وزارة الثقافة المصرية تحول منزل الرئيس الراحل عبد الناصر إلى متحف

يضم وثائق عن «النكسة» وتأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي.. والوحدة مع سوريا

منزل جمال عبد الناصر
منزل جمال عبد الناصر
TT

وزارة الثقافة المصرية تحول منزل الرئيس الراحل عبد الناصر إلى متحف

منزل جمال عبد الناصر
منزل جمال عبد الناصر

قررت وزارة الثقافة المصرية تحويل منزل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لمتحف يضم وثائق عن «النكسة» وتأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي والوحدة مع سوريا. وكان قرار جمهوري صدر عام 2008 بهذا الشأن إلا أنه لم يبدأ العمل فيه منذ ذلك الوقت. وقال قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة أمس إنه بدأ العمل في إنجاز المتحف في منزل الرئيس الراحل في منطقة منشية البكري بالقاهرة، حيث يسجل جانبا من التاريخ المصري الحديث.
وولد عبد الناصر في مدينة الإسكندرية عام 1918 وتوفي في القاهرة عام 1970، واتسمت فترة حكمه بالعديد من التقلبات السياسية والحروب في ظل حالة من الاستقطاب الدولي بين الشرق والغرب. وتوجد بعض المقتنيات الخاصة بعبد الناصر في المنزل الذي ولد فيه بالمدينة الساحلية. كما توجد مقتنيات أخرى في معرض خاص داخل القرية الفرعونية على نيل القاهرة. ومن المتوقع أن يستغرق العمل في المتحف الجديد نحو عامين ونصف العام.
ويأتي هذا الإجراء بعد نحو عشرة أشهر من محاولة لصوص بيع مقتنيات نادرة تعود لفترة حكم عبد الناصر، يخص بعضها الرئيس الراحل نفسه، ومن بينها خطابات ورقية نادرة. وتعود هذه الواقعة ليوم 28 مارس (آذار) من العام الماضي حين أحبطت السلطات تهريب مجموعة نادرة من المقتنيات الشخصية لجمال عبد الناصر داخل طردين يضمان نياشين وآلة التصوير الخاصة به بالإضافة إلى بعض الخطب الخاصة بالرئيس الراحل وجانب من الخطابات الواردة إليه خلال حكمه لمصر. وعكفت لجنة فنية متخصصة على فحص تلك المضبوطات واكتشفت أنها قطع أصلية تمثل قيمة تاريخية تجسد حقبة من أهم حقب التاريخ المصري.
وقال رئيس قطاع الفنون التشكيلية، صلاح المليجي، في بيان، إن منزل عبد الناصر يقع على مساحة 13400 متر مربع تشمل مبنى من طابقين على مساحة 1300 متر مربع وتشغل الحديقة بقية المساحة وأن خطة العمل بالموقع تنقسم إلى ثلاث مراحل حيث بدأت الأولى بالفعل وتخص أعمال الترميم والإنشاءات والشبكات. وتعنى المرحلة الثانية باللسمات النهائية أما المرحلة الثالثة فتخص تجهيز العرض المتحفي.
ومن المتوقع وفقا للمسؤولين المصريين أن يتحول المتحف أيضا إلى مكان لتجميع الوثائق النادرة التي تعود لعهد عبد الناصر والتي يعتقد أنها في حوزة بعض ممن كانوا مقربين منه، سواء من أسرته أو ممن عملوا بجواره طيلة سنوات حكمه، لكن المتحف سيضم بكل تأكيد، وفقا للقائمين على المشروع أيضا، مقتنيات الرئيس الراحل ومنها أوسمة ونياشين وهدايا تذكارية حصل عليها عبد الناصر إضافة إلى مكتبة تحوي الكتب والأبحاث والمواد السمعية والبصرية التي توثق لحياة عبد الناصر وتاريخ مصر في تلك الحقبة.
ويشمل المتحف كذلك وفقا لبيان المليجي عرضا متعدد الوسائط يوثق بالأفلام الوثائقية تاريخ مصر والأحداث البارزة بداية من ثورة 1952 مرورا ببناء السد العالي وتأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي والوحدة بين مصر وسوريا وحرب 1967 حتى وفاة عبد الناصر. ومن بين الوثائق المقرر أن يضمها المتحف أوراق بخط يد عبد الناصر وجلسات تخص اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي في ذلك الوقت، إلى جانب قرارات مجلس قيادة الثورة، ومحاضر بفحوى جلسات مجلس الوزراء إضافة إلى كروت معايدة وتهانٍ متبادلة بين أفراد أسرة، الرئيس الراحل وكذا بعض المنشورات.
ويتوقع أن يستقبل المتحف وثائق أخرى من بينها مجموعة للمكاتبات والمراسلات الرسمية بين مصر في عهد عبد الناصر وكل من بريطانيا وأميركا، بالإضافة إلى آلاف الصور التي التقطت في أحداث رسمية واستقبالات وزيارات ولقاءات أخرى تخص أحداثا شخصية وعائلية في فترة مبكرة من عمر عبد الناصر تبدأ منذ عام 1930.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».