الخارجية الأميركية تنفي وضع أعضاء الائتلاف السوري على قائمة الإرهاب

المتحدثة باسم الخارجية لـ«الشرق الأوسط»: الاتهامات كاذبة ونتواصل مع الائتلاف لحل سياسي

الخارجية الأميركية تنفي وضع أعضاء الائتلاف السوري على قائمة الإرهاب
TT

الخارجية الأميركية تنفي وضع أعضاء الائتلاف السوري على قائمة الإرهاب

الخارجية الأميركية تنفي وضع أعضاء الائتلاف السوري على قائمة الإرهاب

رفضت الخارجية الأميركية «بشدة» جميع التقارير التي تحدثت عن وضع أعضاء الائتلاف السوري المعارض على لائحة الإرهابيين المحتملين، ورفضت التقارير التي أشارت إلى رفض منح أعضاء الائتلاف السوري وأسرهم تأشيرات لدخول الولايات المتحدة.
وقالت دينا بدوي المتحدثة باسم الخارجية الأميركية بمكتب شؤون الشرق الأوسط: «نرفض بشدة هذه الاتهامات الكاذبة التي تتهمنا بأن لدينا سياسة تمنع أعضاء الائتلاف السوري المعارض من زيارة الولايات المتحدة».
وقالت بدوي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «جميع تأشيرات السفر يتم الفصل فيها على أساس كل حالة على حدة، ووفقا لمعايير ومتطلبات قانون الهجرة والجنسية والقوانين الأخرى المعمول بها».
وشددت المتحدثة بمكتب شؤون الشرق الأوسط بالخارجية، على أن الولايات المتحدة اعترفت بالائتلاف السوري المعارض كممثل شرعي للشعب السوري في ديسمبر (كانون الأول) 2012، ونوهت بترحيب وزير الخارجية الأميركي جون كيري في أبريل (نيسان) الماضي برئيس الائتلاف السوري خالد خوجة في زيارته الأخيرة لواشنطن، التي سبقتها زيارات رسمية كثيرة بين مسؤولين أميركيين وأعضاء من الائتلاف السوري على مدى السنوات الماضية. وقالت بدوي: «نحن على اتصال دائم مع الائتلاف السوري المعارض حول مجموعة من القضايا، ونواصل العمل معا للدفع باتجاه حل سياسي تفاوضي للأزمة في سوريا».
وكانت تقارير صحافية قد تحدثت نقلا عن مصادر لم تسمها عن قيام الولايات المتحدة بوضع جميع أعضاء الائتلاف السوري المعارض وعائلاتهم ضمن قائمة الممنوعين من دخول أراضيها بسبب اشتراكهم في أعمال إرهابية. ونسبت التقارير إلى عضو في الائتلاف السوري (لم تذكر اسمه)، أنه حاول الحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، وأن السفارة الأميركية أفادت بأنه ممنوع من الدخول وفقا للقانون 212 الذي وضعه تحت بند إرهابي محتمل، أو رفض منح تأشيرة لأسباب متعلقة بأنشطة إرهابية محتملة، مما يتوجب إحضار استثناء خاص من وزارة الأمن الداخلي الأميركية.
«الشرق الأوسط» كانت قد تواصلت مع أكثر من مصدر في الائتلاف السوري المعارض، الذين نفوا أن يكون قد تم إبلاغهم بقرار أميركي من هذا النوع.
ورجّح الأمين العام للائتلاف محمد مكتبي، أن يكون الخبر «غير صحيح، وخصوصا أنه كان لنا لقاء قبل يومين مع مسؤولين أميركيين تباحثنا معهم في كيفية تقديم مساعدات للمدنيين السوريين في إدلب وتل أبيض».
وشدّد مكتبي على أن اللقاءات مع المسؤولين الأميركيين لم تنقطع يوما، واصفا علاقة الائتلاف بواشنطن بـ«القوية». وقال: «رئيس الائتلاف زار الولايات المتحدة قبل فترة قصيرة، والتقى وزير الخارجية جون كيري وبكبار المسؤولين الأميركيين، كما أن الرئيس السابق للائتلاف هادي البحرة قام أخيرا بجولة على أكثر من ولاية بإطار زيارة ثقافية، وقد سهلت الإدارة الأميركية كل الإجراءات».
وأكد مكتبي أن أعضاء الائتلاف لا يواجهون أي صعوبات بالحصول على تأشيرة دخول إلى أميركا.. «لا، بل إن الأميركيين متعاونون كثيرا في هذا الإطار».
واستغرب عضو الائتلاف د. برهان غليون المعلومات، معتبرا أنه «إذا صحّ الموضوع، فذلك يعني أن الإدارة الأميركية ليست موحدة، بل عبارة عن إدارات». وقال: «الائتلاف هو الطرف الرئيسي في المعارضة السورية، والولايات المتحدة على رأس الدول التي تدعمه من خلال مجموعة (أصدقاء سوريا)، وبالتالي من المثير للسخرية أن تكون تدعم الائتلاف ككيان وتعتبر أعضاءه إرهابيين».
وأعلنت واشنطن قبل عام أنها قررت الاعتراف بمكاتب المعارضة السورية في الولايات المتحدة كـ«بعثة دبلوماسية أجنبية». وقال مسؤول أميركي في وقتها، إن هذا الإجراء يهدف إلى «تعزيز المعارضة السورية المعتدلة ومواكبة جهودها لمساعدة جميع من يحتاجون إلى مساعدة في سوريا».



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.