استهداف قطاع الطاقة يهدد بحرمان أوكرانيا من الكهرباء مع دخول الشتاء

تقويض البنى التحتية وتكريس حال الذعر... أبرز ملامح المرحلة الجديدة

متسوقون يلجأون للمصابيح اليدوية في المتاجر بسبب انقطاع التيار الكهربي في خاركيف (رويترز)
متسوقون يلجأون للمصابيح اليدوية في المتاجر بسبب انقطاع التيار الكهربي في خاركيف (رويترز)
TT
20

استهداف قطاع الطاقة يهدد بحرمان أوكرانيا من الكهرباء مع دخول الشتاء

متسوقون يلجأون للمصابيح اليدوية في المتاجر بسبب انقطاع التيار الكهربي في خاركيف (رويترز)
متسوقون يلجأون للمصابيح اليدوية في المتاجر بسبب انقطاع التيار الكهربي في خاركيف (رويترز)

أعلنت الرئاسة الأوكرانية صباح (الثلاثاء) أن غارات مكثفة روسية جديدة استهدفت منشآت البنى التحتية للطاقة في عدد من المدن الأوكرانية. وهزت انفجارات عدة مواقع خدمية في ثلاث مدن على الأقل، وأعلنت السلطات حال تأهب جوي فوق العاصمة كييف وسط توقعات بتعرض المدينة لهجمات جديدة. وعكست التطورات الميدانية في الأيام الأخيرة أن الغارات التي شنتها موسكو على المدن الأوكرانية، لم تشكّل فقط رد فعل مباشراً على تفجير جسر القرم قبل نحو أسبوع، بل عكست تطوراً واسعاً في قائمة الأهداف الروسية، وفي شكل ومضمون المرحلة الجديدة من العمليات العسكرية في أوكرانيا.
وكانت وزارة الدفاع قد أعلنت بعد تفجير الجسر عن شن سلسلة غارات على مواقع عدة في مدن أوكرانية، وأكدت في بيانها آنذاك أن «الضربات حققت كل أهدافها»، وأظهرت العبارة أن الضربة الروسية محدودة وهدفها «تحذيري» كما قال معلقون روس، لمنع وقوع هجمات جديدة على منشآت روسية. لكن تطورات الأيام اللاحقة، عكست تبني موسكو توجهاً جديداً في سير المعارك، إذ تواصلت الغارات الروسية المكثفة خلال الأسبوع الأخير على مواقع أوكرانية، واتسعت رقعتها الجغرافية لتشمل كل المناطق من العاصمة كييف إلى مناطق الغرب والجنوب الغربي. كما أن الأهداف تبدلت، وبعدما كانت موسكو تكتفي في الأشهر الماضية باستهداف مخازن السلاح أو مستودعات الأسلحة الغربية المقدمة إلى كييف، وقواعد نقل وتدريب المتطوعين الأجانب، بات التركيز منصبّاً على منشآت البنى التحتية خصوصاً في قطاع الطاقة. وبدا أن الهدف الروسي الرئيسي في المرحلة الجديدة هو زيادة الضغط على المدن الأوكرانية وتوسيع حال الذعر بين السكان مع انقطاع التيار الكهربائي والخدمات عن مناطق عدة. هذه الخطوات عكست طبيعة رد القيادة العسكرية الموحدة الجديدة للمعارك على التقدم الأوكراني ميدانياً في عدد من مناطق الشرق في محيط خاركيف، والجنوب حول خيرسون ودونيتسك.
من جانب آخر، عكست الغارات الروسية (الثلاثاء) جانباً من الخطط الروسية الجديدة لعزل المناطق الأوكرانية خصوصاً في وسط وشمال البلاد. وكتب كيريل تيموشينكو، وهو نائب رئيس الديوان الرئاسي الأوكراني، صباح (الثلاثاء) في منشور على «تلغرام» أن الاستهدافات الروسية الجديدة أصابت منشآت تزويد الطاقة على الضفة اليسرى لمدينة دنيبروبيتروفسك، ولفت إلى أن الهجوم على منشآت البنى التحتية أدى إلى أضرار جسيمة في دنيبروبيتروفسك. وقريباً من هذه المنطقة، في كريفوي روغ مسقط رأس الرئيس فولوديمير زيلينسكي وقعت ضربات عدة مماثلة، أسفرت حسب رئيس الإدارة العسكرية للمدينة، ألكسندر فيلكول عن أضرار مماثلة في قوتها وحجمها. وقال فيلكول على الهواء في تلفزيون عموم أوكرانيا: «هناك إصابات ودمار خطير. لكننا حتى الآن لا نعلق على العواقب».
بدوره، أعلن عمدة خاركيف، إيغور تيريخوف، عن انفجارات في المنطقة الصناعية، وتم إيقاف حركة مترو الأنفاق في المدينة. تُظهر الغارات المكثفة هنا أيضاً أن الضربات لا تشكل تحركاً «عقابياً» بقدر ما تطلق آليات جديدة لمسار العملية العسكرية الروسية.
إلى ذلك، جاء إعلان السلطات الأوكرانية عن حالة تأهب جوي في مناطق أوكرانيا كافة، خصوصاً العاصمة كييف، وتوجيه نداءات إلى السكان للنزول إلى الملاجئ، ليضع خريطة التحرك الروسي على مسار التنفيذ. إذ يستهدف الضغط الأقصى على المدن ليس فقط تقويض البنى التحتية الخدمية بل أيضاً نشر حال من الفوضى والذعر المتواصل لدى السكان ما يرفع من تكلفة العمليات الأوكرانية في مناطق الشرق والجنوب.
وكان الكثير من المناطق في أوكرانيا بما فيها العاصمة كييف، تعاني انقطاعاً في التيار الكهربائي بعد سلسلة جديدة من الضربات (الثلاثاء) استهدفت منشآت طاقة. ودمّر القصف الروسي خلال أسبوع تقريباً 30 في المائة من محطات الطاقة الأوكرانية، ما تسبب بانقطاع واسع النطاق للتيار الكهربائي في أنحاء أوكرانيا، على ما أعلن (الثلاثاء) الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وقال زيلينسكي على «تويتر» «منذ 10 أكتوبر (تشرين الأول)، دُمّرت 30 في المائة من محطات الطاقة الأوكرانية، ما تسبب بأعطال هائلة في كل أنحاء البلاد».
ووفقاً لوزير الطاقة الأوكراني هيرمان غالوشينكو، فإن نحو 30 في المائة من البنية التحتية للطاقة في البلاد تعرضت لضربات صاروخية في غضون يوم ونصف اليوم فقط. النتيجة تعكسها بوضوح تطورات الوضع على وقع الغارات المتواصلة، وكتب رئيس إحدى البلديات: «الآن لا توجد كهرباء ومياه في المدينة. المستشفيات تعمل بالطاقة الاحتياطية».
بينما قال نائب رئيس مكتب زيلينسكي إنه «في المستقبل القريب ستكون هناك أوقات صعبة للغاية في أوكرانيا مع إمدادات الطاقة». ولم يستبعد «حدوث انقطاع للتيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد».
وزاد: «في المستقبل القريب، سنواجه أوقاتاً صعبة، لذلك يحتاج الجميع إلى الاستعداد لتوفير الكهرباء، كما أن انقطاع التيار الكهربائي ممكن أيضاً إذا استمرت الضربات. يحتاج السكان جميعاً إلى الاستعداد لفصل الشتاء القاسي حقاً».
في كييف، تحدثت الشركة المشغّلة لقطاع الكهرباء عن «انقطاع» في إمدادات الكهرباء والمياه لسكان الضفة اليسرى من العاصمة الأوكرانية. ولفتت عبر «فيسبوك» إلى أن «المهندسين يبذلون قصارى جهدهم من أجل استعادة» التيار الكهربائي. وفي دنيبرو في وسط أوكرانيا، أعلن الحاكم فالنتين ريزنيشنكو أن صاروخين روسيين أصابا «بنى تحتية للطاقة» ما تسبب في اندلاع «حريق ودمار هائل».
وكتب على «تلغرام»، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية: «الكثير من المناطق في دنيبرو (...) بلا كهرباء». وفي المنطقة نفسها، في بافلوغراد، تسببت عمليات القصف الروسي في «توقف مؤقت لإمدادات المياه» وإغلاق محطة ضخ محلية، وفق ما أعلن مجلس المدينة على «تلغرام». كذلك، طال القصف البنى التحتية الحيوية في جيتومير في الشمال حيث «المدينة محرومة من الكهرباء والمياه». وكتب رئيس بلديتها سيرغي سوخوملين على «فيسبوك»: «المستشفيات تعمل بالتغذية المخصصة للحالات الطارئة». وأضاف المحافظ فيتالي بونيتشكو، أن 11 بلدة في منطقته محرومة أيضاً من الكهرباء. وفي خاركيف، ثانية مدن البلاد، أعلن رئيس البلدية إيغور تيريخوف على «تلغرام» قصف «إحدى الشركات الصناعية في المدينة». وفي ميكولايف، أصابت الضربات مبنى سكنياً ما أسفر عن مقتل شخص على الأقل، بالإضافة إلى سوق للأزهار في المنطقة نفسها. وتمت استعادة التيار الكهربائي هناك في الصباح.
كما اتهمت وكالة الطاقة النووية الأوكرانية (الثلاثاء) روسيا بتوقيف موظفَين رفيعَين في محطة زابوريجيا الخاضعة للسيطرة الروسية في جنوب أوكرانيا. وذكرت «إنيرغواتوم» في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي أن القوات الروسية «خطفت»، الاثنين، مدير تكنولوجيا المعلومات أوليغ كوستيوكوف ومساعد المدير العام للمحطة أوليغ أوشيكا و«اقتادتهما إلى وجهة مجهولة». ودعا المشغل الأوكراني عبر الشبكات الاجتماعية رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، إلى «بذل كل الجهود الممكنة» للإفراج عنهما. وتتعرّض محطة الطاقة النووية في زابوريجيا بانتظام لعمليات قصف وانقطاع التيار الكهربائي ما يثير مخاوف بشأن سلامة هذه المنشأة. واتّهمت أوكرانيا القوات الروسية مراراً بإساءة معاملة الموظفين أو احتجازهم، ومن بينهم نائب مدير الموارد البشرية فاليري مارتينيوك. وفي نهاية سبتمبر (أيلول) اتهمت «إنيرغواتوم» موسكو بأنها أوقفت مدير المحطة إيغور موراتشوف واحتجزته لأيام قبل الإفراج عنه.


مقالات ذات صلة

بعد تحذير ترمب لبوتين... روسيا «مستعدة» لإبرام اتفاق مع أوكرانيا

أوروبا الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما عام 2019 (د.ب.أ)

بعد تحذير ترمب لبوتين... روسيا «مستعدة» لإبرام اتفاق مع أوكرانيا

أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده «مستعدّة» لإبرام اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وفقاً لمقتطفات من مقابلة أجراها مع قناة أميركية، ونُشرت الخميس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون يزيلون الأنقاض بعد هجوم صاروخي باليستي روسي على كييف في وقت مبكر من يوم الخميس (أ.ب)

زيلينسكي: غارة روسية على كييف استخدمت صاروخاً كورياً شمالياً

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الخميس إن معلومات أولية تشير إلى أن روسيا استخدمت صاروخاً باليستياً من كوريا الشمالية في هجوم استهدف منشأة سكنية.

«الشرق الأوسط» ( كييف )
أوروبا جنود من الجيش البريطاني (رويترز)

تقرير: بريطانيا تتجه لإلغاء خططها لإرسال آلاف الجنود إلى أوكرانيا

أفادت صحيفة «التايمز» البريطانية (الخميس) بأن بريطانيا تتجه لإلغاء خططها لإرسال آلاف الجنود إلى أوكرانيا، معتبرة أن هذه الخطوة تنطوي على «مخاطر عالية جداً».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب) play-circle

ترمب يؤكد أنه «يضغط بشدة» على روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا

أكّد الرئيس الأميركي أنه يضغط بشدة على روسيا للموافقة على إنهاء الحرب في أوكرانيا، بعد أن ألقى قصف روسي على كييف مزيداً من الشكوك على فرص وقف النار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير المالية الأوكراني سيرغي مارشينكو (حسابه على منصة «إكس») play-circle

كييف: نحرز تقدماً في اتفاقية المعادن مع واشنطن

قال وزير المالية الأوكراني سيرغي مارشينكو إن كييف وواشنطن أحرزتا تقدماً في اتفاقية المعادن لكن من غير المرجح التوصل إلى اتفاق نهائي خلال الأسبوع الجاري.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«الناتو»: أميركا والأوروبيون متفقون بشأن تهديد روسيا طويل الأمد

مارك روته الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) يتحدث للصحافيين في البيت الأبيض عقب محادثاته مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)
مارك روته الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) يتحدث للصحافيين في البيت الأبيض عقب محادثاته مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)
TT
20

«الناتو»: أميركا والأوروبيون متفقون بشأن تهديد روسيا طويل الأمد

مارك روته الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) يتحدث للصحافيين في البيت الأبيض عقب محادثاته مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)
مارك روته الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) يتحدث للصحافيين في البيت الأبيض عقب محادثاته مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

قال مارك روته، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، عقب محادثاته مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الخميس، إن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين متفقون على أن روسيا تشكل تهديداً طويل الأمد.

وأضاف روته، للصحافيين خارج البيت الأبيض: «نحن متفقون جميعاً في حلف شمال الأطلسي على أن روسيا تشكل تهديداً طويل الأمد لأراضي الحلف ولكامل المنطقة الأوروبية الأطلسية».

وأكد أيضاً أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة تجاه حلف شمال الأطلسي، حتى مع تركيز واشنطن المتزايد على منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وقبيل قمة الحلف المقررة في يونيو (حزيران) يضغط دونالد ترمب على حلفاء واشنطن للموافقة على هدف جديد يتمثل في إنفاق 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بما يفوق بكثير المستوى الحالي في الولايات المتحدة.