على وقع احتجاجات نظمتها أحزاب المعارضة ضد الغلاء وتفاقم الأزمة الاقتصادية، أشرف الرئيس التونسي أمس في مدينة بنزرت (60 كيلومتراً شمال العاصمة) على الاحتفالات بالذكرى الـ59 لجلاء آخر جندي فرنسي عن التراب التونسي، وقال لمؤيديه: «إن شاء الله سيحصل جلاء جديد في تونس، حتى تتخلص من كل من يريد أن يضرب استقلالها، أو يتعامل مع الخارج، أو من يكون عميلاً خائناً»، على حد قوله. وأضاف سعيد مؤكداً أنه سيواصل على الخط نفسه الذي انتهجه، واعداً بـ«إعادة المجد لتونس، وإنقاذ الدولة من براثن الذين يحاولون العبث بمقدرات الشعب... وتونس ستبقى حرة مستقلة والشعب هو صاحب السيادة... نصنع تونس جديدة وجلاءً جديداً».
في سياق ذلك، كشف الناصر كشك، عضو المجلس البلدي بمدينة بنزرت التي كانت ساحة لمواجهات عنيفة مع الجيش الفرنسي سنة 1961، أن البلدية طلبت استشارة قانونية لمطالبة الدولة الفرنسية بجبر الضرر عن الخسائر البشرية لحرب الجلاء، والحصول على تعويضات عن الملك البلدي العام والخاص المتضرر. وتأتي هذه المطالبة إثر قرار بلدي تمت المصادقة عليه في الثاني من أغسطس (آب) الماضي، طالب الدولة الفرنسية بالاعتراف بارتكاب جرائم حرب، وإطلاق النار على محتجين تونسيين عُزل طالبوا بجلاء الاستعمار الفرنسي، مما خلف مئات الضحايا ودماراً واسعاً في منطقة بنزرت.
في غضون ذلك، تظاهر أمس آلاف من أنصار الأحزاب المعارضة في تونس، للتنديد بسياسة السلطات، وحمّلوها مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.وجابت تظاهرة «جبهة الخلاص الوطني»، وهي تكتل لأحزاب معارضة، بما فيها حزب «النهضة»، شوارع رئيسية في العاصمة تونس، وصولاً إلى شارع الحبيب بورقيبة، مرددين شعارات غاضبة ومنتقدة للسلطات.
وتشهد تونس أزمة سياسية منذ أن تسلم الرئيس سعيّد السلطات في 25 من يوليو (تموز) 2021، بعد إقالته رئيس الحكومة، وتعليق أعمال البرلمان الذي كان يرأسه راشد الغنوشي، رئيس حركة «النهضة»، قبل أن يحلّه.
وقال القيادي في حزب «النهضة» ورئيس الحكومة السابق، علي العريض، لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إن التظاهرة «تعبر عن الغضب لما آلت إليه الأمور».
بالموازاة مع ذلك، نظم الحزب «الدستوري الحرّ» المعارض تظاهرة في العاصمة، ورفع المتظاهرون سلالاً فارغة، في إشارة إلى تدهور القدرة الشرائية للتونسيين بسبب ارتفاع الأسعار، مرددين: «يا شعب يا مقموع، زاد الفقر زاد الجوع».
وندد الحزب «الدستوري» بـ«سياسة التفقير والتجويع والتنكيل الممنهج للشعب»، ودعا مجدداً إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة، ودعم القضاة في دفاعهم عن استقلاليتهم، وفق تصريحات صادرة عن قيادات الحزب. وعبّرت عبير موسي، رئيسة الحزب، عن استيائها وغضبها بسبب منع أنصار حزبها من التنقل إلى العاصمة من مختلف الولايات (المحافظات) للمشاركة في المسيرة التي قرّر الحزب تنظيمها احتجاجاً على غلاء الأسعار وانهيار القدرة الشرائية للتونسيين.
ومنذ اندلاع الأزمة الأوكرانية- الروسية، بدأت تونس تشهد نقصاً في عديد من المنتجات، وفي مقدمتها الوقود والطحين والسكر وغيرها.
كما أن الوضع الاجتماعي في البلاد غير مستقر ومحتقن؛ حيث تظاهر خلال الأسبوع الحالي سكان مدينة جرجيس (جنوب شرق) لحث السلطات على البحث عن مهاجرين تونسيين فُقدوا منذ أكثر من أسبوعين، كما وقعت صدامات بين القوات الأمنية ومتظاهرين أول من أمس في حي «التضامن» الشعبي في العاصمة، إثر وفاة شاب أصيب خلال مطاردة نفذتها الشرطة.
الرئيس التونسي يحتفل بعيد الجلاء ويتوعد «الخونة»
المعارضة تتظاهر ضد الغلاء وتفاقم الأزمة الاقتصادية
الرئيس التونسي يحتفل بعيد الجلاء ويتوعد «الخونة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة