لبنان يعلن التوصل إلى «صيغة تلبي مطالبه» في اتفاق ترسيم الحدود مع إسرائيل

بانتظار الإعلان عن موعد التوقيع

دورية لقوات الأمم المتحدة (يونيفيل) في بلدة الناقورة الحدودية مع إسرائيل أمس (رويترز)
دورية لقوات الأمم المتحدة (يونيفيل) في بلدة الناقورة الحدودية مع إسرائيل أمس (رويترز)
TT

لبنان يعلن التوصل إلى «صيغة تلبي مطالبه» في اتفاق ترسيم الحدود مع إسرائيل

دورية لقوات الأمم المتحدة (يونيفيل) في بلدة الناقورة الحدودية مع إسرائيل أمس (رويترز)
دورية لقوات الأمم المتحدة (يونيفيل) في بلدة الناقورة الحدودية مع إسرائيل أمس (رويترز)

وصلت مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل إلى خواتيمها الإيجابية بإعلان المسؤولين اللبنانيين أن الصيغة النهائية للعرض مرضية للبنان وتلبي مطالبه، وهو الأمر الذي يبدو أنه نال موافقة «حزب الله» الذي سبق أن هدد مراراً بالتصعيد، ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين لبنانيين قولهم إن الحزب وافق على البنود.
وتلقى الرئيس ميشال عون اتصالاً هاتفياً أمس من الرئيس الأميركي هنأه خلاله بانتهاء المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، ومؤكداً وقوف الولايات المتحدة إلى جانب لبنان لتحقيق الاستقرار وتمكينه من تعزيز اقتصاده والاستفادة من ثرواته الطبيعية.
وبعد تسلّم نائب رئيس البرلمان إلياس بو صعب، مساء أول من أمس، النسخة الرسمية النهائية المعدلة للاقتراح الذي كان قد تقدم به الوسيط الأميركي آموس هوكستاين، سلّمها صباحاً إلى عون الذي أكد أنها «حافظت على حقوق لبنان في ثروته الطبيعية وذلك في توقيت مهم بالنسبة إلى اللبنانيين»، آملاً «أن يتم الإعلان عن الاتفاق حول الترسيم في أقرب وقت ممكن»، في وقت طلب فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ممثلي شركة «توتال» المباشرة بالإجراءات التنفيذية للتنقيب في المياه اللبنانية فوراً.
ورجّحت مصادر وزارية مطلعة على أجواء المفاوضات أن يتم توقيع الاتفاق بين 19 و20 شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «سيحدد الموعد بعد الاتفاق بين الأطراف المعنية، أي إضافة إلى لبنان وإسرائيل، الأمم المتحدة والوسيط الأميركي الذي قد يحضر التوقيع في الناقورة»، مشيرة إلى أن مستوى الوفد اللبناني يحدد لاحقاً بناء على المعطيات ولا سيما المرتبطة بمستوى وفد الطرف الآخر.
وفي بيان لها اعتبرت رئاسة الجمهورية أن «الصيغة النهائية لهذا العرض، مرضية للبنان لا سيما أنها تلبي المطالب اللبنانية التي كانت محور نقاش طويل خلال الأشهر الماضية، وتطلبت جهداً وساعات طويلة من المفاوضات الصعبة والمعقدة»، معتبرة أن «الصيغة النهائية حافظت على حقوق لبنان في ثروته الطبيعية وذلك في توقيت مهم بالنسبة إلى اللبنانيين. وتأمل رئاسة الجمهورية أن يتم الإعلان عن الاتفاق حول الترسيم في أقرب وقت ممكن».
وشكر الرئيس عون «الوسيط الأميركي والإدارة الأميركية على الجهود التي بذلت من أجل التوصل إلى هذه الصيغة»، مؤكداً أنه «سيجري المشاورات اللازمة حول هذه المسألة الوطنية تمهيداً للإعلان رسمياً عن الموقف الوطني الموحد».
كما كان لنائب رئيس البرلمان لقاء مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري، وقد أمل ميقاتي «أن يصل ملف ترسيم الحدود البحرية اللبنانية إلى نهاياته في وقت قريب، بعدما نجحت الجهود التي قام بها الوسيط الأميركي آموس هوكستاين في التوصل إلى مسودة اتفاق تحفظ الحقوق اللبنانية».
وقال ميقاتي خلال تسلّمه نسخة عن المسودة النهائية للاتفاق إن «الموقف اللبناني الموحّد في هذا الملف وتشبث لبنان بحقوقه ومطالبه أفضى إلى هذه النتيجة الإيجابية، وكلنا أمل أن تبلغ الأمور خواتيمها ومن ثم المباشرة بالخطوات العملانية للتنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية».
وشكر ميقاتي «الإدارة الأميركية على الجهد الذي قامت به فيما تم التوصل إليه، وبشكل خاص السيد آموس هوكستاين الذي قاد عملية التفاوض بدقة وحرفية وصبر، كما شكر فرنسا التي ساهمت بشكل مباشر في الوصول إلى ما تم التفاهم عليه وتذليل العقبات التي طرأت خلال المفاوضات غير المباشرة».
وبعد لقائه الرئيس عون، قال بو صعب: «ما يمكنني قوله اليوم هو أن فخامة الرئيس بدأ عهده بإصدار المراسيم، وآمل أن يختمه بالترسيم الذي يحوي مصلحة اقتصادية كبيرة واستقراراً للبنان الذي حصل عليه اليوم بالصيغة التي ستكون قيد الدرس من قبل فخامة الرئيس الذي سيجري الاستشارات اللازمة مع رئيسي مجلسي النواب والوزراء». ورأى أن الصيغة النهائية لبّت «المطالب اللبنانية وتم أخذ الاعتبار بملاحظاتنا، على عكس ما يشاع من أن لبنان لم يأخذ أياً من مطالبه، بل حصل على مطالبه لأنها محقة. وأنا أعلم أن الفريق الآخر يريد أن يعتبر أنه حصل على ما يريد، وما تم القيام به الأسبوع الفائت هو أن الفريقين اعتبرا أنهما حصلا على الضمانات المطلوبة وعلى اتفاق عادل».
ووصف بو صعب الجو بـ«الإيجابي جداً حول الجهد الذي قام به الوسيط الأميركي والإدارة الأميركية، لأننا توصلنا اليوم إلى حل يرضي الطرفين وهو أمر صعب للغاية لأنهما لا يقيمان علاقات دبلوماسية، لا بل إن لبنان لا يعترف بالعدو الإسرائيلي، وبالتالي الوصول إلى تفاهم من هذا النوع على حدود فيها مصلحة اقتصادية ليس بالأمر السهل، بل هو جهد كبير جداً من قبل الإدارة الأميركية كان في مكانه وتم بشكل عادل ومنصف، وإلا لما توصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم».
وعن الخطوات العملية المقبلة، قال بو صعب: «في حال وافق لبنان الرسمي على الصيغة النهائية، هناك خطوات موضوعة لما سيلي لا أرغب في الدخول في تفاصيلها، ولكنها أصبحت شبه معروفة. فنحن نودع الوسيط الأميركي رسالة هي نفسها التي ستودع لدى الأمم المتحدة، وهو ما سيقوم به الفريق الآخر أيضاً، لأن الأمر ليس اتفاقاً ولا معاهدة دولية بين بلدين عدوين، ولكن مهما كانت الصيغة، فالجميع يعلم أن الاتفاق بين لبنان والأميركيين من جهة والإسرائيليين والأميركيين من جهة ثانية، أقل ما يقال عنه إنه يؤمّن استقراراً اقتصادياً بالمنطقة ويعطي الأمل».
ونفى بو صعب الحديث عن مشاركة إسرائيلية بثروات حقل قانا، موضحاً: «لا شراكة بين لبنان وإسرائيل بثروات حقل قانا، كما ليس هناك من تقاسم أيضاً بينهما. هذا الحقل يمتد على ناحيتي الخط الذي تم اعتماده، ونحن على علم بأن هناك تفاهماً حصل ولسنا في أجواء تفاصيله لأننا غير معنيين به، وهو بين شركة (توتال) وإسرائيل»، مؤكداً «أن لبنان سيحصل على كامل حقوقه من حقل قانا على ناحيتي الخط، كما أن الإسرائيليين قد يأخذون تعويضات إنما من شركة (توتال) وليس من الحصة اللبنانية، كي لا يكون هناك التباس بالموضوع حول حصة لبنان من الحقل»، مذكراً بأن «لبنان وقّع اتفاقاً مع شركة (توتال) منذ عام 2017، وبنود الاتفاق واضحة والحصة اللبنانية بالحقل واضحة أيضاً، وما تمت إضافته هو أن الحصة اللبنانية لا تقتصر على البلوك رقم 9 فقط، بل على امتداد كل الحقل».
وأكد بو صعب أن لبنان حصل على كامل حقوقه موضحاً: «كانت لدينا ملاحظات وحصلنا عليها، لذلك كانت النسخة معدلة. ووفق الملاحظات الإسرائيلية أيضاً، تمت معالجة مكامن الخلاف على كلمة كما قيل بالأمس، وكان لدينا اقتراح بديل على كلمة ترضينا وحازت على رضى الطرفين. هكذا تتم الاتفاقات».
وبعد لقائه بري أكد بو صعب أن «الموقف الموحد أعطى لبنان قوة والجميع يعرف أن لبنان ليس ضعيفاً... وهذه الصيغة تدرس من قبل الرؤساء وسيكون هناك موقف موحد للبنان». وقال: «سنودع الاتفاق لدى الأمم المتحدة وهو ليس بين لبنان ودولة لا نعترف بها إنما مع الولايات المتحدة الأميركية والمفاوض أخذ بالاعتبار المطالب اللبنانية».
ومع المستجدات التي سجلت أمس، اجتمع ميقاتي مع وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض ووفد من «شركة توتال» الفرنسية حيث طلب ميقاتي منهم المباشرة بالإجراءات التنفيذية للتنقيب في المياه اللبنانية فوراً.
وقال فياض بعد الاجتماع: «كان الحديث إيجابياً جداً فيما يتعلق بالتطورات الحاصلة على ملف الترسيم، وإن شاء الله يصل هذا الملف إلى خواتيمه الإيجابية لمصلحة لبنان أكان بالنسبة إلى الموارد وإلى حقنا في كامل حصتنا في حقل (قانا) من دون مشاركة أحد فيه، إضافة إلى الإسراع في موضوع التنقيب، أي حل موضوع الترسيم والالتزام الكلي في الوقت ذاته لشركة (توتال) والكونسورسيوم بالبدء بأعمال التنقيب وتنفيذها وهي عملية تأخذ وقتاً إضافة إلى تحضير المواضيع الهندسية واللوجيستية».
وأكد أن «العمل سيكون جدياً على هذا الموضوع، وهذا ما وعدتنا به شركة (توتال)، وهذا أمر إيجابي جداً بالنسبة للبنان وسيسمح له بأن يكون دولة على الخارطة النفطية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط».
وفي رد على سؤال أوضح فياض: «إن الأمور اللوجيستية يلزمها وقت، ولكن ستبدأ الأعمال فوراً، والشركة تأخذ الأمر بجدية ولا ضرورة للسلبية في التعاطي معها، وسيكون لي لقاء مع الشركة اليوم في وزارة الطاقة لمتابعة الحديث عن هذا الموضوع».


مقالات ذات صلة

توتّر على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية بعد تظاهرة لأنصار «حزب الله»

المشرق العربي توتّر على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية بعد تظاهرة لأنصار «حزب الله»

توتّر على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية بعد تظاهرة لأنصار «حزب الله»

دعت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل)، مساء الجمعة، إلى الهدوء بعد توتر بين حرس الحدود الإسرائيليين وأنصار لـ«حزب الله» كانوا يتظاهرون إحياءً لـ«يوم القدس». ونظّم «حزب الله» تظاهرات في أماكن عدّة في لبنان الجمعة بمناسبة «يوم القدس»، وقد اقترب بعض من أنصاره في جنوب لبنان من الحدود مع إسرائيل. وقالت نائبة المتحدّث باسم يونيفيل كانديس أرديل لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ عناصر القبعات الزرق «شاهدوا جمعاً من 50 أو 60 شخصاً يرمون الحجارة ويضعون علم حزب الله على السياج الحدودي».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تباين بين «أمل» و«حزب الله» بشأن صواريخ الجنوب

تباين بين «أمل» و«حزب الله» بشأن صواريخ الجنوب

ذكرت أوساط سياسية لبنانية أنَّ «الصمت الشيعي» حيال إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه منطقة الجليل في شمال إسرائيل لا يعني أنَّ «حزب الله» على توافق مع حركة «أمل» بهذا الشأن، بمقدار ما ينم عن تباين بينهما، إذ ارتأيا عدم إظهاره للعلن لقطع الطريق على الدخول في سجال يمكن أن ينعكس سلباً على الساحة الجنوبية. وقالت المصادر إنَّ حركة «أمل»، وإن كانت تتناغم بصمتها مع صمت حليفها «حزب الله»، فإنها لا تُبدي ارتياحاً للعب بأمن واستقرار الجنوب، ولا توفّر الغطاء السياسي للتوقيت الخاطئ الذي أملى على الجهة الفلسطينية إطلاق الصواريخ الذي يشكّل خرقاً للقرار 1701. وعلى صعيد الأزمة الرئاسية، ذكرت مصادر فرنسية مط

العالم العربي المطارنة الموارنة يستنكرون تحويل جنوب لبنان إلى «صندوق» في الصراعات الإقليمية

المطارنة الموارنة يستنكرون تحويل جنوب لبنان إلى «صندوق» في الصراعات الإقليمية

استنكر المطارنة الموارنة في لبنان، اليوم (الأربعاء)، بشدة المحاولات الهادفة إلى تحويل جنوب لبنان إلى صندوق لتبادل الرسائل في الصراعات الإقليمية. ووفق وكالة الأنباء الألمانية، طالب المطارنة الموارنة، في بيان أصدروه في ختام اجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي شمال شرقي لبنان اليوم، الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية بالحزم في تطبيق القرار 1701، بما في ذلك تعزيز أجهزة الرصد والتتبُّع والملاحقة. وناشد المطارنة الموارنة، في اجتماعهم برئاسة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، «القوى الإقليمية والمجتمع الدولي مساعدة لبنان على تحمل أعباء لم تجلب عليه ماضياً سوى الخراب والدمار وتشتيت ا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي ميقاتي: عناصر غير لبنانية وراء إطلاق الصواريخ من الجنوب على إسرائيل

ميقاتي: عناصر غير لبنانية وراء إطلاق الصواريخ من الجنوب

أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الأحد، أن العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان والانتهاك المتمادي للسيادة اللبنانية أمر مرفوض، مؤكدا أن «عناصر غير لبنانية» وراء إطلاق الصواريخ من الجنوب. وقال ميقاتي إن «الهجوم الإسرائيلي على المصلّين في الأقصى وانتهاك حرمته أمر غير مقبول على الإطلاق، ويشكل تجاوزاً لكل القوانين والأعراف، ويتطلب وقفة عربية ودولية جامعة لوقف هذا العدوان السافر». وعن إطلاق الصواريخ من الجنوب والقصف الإسرائيلي على لبنان، وما يقال عن غياب وعجز الحكومة، قال ميقاتي إن «كل ما يقال في هذا السياق يندرج في إطار الحملات الإعلامية والاستهداف المجاني، إذ منذ اللحظة

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنان لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن رفضاً لاعتداءات إسرائيل

لبنان لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن رفضاً لاعتداءات إسرائيل

قررت الحكومة اللبنانية تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ضد إسرائيل، على خلفية الغارات التي نفذتها على مناطق لبنانية بعد إطلاق صواريخ من الجنوب اللبناني باتجاه المستوطنات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

لقاء سابق لفيدان وبلينكن في أنقرة نوفمبر 2023 (الخارجية التركية)
لقاء سابق لفيدان وبلينكن في أنقرة نوفمبر 2023 (الخارجية التركية)
TT

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

لقاء سابق لفيدان وبلينكن في أنقرة نوفمبر 2023 (الخارجية التركية)
لقاء سابق لفيدان وبلينكن في أنقرة نوفمبر 2023 (الخارجية التركية)

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا، الجمعة، التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وقال مصدر دبلوماسي تركي، اليوم، إن بلينكن سيزور تركيا بعد 5 أيام فقط من سقوط الأسد، وسيتناول مع نظيره التركي، هاكان فيدان، آخر التطورات.

وذكرت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط»، أن المباحثات بين فيدان وبلينكن ستتطرق إلى الأوضاع في سوريا، في ظل تولي الحكومة الانتقالية المؤقتة، والخطوات المستقبلية، في إطار العملية السياسية لتحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة سوريا.

لقاء سابق لفيدان وبلينكن في أنقرة نوفمبر 2023 (الخارجية التركية)

وأضافت المصادر أن التوغل الإسرائيلي في سوريا بعد سقوط الأسد، ومسألة الدعم الأميركي المستمر لوحدات حماية الشعب الكردية، التي تشكل المكون الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والتي تعدّها أنقرة امتداداً لحزب «العمال الكردستاني» في سوريا، فيما تتعاون معها واشنطن بوصفها حليفاً وثيقاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، سيطرحان خلال المباحثات، فضلاً عن دعم الشعب السوري، وتقديم المساعدات الإنسانية في هذه المرحلة.

وتنشر أميركا نحو 900 جندي في مناطق سيطرة الوحدات الكردية وحلفائها في «قسد» في شمال وشرق سوريا، ويتسبب دعمها للقوات الكردية في خلاف مع تركيا، حليفتها في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

استمرار دعم «الوحدات الكردية»

قال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إن بلاده تعمل وتتواصل مع قوات «قسد» التي تقودها الوحدات الكردية، وهي شريك رئيسي في القتال المستمر ضد تنظيم «داعش» الإرهابي.

وأضاف، في تصريحات، الأربعاء، خلال زيارته لليابان، أن الولايات المتحدة تراقب عن كثب الوضع «الديناميكي للغاية» في سوريا.

ورداً على سؤال حول تعرض «قسد» لهجوم من جانب فصائل «الجيش الوطني السوري»، الموالي لتركيا، قال أوستن: «لقد عملنا جنباً إلى جنب مع (قسد) لبعض الوقت، وهذا العمل مستمر. لدينا علاقة جيدة معهم، وأعتقد أن الأمر سيبقى على هذا النحو».

وأضاف أن وضع القوة الأميركية لم يتغير، وأنهم سيبقون «على اتصال وثيق مع شركائهم في المنطقة»، مع استمرار تطور الوضع، وأن الأولوية الرئيسية هي حماية القوات الأميركية ومنع عودة تنظيم «داعش».

قوات أميركية في سوريا (إعلام تركي)

والتقى قائد القيادة المركزية الأميركية (سينتكوم)، الجنرال مايكل إريك كوريلا، مع قيادة وحدات حماية الشعب الكردية، وقادة وجنود أميركيين يعملون في قواعد مختلفة في سوريا.

وقالت القيادة المركزية الأميركية، عبر حسابها في «إكس»، إن كوريلا تلقى، خلال اللقاء الذي عقد الثلاثاء، معلومات حول إجراءات حماية القوة الأميركية، والوضع سريع التطور في سوريا، والجهود المبذولة لمنع «داعش» من استغلال الوضع الحالي.

واهتمت وسائل الإعلام الكردية، الأربعاء، بزيارة كوريلا لقيادة الوحدات الكردية، لافتة إلى أنها تجديد للدعم الأميركي لها في ظل التطورات الجارية في سوريا.

عملية للمخابرات التركية

وجاءت زيارة القائد الأميركي قبل ساعات من عملية للمخابرات التركية في القامشلي بمحافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا، دمرت خلالها 12 شاحنة محملة بصواريخ وأسلحة ثقيلة، بالإضافة إلى دبابتين ومستودعات ذخيرة من مخلفات جيش النظام السوري، كانت تنقلها وحدات حماية الشعب الكردية.

وقال مصدر أمني تركي إن القوات المسلحة التابعة للرئيس المخلوع بشار الأسد خلّفت وراءها العتاد العسكري حينما فرت من منطقة القامشلي في شمال شرق البلاد، وإن جهاز المخابرات نفذ عمليته، ليل الثلاثاء - الأربعاء، بعدما رصد أفراده الميدانيون استيلاء وحدات حماية الشعب على العتاد العسكري، ونقلها إلى مخازنهم.

قصف المخابرات التركية لآليات وأسلحة ومعدات استولت عليها «قسد» من مخلفات الجيش السوري في القامشلي (إعلام تركي)

ونفى المصدر ما تردد عن قصف طائرات إسرائيلية قواعد جوية للجيش السوري في القامشلي، مساء الاثنين، استناداً إلى مصدرين أمنيين سوريين، قائلاً إن وحدات حماية الشعب بدأت نشر كذبة مفادها أن إسرائيل تستهدف مطار القامشلي.

في السياق ذاته، قال المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، إن أميركا تقدر مخاوف تركيا المشروعة بشأن مكافحة الإرهاب، لكنها ستواصل التركيز على مكافحة تنظيم «داعش»، والتركيز على شراكتها مع «قسد».

فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

وأضاف كيربي، في إفادة صحافية ليل الثلاثاء - الأربعاء: «سنجري المحادثات المناسبة مع الأتراك بشأن تحقيق كلتا النتيجتين كلما تداخل هذان الهدفان أو كان التعارض بينهما محتملاً».

وقال قائد «قسد»، مظلوم عبدي، الثلاثاء، إن قوات «مجلس منبج العسكري» التابعة لقواته، وافقت على الانسحاب من منبج بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار من خلال وساطة أميركية.

تركيا و«قسد»

وعلى الرغم من إعلان وقف إطلاق النار، فإن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد بمقتل 6 عناصر من قوات مجلس منبج العسكري، وإصابة 4 آخرين بجروح متفاوتة، جراء استهداف طائرة مسيّرة تركية، الأربعاء، موقعاً قرب جسر قرقوزاق غرب نهر الفرات بريف حلب الشرقي.

كما قصفت القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني» المتمركزة في منطقة «نبع السلام»، ريف الحسكة، وقرى في ريف تل تمر ومحيطها، وسط حركة نزوح للأهالي.

وأكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن تركيا لن تسمح بأن تصبح سوريا معقلاً للإرهاب، وستقوم بما هو ضروري لمنع تنظيمي «داعش» وحزب «العمال الكردستاني» وامتداده في سوريا، وحدات حماية الشعب الكردية، من استغلال الوضع الحالي.

ولفت من ناحية أخرى إلى أن إسرائيل تستهدف بعقليتها الاحتلالية سيادة سوريا ووحدة ترابها عبر التوغل في أراضيها.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً أمام البرلمان (الخارجية التركية)

وشدد فيدان، في كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الخارجية لعام 2025 بالبرلمان ليل الثلاثاء - الأربعاء، على أن تركيا ستستمر في الوقوف إلى جانب أشقائها السوريين دائماً، من أجل سوريا يسودها الرفاه والسلام، وتتعايش فيها المجموعات الدينية والعرقية المختلفة في سلام، ولا تتسبب بعدم الاستقرار لجيرانها.

ولفت فيدان إلى أهمية تشكيل إدارة جديدة في سوريا بشكل منظم، مضيفاً: «من المهم أن تتحد المعارضة السورية، وأن تشكل حكومة شاملة، وقد حان الوقت لتوحيد وإعادة بناء البلاد، كما يمكن للسوريين الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم بسبب الحرب العودة إلى أراضيهم الآن».

في السياق، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين أنها ستزور تركيا، الاثنين المقبل، لإجراء مناقشات بشأن سوريا.

وكتبت دير لاين، عبر حسابها في «إكس»، عقب اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مساء الثلاثاء، تناول التطورات في سوريا: «سنلتقي في بداية الأسبوع المقبل (الاثنين) في تركيا؛ لمناقشة ما يعنيه هذا التطور بالنسبة للمنطقة وما وراءها».

ولفتت إلى أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وحماية الأقليات، قائلة إن كلاً من الاتحاد الأوروبي وتركيا، يأمل في استقرار سوريا بعد سقوط بشار الأسد، مع توقعات بعودة المزيد من اللاجئين السوريين إلى وطنهم طواعية.