لم تخالف جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان أمس التوقعات. لم يكتمل النصاب داخل قاعة مجلس النواب إذ بلغ 71 نائباً، فيما كان عدد المتواجدين في محيط المجلس كافياً لتأمين النصاب لو دخلوا القاعة. والمفارقة كانت في حضور كتلة نواب «حزب الله» إلى المجلس من دون أن يشاركوا في الجلسة، وقاطع حلفاؤهم في تكتل «لبنان القوي» (نواب التيار الوطني الحر) بحجة مصادفة موعد الجلسة (13 أكتوبر «تشرين الأول») لتاريخ إخراج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا خلال توليه رئاسة الحكومة العسكرية بعد انتهاء عهد الرئيس أمين الجميل، وتم إخراجه آنذاك بعد تدخل الجيش السوري، ما انتهى بلجوء عون إلى السفارة الفرنسية ومن بعدها إلى فرنسا.
وإذا انتهت ولاية عون الرئاسية في 31 أكتوبر الحالي من دون انتخاب خلف له، كما هو متوقع، فلن تكون هذه المرة الأولى التي يحصل فيها ما بات متداولاً تسميته «الفراغ الرئاسي»، وبدلاً من أن ينهمك النواب في الأيام الأخيرة من ولاية عون بانتخاب من يخلفه، يستعدون لمواجهة هذا الفراغ ببذل جهود للاتفاق على حكومة كاملة الصلاحيات برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي بدلاً من حكومة تصريف الأعمال الحالية، بحيث تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية.
تعود سوابق الفراغ الرئاسي إلى نهاية عهد الرئيس أمين الجميل في 23 سبتمبر (أيلول) 1988 عندما لم يتمكن المجلس النيابي من انتخاب خلف له. كلف الجميل العماد ميشال عون الذي كان قائداً للجيش رئاسة حكومة عسكرية تتولى مؤقتاً صلاحيات الرئيس وتقوم بالتحضير لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. غير أن الانقسامات التي شهدتها تلك الفترة بعد انسحاب الضباط المسلمين من الحكومة العسكرية والحروب التي خاضها الجيش بقيادة عون مع القوات السورية ومع «القوات اللبنانية» حالت دون ذلك، إلى أن تم التوصل إلى اتفاق الطائف (في 30 سبتمبر 1989) الذي وضع حداً للحرب الأهلية وسهل ذلك اجتماع النواب لانتخاب الرئيس رينيه معوض رئيساً، لكنه اغتيل في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 لينتخب بعده الرئيس إلياس الهراوي بعد ثلاثة أيام في 25 نوفمبر.
الفراغ الثاني في موقع رئاسة الجمهورية حصل في نهاية عهد الرئيس إميل لحود في 25 نوفمبر 2007 على وقع صراع سياسي حاد بين ما عرف بفريقي «8 و14 آذار» الذي أعقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري. استمر ذلك الفراغ حتى 25 مايو (أيار) 2008، عندما انتخب الرئيس ميشال سليمان الذي كان قائداً للجيش، وحصل ذلك نتيجة تسوية سياسية تم التوافق عليها فيما عرف بـ«اتفاق الدوحة».
غير أن الفراغ المديد الثالث الذي استمر سنتين وخمسة أشهر و9 أيام (889 يوماً) فقد حصل في نهاية عهد سليمان في 24 مايو (أيار) 2014 واستمر إلى 31 أكتوبر 2016، بسبب تعطيل النصاب في جلسات مجلس النواب التي بلغ عددها 45 جلسة، من قبل «حزب الله» وحلفائه إلى أن تم انتخاب الرئيس ميشال عون بعد تسوية بينه وبين الرئيس سعد الحريري و«القوات اللبنانية» فيما عرف بـ«اتفاق معراب». والنتيجة أن الفراغ الرئاسي الذي عاشه لبنان منذ نهاية ولاية الرئيس أمين الجميل بلغ 1475 يوماً، أي نحو أربع سنوات و15 يوماً كانت خلالها كرسي رئاسة الجمهورية في لبنان فارغة.
وبانتظار تسوية سياسية أو توافق معين على مرشح يستطيع كسب ثقة أكثرية أعضاء مجلس النواب، يصعب توقع الفترة التي سيمتد إليها الفراغ الحالي بعد نهاية عهد الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر الحالي.
عهد عون مرشح لينتهي بفراغ رئاسي على خطى 3 عهود سابقة
عهد عون مرشح لينتهي بفراغ رئاسي على خطى 3 عهود سابقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة