«حارة اليهود».. يثير حالة من الجدل بين المصريين

تحمسوا للمسلسل عقب انتقادات طالته من سفارة إسرائيل في القاهرة

مشهد من مسلسل حارة اليهود
مشهد من مسلسل حارة اليهود
TT

«حارة اليهود».. يثير حالة من الجدل بين المصريين

مشهد من مسلسل حارة اليهود
مشهد من مسلسل حارة اليهود

«حارة اليهود هو المسلسل المفضل لدي في شهر رمضان»، «هو مسلسل يبين مدى شهامة الحارة المصرية وجدعنة ولاد البلد»، «ونرفض ما يردده البعض من أن المسلسل يحرض ضد إسرائيل».. بهذه العبارات دافعت السيدة الأربعينية هبة محمد صبرة عن المسلسل، الذي يثير ضجة كبيرة داخل وخارج مصر خلال شهر رمضان، وهو الموسم الذي يحقق أعلى مشاهدة تلفزيونية خلال العام في مصر على الإطلاق.
ويستعرض المسلسل الحياة داخل حارة اليهود الكائنة في حي شعبي في القاهرة في أثناء فترة حرب عام 1948 بين العرب وإسرائيل، ويصور واقعا شبه مثالي يعيش فيه المسلمون والمسيحيون واليهود جنبا إلى جنب، ويتناول قصة حب بين علي، الضابط المسلم في الجيش المصري في حرب 1948، ولعب دوره الممثل الأردني إياد نصار، وجارته ليلى، وهي فتاة يهودية أنيقة تتحدث الفرنسية بطلاقة وتعمل في متجر راق يمتلكه رجل أعمال يهودي واسع النفوذ، وتقوم بدورها الممثلة المصرية منة شلبي.
في البداية، حاز المسلسل على الثناء من إسرائيل التي عبرت سفارتها في مصر عن سعادتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» من تمثيله «اليهود بطبيعتهم الحقيقية الإنسانية كبشر قبل كل شيء». لكن المسلسل سرعان ما تعرض لانتقاد كبير من سفارة إسرائيل بالقاهرة لما وصفته بأنه «يأخذ مسارا سلبيا وتحريضيا ضد دولـة إسرائيل». وذكرت السفارة على صفحتها على «فيسبوك»، أن «المسلسل استخدم الشخصيات الإنسانية ليهود الحارة كقناع ليعادي دولة إسرائيل وكأنها عدو وحشي يريد أن يفتك بالجميع». كما اعتبرت السفارة، أنه «بعد مرور 36 عاما من توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، ما زال التحريض مستمرا ضد إسرائيل وضد اتفاقية السلام»، مشيرة إلى أن «هذا التعامل ليس له مثيل بين جميع دول العالم الصديقة».
وتقول السيدة صبرة، التي تقطن في حي شبرا الشعبي بالقاهرة: «ننتظر عرض المسلسل بقوة ونبحث عن إعادة حلقاته في الكثير من القنوات»، لافتة إلى أن «ما يميز المسلسل هو تغيير الشكل التقليدي الذي تعودنا عليه في المسلسلات خلال الأعوام الماضية حيث مشاهد العنف والمخدرات والمشاهد الخارجة عن الأخلاقيات، ليأخذنا المسلسل إلى الشخصيات الأنيقة والملابس المهندمة.. والشعر (المسبسب) لأبطاله» على حد وصفها.
وتضيف صبرة: «المسلسل محا شكل اليهودي في الأعمال الدرامية المصرية الذي دائما ما كان يتميز بالبخل ويرتدي أقبح الثياب ويضع القبعة اليهودية ويتحدث بشكل مريب وغريب.. على عكس ما ظهر في المسلسل»، ضاربة مثلا بوالد منة شلبي الذي كان يساعد أهالي وتجار الحارة ويدعمهم بالمال.
بدوره، قال مؤلف المسلسل، مدحت العدل، في تصريحات له، بأنه «أراد كسر الفكرة المسبقة ضد اليهود من خلال تقديم شخصيات يهودية عادية طبيعية، خلافا للصورة النمطية السلبية السائدة عن اليهود في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية».
وكان يعيش في بدايات القرن العشرين أكثر من 80 ألف يهودي في مصر قبل إنشاء دولة إسرائيل عام 1948 وموجة الهجرة التي تلت ذلك، ثم تقلصوا إلى عشرات الأشخاص معظمهم من النساء المسنات في القاهرة والإسكندرية. ومع نشوب حروب عدة بين مصر وإسرائيل، طُرد اليهود من مصر أو أجبروا تحت الضغط على الرحيل من أكبر دولة عربية.
وتقول مصادر مصرية، إن «عدد الطائفة اليهودية الموجودة في القاهرة تتكون من 7 أشخاص فقط وباقي اليهود أسلموا أو ماتوا وأولادهم مسلمون.. وفي الإسكندرية شخص واحد فقط».
في غضون ذلك، تقول السيدة اعتماد محمود، وهي سيدة في العقد الخامس من عمرها، إن «المسلسل قدم للأجيال الصغيرة نماذج للتعايش بين الأديان الثلاثة»، لافتة إلى أن «المسلسل أحداث مترابطة ويتميز بنسب المشاهدة العالية بين جميع المسلسلات الرمضانية».
وحارة اليهود موجودة في منطقة الجمالية القريبة من منطقة الحسين بشارع الأزهر، وهي عبارة عن حي كامل يضم نحو 360 زقاقا وحارة، وكانت تضم عددا من المعابد لم يتبقَ منها إلا معبد «موسى بن ميمون» و«معبد أبو حاييم كابوسي» في درب نصير و«معبد بار يوحاي» في شارع الصقالبة.
ويقول حسن فضول من تجار منطقة الدرب الأحمر القريبة من الجمالية، إن «حارة اليهود لم تكن مقصورة فقط على اليهود؛ لكن كان يسكنها أعداد كبيرة من المسلمين والمسيحيين كما ظهر في المسلسل» لافتا إلى أن «سكان الحارة كانوا مرتبطين بالحارة لسببين هما الدخل المحدود والقرب من مصادر الرزق بالنسبة للحرفيين ممن كانوا يعملون في الصاغة».
ويصور المسلسل الاضطرابات السياسية التي صعقت الطائفة اليهودية المزدهرة في مصر، خاصة التفجيرات التي استهدفت أعمال اليهود التي تم اتهام جماعة الإخوان المسلمين بالقيام بها.
وتظهر أحد المشاهد في حلقات المسلسل الأولى تشجيع مؤسس جماعة الإخوان، حسن البنا، والذي جسد دوره الممثل المصري محمد عبد الحافظ لأنصاره على مهاجمة اليهود بقوله: «الجهاد ليس فقط في فلسطين.. الجهاد هنا (في مصر) ليس أقل أهمية من هناك».
في المقابل، انتقدت ماريان يوسف (25 عاما) الأخطاء التاريخية في المسلسل ومنها بعض الممارسات الدينية لليهود، مؤكدة أن «المسلسل كان يحتوي على بعض المشاهد المستفزة في علاقة العاشقين الضابط علي واليهودية ليلى مثل موضوع جرح أصابعهما ووضع الدماء فوق بعضها للتعبير عن الحب وأن دمهما اختلط ببعض، وهذه الأشياء لم تكن موجودة قديما وظهرت في الجامعات المصرية بين الشباب منذ سنوات قصيرة».
وتابعت يوسف، التي تسكن في حي باب الحسين بالقاهرة: «أعتقد أن مشاهد الألفة بين المسلمين واليهود في المسلسل أخذت مساحات كبيرة وهي ليست كما صورها المؤلف»، مؤكدة أن «الشيء المؤسف هو حالة العشق الشديدة التي تظهر عليها ليلى طوال الحلقات لمجرد سماعها اسم أحمد علي».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».