في معرض فريز لندن... شبكة الفن تجوب العالم

من فيلم «المدافعون» للفنانة مارثا أتينزا (نيويورك تايمز)
من فيلم «المدافعون» للفنانة مارثا أتينزا (نيويورك تايمز)
TT

في معرض فريز لندن... شبكة الفن تجوب العالم

من فيلم «المدافعون» للفنانة مارثا أتينزا (نيويورك تايمز)
من فيلم «المدافعون» للفنانة مارثا أتينزا (نيويورك تايمز)

في البوذية والهندوسية، تطفو «شبكة إندرا» على الكرة الأرضية، بشكل حمائي؛ لتكشف ترابطات الحياة. إنها صورة بدت مثالية لأمينة المعرض سانديني بودار، التي دُعيت لإنشاء قسم خاص في معرض فريز لندن لصالات العرض الأقل شهرة في جميع أنحاء العالم.
وقالت بودار إن صورة الشبكة الأرضية تتمحور حول الاحتواء، ولكن يمكن النظر إليها كإشارة على هشاشة الترابط في عالم مقسم بحسب القضايا البيئية وواقع الحروب في الماضي والحاضر.
قالت بودار في مقابلة عبر الهاتف: «إذا راودتكم هذه الفكرة عن الأرض كشاهد على مدى فترة طويلة من الزمن، يمكنكم الحديث عن التاريخ، والأصول، واللغة وكل الأفكار الممكنة. كل شيء يعلق في العلاقة بين السبب والنتيجة».
يعد معرض «شبكة إندرا»، الذي يشارك فيه 18 فناناً من صالات العرض من آسيا إلى أميركا اللاتينية، فرصة بالنسبة للمعارض الأصغر حجماً؛ كي تتلقى قدراً من الاهتمام ضمن معرض فني كبير. كما تساعد بودار، الأمينة اللندنية للفن الآسيوي في متحف «غوغنهايم» في نيويورك، على رعاية صالات العرض الآسيوية والأفريقية في معرض «غوغنهايم أبوظبي»، الذي من المقرر افتتاحه عام 2025 بعد عدة سنوات من التأخير.
العثور على أعمال فنية من جميع أنحاء العالم قد أدى بها إلى عديد المعارض والفنانين.

الفنانة مارثا أتينزا التي تعيش في جزيرة بانتايان في الفلبين وثقت محنة الأسر التي تكسب رزقها من صيد الأسماك  (نيويورك تايمز)

وأوضحت قائلة: «تصب كل هذه الأبحاث في صميم ما دُعيت للاعتناء به في فريز لندن. طُلب مني المشاركة في برنامج دولي ودعوة صالات عرض لم تكن آنذاك جزءاً من عائلة فريز».
أغلب هذه المعارض والفنانين يعملون على تنظيم معرض «فريز لندن» الخاص بهم.
تقول كوينه فام، مديرة «غاليري كوينه» للفن المعاصر في مدينة هو شي منه: «تريد سانديني دعم العاملين في المجال الثقافي في البلدان التي لا يتوفر فيها مثل هذا الدعم، ويمكنها أن ترى التأثير الذي أحدثناه هنا في فيتنام بعد قرابة 20 عاماً».
يتجه إلى فريز تمثالان من أعمال توان أندرو نغوين، وهو فنان تعاون المعرض تعاوناً وثيقاً معه. وتابعت السيدة فام قائلة: «لدينا مشروعات عالمية نشعر بأن لها صدى معها، وأريد تشجيع الناس على معرفة مزيد عن هذا الجزء من العالم».
يستكشف تمثالان للفنان الفيتنامي - الأميركي نغوين، ميراث حرب فيتنام، عبر تركيب أغلفة قذائف المدفعية غير المنفجرة، التي تتناثر في وسط فيتنام، لدى أيدي صغيرة منقوشة على تمثال خشبي لبوذا. أحدهما «منقسم إلى ألف ذراع».
يقول نغوين: «تدور القطعة حول التناسخ، كما أنها تدور حول الإصلاح والإبراء. في التماثيل البوذية، فإن الذراعين والأيدي هي الأجزاء الأسهل في الكسر، وبعض مواقع الأيدي والأصابع، (المودرا)، تعكس تعزيز الشفاء والرأفة».
التعاطف، هو موضوع عرض فريز من صالة عرض «سيلفرلنس» في مانيلا عاصمة الفلبين. تُسلط الأضواء كثيراً على الفنانة البصرية مارثا أتينزا هذه الأيام. وليس المعرض الذي يمثلها في فريز لندن فحسب، بل أيضاً معرض افتتاحي في ثوبه الجديد في حي تشيلسي في مانهاتن. وهذا كله جزء من سلسلة أعدتها لمعرض «بينالي إسطنبول»، الذي يستمر حتى 20 نوفمبر (تشرين الثاني). وقد وثقت أتينزا، التي تعيش في جزيرة بانتايان في الفلبين، محنة الأسر التي تكسب رزقها من صيد الأسماك.

الفنان السريلانكي تشاندراغوبتا ثينووارا (نيويورك تايمز)

تقول إيزا لورينزو، المؤسسة والمديرة المشاركة لمعرض سيلفرلنس: «الناس الذين توثقهم مارثا يمارسون الصيد منذ مئات السنين. إن حياتهم وأرزاقهم تمحوها السياحة الجماعية والمطورون العقاريون. هذه الأعمال عبارة عن صرخة تحشد حولها كل من يعمل في البحر».
إن عمل أتينزا في فريز لندن هو فيلم بعنوان «المدافعون»، فيلم وثائقي صامت لمدة 75 دقيقة بالأبيض والأسود، يُظهر ببساطة صياداً يعمل على قاربه.
تقول لورينزو: «إنها تجربة غامرة للغاية وتبدو أشبه ما تكون بالحلم. إنها حلقة مستمرة بلا توقف حتى أنك لا تعرف أين تبدأ أو أين تنتهي. إنه كمثل البطل الأسطوري».
من المؤكد أن هذا الموقف البطولي يمكن سحبه على الفنان السريلانكي تشاندراغوبتا ثينووارا، الذي سوف يمثله معرض ساسكيا فرناندو في كولومبو، سريلانكا، (كلاهما يظهر للمرة الأولى في فريز لندن).
ومع استمرار الأزمة الاقتصادية التي اندلعت في سريلانكا هذا الصيف، يبدو عمل الفنان ثينووارا أكثر إلحاحاً، كما قال ساسكيا فرناندو، مالك المعرض. وتابع فرناندو قائلاً: «عمله مكرس تماماً لحياته كناشط، وكان في طليعة الأمر منذ عدة عقود». تحدد الحرب الأهلية السريلانكية من 1983 إلى 2009 الكثير من أعمال ثينووارا، ولن يكون معرض فريز لندن استثناء. وتعد أربع منحوتات صغيرة مغطاة بالنحاس الأصفر ونحو 25 رسماً، وجميعها تركز على الفساد والعسكرة والقومية، امتداداً لعمله التركيبي الذي يحمل عنوان «سري»، والذي يعرضه في بينالي فينيسيا هذا العام. قال فرناندو: «من قبيل الصدفة، جمع هذا العمل الذي أُقيم في فينيسيا بين مجموعات باكرة من أعماله التي دامت ثلاثة عقود، وظهرت للمرة الأولى حين اندلعت الاحتجاجات في سريلانكا في وقت سابق من هذا العام».
بالنسبة إلى نغوين، فإن التوقيت أيضاً جزء من فنه. وقطعتا فريز لندن هما جزئياً تكريم لألكسندر كالدر، مع الأعمال المتحركة المدلاة ما بين أيدي وأصابع بوذا. كان كالدر معارضاً بعناد لحرب فيتنام، وتوفي عام 1976، بعد عام من انتهاء الحرب. قد يكون استخدام نغوين أغلفة قذائف المدفعية لخلق الأيادي والأصابع - ومجموعة كالدريسك المدلاة - طريقة لتشكيل القوس الزمني، وربما بعضاً مما تسعى إليه سانديني بفكرتها عن «شبكة إندرا» الشاملة.
قال نغوين: «إن تناول شيء كان يهدف إلى التدمير ثم تحويله إلى شيء يهدف إلى التعافي له مغزى منطقي بالنسبة لي».

عمل للفنان الفيتنامي - الأميركي نغوين، ميراث حرب فيتنام «منقسم إلى ألف ذراع» يضم نحاساً من أغلفة قذائف المدفعية (نيويورك تايمز)

- خدمة نيويورك تايمز


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

فرطُ استخدام الشاشات الإلكترونية يُعكّر مزاج الأطفال

زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال من القضايا المثيرة للقلق (جامعة كولومبيا البريطانية)
زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال من القضايا المثيرة للقلق (جامعة كولومبيا البريطانية)
TT

فرطُ استخدام الشاشات الإلكترونية يُعكّر مزاج الأطفال

زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال من القضايا المثيرة للقلق (جامعة كولومبيا البريطانية)
زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال من القضايا المثيرة للقلق (جامعة كولومبيا البريطانية)

توصّلت دراسة أجراها باحثون من الصين وكندا إلى أنّ الاستخدام المُفرط للشاشات من الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة قد يؤدّي إلى تفاقم المشكلات السلوكية، مثل ضعف الانتباه، وفرط النشاط، وتقلُّب المزاج.

وأوضحوا أنّ هذه النتائج تبرز أهمية فهم تأثير الشاشات في الأطفال خلال هذه المرحلة العمرية الحساسة، خصوصاً فيما يتعلق بمشكلات الانتباه والمزاج. ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «Early Child Development and Care».

وأصبحت زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال، خصوصاً في مرحلة ما قبل المدرسة، من القضايا المثيرة للقلق في العصر الحديث. ومع ازياد الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية، مثل الهواتف الذكية والتلفزيونات وأجهزة الكمبيوتر، يعاني الأطفال زيادة كبيرة في الوقت الذي يقضونه أمام الشاشات؛ مما قد يؤثر سلباً في صحتهم النفسية والبدنية، ويؤدّي إلى تعكُّر مزاجهم.

وشملت الدراسة 571 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 و6 سنوات من 7 مدارس رياض أطفال في شنغهاي بالصين. وأبلغت الأمهات عن الوقت الذي قضاه أطفالهن يومياً أمام الشاشات (بما في ذلك التلفزيون، والهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر، أو الأجهزة الأخرى) خلال الأسبوع السابق.

كما أجبن على أسئلة لتقويم المشكلات السلوكية التي قد يعانيها أطفالهن، مثل صعوبة الانتباه، وفرط النشاط، والأعراض العاطفية (مثل الشكاوى المتكرّرة من التعب)، والمشكلات مع الأقران (مثل الشعور بالوحدة أو تفضيل اللعب بمفردهم). كذلك شمل التقويم جودة نوم الأطفال ومدّته.

ووجد الباحثون أنّ الاستخدام المُفرط للشاشات مرتبط بشكل ملحوظ بزيادة مشكلات الانتباه، والأعراض العاطفية، والمشكلات مع الأقران. كما تبيَّن أنّ وقت الشاشة يؤثر سلباً في جودة النوم؛ مما يؤدّي إلى تقليل مدّته ونوعيته.

وأشاروا إلى أنّ جودة النوم تلعب دوراً وسطاً في العلاقة بين وقت الشاشة والمشكلات السلوكية، فالنوم السيئ الناتج عن الاستخدام المفرط للشاشات قد يعزّز هذه المشكلات، مثل فرط النشاط، والقلق، والاكتئاب.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة من جامعة «شانغهاي العادية» في الصين، البروفيسورة يان لي: «تشير نتائجنا إلى أنّ الاستخدام المُفرط للشاشات قد يترك أدمغة الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة في حالة من الإثارة؛ مما يؤدّي إلى انخفاض جودة النوم ومدّته».

وأضافت عبر موقع «يوريك أليرت»: «قد يكون هذا النوم السيئ نتيجة لتأخير مواعيده بسبب مشاهدة الشاشات، واضطراب نمطه بسبب التحفيز الزائد والتعرُّض للضوء الأزرق المنبعث منها».

كما أشارت إلى أنّ وقت الشاشة قد يحلّ محل الوقت الذي يمكن أن يقضيه الأطفال في النوم، ويرفع مستويات الإثارة الفسيولوجية والنفسية؛ مما يؤدّي إلى جعله أكثر صعوبة.