«شبح الانقسام» يهدد تحالف المعارضة السودانية

دعوات لجبهة عريضة تقود العصيان المدني والإضراب السياسي

TT

«شبح الانقسام» يهدد تحالف المعارضة السودانية

تزايدت حدة الانقسامات في صفوف المعارضة السودانية، وذلك إثر تداول معلومات عن اقتراب التوصل لتسوية مع العسكريين. وإزاء ذلك أعلن مكون رئيسي من مكونات تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، رفضه لأي تسوية أو العودة للشراكة مع العسكريين، فيما يتوقع أن يشارك بعض مكوناته في التسوية المرتقبة. ودعا إلى تكوين جبهة عريضة من «قوى الثورة» مقابل دعوات التسوية.
وقال تحالف «قوى الإجماع الوطني»، وهو أحد مكونات تحالف المعارضة الرئيسي «الحرية والتغيير»، في بيان مفاجئ، أمس (الثلاثاء)، إنه يرفض العودة لأوضاع ما قبل إسقاط الرئيس المعزول عمر البشير، أو العودة لما قبل 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، قاطعاً بعدم وجود تسوية أو مشاركة مع العسكريين.
ويتكون تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، من مجموعة كتل تحالفت من قبل إسقاط نظام الرئيس السابق عمر البشير، وأبرزها تحالف «قوى الإجماع الوطني»، وتحالف «نداء السودان»، فيما يضم تحالف «قوى الإجماع الوطني»، ذو الميول اليسارية، حزب «البعث العربي الاشتراكي»، والأحزاب الناصرية، وأحزاباً اتحادية، والحزب الشيوعي، و«المؤتمر الشعبي»، إلا أن الحزب الشيوعي انسحب في سبتمبر (أيلول) 2020 من التحالف الذي كان خرج منه حزب «المؤتمر الشعبي» قبيل سقوط «نظام الإنقاذ»، فيما يتكون تحالف «نداء السودان» من كل من حزب «الأمة القومي»، و«المؤتمر السوداني»، وأحزاب أخرى.
وبعيد انسحابه من التحالف، أعلن الحزب الشيوعي عن مركز معارض مستقل، وصفه بأنه يتكون منه وممن أطلق عليهم «قوى الثورة»، بما في ذلك لجان مقاومة، وهو مركز يرفض أي تفاوض أو شراكة أو اعتراف مع العسكريين ومناصريهم، بل يتهم «قوى الحرية والتغيير» بأنها «قوى تسوية» تسعى للعودة للسلطة.
ودعا بيان «قوى الإجماع الوطني» إلى وحدة قوى الثورة التي تتكون من «قوى الحریة والتغییر»، و«لجان المقاومة»، و«تجمعات المهنیین»، والقوى «الصادقة» في تمسكها بالخیار الدیمقراطي كافة، وتكوين جبهة عريضة تقود الإضراب السياسي والعصيان المدني.
وقالت «قوى الإجماع الوطني»، إنها تسعى لإقامة سلطة مدنیة لفترة انتقالیة لا تتجاوز عامین، تكتمل خلالها هياكل الفترة الانتقالية بتكوين مجلس تشريعي من «قوى الثورة»، ومجلس ورئيس وزراء تختارهم الجبهة العريضة، وخضوع المؤسسة العسكرية وأجهزة الأمن والشرطة لمجلس الوزراء وتحت مسؤوليته، إضافة إلى مجلس سيادة مدني محدود بسلطات سيادية ينص عليها الدستور الانتقالي.
وتعهد التحالف المعارض بإلغاء كل القرارات، بما فيها قرارات لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو (حزيران)، ومواصلة تفكيك تمكين نظام الإنقاذ و25 أكتوبر (تشرين الأول)، وإصلاح أجهزة العدالة والنيابة العامة والقضاء، وتفكيك بنية التمكين كلياً، وتشكيل المحكمة الدستورية، وإنشاء المفوضيات المتخصصة، وإجراء تعداد سكاني، وصياغة قانون انتخابات متوافق عليه.
وشدد التحالف على ما أطلق عليه «إصلاح القوات المسلحة»، ويتضمن ذلك دمج جيوش الحركات المسلحة والدعم السريع في جیش وطني واحد بعقیدة وطنیة، مع تنفیذ الترتیبات الأمنیة للحركات المسلحة الموقعة على «اتفاق جوبا للسلام»، ومراجعة الاتفاقیة بالتوافق، ومحاكمة كل من أجرم «بحق الشعب والوطن، بما في ذلك مرتكبو 25 أكتوبر، والانتهاكات التي تمت بعده».
وتضمن برنامج التحالف برنامجاً اقتصادياً إسعافياً یخفف من الضائقة الاقتصادیة المعیشیة، تؤول بموجبه «مؤسسات القوات النظامیة المالیة والاقتصادیة لوزارة المالیة، عدا ما یتعلق بالصناعات الحربیة، وعقد مؤتمرات متخصصة لنظام الحكم، تختتم بمؤتمر دستوري».
وتجري على قدم وساق مفاوضات بين العسكريين وعدد من القوى السياسية، بينها قوى داخل تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، للوصول لتسوية سياسية، تقول المصادر إنها أصبحت «وشيكة»، وهي التي لمّح إليها كل من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وممثل الاتحاد الأفريقي في الآلية الثلاثية عقب لقاء الآلية مع كل من البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو، أول من أمس.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن التسوية ستقوم بشكل أساسي على حزب «الأمة القومي»، و«الحزب الاتحادي الأصل»، وأطراف من تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، و«المجلس المركزي»، في وقت لا تزال فيه أطراف في التحالف لم تحسم موقفها بعد من التسوية، وأبرزها حزب «المؤتمر السوداني»، وبعض أجنحة «التجمع الاتحادي».
وذكرت المصادر، أن التسوية المرتقبة ينتظر أن يعلن عنها خلال الأيام القليلة القادمة قبيل نهاية الأسبوع الثالث من الشهر الجاري، استباقاً لمواكب احتجاجية كبرى دعت لها قوى المعارضة في 21 من الشهر الجاري، بمناسبة ثورة أكتوبر 1964، و25 من الشهر ذاته في الذكرى الأولى للانتفاضة.
وقال القيادي في حزب «البعث العربي الاشتراكي»، عادل خلف الله، في تغريدة بحسابه على «تويتر»، إن التسوية التي يجري التسويق لها هدفها إشغال الرأي العام خلال الاحتجاجات المزمعة بمناسبة ذكرى انتفاضة أكتوبر، وتهدف لتحقيق مصالح وامتيازات قوى «ليست على نقيض مع الديكتاتورية والفساد»، مدعومة من قوى إقليمية ودولية.
ووصف خلف الله مشروع التسوية بأنه مشروع لـ«إنقاذ السلطة من السقوط، وتمديد أمدها»، وأنها تتناقض مع تطلعات الشعب ومعاناته وتضحياته، وقال: «التسوية بديل استباقي زائف، ولذلك فالموقع الطبيعي لـ(البعث)، خندق القوى الحية، لمقاومتها وفضحها وتعرية أطرافها، وإسقاطها عبر أوسع جبهة شعبية سلمياً. ولأي تسوية وفق التجربة، سماسرتها وعرّابوها، ومنطقها المتهافت».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

قال مجلس السيادة السوداني، اليوم (الاثنين)، إن رئيس المجلس الفريق عبد الفتاح البرهان وجّه بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام 3 مطارات بوصفها مراكز لتخزين مواد الإغاثة الإنسانية.

وأوضح المجلس، في بيان له، أنه تمّ السماح لتلك المنظمات بالاستفادة من مطارات كل من مدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان، ومدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، ومطار مدينة الدمازين في إقليم النيل الأزرق بوصفها «مراكز إنسانية لتخزين مواد الإغاثة».

كما سمح رئيس المجلس بتحرّك موظفي وكالات الأمم المتحدة مع القوافل التي تنطلق من تلك المناطق، والإشراف على توزيع المساعدات، والعودة إلى نقطة الانطلاق فور الانتهاء.

وتسبّبت الحرب التي اندلعت بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) من العام الماضي في أكبر أزمة نزوح في العالم.