الغرب يسعى لاستقطاب الأصوات العربية والأفريقية لقرار أممي يدين روسيا

بلينكن لا يرى الوقت مناسباً للامتناع عن التصويت... والمندوب الأوكراني يستذكر الملك حسين

جانب من جلسة للجمعية العامة في الشهر الماضي حيث استمعت للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)
جانب من جلسة للجمعية العامة في الشهر الماضي حيث استمعت للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)
TT

الغرب يسعى لاستقطاب الأصوات العربية والأفريقية لقرار أممي يدين روسيا

جانب من جلسة للجمعية العامة في الشهر الماضي حيث استمعت للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)
جانب من جلسة للجمعية العامة في الشهر الماضي حيث استمعت للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)

سعت أوكرانيا والدول الغربية إلى استمالة أكبر عدد ممكن من الدول العربية والأفريقية، من أجل تصويت مرجح الأربعاء، وربما الخميس، في الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع قرار يندد بضم روسيا أجزاءً من أراضي أوكرانيا، ويطالبها بسحب قواتها إلى الحدود المعترف بها دولياً بين البلدين، وعدم «تقويض» المبادئ الرئيسية لميثاق المنظمة الدولية التي قامت على أنقاض الحرب العالمية الثانية قبل 77 عاماً.
ويأتي ذلك بعدما تعاقبت عشرات من الدول الـ193 الأعضاء في الأمم المتحدة منذ الاثنين، على مناقشة مسودة مشروع القرار الذي قدمته دول الاتحاد الأوروبي، لاستئناف الدورة الخاصة الاستثنائية الحادية عشرة في شأن ضم مناطق دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا الأوكرانية إلى الأراضي الروسية، وبعدما أخفقت الدبلوماسية الروسية في عرقلة إجرائية لمسار الجلسة التي دعمتها العواصم الغربية بقوة، من أجل إصدار قرار يُظهر مجدداً عزلة موسكو على الساحة الدولية.
ولجأت الدول الغربية إلى الجمعية العامة، بعدما أخفق مجلس الأمن بسبب «الفيتو» الروسي، في اتخاذ أي موقف من قرارات الرئيس فلاديمير بوتين. ولكن الهجمات الصاروخية العنيفة التي شنتها القوات الروسية خلال الأيام الماضية على العديد من المدن الأوكرانية؛ بما فيها العاصمة كييف، طغت على انطلاق هذه المناقشات في يومها الأول الاثنين، مما أثار كثيراً من المواقف المنددة باستهداف المدنيين والمنشآت المدنية. وذهب المندوب الأوكراني الدائم لدى الأمم المتحدة سيرغي كيسليتسيا، ليس فقط إلى تخصيص جزء من خطابه للتنديد باستهداف «المدنيين الذين ينامون في منازلهم»؛ بل إلى اتهام روسيا بأنها «أثبتت مرة أخرى أنها دولة إرهابية يجب ردعها بأقوى الطرق الممكنة».
ورفض نظيره الروسي فاسيلي نيبينزيا هذه الاتهامات، مؤكداً أن بلاده استهدفت منشآت عسكرية رداً على «هجوم إرهابي» دبرته كييف لتدمير «جسر كيرش» الاستراتيجي الذي يربط الأراضي الروسية بشبه جزيرة القرم.
ورغم التبريرات الروسية، فإن الانتقادات انهالت على التصعيد الروسي. ووصف المندوب التركي فريدون سينيرلي أوغلو، الذي ساعدت بلاده الأمم المتحدة في التوسط في صفقة يوليو (تموز) الماضي لتدفق صادرات الحبوب الأوكرانية والروسية، هجمات الاثنين بأنها «مقلقة للغاية وغير مقبولة». وعدّت نظيرته الكوستاريكية ماريتزا تشان فالفيردي، أن الضربات أظهرت «ازدراءً مستمراً وكاملاً بحقوق الإنسان والقانون الإنساني والأعراف الدولية».
في غضون ذلك، حاول المندوب الروسي الترويج لضرورة إجراء اقتراع سري بين الدول الـ193 الأعضاء في الجمعية العامة على مشروع القرار المقترح، في خطوة غير معتادة رفضها المشاركون بأكثرية 107 أصوات مقابل 13 صوتاً وامتناع 39 عن التصويت. وكذلك رُفض اقتراح روسي آخر، لإعادة النظر في فكرة الاقتراع السري، واقتراح ثالث لنقض قرار سابق اتخذته الجمعية العامة في مطلع مارس (آذار) الماضي، تنديداً بغزو روسيا أوكرانيا.
* رواية معادية لروسيا؟
وعلى الأثر، أسف نيبينزيا للمناقشات الجارية ولطريقة إدارة الجلسة، واصفاً إياها بأنها «تمرين من جانب واحد في الترويج لرواية معادية لروسيا». وحمل على «مثل هذا التشاؤم والمواجهة والاستقطاب الخطير كما لم نشهده في تاريخ الأمم المتحدة». وكرر ادعاء بلاده بأن «الاستفتاءات» التي أجريت في المناطق الأوكرانية الأربع «صحيحة»، مضيفاً أن موسكو تسعى إلى «حماية» الناس في المناطق مما يعدّها الكرملين حكومة أوكرانية معادية.
ومن الذين طلبوا الكلام دول صديقة لروسيا مثل سوريا وكوريا الشمالية.
في المقابل، قال ممثل الاتحاد الأوروبي سيلفيو غونزاتو: «نحن لا ولن نعترف أبداً بما تسمى (الاستفتاءات) غير القانونية التي دبرتها روسيا ذريعة لهذا الانتهاك الإضافي لاستقلال أوكرانيا». وأوضح أن القرار يندد بـ«محاولات الضم غير القانونية» الروسية للمناطق الأوكرانية بعد ما تسمى (الاستفتاءات)»، وأكد أن هذه الإجراءات «ليس لها أي شرعية بموجب القانون الدولي». وطالب كل الدول والمنظمات والوكالات الدولية بعدم الاعتراف بعمليات الضم.
ودافعت عشرات الدول؛ من لاتفيا إلى فيجي، عن مشروع القرار. ومن المقرر أن يستمر النقاش حتى الأربعاء، على أن يلي ذلك التصويت في اليوم ذاته أو في اليوم التالي؛ أي الخميس. وسيوفر التصويت صورة واضحة عن مدى عزلة روسيا على الساحة الدولية بعد أكثر من 7 أشهر من الحرب.
* الأصوات العربية والأفريقية
وسعت الدبلوماسية الغربية بصورة خاصة إلى استقطاب أكبر عدد ممكن من أصوات الدول العربية والأفريقية التي امتنع أكثرها عن التصويت على مشروع قرار سابق صدر في مارس (آذار) الماضي.
وذكّر المندوب الأوكراني بحضور العاهل الأردني الراحل الملك حسين بن طلال إلى منبر الجمعية العامة قبل عشرات السنين، حين أكد أن الاتحاد السوفياتي في عهد الزعيم ليونيد بريجنيف كان يريد تقويض منظومة الأمم المتحدة. وهذا ما أقر به لاحقاً آخر الزعماء السوفيات ميخائيل غورباتشوف عام 1988. وأراد كيسليتسيا بذلك أن يوحي بأن الرئيس فلاديمير بوتين يريد أيضاً تدمير ميثاق الأمم المتحدة.
وكذلك أصدر وزير الخارجية الأوكراني، ديميترو كوليبا، نداءً إلى الدول الأفريقية بأن «الحياد لن يؤدي إلا إلى تشجيع روسيا على مواصلة عدوانها ونشاطاتها الخبيثة في كل أنحاء العالم؛ بما في ذلك في أفريقيا».
وفي خطوة مشابهة، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في بيان إن «الوقت حان للتحدث دعماً لأوكرانيا»، عادّاً أن «هذا ليس الوقت المناسب للامتناع عن التصويت أو الكلمات المهادنة أو المراوغة تحت مزاعم الحياد»؛ لأن «المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة معرضة للخطر».
ويطالب القرار المقترح بأن تقوم موسكو «على الفور» وبشكل «غير مشروط» بإلغاء عمليات ضمها الأراضي الأوكرانية. كما يدعو كل الدول إلى عدم الاعتراف بها. ويطالب القرار الذي أعده الاتحاد الأوروبي بـ«الانسحاب الفوري والكامل وغير المشروط للقوات الروسية، من كل أراضي أوكرانيا المعترف بها دولياً».
ويتوقع أن يمرر القرار بغالبية كبيرة في الجمعية العامة، في ما يمكن أن يعد نصراً دبلوماسياً للغرب، علماً بأن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة.


مقالات ذات صلة

السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

العالم السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

أعلنت السلطات في ولاية تكساس، اليوم (الاثنين)، أنّها تلاحق رجلاً يشتبه بأنه قتل خمسة أشخاص، بينهم طفل يبلغ ثماني سنوات، بعدما أبدوا انزعاجاً من ممارسته الرماية بالبندقية في حديقة منزله. ويشارك أكثر من مائتي شرطي محليين وفيدراليين في عملية البحث عن الرجل، وهو مكسيكي يدعى فرانشيسكو أوروبيزا، في الولاية الواقعة جنوب الولايات المتحدة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وفي مؤتمر صحافي عقده في نهاية الأسبوع، حذّر غريغ كيبرز شريف مقاطعة سان خاسينتو في شمال هيوستن، من المسلّح الذي وصفه بأنه خطير «وقد يكون موجوداً في أي مكان». وعرضت السلطات جائزة مالية مقدارها 80 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تتيح الوصول إل

«الشرق الأوسط» (هيوستن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
العالم وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن أمين مجلس الأمن الأرميني قوله إن أرمينيا وأذربيجان ستجريان محادثات في المستقبل القريب بشأن اتفاق سلام لمحاولة تسوية الخلافات القائمة بينهما منذ فترة طويلة، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء. ولم يفصح المسؤول أرمين جريجوريان عن توقيت المحادثات أو مكانها أو مستواها.

«الشرق الأوسط» (يريفان)
العالم مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الجمعة)، أن الطيران الروسي شن سلسلة من الضربات الصاروخية البعيدة المدى «كروز»، ما أدى إلى تعطيل تقدم الاحتياطيات الأوكرانية، حسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية. وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيانها، إن «القوات الجوية الروسية شنت ضربة صاروخية بأسلحة عالية الدقة بعيدة المدى، وأطلقت من الجو على نقاط الانتشار المؤقتة للوحدات الاحتياطية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، وقد تحقق هدف الضربة، وتم إصابة جميع الأهداف المحددة»، وفقاً لوكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية. وأضافت «الدفاع الروسية» أنه «تم إيقاف نقل احتياطيات العدو إلى مناطق القتال».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم نائب لرئيس الوزراء الروسي يؤكد أنه زار باخموت

نائب لرئيس الوزراء الروسي يؤكد أنه زار باخموت

أعلن مارات خوسنولين أحد نواب رئيس الوزراء الروسي، اليوم (الجمعة)، أنه زار مدينة باخموت المدمّرة في شرق أوكرانيا، وتعهد بأن تعيد موسكو بناءها، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال خوسنولين على «تلغرام»ك «لقد زرت أرتيموفسك»، مستخدماً الاسم الروسي لباخموت، مضيفاً: «المدينة متضررة، لكن يمكن إعادة بنائها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.