الإسكندرية... «مدينة الذكرى» وجهة الصيف والشتاء

دليلك إلى عروس البحر المتوسط

مكتبة الإسكندرية  (صفحة المكتبة الرسمية على فيسبوك)
مكتبة الإسكندرية (صفحة المكتبة الرسمية على فيسبوك)
TT

الإسكندرية... «مدينة الذكرى» وجهة الصيف والشتاء

مكتبة الإسكندرية  (صفحة المكتبة الرسمية على فيسبوك)
مكتبة الإسكندرية (صفحة المكتبة الرسمية على فيسبوك)

ما إن تضع قدمك في الإسكندرية، ثاني أهم المدن المصرية، حتى تلمس عن قرب روح الخيال التي تحملها، وتعي حقيقة المعاني التي وُصفت بها، منذ أن أسسها الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد. فمع خطواتك الأولى تخطفك لكونها «عروس الماء وخميلة الحكماء والشعراء» كما قال أمير الشعراء أحمد شوقي، وسكنك إياها يأسرك، ليصدق عليها قول المؤرخ الإيطالي بريتشا إنها «مدينة التسامح والمحبة»، ومع مغادرتك لها تدرك أنها «مدينة الذكرى»، كما يلخصها المؤرخ البريطاني مايكل هاغ.
السفر إلى المدينة الساحلية المطلة على البحر الأبيض المتوسط لا يقتصر على التمتع بجمال بحرها الذي تغنى به المطربون، بل هو متعة لاستكشاف الطبيعة الفريدة التي تميزت بها الإسكندرية، التي جمعت، في فترة ما، عددا كبيرا من الجنسيات والحضارات والثقافات والانتماءات صهرت فيها جميعها مكونة مزيجا فريدا يقتصر عليها، وهي الطبيعة التي لم تغادر المدينة على مدار عقود طويلة من الزمان وحتى اليوم، حيث يعد السفر لها بمثابة نافذة تُفتح للاطلاع على تاريخ بعيد وثقافات متنوعة.
تجذب الإسكندرية ملايين المصريين والسائحين العرب والأجانب، حيث تعتمد على السياحة الداخلية وسياحة المؤتمرات في المقام الأول، وخلال السنوات الأخيرة ارتفع عدد زوارها من الأجانب مع مبادرة «العودة للجذور» التي تستهدف جذب الأحفاد لزيارة المدينة التي عاش بها أجدادهم لا سيما الإيطاليين واليونانيين والقبارصة، بالإضافة إلى جنسيات عديدة أخرى، حيث تجذبهم شواطئها وشوارعها ومطاعمها، ومتاحفها ومعالمها وأبنيتها.


متحف المجوهرات الملكية بالإسكندرية (صفحة المتحف الرسمية على فيسبوك)

وإذا كان قاصدو الإسكندرية يستهدفونها صيفا لمناخها المعتدل وبالطبع بحرها الشهير، إلا أن الإسكندرية شتاءً – والذي تستعد لاستقباله - لا تقل بهاءً، ولا نبالغ إذا قلنا إنها تحمل فيه خصوصية تحت زخات الأمطار وبياض السحب، وأمام زرقة البحر وموجه العالي، وبين لفحات الهواء البارد وأشعة شمسها الدافئة و«ترابها الزعفران»، وهو ما يجعلها على مدار أيام السنة تحمل عوامل الانجذاب إليها.
كيفية الوصول
إذا كنت في العاصمة القاهرة فإن الرحلة للإسكندرية يمكن القيام بها بعدة وسائل وعلى مدار الـ24 ساعة، فهناك القطارات والحافلات وسيارات الأجرة، لكن يظل استقلال القطار هو الأكثر راحة، والرحلة به تستغرق ساعتين ونصف الساعة، كما أنه يضمن لك الوصول إلى وسط المدينة وليس على أطرافها، مقارنة بالحافلات والسيارات.
كذلك يمكن الوصول إلى الإسكندرية مباشرة عبر مطار برج العرب، القريب منها، حيث تبعد عنه 50 كلم فقط جهة الشمال الشرقي، ومنه يمكن استقلال تاكسي أو سيارة «أوبر» إلى أي مكان ترغبه في الإسكندرية.


لا تكتمل زيارة الإسكندرية إلا بزيارة قلعة قايتباي (البوابة الإلكترونية لمحافظة الإسكندرية)

أين تقيم؟
تنتشر في الإسكندرية فنادق بفئات نجوم مختلفة، حوالي 5 آلاف غرفة فندقية، تناسب جميع الزائرين، ففي فئة الخمس نجوم يمكن الحجز بفنادق «فور سيزونز» الإسكندرية، «هلنان فلسطين»، «هيلتون الإسكندرية جرين بلازا»، «راديسون بلو»، «شيراتون المنتزه». أما إذا كنت تتطلع إلى الإقامة بوسط الإسكندرية فهناك فندقا «Hotel Delta»‬ و«فيليب هاوس»، أما الفنادق الاقتصادية فأبرزها «مدترانين سويتس» و«غرين بلازا إن».‬‬‬
ويمكن الحجز في هذه الفنادق عن طريق مواقع السفر، مثل «tripadvisor»، أو «Booking.com»، والاستفادة من العروض التي تقدمها.
أما الأكثر انتشارا للإقامة فهو الشقق السكنية المفروشة، المتاحة للتأجير اليومي أو الأسبوعي، والتي تنتشر بطول «كورنيش» الإسكندرية، ويمكنك الإقامة على البحر مباشرة أو في الشوارع القريبة، وفق ميزانيتك، ويمكنك استئجار هذه الشقق من خلال السماسرة المنتشرين بكثرة على الكورنيش، والذين يعلنون عن نشاطهم.
المواصلات
تتميز وسائل النقل العامة في الإسكندرية بالتنوع، فيمكن استقلال سيارات الأجرة أو حافلات النقل العامة أو تاكسي بطول الكورنيش ذهابا وإيابا، وهو ما يتيح لك التمتع برؤية البحر، ويمكن تجربة الأتوبيس ذي الطابقين، الذي يوفر مشهدا بانوراميا لراكبه بإطلالة على الشاطئ.
ويعتبر «الترام» من العلامات المميزة بالمدينة، التي يخترقها بشبكة واسعة من الخطوط، ولكن يعيبه البطء نوعا ما، إلا أن إيقاع هدهدة عرباته وأصوات عجلاته يتيح لراكبه رحلة حالمة للتعرف على شوارع المدينة الداخلية وأحيائها ومبانيها، التي تشكل مزيجا من حضارات وثقافات متنوعة.
كما يوجد خط قطار داخلي هو «أبوقير»، الذي يربط مناطق شرق ووسط المدينة ويخضع حاليا لعملية تطوير شاملة.
استكشف الإسكندرية
تفتح الإسكندرية أبوابها لكي يتعرف الزائر لها على ما تضمه من معالم وآثار، تتسم بالتعدد والتنوع، ويمكن لزائر المدينة أن يتضمن برنامج زيارته الأماكن التالية:
مكتبة الإسكندرية
تقع المكتبة على ساحل البحر في منطقة الشاطبي، افتتحت عام 2002 لكي تعيد أمجاد مكتبة الإسكندرية القديمة التي كانت منارة للعالم كله، تتسم المكتبة بطراز معماري مميز، وهي ليست فقط قبلة محبي الثقافة، حيث تضم معارض فنية ومتاحف عدة، وبإمكان الزائر التجول بين متحف الآثار، متحف المخطوطات، قسم الميكروفيلم، العرض المتحفي، متحف تاريخ العلوم، مركز علوم القبة السماوية، إلى جانب المراكز البحثية المتخصصة.
تبلغ أسعار دخول المكتبة لغير المصريين 70 جنيها مصريا (نحو 4 دولارات)، وتبلغ قيمة تذكرة متحف الآثار 50 جنيها ومتحف المخطوطات 30 جنيها.
قلعة قايتباي
لا تكتمل زيارة الإسكندرية إذا لم تزر قلعة قايتباي التي تقع في أقصى غرب الإسكندرية، حيث شيدت في الموقع القديم لفنار الإسكندرية والذي تهدم سنة 702هـ، وقد بدأ السلطان الأشرف أبو النصر قايتباي بناء هذه القلعة في سنة 882هـ وانتهى من بنائها سنة 884هـ.
ويمكن زيارة القلعة نهارا لتفقد معمارها ومبانيها، وكذلك متحف الأحياء المائية التابع لها، وكذلك التجول في الممشى السياحي الذي ينتشر به بازارات بيع الهدايا التذكارية وبيع القواقع والأصداف البحرية، أو زيارة القلعة ليلا والتجول في ساحتها الخارجية، التي توازي ساحل البحر مباشرة، والتي خضعت مؤخرا لعملية تجديد وتطوير ما جعل الساحة تمتلئ يوميا بالزوار صيفا وشتاءً، حيث يمكن تناول «الآيس كريم» و«الذرة المشوي».
متحف المجوهرات الملكية
يقع بمنطقة زيزينيا على مساحة 4185 متراً مربعاً، ويعد تُحفة معمارية، حيث يمتاز بالزخارف الداخلية واللوحات الجدارية وزجاج النوافذ الملون، وكان مِلكاً للأميرة فاطمة الزهراء إحدى أميرات الأسرة العلوية، وقد صمم طبقاً لطراز المباني الأوروبية في القرن التاسع عشر.
أما مقتنياته من التحف والمجوهرات فتضم الساعات والعملات الأثرية المتنوعة التي تعود للعصور الرومانية والبيزنطية والفارسية والقبطية، كما يضم مجموعة من الأوسمة والقلائد المصرية والتركية والأجنبية المرصعة بالمجوهرات والذهب والتي كانت تخص أفراد أسرة محمد علي باشا.
يفتتح المتحف أبوابه للزيارة طوال أيام الأسبوع من الساعة التاسعة صباحا وحتى الساعة الخامسة مساء، وتبلغ سعر تذكرة الدخول للزائر الأجنبي 100 جنيه.
حدائق المنتزه
هي مكان رائع للهروب إلى الطبيعة الخضراء حيث الأشجار العتيقة وأحواض الزهور النادرة التي تمتد بمساحة 370 فدانا، تحيط بقصر المنتزه الملكي الرئيسي المبني على الطراز الفلورنسي الإيطالي، وأيضا قصر السلاملك.
ويمكن التجول وسط الحدائق وزيارة القصور، والاستمتاع بالمشي حتى شاطئ البحر، وهي الأماكن التي يمكن التقاط صور فوتوغرافية عليها ترصد لحظاتك في المكان الرائع لا سيما ساعة الغروب.
المتحف اليوناني الروماني
يعرض المتحف تشكيلة واسعة من الآثار التي عثر عليها في الإسكندرية وما حولها، وهي في معظمها آثار من العصر البطلمي والعصر الروماني.
متحف الإسكندرية القومي
يضم المتحف ما يزيد على 1800 قطعة أثرية، تعود للعصر الفرعوني والروماني والبيزنطي والإسلامي. والمتحف عبارة عن قصر تأسس على الطراز المعماري الإيطالي. ويضم المتحف مسرحا في الهواء الطلق لتقديم العروض الفنية عليه ليلا.
عمود السواري
يُعتبر عمود السواري من أشهر المعالم الأثرية في الإسكندرية، أقيم فوق تل باب سدرة بين منطقة مدافن المسلمين الحالية والمعروفة باسم «مدافن العمود» وبين هضبة كوم الشقافة الأثرية، ويصل طوله إلى حوالي 27 متراً.
المسرح الروماني
يقع المسرح الروماني في منطقة كوم الدكة وسط المدينة، هو أحد آثار العصر الروماني وقد تمت إقامته في بداية القرن الرابع الميلادي، وهو المسرح الروماني الوحيد في مصر، اكتشف هذا الموقع بالصدفة أثناء إزالة التراب للبحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر، ويتميز بالدرجات الرخامية المرقمة بحروف وأرقام يونانية.
أين تأكل وتسهر؟
باعتبارك في مدينة ساحلية، يكون للمأكولات البحرية نصيب الأسد من مطاعمها، وتشتهر الإسكندرية بالعديد من المطاعم التي تقدم الأسماك، تتراوح بين الفاخرة والشعبية، أشهرها «راقودة»، «إيلع»، «قدورة»، «أنفوشيا»، «زفريون»، «بيلا فيستا»، «شعبان»، «عروس البحر». كما أن زيارة مناطق بعينها مثل «أبوقير» يتيح لك زيارة أكشاك بيع الأسماك وأسواق بيعها، والتي تنتشر من حولك في كل مكان.
تشتهر الإسكندرية أيضا بالكبدة والحواوشي، وهما أكلتان شعبيتان تنسبان للمدينة وفق طريقة التحضير، فالكبدة الإسكندراني لها شهرتها، ويمكن تجربتها من المحلات الشهيرة في تقديمها مثل «كبدة الفلاح». أما الحواوشي الإسكندراني فهو يتميز بطهي اللحم داخل العجين، بخلاف الحواوشي البلدي الذي يتم تسوية اللحم أولا ثم يوضع داخل الخبز، ويمكن تذوقه في الإسكندرية في محلات المعجنات والفطائر.
الأكلات الشعبية خاصة الفول والفلافل تشتهر بها الإسكندرية، حيث يمكن تجربتهما على الطريقة السكندرية، ويعد مطعم «محمد أحمد» بمنطقة محطة الرمل أشهر المطاعم التي تقدمها على الإطلاق، والذي يشتهر بجذب المشاهير إليه منذ عشرات السنين.
أما إذا رغبت في إفطار أو عشاء مغاير فيمكنك التوجه لمطعم «ألبان سويسرا»، بمنطقة «كامب شيزار، الذي يقدم السندوتشات بكافة أنواع الجبن السائل، وهو ما يمتد إلى الطاسات المتنوعة من السجق، والسوسيس، والبسطرمة، والبيض وغيرها.
الأطباق مثل الأرز باللبن والمهلبية وأم علي والكسكسي والبليلة، تتخصص بها العديد من المحلات، وعلى رأسها محل «الشيخ وفيق» بمنطقة رأس التين.
أما «الهريسة» فهي على رأس أطباق الحلويات المميزة بالإسكندرية، ويتخصص في تقديمها أسماء بعينها مثل «الحلبي»، «أحمد حسنين»، «إبراهيم الغفير»، «الطيبين»، «طلعت»، «أولاد رزق».
في المساء، لا يوجد أدنى مشكلة في قضاء وقت ممتع، فأمامك المقاهي والكافيهات التي تنتشر بطول كورنيش الإسكندرية، والتي تقدم المشروبات الساخنة والباردة، و«الشيشة» لمحبيها، أو بعض المأكولات الخفيفة، وننصحك بالتوجه لمنطقة محطة الرمل، فهي مكان يمكن فيه التجول والتسوق ودخول السينما، إلى جانب العديد من الكافيهات الشهيرة مثل «تريانون» و«أتينيوس» و«كافية دي لا بيه» و«عمر الخيام» وغيرها.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
TT

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد»، إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست»، يحتوي متحف بريطاني يعرض حيثيات أشهر الجرائم الأكثر إثارة للرعب على بعض من أكثر القطع الأثرية إزعاجاً والتي تعيد عقارب الساعة إلى الوراء وتشعرك بأحلك اللحظات في التاريخ.

ويعتبر «متحف الجريمة» (المتحف الأسود سابقاً) عبارة عن مجموعة من التذكارات المناطة بالجرائم المحفوظة في (نيو سكوتلاند يارد)، المقر الرئيسي لشرطة العاصمة في لندن، بإنجلترا.

مقتنيات استحوذ عليها المتحف من المزادات والتبرعات (متحف الجريمة)

وكان المتحف معروفاً باسم «المتحف الأسود» حتى أوائل القرن الحادي والعشرين، وقد ظهر المتحف إلى حيز الوجود في سكوتلاند يارد في عام 1874. نتيجة لحفظ ممتلكات السجناء التي تم جمعها بعد إقرار قانون المصادرة لعام 1870 وكان المقصود منه مساعدة عناصر الشرطة في دراستهم للجريمة والمجرمين. كما كان المتحف في البداية غير رسمي، لكنه أصبح متحفاً رسمياً خاصاً بحلول عام 1875. لم يكن مفتوحاً أمام الزوار والعموم، واقتصر استخدامه كأداة تعليمية لمجندي الشرطة، ولم يكن متاحاً الوصول إليه إلا من قبل المشاركين في المسائل القانونية وأفراد العائلة المالكة وغيرهم من كبار الشخصيات، حسب موقع المتحف.

جانب من القاعة التي تعرض فيها أدوات القتل الحقيقية (متحف الجريمة)

ويعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة معروضة، كل منها في درجة حرارة ثابتة تبلغ 17 درجة مئوية. وتشمل هذه المجموعات التاريخية والمصنوعات اليدوية الحديثة، بما في ذلك مجموعة كبيرة من الأسلحة (بعضها علني، وبعضها مخفي، وجميعها استخدمت في جرائم القتل أو الاعتداءات الخطيرة في لندن)، وبنادق على شكل مظلات والعديد من السيوف والعصي.

مبنى سكوتلاند يارد في لندن (متحف الجريمة)

يحتوي المتحف أيضاً على مجموعة مختارة من المشانق بما في ذلك تلك المستخدمة لتنفيذ آخر عملية إعدام على الإطلاق في المملكة المتحدة، وأقنعة الموت المصنوعة للمجرمين الذين تم إعدامهم في سجن «نيوغيت» وتم الحصول عليها في عام 1902 عند إغلاق السجن.

وهناك أيضاً معروضات من الحالات الشهيرة التي تتضمن متعلقات تشارلي بيس ورسائل يُزعم أن جاك السفاح كتبها، رغم أن رسالة من الجحيم سيئة السمعة ليست جزءاً من المجموعة. وفي الداخل، يمكن للزوار رؤية الحمام الذي استخدمه القاتل المأجور جون تشايلدز لتمزيق أوصال ضحاياه، وجمجمة القاتل والمغتصب «لويس ليفيفر»، والحبل الذي استخدم لشنق المجرمين. وقال جويل غريغز مدير المتحف لـ«الشرق الأوسط» إن المتحف هو بمثابة واقع وجزء من التاريخ، مضيفاً: «لا أعتقد أنه يمكنك التغاضي عن الأمر والتظاهر بأن مثل هذه الأشياء لا تحدث. هناك أشخاص سيئون للغاية».

وقال جويل إنه لا يريد الاستخفاف بالرعب، وقال إنهم حاولوا تقديم المعروضات بطريقة لطيفة، وأضاف: «عندما أنظر إلى مجلات الجريمة في المحلات التجارية، فإنها تبدو مثل مجلات المسلسلات ومجلات المشاهير، لذلك يُنظر إليها على أنها نوع من الترفيه بطريقة مماثلة».

وتُعرض البراميل الحمضية الأسيدية المستخدمة من قبل جون جورج هاي، والمعروف باسم قاتل الحمامات الحمضية، في كهف خافت الإضاءة. وهو قاتل إنجليزي أدين بقتل 6 أشخاص، رغم أنه ادعى أنه قتل 9. وفي مكان آخر، يمكن للزوار مشاهدة رسائل حب كان قد أرسلها القاتل الأميركي ريتشارد راميريز إلى مؤلفة بريطانية تدعى ريكي توماس، وكان يعرف راميريز باسم «المطارد الليلي»، لسكان كاليفورنيا بين عامي 1984 و1985 وأدين بـ13 جريمة قتل وسلسلة من اقتحام المنازل والتشويه والاغتصاب. وكشفت ريكي، التي كتبت عدداً من الكتب الأكثر مبيعاً عن القتلة المحترفين، أنها اتصلت بالقاتل في مرحلة صعبة من حياتها وشعرت بجاذبية جسدية قوية ناحيته. ووصفت رسالتها الأولى إلى راميريز بأنها «لحظة جنون». وقالت في حديثها إلى صحيفة «سوسكس بريس» المحلية: «كان رجلاً جيد المظهر، لكنني لم أشعر قط بأنني واحدة من معجباته». وقررت المؤلفة التبرع بالرسائل للمتحف عام 2017 لإعطاء فكرة عن عقلية الوحش.

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يعرض متحف الجريمة أيضاً السراويل البيضاء التي كانت ترتديها القاتلة روز ويست، والتي تم شراؤها بمبلغ 2500 جنيه إسترليني في المزاد. وحصل على تلك السراويل ضابط سجن سابق كان يعمل في برونزفيلد، حيث سجنت ويست لمدة 4 سنوات حتى عام 2008. وقامت روزماري ويست وزوجها فريد بتعذيب وقتل ما لا يقل عن 10 فتيات بريطانيات بين عامي 1967 و1987 في غلوسترشير. واتهم فريد بارتكاب 12 جريمة قتل، لكنه انتحر في السجن عام 1995 عن عمر 53 عاماً قبل محاكمته. وقد أدينت روز بارتكاب 10 جرائم قتل في نوفمبر (تشرين الثاني) 1995 وهي تقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة.

يعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة (متحف الجريمة)

تم التبرع بمعظم القطع الأثرية للمتحف، وقام أيضاً جويل بشراء الكثير منها في مزادات علنية.

في مكان آخر في المتحف المخيف يمكن للزوار رؤية السرير الحقيقي للموت بالحقنة القاتلة والقراءة عن الضحايا والمشتبه بهم الذين لهم صلة بجاك السفاح بين عامي 1878 إلى 1898.

الأسلحة التي استخدمت في الجريمة (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يضم المتحف قفازات الملاكمة التي تحمل توقيع رونالد وريجينالد كراي، والمعروفين أيضاً باسم «التوأم كراي». كان روني وريجي المخيفان يديران الجريمة المنظمة في منطقة إيست إند في لندن خلال الخمسينات والستينات قبل أن يسجن كل منهما على حدة في عام 1969 ثم انتقل كلاهما إلى سجن باركهرست شديد الحراسة في أوائل السبعينات. وتوفي روني في نهاية المطاف في برودمور عام 1995، عن عمر 62 عاماً. في أغسطس (آب) 2000. تم تشخيص ريجي بسرطان المثانة غير القابل للجراحة، وتوفي عن 66 عاماً بعد وقت قصير من الإفراج عنه من السجن لأسباب إنسانية.