مصر تفقد 75 مليون دولار من المساعدات الأميركية

بعد نحو شهر على حجب آخر مرتبط بـ«انتقادات حقوقية»

الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية)
الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية)
TT

مصر تفقد 75 مليون دولار من المساعدات الأميركية

الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية)
الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية)

بعد نحو شهر على حجب واشنطن لـ300 مليون دولار من قيمة المساعدات العسكرية الموجهة لمصر، فقدت الأخيرة 75 مليون دولار من المخصصات نفسها، وذلك بعد رفض لجنة المخصصات بالكونغرس الأميركي لمبررات حكومة بلاده في تقديم المساعدات لمصر على خلفية انتقادات حقوقية تنفيها القاهرة دوماً.
ونقلت «رويترز» عن السيناتور باتريك ليهي، رئيس لجنة المخصصات بمجلس الشيوخ، أنه «رفض» تقييماً عرضته وزارة الخارجية الأميركية لتبرير المساعدة التي كانت تخضع لشروط بموجب قانون أقره الكونغرس العام الماضي. وتتمتع اللجنة بسلطة قضائية على تشريعات الإنفاق بما في ذلك المساعدة المالية الأميركية لمصر.
ولم تعلق الخارجية المصرية، رسمياً على التطور الأميركي الأخير الذي يُعد الثالث من نوعه في ظل إدارة الرئيس جو بايدن، لكن مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «ذلك الإجراء يمثل محاولة من البيت الأبيض لاستيعاب نواب الكونغرس أصحاب التوجه الناقد للقاهرة، وهو يضر بصورة الولايات المتحدة في المنطقة أكثر من كونه مؤثراً بمصالح مصر».
وبحسب الضوابط التي حددها الكونغرس لتقديم المساعدات فإنه على «مصر إحراز تقدم واضح ومستمر في إطلاق سراح السجناء السياسيين وتوفير الإجراءات القانونية الواجبة للمحتجزين»، غير أن مصر ترد على مستويات مختلفة بأن المحتجزين موقوفون على ذمة «اتهامات جنائية وتهم تتعلق بالإرهاب».
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، حجبت إدارة بايدن جانباً من مساعدات عسكرية تقدمها لمصر بقيمة 130 مليون دولار أميركي، مع الإفراج عن بقية القيمة التي تبلغ بشكل إجمالي 300 مليون دولار.
وتخصص الولايات المتحدة نحو 1.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية لمصر سنوياً، وكثير من هذه المساعدات ليس له شروط مرفقة.
وبحسب «رويترز» فإن المحادثات بين السيناتور ليهي رئيس لجنة المخصصات في الكونغرس الأميركي، ووزارة الخارجية «فشلت في حل المشكلة وانتهى أجل التمويل البالغ حجمه 75 مليون دولار في 30 سبتمبر».
وتتلقى مصر مقداراً كبيراً من المساعدات العسكرية الأميركية منذ أصبحت أول دولة عربية تبرم معاهدة سلام مع إسرائيل في عام 1979.
بدوره، قدر السفير هريدي أن «هناك حسابات داخلية تتعلق بالتوازنات داخل الإدارة الأميركية ومحاولة استيعاب انتقادات النواب المتعلقة بالشأن الحقوقي في مصر، ومع ذلك بأن تحافظ على القيمة الرئيسية في المساعدات العسكرية لمصر».
وقال هريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «إدارة بايدن في إطار تعهداتها السابقة بأن تنتهج سياسة خارجية تراعي (القيم) وليس فقط المصالح، لا تمانع ظهور إجراءات تستهدف الرأي العام الأميركي ونواب الكونغرس ووسائل الإعلام، حتى تظهر كملتزمة بوعودها».
وخلص إلى أن «هذا النهج الأميركي لا يرتبط فقط بمصر، ولكنه أسلوب موسع تجاه أي طرف لا يخدم بشكل كامل موقف واشنطن من الحرب الروسية على أوكرانيا بكل أبعاده، ولذلك وجدنا هذا المسار يبرز في التعامل مع مصر، والسعودية، والصين على سبيل المثال».


مقالات ذات صلة

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الولايات المتحدة​ الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

تواجه المحكمة العليا للولايات المتحدة، التي كانت تعدّ واحدة من أكثر المؤسّسات احتراماً في البلاد، جدلاً كبيراً يرتبط بشكل خاص بأخلاقيات قضاتها التي سينظر فيها مجلس الشيوخ اليوم الثلاثاء. وتدور جلسة الاستماع، في الوقت الذي وصلت فيه شعبية المحكمة العليا، ذات الغالبية المحافظة، إلى أدنى مستوياتها، إذ يرى 58 في المائة من الأميركيين أنّها تؤدي وظيفتها بشكل سيئ. ونظّمت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، التي يسيطر عليها الديمقراطيون، جلسة الاستماع هذه، بعد جدل طال قاضيين محافظَين، قبِل أحدهما وهو كلارنس توماس هبة من رجل أعمال. ورفض رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، المحافظ أيضاً، الإدلاء بشهادته أمام الك

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي قبول دعوة الرئيس جو بايدن للاجتماع (الثلاثاء) المقبل، لمناقشة سقف الدين الأميركي قبل وقوع كارثة اقتصادية وعجز الحكومة الأميركية عن سداد ديونها بحلول بداية يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون اللقاء بين بايدن ومكارثي في التاسع من مايو (أيار) الجاري هو الأول منذ اجتماع فبراير (شباط) الماضي الذي بحث فيه الرجلان سقف الدين دون التوصل إلى توافق. ودعا بايدن إلى لقاء الأسبوع المقبل مع كل من زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي من نيويورك)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب ميتش ماكونيل (جمهوري من كنتاكي)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز (ديمقراطي م

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

تمكّن تلميذ أميركي يبلغ 13 سنة من إيقاف حافلة مدرسية تقل عشرات التلاميذ بعدما فقد سائقها وعيه. وحصلت الواقعة الأربعاء في ولاية ميشيغان الشمالية، عندما نهض مراهق يدعى ديلون ريفز من مقعده وسيطر على مقود الحافلة بعدما لاحظ أنّ السائق قد أغمي عليه. وتمكّن التلميذ من إيقاف السيارة في منتصف الطريق باستخدامه فرامل اليد، على ما أفاد المسؤول عن المدارس الرسمية في المنطقة روبرت ليفرنوا. وكانت الحافلة تقل نحو 70 تلميذاً من مدرسة «لويس أي كارتر ميدل سكول» في بلدة وارين عندما فقد السائق وعيه، على ما ظهر في مقطع فيديو نشرته السلطات.

يوميات الشرق أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

كشفت دراسة أجريت على البشر، ستعرض خلال أسبوع أمراض الجهاز الهضمي بأميركا، خلال الفترة من 6 إلى 9 مايو (أيار) المقبل، عن إمكانية السيطرة على مرض السكري من النوع الثاني، من خلال علاج يعتمد على النبضات الكهربائية سيعلن عنه للمرة الأولى. وتستخدم هذه الطريقة العلاجية، التي نفذها المركز الطبي بجامعة أمستردام بهولندا، المنظار لإرسال نبضات كهربائية مضبوطة، بهدف إحداث تغييرات في بطانة الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة لمرضى السكري من النوع الثاني، وهو ما يساعد على التوقف عن تناول الإنسولين، والاستمرار في التحكم بنسبة السكر في الدم. وتقول سيلين بوش، الباحثة الرئيسية بالدراسة، في تقرير نشره الجمعة الموقع ال

حازم بدر (القاهرة)
آسيا شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

نقلت وكالة الإعلام الروسية الحكومية عن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قوله، اليوم (الجمعة)، إن موسكو تعزز الجاهزية القتالية في قواعدها العسكرية بآسيا الوسطى لمواجهة ما قال إنها جهود أميركية لتعزيز حضورها في المنطقة. وحسب وكالة «رويترز» للأنباء، تملك موسكو قواعد عسكرية في قرغيزستان وطاجيكستان، لكن الوكالة نقلت عن شويغو قوله إن الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون إرساء بنية تحتية عسكرية في أنحاء المنطقة، وذلك خلال حديثه في اجتماع لوزراء دفاع «منظمة شنغهاي للتعاون» المقام في الهند. وقال شويغو: «تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها، بذريعة المساعدة في مكافحة الإرهاب، استعادة حضورها العسكري في آسيا الوسطى

«الشرق الأوسط» (موسكو)

لماذا يريد ترمب غرينلاند وهل يمكنه الحصول عليها؟

علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)
علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)
TT

لماذا يريد ترمب غرينلاند وهل يمكنه الحصول عليها؟

علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)
علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إنه يريد أن يجعل غرينلاند جزءا من الولايات المتحدة وإنه لا يستبعد استخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية لإجبار الدنمرك على منحها لواشنطن.

* لماذا يريد ترمب غرينلاند؟

ربما تكون سيطرة الولايات المتحدة بصورة أكبر على غرينلاند مفيدة لواشنطن بسبب موقعها الاستراتيجي ومواردها، فهي تقع على أقصر طريق من أوروبا إلى أميركا الشمالية، وهي بذلك مهمة للنظام الأميركي للتحذير من الصواريخ الباليستية. وعبرت الولايات المتحدة عن اهتمامها بتوسيع وجودها العسكري عبر أمور منها وضع رادارات هناك لمراقبة المياه بين الجزيرة وأيسلندا وبريطانيا، إذ تعد تلك المياه بوابة للسفن البحرية والغواصات النووية الروسية.

وتتميز الجزيرة بثرواتها من المعادن والنفط والغاز الطبيعي، إلا أن التنمية فيها بطيئة. وتبعد نوك عاصمة غرينلاند عن نيويورك مسافة أقل مما تبعد عن العاصمة الدنمركية كوبنهاجن. وأظهر مسح أجري في 2023 أن 25 من أصل 34 معدنا تعتبرها المفوضية الأوروبية من «المواد الخام الأساسية» تسنى العثور عليها في غرينلاند. وتشمل هذه المعادن المواد المستخدمة في البطاريات مثل الغرافيت والليثيوم وما تسمى بالعناصر الأرضية النادرة المستخدمة في المركبات الكهربائية ومولدات طاقة الرياح.

وتحظر غرينلاند استخراج النفط والغاز الطبيعي لأسباب بيئية، كما واجه تطوير قطاع التعدين فيها عراقيل بسبب البيروقراطية ومعارضة السكان الأصليين. وأدى هذا إلى اعتماد اقتصاد غرينلاند على الصيد الذي يمثل أكثر من 95 بالمئة من الصادرات، وعلى الإعانات السنوية من الدنمرك والتي تغطي ما يقرب من نصف الميزانية العامة. وتنفق الدنمرك في المجمل ما يقل قليلا عن مليار دولار سنويا على غرينلاند، أو 17500 دولار سنويا لكل فرد من سكانها البالغ عددهم 57 ألفا.

* ما الوجود الأميركي في غرينلاند الآن؟

للجيش الأميركي وجود دائم في قاعدة بيتوفيك الجوية في شمال غرب غرينلاند. ونص اتفاق عام 1951 بين الولايات المتحدة والدنمرك على حق واشنطن في بناء قواعد عسكرية في غرينلاند وحرية نقل قواتها على أراضيها ما دامت أخطرت الدنمرك وغرينلاند.

وقال كريستيان سوبي كريستنسن الباحث الكبير في مركز الدراسات العسكرية بجامعة كوبنهاجن إن الدنمرك استضافت تاريخيا الجيش الأميركي في غرينلاند لأن كوبنهاجن لا تملك القدرة على الدفاع عن الجزيرة الشاسعة بنفسها، وكذلك بسبب الضمانات الأمنية الأميركية المقدمة للدنمرك من خلال حلف شمال الأطلسي.

* ما وضع غرينلاند الآن؟

تخضع غرينلاند لسيطرة الدنمرك منذ قرون، في السابق كمستعمرة والآن كإقليم شبه مستقل تحت مملكة الدنمرك. وتخضع للدستور الدنمركي، ما يعني أن أي تغيير في وضعها القانوني يتطلب تعديلا دستوريا. وفي عام 2009، مُنحت الجزيرة حكما ذاتيا واسع النطاق يشمل الحق في إعلان الاستقلال عن الدنمرك عبر استفتاء. ودأب ميوتي إيجيدي رئيس وزراء غرينلاند الذي كثف جهوده من أجل الاستقلال على قول إن الجزيرة ليست للبيع وأن الأمر متروك لشعبها لتقرير مستقبله.

وقبل عقود، سعت الولايات المتحدة في عهد الرئيس هاري ترومان آنذاك إلى شراء الجزيرة كأصل استراتيجي أثناء الحرب الباردة مقابل 100 مليون دولار في صورة ذهب، لكن كوبنهاجن رفضت البيع. وعرض ترمب شراءها خلال ولايته الأولى في عام 2019 لكن غرينلاند والدنمرك رفضتا العرض.

* ماذا تريد غرينلاند؟

توترت العلاقات بين غرينلاند والدنمرك بعد الكشف عن انتهاكات تاريخية وقعت في غرينلاند أثناء فترة الاستعمار. وتدعم غالبية سكان غرينلاند الاستقلال، لكنهم منقسمون على توقيت ذلك وتأثيره المحتمل على مستويات المعيشة.

ودأب الساسة في غرينلاند منذ عام 2019 على قول إنهم مهتمون بتعزيز التعاون والتجارة مع الولايات المتحدة. وعلى الرغم من هذا، قالت آيا كمنتس، العضو البرلمان الدنمركي عن غرينلاند، إن فكرة استيلاء الولايات المتحدة على الجزيرة يجب رفضها بشدة. وكتبت «لا أريد أن أكون أداة لتحقيق أحلام ترمب المحمومة بتوسيع إمبراطوريته لتشمل بلادنا».

* ماذا لو أصبحت غرينلاند مستقلة؟

إذا أصبحت غرينلاند مستقلة، فقد تختار الارتباط بالولايات المتحدة بطرق لا تصل إلى حد أن تصبح أرضا أميركية. وعلى الرغم من رغبة سكان غرينلاند في الاستقلال، فإنهم يدركون جيدا اعتمادهم الاقتصادي على الدنمرك. وقد يكون أحد الخيارات هو تشكيل ما يسمى «الارتباط الحر» مع الولايات المتحدة الذي من شأنه أن يستبدل بالإعانات الدنمركية دعما وحماية أميركية في مقابل الحقوق العسكرية على غرار وضع جزر مارشال وميكرونيزيا وبالاو، وهي دول جزرية تقع في المحيط الهادي.

وقال أولريك برام جاد الباحث الكبير والمختص في شؤون غرينلاند «تتحدث غرينلاند عن الاستقلال عن الدنمرك، لكن لا أحد من سكان غرينلاند يريد الانتقال إلى مستعمر جديد فحسب». وأضاف أن سكان غرينلاند ربما يستهدفون ضمان رفاههم في المستقبل قبل أي تصويت على الاستقلال.

* ماذا تقول الدنمرك؟

رفضت الدنمرك بشدة عرض ترمب شراء الجزيرة في عام 2019 ووصفته رئيسة الوزراء مته فريدريكسن بأنه «سخيف». وعندما سُئلت عن تجديد ترمب اهتمامه هذا الأسبوع، قالت فريدريكسن «نحن بحاجة إلى تعاون وثيق للغاية مع الأميركيين».

وأضافت «من ناحية أخرى، أود أن أشجع الجميع على احترام حقيقة أن سكان غرينلاند هم شعب، وهي بلدهم، وأن غرينلاند وحدها هي القادرة على تحديد مستقبلها وتقرير مصيرها».