زعماء إيران يحاولون إضعاف الاحتجاجات باتهامات انفصالية للأقلية الكردية

قصف إيراني لمقر فصيل كردي على مشارف مدينة كركوك العراقية في 28 سبتمبر الماضي (رويترز)
قصف إيراني لمقر فصيل كردي على مشارف مدينة كركوك العراقية في 28 سبتمبر الماضي (رويترز)
TT

زعماء إيران يحاولون إضعاف الاحتجاجات باتهامات انفصالية للأقلية الكردية

قصف إيراني لمقر فصيل كردي على مشارف مدينة كركوك العراقية في 28 سبتمبر الماضي (رويترز)
قصف إيراني لمقر فصيل كردي على مشارف مدينة كركوك العراقية في 28 سبتمبر الماضي (رويترز)

في مواجهة أكبر تحد منذ سنوات، يحاول الزعماء الدينيون في إيران تصوير الاحتجاجات الغاضبة المرتبطة بوفاة مهسا أميني على أنها انتفاضة انفصالية من جانب الأكراد تهدد وحدة الأمة وليس حكم رجال الدين.
وتوفيت أميني (22 عاماً)، وهي كردية من إقليم كردستان في شمال غربي إيران، إثر احتجاز «شرطة الأخلاق» في «الجمهورية الإسلامية» لها بسبب انتهاك القواعد الصارمة للزي النسائي في الأماكن العامة.
وسرعان ما انتشرت الاحتجاجات، التي بدأت في جنازة أميني بمسقط رأسها مدينة «سقز» الكردية، في مختلف أنحاء البلاد، لتصل إلى العاصمة طهران ومدن في وسط إيران وفي جنوب غربي وجنوب شرقي البلاد حيث تتركز الأقليات العربية والبلوشية.
وانتشرت في أنحاء البلاد؛ بما في ذلك في الجامعات والمدارس الثانوية، صرخة المتظاهرين: «النساء... الحياة... الحرية» ودعوات لإسقاط المرشد الإيراني علي خامنئي. ومع ذلك، ركزت حملة القمع التي شنتها قوات الأمن على الشمال الغربي حيث يعيش معظم أكراد إيران الذين يقدر عددهم بـ10 ملايين نسمة.
ونقلت «رويترز» عن شهود أنه جرى نقل شرطة مكافحة الشغب وقوات «الباسيج» إلى المنطقة من محافظات أخرى، وتم إرسال دبابات إلى المناطق الكردية حيث تصاعدت التوترات بشكل خاص.
وهاجمت طهران من تقول إنهم جماعات مسلحة كردية إيرانية في العراق المجاور، قائلة إنها متورطة في الاضطرابات. وأطلق «الحرس الثوري» الإيراني صواريخ وطائرات مسيرة على ما قال إنها أهداف للمسلحين في المنطقة الكردية شبه المستقلة شمال العراق، حيث قالت السلطات إن 13 شخصاً قتلوا.
وقال مسؤول أمني متشدد إن «جماعات المعارضة الكردية تستغل قضية أميني ذريعة لبلوغ هدفها المستمر منذ عقود بانفصال كردستان عن إيران، لكنها لن تنجح».
وردد مسؤول سابق التعليقات نفسها، وقال لـ«رويترز» إن كبار مسؤولي الأمن قلقون من أن «تستخدم جماعات المعارضة الكردية الدعم الذي يحصل عليه الأكراد من أنحاء إيران للضغط من أجل الاستقلال».
ووصفت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية الاحتجاجات التي عمّت البلاد بأنها «مؤامرة سياسية» أشعلتها جماعات كردية انفصالية، لا سيما «الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني».

تهديد انفصالي

وقال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في بيروت، علي فتح الله نجاد: «منذ بداية الانتفاضة، حاول النظام تصويرها على أنها قضية عرقية كردية وليست قومية»، مشيراً إلى «تهديد انفصالي من المنطقة الكردية».
وأضاف أن التضامن الكبير بين الجماعات العرقية المختلفة في إيران خلال الاحتجاجات على مستوى البلاد قوض جهود السلطات.
ومع ذلك، بالنظر عبر حدودها إلى الوضع في العراق، وأبعد غرباً في سوريا، يمكن للسلطات الإيرانية أن تشير إلى أن الطموحات الكردية في الحكم الذاتي تترسخ عندما تتعرض الحكومة المركزية لتحديات.
وفي العراق، حصل الأكراد؛ الذين قاتلوا نظام صدام حسين لسنوات، على قدر من الحماية العسكرية الغربية بعد حرب الخليج عام 1991 بصورة كافية للحصول على درجة من الحكم الذاتي. وتعزز مستوى الحكم الذاتي بعد 12 عاماً بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح صدام.
كما استغلت القوات الكردية السورية الاضطرابات التي أشعلتها انتفاضة 2011 ضد الرئيس بشار الأسد، وتحالفت مع الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش» لتفرض سيطرتها على رقعة من شمال شرقي سوريا.
وفي تركيا؛ حيث يشكل الأكراد نحو خُمس السكان البالغ عددهم 85 مليون نسمة، خاض مسلحو «حزب العمال الكردستاني» تمرداً مسلحاً ضد الدولة منذ عام 1984 قتل فيه عشرات الآلاف. وخرج الأكراد في العراق وسوريا بمظاهرات تضامناً مع المحتجين في إيران.
وفي تركيا، قال نائب زعيم «حزب الشعوب الديمقراطي» الموالي للأكراد لـ«رويترز» إن الحزب «يحيي النساء في إيران» وينادي بحقوقهن.
وأضاف تونجر بكرهان، وهو رئيس بلدية سابق أقيل واعتُقل على خلفية اتهامات بارتباطه بالمسلحين: «كما هي الحال في تركيا والعراق وسوريا؛ الأكراد في إيران هم من يسعون إلى الديمقراطية، والأكراد هم من يسعون إلى الحرية».
في المقابل؛ دأبت الحكومة الإيرانية على نفي اتهامات التمييز ضد أي مجموعات عرقية من السكان، وهي تقول إنها تعامل جميع المواطنين على قدم المساواة بصرف النظر عن عرقهم. ويكفل الدستور الإيراني حقوقاً متساوية لجميع الأقليات العرقية، ويتيح استخدام لغات الأقليات في وسائل الإعلام والمدارس. لكن منظمات حقوقية ونشطاء يقولون إن الأكراد يواجهون تمييزاً، وبالمثل الأقليات الدينية والعرقية الأخرى، في ظل الحكم الديني الشيعي في البلاد.
وقالت منظمة العفو الدولية إن «العشرات إن لم يكن المئات» من السجناء السياسيين المنتمين إلى «الحزب الديمقراطي الكردستاني» الإيراني وغيره من الأحزاب السياسية المحظورة يقبعون في السجن بعد إدانتهم في محاكمات جائرة.
وقال هيوا مولانيا، وهو صحافي كردي إيراني مقيم في تركيا: «لم يعترف النظام قط بحقوق السكان الأكراد».
وعلى الرغم من هذه القيود في الداخل، ونموذجي الحكم الذاتي الكردي في العراق وسوريا، فإن العديد من الأكراد الإيرانيين يصرون على أنهم لا يسعون للانفصال.
وقال كافه جريشي، وهو صحافي وباحث كردي إيراني، إن «الأكراد الإيرانيين يريدون احترام حقوقهم الدستورية... الناس في إقليم كردستان... يريدون تغيير النظام وليس الاستقلال».
وقال خبير الشؤون الإيرانية في «مجموعة الأزمات الدولية»، علي واعظ، إن الاتهامات بالطموحات الكردية الانفصالية تهدف إلى خلق «حالة التفاف وطني» تشجع الإيرانيين على دعم القيادة وليس المتظاهرين.
ومع ذلك؛ فإن الخطر الحقيقي لا يكمن في أي طموحات انفصالية للأقليات الإيرانية، وإنما في تعامل القيادة الإيرانية مع هذه الأقليات.
وقال فايز: «تجاهل النظام المظالم المشروعة للأقليات العرقية والطائفية... جعل البلاد أكثر عرضة للحرب الأهلية التي دفعت ببلدان في المنطقة مثل سوريا واليمن إلى دوامة قاتلة».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

إيران تكشف عن موقع لتخزين السفن والزوارق تحت الأرض

زوارق مجهزة برشاشات وصواريخ في أنفاق تحت الأرض في إيران (لقطة من فيديو بثه التلفزيون الإيراني الرسمي)
زوارق مجهزة برشاشات وصواريخ في أنفاق تحت الأرض في إيران (لقطة من فيديو بثه التلفزيون الإيراني الرسمي)
TT

إيران تكشف عن موقع لتخزين السفن والزوارق تحت الأرض

زوارق مجهزة برشاشات وصواريخ في أنفاق تحت الأرض في إيران (لقطة من فيديو بثه التلفزيون الإيراني الرسمي)
زوارق مجهزة برشاشات وصواريخ في أنفاق تحت الأرض في إيران (لقطة من فيديو بثه التلفزيون الإيراني الرسمي)

كشفت القوة البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، السبت، عن موقع لتخزين السفن تحت الأرض في «المياه الجنوبية» لإيران، وفق لقطات بثها التلفزيون الرسمي.

وأظهرت اللقطات، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، عشرات السفن الصغيرة المجهزة برشاشات وصواريخ في أنفاق المنشأة تحت الأرض.

وأوضح التلفزيون الرسمي أن «هذه المنشأة، حيث تخزن قطع بحرية هجومية وقطع قاذفة للصواريخ، تقع على عمق 500 متر في المياه الجنوبية لإيران»، دون مزيد من التفاصيل حول الموقع.

وتفقّد المنشأة قائد «الحرس الثوري» اللواء حسين سلامي، وقائد القوة البحرية في «الحرس الثوري» العميد علي رضا تنكسيري، وفق اللقطات التلفزيونية.

وقال سلامي: «نؤكد للأمة الإيرانية العظيمة أن شبابها قادرون على الخروج بشرف وتحقيق النصر من أي معركة بحرية ضد الأعداء الكبار والصغار».

وكُشف عن الموقع قبل يومين من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي اعتمد خلال ولايته الأولى سياسة «ضغوط قصوى» على إيران.

وأكد التلفزيون الرسمي أن «بعض هذه السفن قادر على ضرب سفن ومدمرات أميركية».

وكان التلفزيون الرسمي عرض في 10 يناير (كانون الثاني) مشاهد نادرة ظهر فيها سلامي يزور قاعدة صاروخية تحت الأرض استخدمت، حسب القناة، في أكتوبر (تشرين الأول) لشن هجوم على إسرائيل بنحو 200 صاروخ، تضمنت لأول مرة صواريخ فرط صوتية.

وقالت طهران يومها إن هذه الضربات أتت رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران في يوليو (تموز)، وعلى مقتل جنرال إيراني في الضربة الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية التي أودت في 27 سبتمبر (أيلول) بالأمين العام السابق لـ«حزب الله» اللبناني المدعوم من إيران حسن نصر الله.

وأعلنت إسرائيل نهاية أكتوبر أنها شنت ضربات على مواقع عسكرية في إيران، رداً على هجوم طهران.