لبنان يسارع خطى التنقيب عن النفط لينتشله من «الهاوية»

عون وبو صعب حاملاً اتفاق ترسيم الحدود (دالاتي ونهرا)
عون وبو صعب حاملاً اتفاق ترسيم الحدود (دالاتي ونهرا)
TT

لبنان يسارع خطى التنقيب عن النفط لينتشله من «الهاوية»

عون وبو صعب حاملاً اتفاق ترسيم الحدود (دالاتي ونهرا)
عون وبو صعب حاملاً اتفاق ترسيم الحدود (دالاتي ونهرا)

ينظر المسؤولون في لبنان لاتفاق ترسيم الحدود البحرية على أنه المنقذ من الأزمات التي ترزح تحتها البلاد، مع الدفع باتجاه الإسراع ببدء أعمال التنقيب عن النفط، وهو ما عبّر عنه، أمس، رئيس الجمهورية ميشال عون بقوله إن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية «ستنتشل لبنان من الهاوية التي أُسقِط فيها»، فيما أعلن وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال، وليد فياض التزام شركة «توتال» بالشروع، في أسرع وقت ممكن وبجدول زمني سريع، بأعمال التنقيب عن الغاز في حقل قانا الذي بات من حصة لبنان بناء للاتفاق الأخير.
وتحدث الرئيس عون عن أهمية الاتفاقية التي أنجزت بعد المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، معتبراً أنها «هدية للشعب اللبناني من مختلف فئاته». وأكد «أنها ستمكّن لبنان من استخراج النفط والغاز، مما سينتشل لبنان من الهاوية التي أُسقِط فيها».
وينتظر لبنان تأكيداً أميركياً على الموافقة الإسرائيلية على الاتفاق، للمباشرة بالإجراءات اللبنانية التي سوف تكون عبارة عن رسالة توجه إلى واشنطن تفيد بالتزام لبنان بمضمون الاتفاق، على أن تكون الرسالة موقعة من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون أو من يفوضه، وبالتنسيق مع رئيس الحكومة.
وكشف نائب رئيس البرلمان إلياس بو صعب المكلف من رئيس الجمهورية بمتابعة الملف مع الأميركيين لـ{الشرق الأوسط}، عن أن مشروع الاتفاق لن يناقش في مجلس الوزراء ولن يعرض على البرلمان؛ لأن المرسوم الذي سبق للبنان أن أودعه في الأمم المتحدة حول حدوده البحرية يتضمن نفس النقاط الواردة في الاتفاق، وبالتالي نال لبنان ما كان يطلبه منذ البداية، وهو مرسوم أعدته الحكومة وبعثت به إلى الأمم المتحدة.
وبانتظار توقيع الاتفاق وبدء الخطوات العملية، أعلن وزير الطاقة إثر لقائه الرئيس عون، أن وفد شركة «توتال إنيرجي» المسؤولة عن الكونسورتيوم المنقب في الجنوب اللبناني، لا سيما حقل قانا، البلوك 9 والبلوك 4 أيضاً، أعرب عن التزامه التام بالشروع في أسرع وقت ممكن، وبالتزامن مع إنجاز الاتفاقية في أعمال التنقيب، وأن الجدول الزمني سيكون معجلاً ومسرعاً لما تقتضيه المصلحة الوطنية ومصلحة المنطقة والاقتصاد العالمي»، متحدثاً عن أشهر قليلة لإنجاز التحضيرات اللازمة لأعمال التنقيب بعد إتمام الاتفاقية».
وأوضح: «ونحن سنتابع في المرحلة المقبلة آليات التنفيذ، ومن ضمنها التعامل مع «توتال» ومع الشركاء الأجانب الدوليين والمهتمين؛ لأنه الآن سيفتح المجال لباقي الشركات والدول المهتمة بقطاع النفط للمشاركة. وهناك دورة التراخيص الثانية التي من الممكن أن نستفيد منها، وندعو باقي الشركات للمشاركة فيها».
وفي رد على سؤال حول أبرز بنود الاتفاقية مع شركة «توتال»، قال فياض: «الاتفاقية مع الشركة بموجب قانون التنقيب، والعقد المبرم معها يشكل نوعاً من الشراكة بين الدولة اللبنانية والكونسورتيوم التي من خلالها هناك للدولة اللبنانية الحصة الأكبر من الإنتاج في مقابل حصة أصغر قليلاً للكونسورتيوم، وكل الحصص محددة في الاتفاقية الموجودة، ويتوجب على الشركة الآن القيام بتنفيذها». وأضاف: «المانع كان سياسياً في وقت سابق، وإن شاء الله، وبعدما حلت القضايا السياسية، تتم بدءاً من الغد المباشرة بالأعمال التحضيرية التنفيذية للاتفاقية، ولا سيما في البلوك رقم 9، وهو ما عبر عنه أعضاء الوفد».
في موازاة ذلك، برزت مطالب لبنانية بإطلاع الشعب والمجلس النيابي على اتفاق الترسيم، وهو ما لفت إليه، أمس، رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، قائلاً في حديث تلفزيوني: «هذا الاتفاق هو مبدئي بين الأطراف المعنية، بواسطة الوسيط الأميركي. وبما أننا وصلنا إلى هنا، فإنّه من الضروري، وكما تقول إسرائيل إنها ستعرض هذا الاتفاق على الإسرائيليين، وكذلك على الكنيست ليبدوا رأيهم فيه ويقرّوه، فإنه من واجب الحكومة اللبنانية ليس فقط الاقتصار على موافقة الرؤساء الثلاثة: رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة. إذْ إنّ هناك حاجة -بل ضرورة دستورية- من أجل شرح هذا الاتفاق، ليطّلع عليه اللبنانيون وليعرفوا حقيقة ما جرى. وكذلك، فإنّه من الواجب عرضه على المجلس النيابي ليدرسه ويقرّه».
الأمر نفسه طالب به نائب رئيس حزب «الكتائب اللبنانية»، النائب سليم الصايغ، الذي التقى، أمس، البطريرك الماروني بشارة الراعي، حيث تم التباحث في موضوع ترسيم الحدود البحرية وملف الرئاسة، وشرح الصايغ الأبعاد القانونية والسياسية للترسيم، واعتبر أن «الاتفاقية هي بمثابة معاهدة دولية يجب إبرامها في مجلس النواب بعد المناقشة، وإلا أصبحت قابلة للطعن»، بحسب بيان صادر عنه.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
TT

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

حدد رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني، موقف الكرد من الصراع الجاري في المنطقة بطريقة تبدو مختلفة عن خيارات القوى السياسية في بغداد، لا سيما من الحرب الدائرة في المنطقة.

وفي لقاء له مع قناة «سكاي نيوز عربية»، الثلاثاء، أكد بارزاني أن العراق «هو المتضرر في حال جره للحرب في المنطقة». وأضاف أن «العلاقة بين أربيل وبغداد جيدة، مع أن بعض الملفات العالقة لا تزال طور النقاش لحلها، من بينها حصة الإقليم من النفط».

وقال بارزاني: «ليس من مصلحتنا أي توتر مع إيران وتركيا والعلاقات طبيعية مع الطرفين»، مؤكداً أنه «لم يكن في برنامجنا أبداً توتر العلاقات مع تركيا وإيران، لكن لن نسمح لأي أحد بأن يتدخل في شؤوننا».

ولفت بارازني إلى أن «المعارضة الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان لم تتدخل وتستمع للتعليمات، بينما (حزب العمال الكردستاني) يتدخل ولا يستمع للتعليمات».

العراق وطبول الحرب

وبشأن طبول الحرب التي تقرع في المنطقة وطريقة تعاطي العراق الرسمي والعراق الموازي المتمثل بالفصائل المسلحة الموالية لإيران، قال بارزاني إن «العراق هو المتضرر من جره للحرب الحالية في المنطقة».

ومع أن بارزاني لم يخض في تفاصيل موقف العراق من الحرب، لكنه عبَّر عن رأي كردي منسجم مع موقف الحكومة العراقية سواء على لسان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أو وزير الخارجية فؤاد حسين، لكنه انتقد صراحة «الفصائل المسلحة التي لا تزال تهدد بالرد على إسرائيل في حال تنفيذها هجوما على العراق».

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أعلن، الأحد الماضي، خلال كلمة له بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الدبلوماسية العراقية أن إسرائيل باتت تبحث عما سماها «ذرائع واهية لضرب العراق»، مبيناً أنه وجَّه وزارة الخارجية للتعامل مع الأمر، وفق الأطر الدبلوماسية.

مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي والسفيرة الأميركية لدى العراق إلينا رومانسكي خلال لقاء الأحد (واع)

وكانت السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي التي انتهت مدة عملها في العراق، قد حذرت من إمكانية أن تقوم إسرائيل باستهداف العراق قائلة: «أود أن أكون واضحة جداً من البداية. الإسرائيليون أدلوا بتحذيرات ردع على الميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، والتي تعتدي على إسرائيل».

وأضافت أن «هذه الميليشيات هي من بدأت في الاعتداء على إسرائيل، وأكون واضحة جداً لهذه النقطة وأن الإسرائيليين حذروا حكومة العراق بأن يوقفوا هذه الميليشيات من اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل».

وتابعت السفيرة بالقول: «رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة التي لا تنصاع لأوامر الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، وأن إسرائيل أمة لها سيادتها، وستقوم بالرد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

خطر الانسحاب الأميركي

وعن موقفه من الوجود الأميركي في العراق، قال بارزاني إن «(داعش) لا يزال يشكل تهديداً جدياً، وانسحاب قوات التحالف مشكلة من دون تجهيز الجيش العراقي والبيشمركة».

ويعد موقف بارزاني أول موقف كردي بهذا الوضوح بعد سلسلة مباحثات أجرتها الحكومة العراقية طوال هذا العام مع الأميركيين بشأن إعادة تنظيم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية والتي تتضمن انسحاب ما تبقى من القوات الأميركية من العراق والعودة إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقَّعة بين بغداد وواشنطن عام 2008.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور عصام فيلي لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف بارزاني من الانسحاب الأميركي يمثل مخاوف كثير من القوى السياسية وحتى الشارع العراقي في أن يكون العراق جزءاً من ساحة حرب».

وأضاف فيلي أن «هذه الحرب لا بد أن يكون لمن يشترك فيها اصطفاف لصالح طرف ضد آخر، وهو ما يتناقض مع الدستور العراقي وتصريحات كبار مسؤوليه في أن العراق لا يمكن أن يكون ساحة للحرب في المنطقة بين قوتين وهما أميركا وإيران».

وأوضح فيلي أن «العراق لا يزال يواجه تحديات داخلية في المقدمة منها التنظيمات الإرهابية، وأن قوات التحالف الدولي تمثل ضمانة أمنية»، وأشار إلى أن «الكرد يخشون من غياب قوات التحالف؛ لأنهم يرون أن وجود بعض الأطراف المسلحة في بعض المناطق المتنازع عليها سيشكل تهديداً لهم بعد الانسحاب الأميركي».