قال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إن التحديات الأمنية التي تواجه قارة أفريقيا اليوم، هي «تحديات تبقى في مجملها غير مسبوقة، ولا مرتقبة وتتسارع وتيرتها وتتعاظم تعقيداتها بكثافة». وأوضح بوريطة، في كلمة له في ندوة «منتدى أصيلة» الأولى حول موضوع «الحركات الانفصالية والمنظمات الإقليمية في أفريقيا»، ألقاها نيابة عنه فؤاد يزوغ، المدير العام للعلاقات الثنائية والشؤون الإقليمية بالوزارة، أنه «ليس من باب المصادفة وجود كل أوجه الشبه بين الحركات الانفصالية والحركات الإرهابية».
وذكر بوريطة، أن «قرابة نصف ضحايا الإرهاب في العالم سقطوا في أفريقيا، لا سيما أن التنظيمات الإرهابية صارت تتمدد وتفرض سيطرتها بشكل متزايد ومستمر في مساحات ومناطق جغرافية على امتداد القارة»؛ وأن «أفريقيا هي المنطقة الأكثر تأثراً بالأزمات والنزاعات والحروب»؛ كما أنها «القارة الأكثر تضرراً من تداعياتها التغيرات المناخية، وما أفرزته من تهديدات للأمن الغذائي وما رافقها من تحولات ديموغرافية بفعل النزوح والهجرة القسريتين»، مشيراً إلى أن «أزمة الغذاء على سبيل المثال أثرت على حياة أزيد من 300 مليون مواطن أفريقي».
وتطرق بوريطة إلى النزعات الانفصالية، قائلاً، إنها «تجلٍ آخر لوضعية صعبة في أفريقيا، القارة التي تضم العدد الأكبر من الحركات الانفصالية في العالم». وأضاف «لن يكون من باب الاجتهاد إن قلنا إن وجود الجماعات الانفصالية عامل مباشر لنشوب الحروب الأهلية والتطاحنات العرقية والإثنية، وتمزيق النسيج الاجتماعي والثقافي وتقويض أسس واستقرار الدول».
وذكّر بوريطة بالمؤتمر الوزاري السابع للتحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الذي نظم في مراكش في مايو (أيار) الماضي، وضم قرابة 80 دولة، والذي أكد على أن «انتشار الحركات الانفصالية في أفريقيا يزعزع الاستقرار ويساهم في المزيد من إضعاف الدول الأفريقية. وهو ما يخدم في نهاية المطاف (داعش) وغيرها من التنظيمات الإرهابية والمتطرفة العنيفة». وعلى هذا الأساس، أوضح بوريطة، أن «الفكر الانفصالي لا يتسبب في نشوب حروب أهلية وحسب، بل يتعداه إلى تغذية التطرف والإرهاب. فالحركات الانفصالية والحركات الإرهابية تلتقي في أكثر من موقع»، مشيراً إلى أن أبرز نقاط التلاقي هي «تقويض سيادة وأسس الدول»، بالإضافة إلى «التماهي في طرق جلب ووفرة التمويل وتناسخ التكتيكات العملياتية».
ورأى بوريطة، أنه «ليس من باب المصادفة وجود كل أوجه الشبه هذه، بين الحركات الانفصالية والحركات الإرهابية»، مشيراً إلى أن «نقاط التلاقي بلغت حد تجانس هذه التنظيمات وذوبان الخلايا والمجموعات من الجانبين في بعضها بعضاً، بل وحتى أساليب التعبئة والتجنيد هي واحدة: استغلال تشققات البنية الاجتماعية والثقافية ومظاهر الضعف والهشاشة، لا سيما في أوساط الشباب، فإن لم يكن هناك تحالف بين هذين الفكرين فهناك على الأقل تلاقٍ موضوعي إن لم يكن تواطؤاً ذاتياً».
من جهته، قال محمد بن عيسى، الأمين العام لـ«منتدى أصيلة» ووزير خارجية المغرب الأسبق، في معرض كلمته الافتتاحية، إن الندوة تأتي بهدف «شحذ طاقة جديدة للتأمل في موضوع (الانفصال) وعلاقته بالدولة الوطنية، وقد قطع أشواطاً معتبرة من الجدل، واستطاع أن يراكم قراءات متنوعة تُوَحِّد فيما بينها هواجسُ الانتماء لمجال مشترك».
وعبّر بن عيسى عن أمله في وصول الندوة إلى معادلة لمعالجة ظاهرة الحركات الانفصالية في أفريقيا من منظور الأزمات الأمنية وسياسات واستراتيجيات المنظمات الإقليمية في مواجهتها، وذلك عبر محاور كبرى، تتناول أنظمة الحكامة السياسية والمجتمعية ومتطلبات الاندماج الوطني في أفريقيا؛ وخلفيات وجذور الحركات الانفصالية في أفريقيا وسبل مواجهتها؛ والحركات الانفصالية وتحديات التطرف العنيف؛ والحركات الانفصالية وأزمات الانتقال السياسي في أفريقيا.
بوريطة: ليس مصادفة وجود شبه بين حركات الانفصال والإرهاب
الأمين العام لـ«منتدى أصيلة» يأمل أن تعالج أفريقيا التطرف من منظور الأزمات الأمنية
بوريطة: ليس مصادفة وجود شبه بين حركات الانفصال والإرهاب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة