات وأبناء الشعب الجزائري في المهجر، الذين أكدوا بمواقفهم عبر الزمن أن الهجرة لم تكن بالنسبة لهم هجراناً لبلدهم، ولا ابتعاداً عن آلام وآمال أبناء وطنهم».
يذكر أن أكثر من 50 ألف جزائري، يعملون في الصناعة الفرنسية، خرجوا إلى شوارع باريس للاحتجاج على قرار أعلنه رئيس شرطة باريس، موريس بابون، في 5 أكتوبر 1961، يقضي بفرض حظر للتجول فقط على الجزائريين ومسلمي فرنسا، وذلك تجنباً لأي مظاهرات تأييد ودعم لثورة التحرير الجزائرية، التي كانت مشتعلة في الجزائر. وقد تعرض الآلاف للاعتقال والضرب على أيدي الشرطة، التي أطلقت النار عشوائياً على المتظاهرين، وقتلت 800 منهم برميهم أحياء في القنوات القذرة لنهر السين في باريس.
وفي تغريدة بمناسبة الذكرى، وصف الرئيس ماكرون الأحداث بـ«جرائم لا يمكن تبريرها بالنسبة إلى الجمهورية... وفرنسا لا تنسى الضحايا.. والحقيقة هي السبيل الوحيد إلى مستقبل مشترك». وقد تنقل ماكرون العام الماضي في مكان رمزي قرب نهر السين، حيث أدان لأول مرَة قمع وقتل المتظاهرين.
ومطلع عام 2021، رفضت الجزائر بشدة مضمون تقرير للمؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا، أعده بطلب من «قصر الإليزيه»، يتناول «مصالحة الذاكرتين». وصرح وزير الإعلام وقتها بأن التقرير الذي تسلمه ماكرون «لم يكن موضوعياً؛ إذ يساوي بين الضحية والجلاد، وينكر مجمل الحقائق التاريخية»، مؤكداً أنه «تجاهل المطالب المشروعة للجزائر، وفي مقدمتها اعتراف فرنسا رسمياً بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي اقترفتها خلال احتلالها للجزائر».
في سياق ذلك، أكد «قصر الإليزيه» أن التكريم الذي أقامه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمحاربين، الذي شاركوا في الحرب الجزائرية، يهدف إلى التذكير بأن «غالبيتهم العظمى» رفضت انتهاك مبادئ الجمهورية الفرنسية، بخلاف «أقلية» كانت «تنشر الرعب».
وكتبت الرئاسة الفرنسية في بيان: «نحن نعترف بوضوح بأنه في هذه الحرب كان هناك من وضعوا أنفسهم خارج الجمهورية، بتفويض من الحكومة لكسبها بأي ثمن، وهذه الأقلية من المقاتلين نشرت الرعب وارتكبت عمليات تعذيب، تجاه وضد كل قيم جمهورية بنيت على أساس إعلان حقوق الإنسان والمواطن».


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)
مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)
TT

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)
مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاعين التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

وفي المجال التعليمي، وقع «مركز الملك سلمان»، أمس (الثلاثاء)، اتفاقية تعاون مشترك مع إحدى مؤسسات المجتمع المدني؛ لتنفيذ المرحلة الثالثة من «مشروع العودة إلى المدارس» في مديرية المخا بمحافظة تعز ومنطقة ثمود بمحافظة حضرموت، وفي محافظات شبوة وأبين ولحج، التي يستفيد منها 6 آلاف فرد.

وجرى توقيع الاتفاق على هامش «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة» في مدينة الرياض، حيث وقع الاتفاقية مساعد المشرف العام على مركز العمليات والبرامج، المهندس أحمد بن علي البيز.

وسيجري بموجب الاتفاقية توفير 60 فصلاً من الفصول البديلة المجهزة بالكامل، وتجهيز وتأثيث 10 مدارس؛ لتوفير بيئة تعليمية ملائمة للطلاب والطالبات، بالإضافة إلى توفير 6 آلاف زي مدرسي وحقيبة تحتوي على المستلزمات المدرسية، فضلاً عن إيجاد فرص عمل للأسر من ذوي الدخل المحدود (المستفيدة من مشاريع التدريب والتمكين السابقة) من خلال تجهيز الحقائب والزي المدرسي المحلي الصنع.

ويأتي ذلك في إطار الجهود الإغاثية والإنسانية التي تقدمها المملكة عبر ذراعها الإنسانية مركز الملك سلمان للإغاثة؛ بهدف تعزيز العملية التعليمية الآمنة وانتظامها، ومواجهة تسرب الطلاب من المدارس بالمناطق المستهدفة.

وفي القطاع الصحي، السياق وقع «مركز الملك سلمان» اتفاقية مع الجمعية الدولية لرعايا ضحايا الحروب والكوارث، لتشغيل مركز الأطراف الصناعية وإعادة التأهيل في محافظة مأرب.

وسيجري بموجب الاتفاقية تقديم خدمات التأهيل الجسدي لذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى متابعتهم والاستفادة منهم في خدمة المجتمع، والتشخيص وتحديد الخطة العلاجية لكل مريض على حدة، وتركيب الأطراف الصناعية بأنواعها.

ومن شأن الاتفاقية أن توفر خدمة إعادة التأهيل الوظيفي للأطراف الصناعية ومتابعتهم المستمرة، فضلاً عن رفع قدرات الكادر الطبي والفني مهنياً وعلمياً وتهيئته للتعامل مع الحالات النوعية، إضافة إلى الحد من هجرة الكوادر الطبية والفنية المتخصصة، ومن المقرر أن يستفيد منها 7174 فردًا.

من جهة أخرى، وقعت «منظمة الصحة العالمية» اتفاقية بقيمة 3.4 مليون يورو مع الحكومة الألمانية للحفاظ على خدمات الصحة والتغذية المنقذة للحياة في اليمن.

وقالت المنظمة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، الأربعاء، إن «هذه المبادرة تأتي في وقت يواجه اليمن فيه حالة طوارئ ممتدة من الدرجة الثالثة، وهي أعلى مستوى للطوارئ الصحية للمنظمة».

وأضافت أن «اليمن يواجه تفشي للأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات بما في ذلك فيروس شلل الأطفال، والإسهال المائي الحاد، والكوليرا، والحصبة، والدفتيريا، والملاريا، وحمى الضنك».

وأشارت إلى أنه تم الإبلاغ عن 33 ألف حالة يشتبه في إصابتها بالحصبة منذ بداية العام الحالي، مع 280 حالة وفاة بسبب هذا المرض، فيما تم الإبلاغ عن 204 الآف حالة مشتبه في إصابتها بالكوليرا و 710 حالات وفاة، في الفترة التي بدأ فيها تفشي المرض في مارس (آذار) وحتى نهاية سبتمبر (أيلول) الماضيين.

وذكرت المنظمة أنه بحلول نهاية العام الحالي، من المتوقع أن تعاني أكثر من 223 ألف امرأة حامل ومرضع وأكثر من 600 ألف طفل من سوء التغذية.

وقالت: «من بين هؤلاء الأطفال، من المتوقع أن يعاني ما يقرب من 120 ألف طفل من سوء التغذية الحاد الوخيم، بزيادة قدرها 34 في المائة على العام السابق».