لبنان يسارع خطى التنقيب عن النفط لينتشله من «الهاوية»

عون وبو صعب حاملاً اتفاق ترسيم الحدود (دالاتي ونهرا)
عون وبو صعب حاملاً اتفاق ترسيم الحدود (دالاتي ونهرا)
TT
20

لبنان يسارع خطى التنقيب عن النفط لينتشله من «الهاوية»

عون وبو صعب حاملاً اتفاق ترسيم الحدود (دالاتي ونهرا)
عون وبو صعب حاملاً اتفاق ترسيم الحدود (دالاتي ونهرا)

ينظر المسؤولون في لبنان لاتفاق ترسيم الحدود البحرية على أنه المنقذ من الأزمات التي ترزح تحتها البلاد، مع الدفع باتجاه الإسراع ببدء أعمال التنقيب عن النفط، وهو ما عبّر عنه، أمس، رئيس الجمهورية ميشال عون بقوله إن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية «ستنتشل لبنان من الهاوية التي أُسقِط فيها»، فيما أعلن وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال، وليد فياض التزام شركة «توتال» بالشروع، في أسرع وقت ممكن وبجدول زمني سريع، بأعمال التنقيب عن الغاز في حقل قانا الذي بات من حصة لبنان بناء للاتفاق الأخير.
وتحدث الرئيس عون عن أهمية الاتفاقية التي أنجزت بعد المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، معتبراً أنها «هدية للشعب اللبناني من مختلف فئاته». وأكد «أنها ستمكّن لبنان من استخراج النفط والغاز، مما سينتشل لبنان من الهاوية التي أُسقِط فيها».
وينتظر لبنان تأكيداً أميركياً على الموافقة الإسرائيلية على الاتفاق، للمباشرة بالإجراءات اللبنانية التي سوف تكون عبارة عن رسالة توجه إلى واشنطن تفيد بالتزام لبنان بمضمون الاتفاق، على أن تكون الرسالة موقعة من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون أو من يفوضه، وبالتنسيق مع رئيس الحكومة.
وكشف نائب رئيس البرلمان إلياس بو صعب المكلف من رئيس الجمهورية بمتابعة الملف مع الأميركيين لـ{الشرق الأوسط}، عن أن مشروع الاتفاق لن يناقش في مجلس الوزراء ولن يعرض على البرلمان؛ لأن المرسوم الذي سبق للبنان أن أودعه في الأمم المتحدة حول حدوده البحرية يتضمن نفس النقاط الواردة في الاتفاق، وبالتالي نال لبنان ما كان يطلبه منذ البداية، وهو مرسوم أعدته الحكومة وبعثت به إلى الأمم المتحدة.
وبانتظار توقيع الاتفاق وبدء الخطوات العملية، أعلن وزير الطاقة إثر لقائه الرئيس عون، أن وفد شركة «توتال إنيرجي» المسؤولة عن الكونسورتيوم المنقب في الجنوب اللبناني، لا سيما حقل قانا، البلوك 9 والبلوك 4 أيضاً، أعرب عن التزامه التام بالشروع في أسرع وقت ممكن، وبالتزامن مع إنجاز الاتفاقية في أعمال التنقيب، وأن الجدول الزمني سيكون معجلاً ومسرعاً لما تقتضيه المصلحة الوطنية ومصلحة المنطقة والاقتصاد العالمي»، متحدثاً عن أشهر قليلة لإنجاز التحضيرات اللازمة لأعمال التنقيب بعد إتمام الاتفاقية».
وأوضح: «ونحن سنتابع في المرحلة المقبلة آليات التنفيذ، ومن ضمنها التعامل مع «توتال» ومع الشركاء الأجانب الدوليين والمهتمين؛ لأنه الآن سيفتح المجال لباقي الشركات والدول المهتمة بقطاع النفط للمشاركة. وهناك دورة التراخيص الثانية التي من الممكن أن نستفيد منها، وندعو باقي الشركات للمشاركة فيها».
وفي رد على سؤال حول أبرز بنود الاتفاقية مع شركة «توتال»، قال فياض: «الاتفاقية مع الشركة بموجب قانون التنقيب، والعقد المبرم معها يشكل نوعاً من الشراكة بين الدولة اللبنانية والكونسورتيوم التي من خلالها هناك للدولة اللبنانية الحصة الأكبر من الإنتاج في مقابل حصة أصغر قليلاً للكونسورتيوم، وكل الحصص محددة في الاتفاقية الموجودة، ويتوجب على الشركة الآن القيام بتنفيذها». وأضاف: «المانع كان سياسياً في وقت سابق، وإن شاء الله، وبعدما حلت القضايا السياسية، تتم بدءاً من الغد المباشرة بالأعمال التحضيرية التنفيذية للاتفاقية، ولا سيما في البلوك رقم 9، وهو ما عبر عنه أعضاء الوفد».
في موازاة ذلك، برزت مطالب لبنانية بإطلاع الشعب والمجلس النيابي على اتفاق الترسيم، وهو ما لفت إليه، أمس، رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، قائلاً في حديث تلفزيوني: «هذا الاتفاق هو مبدئي بين الأطراف المعنية، بواسطة الوسيط الأميركي. وبما أننا وصلنا إلى هنا، فإنّه من الضروري، وكما تقول إسرائيل إنها ستعرض هذا الاتفاق على الإسرائيليين، وكذلك على الكنيست ليبدوا رأيهم فيه ويقرّوه، فإنه من واجب الحكومة اللبنانية ليس فقط الاقتصار على موافقة الرؤساء الثلاثة: رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة. إذْ إنّ هناك حاجة -بل ضرورة دستورية- من أجل شرح هذا الاتفاق، ليطّلع عليه اللبنانيون وليعرفوا حقيقة ما جرى. وكذلك، فإنّه من الواجب عرضه على المجلس النيابي ليدرسه ويقرّه».
الأمر نفسه طالب به نائب رئيس حزب «الكتائب اللبنانية»، النائب سليم الصايغ، الذي التقى، أمس، البطريرك الماروني بشارة الراعي، حيث تم التباحث في موضوع ترسيم الحدود البحرية وملف الرئاسة، وشرح الصايغ الأبعاد القانونية والسياسية للترسيم، واعتبر أن «الاتفاقية هي بمثابة معاهدة دولية يجب إبرامها في مجلس النواب بعد المناقشة، وإلا أصبحت قابلة للطعن»، بحسب بيان صادر عنه.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

في الليل والناس نيام... توقيت القصف المفضل لدى إسرائيل

رجل يتفقد الدمار الناجم عن ضربة إسرائيلية لمنزل بمدينة غزة يوم الخميس (رويترز)
رجل يتفقد الدمار الناجم عن ضربة إسرائيلية لمنزل بمدينة غزة يوم الخميس (رويترز)
TT
20

في الليل والناس نيام... توقيت القصف المفضل لدى إسرائيل

رجل يتفقد الدمار الناجم عن ضربة إسرائيلية لمنزل بمدينة غزة يوم الخميس (رويترز)
رجل يتفقد الدمار الناجم عن ضربة إسرائيلية لمنزل بمدينة غزة يوم الخميس (رويترز)

على مبعدة 40 كيلومتراً مربعاً، أو أكثر قليلاً، لا يتوقف منزل الغزيّ إبراهيم شحادة في حي الشيخ رضوان بشمال مدينة غزة، عن الاهتزاز في ساعات الليل يميناً ويساراً، بفعل ارتدادات عمليات نسف المنازل والمباني في مدينة رفح بأقصى جنوب القطاع.

فقد أحالت إسرائيل ليل أهل غزة إلى ساعات رعب متصل، سواء بتكثيف الغارات الجوية والقصف المدفعي، أم بأزيز الطائرات الحربية التي تُحلق على ارتفاع منخفض.

يصف شحادة ليالي القطاع بالجحيم المقيم، ويقول: «لا تمر ليلة واحدة دون عمليات نسف شديدة. في بعضها تهتز بيوتنا، وفي أخرى نشعر من شِدتها أن المنازل ستنهار فوق رؤوسنا».

وأكد، في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أن القصف، في الأيام الأخيرة، بات أقوى كثيراً، حتى إن عمليات نسف المباني في حي الشجاعية وحي التفاح بشرق مدينة غزة، خلعت بعض نوافذ منزله الذي يبعد مسافة لا تقل عن ستة كيلومترات.

أما من تضررت منازلهم جزئياً، فلا يستبعدون، في كل ليلة، أن تنهار بهم نتيجة التفجيرات القوية.

«وكأنه زلزال»

من بين هؤلاء نادر البريم، الذي يسكن حي تل الهوى، بجنوب مدينة غزة، والذي تضرر بيته جزئياً خلال الحرب بفعل قذائف مدفعية أصابته في أكثر من مكان.

ومنذ عودته للسكن فيه، حاول إصلاح جانب منه ليأوي إليه، بدلاً من البقاء في مراكز الإيواء، ولكن عمليات النسف في مناطق قريبة مثل الشجاعية، أو بعيدة مثل رفح وخان يونس، تجعله يخشى على حياته وحياة عائلته المؤلفة من 16 فرداً.

قال: «نشعر وكأن زلزالاً يهز منزلنا من شدة القصف».

وتابع: «أحفادي يشعرون بالفزع والهلع من قوة الانفجارات واهتزاز منزلنا والمنازل المجاورة. ألا يكفي أن هؤلاء الأطفال يتملكهم الخوف، وبحاجة لعلاج نفسي مكثف بسبب القصف الجوي وعيشهم في مراكز الإيواء؟».

دخان يتصاعد عقب قصف خان يونس بقطاع غزة يوم الخميس (أ.ب)
دخان يتصاعد عقب قصف خان يونس بقطاع غزة يوم الخميس (أ.ب)

وتُكثّف القوات الإسرائيلية غاراتها الجوية مع اقتراب الليل من منتصفه وحتى ساعات الفجر والصباح الباكر، مستهدفة، في الأساس، خيام النازحين وبعض المنازل، ما يؤدي إلى مقتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين النائمين الذين يستيقظون على صدمةٍ لا تتيح لهم الفرار.

وفي الأيام الأخيرة، كثَّفت إسرائيل استخدام الطائرات الانتحارية المسيَّرة في استهداف خيام النازحين، وهو ما تسبَّب في احتراق بعضها تماماً وتفحُّم جثث مَن فيها، ومن بينهم أطفال ونساء.

الأطفال... ونوبات الهلع

وتروي نور أحمد، وهي من سكان مخيم الشاطئ بغرب مدينة غزة، كيف أن عمليات النسف والقصف الجوي ليلاً أحدثت صدمة لدى أطفالها الثلاثة الذين لا يكفُّون عن الصراخ والبكاء مع دويّ أي انفجار، أو حتى عند تحليق الطائرات، وبات أحدهم يعاني التبول اللاإرادي.

وتضيف: «الاحتلال يتعمد قصف الأهداف ونسف المناطق ليلاً؛ لحرمان سكان القطاع من النوم. جميعنا ننتظر الموت في أي لحظة، فلا يوجد أمان».

تقول إن الليل بات «كابوساً حقيقياً»، وسط ظلامٍ حالك لا تبدده إلا نيران التفجيرات.

سترة طفلة وسط آثار دمار خلَّفته ضربة إسرائيلية بمدينة غزة يوم الخميس (إ.ب.أ)
سترة طفلة وسط آثار دمار خلَّفته ضربة إسرائيلية بمدينة غزة يوم الخميس (إ.ب.أ)

ووفق مصادر ميدانية، فإن عمليات نسف المنازل تحدث ليلاً من خلال تقدُّم «روبوتات» أو آليات متفجرة إلى مناطق محددة تكون القوات البرية الإسرائيلية على مقربة منها.

ووفقاً لتلك المصادر، تتقدم القوات بعد التفجيرات للتأكد من خلو المكان من أي عناصر فلسطينية مسلّحة وضمان إمكانية «التوغل الآمن».

وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، في تقرير من رفح، منذ أيام، أن من أهداف عمليات التفجير توسيع محور «موراغ» الجديد الذي يفصل بين المدينة وخان يونس، واكتشاف أي منازل مفخخة أو عبوّات ناسفة مزروعة في الشوارع والأزقّة، وكذلك أماكن اختباء المسلّحين.

ومن الأهداف أيضاً تدمير أي أنفاق ربما كانت في المنطقة.