5 من أشهر عمليات الخداع العلمي

أبحاث زائفة وعلماء كذابون يركضون وراء الشهرة

5 من أشهر عمليات الخداع العلمي
TT

5 من أشهر عمليات الخداع العلمي

5 من أشهر عمليات الخداع العلمي

ذكر أحد التقارير والذي نشر العام الماضي أن الكثير من الدراسات التي نشرت في دوريات علمية مرموقة كانت مزيفة أو «تفاهات صنعها الكومبيوتر»، أننا نعيش في عصر عمليات الخداع العلمي. ومع ذلك فقد انتشرت تلك العمليات طوال التاريخ.

* إنسان بلتداون
* يعد اكتشاف رفات رجل الكهف بمثابة العثور على الذهب بالنسبة إلى الباحثين عن الحفريات. لا بد أن تشارلز دوسان قد شعر بفرحة غامرة عندما عثر على إنسان بلتداون داخل حفرة في بلتداون Piltdown بإنجلترا. ومع اجتماع رأس يشبه رأس إنسان بفك يشبه فك قرد، أعتقد الكثير من العلماء أن هذه هي الحلقة المفقودة بين الإنسان والقرد. وظل إنسان بلتداون معروضا في لندن لمدة أربعين عام، لكن بعد إجراء اختبار علمي عام 1953 تم اكتشاف أن هذا المخلوق ما هو إلا نتاج عملية تزييف بدائية، فربما كانت الجمجمة لإنسان ما قبل التاريخ، لكن الفك كان لإنسان الغاب الذي ينتمي إلى عصرنا الحديث.
وحتى يومنا هذا لا أحد يعلم من وراء عملية التزييف، لكن تم تداول أسماء بعض المشتبه فيهم ومن بينهم دوسان الذي توفي عام 1916. وتعد هذه الخدعة من أكثر عمليات الخداع العلمي ضررًا، حيث مهدت آنذاك لنظرية حول التطور، وقضى العلماء سنوات كثيرة في محاولة إدراج سلف للإنسان مستحيل الوجود في سجل الحفريات.

* عالم ياباني كذّاب
* دخل شينيشي فوجيمورا Fujimura، عالم الآثار الذي علّم نفسه بنفسه، إلى بؤرة الضوء عام 1981 باكتشافه لقطعة خزف قديمة يعود تاريخها إلى 40 ألف عام، وهو ما يجعلها أقدم قطعة تم العثور عليها في اليابان. وخلال السنوات التالية كشف فوجيمورا عن قطع بدت أقدم، وساعدت في تجميع أجزاء متفرقة من تاريخ اليابان القديم. وفي عام 2000 بدأت مرحلة الانهيار بالنسبة إلى فوجيمورا وذلك عندما عرض مجموعة من القطع الحجرية زعم أنها من صنع الإنسان البدائي. وكذلك أشار إلى عدة حفر اعتقد الكثيرون أنها تؤكد معرفة الإنسان للمأوى في فترة ما قبل التاريخ.
وأشارت الأدلة، التي قدمها، إلى أن اكتشافه يعود إلى 600 ألف سنة وهو ما يجعله أقدم أثر يشير إلى وجود الإنسان في العالم، لكن في عام 2000 ظهرت صور لفوجيمورا وهو يحفر الحفر بنفسه، وكذلك وهو يضع القطع التي «وجدها» لاحقا. وبعد هذا الكشف، أقرّ فوجيمورا بتزييف الكثير من اكتشافاته وزعم أن «رغبة جامحة تملكته».

* أبحاث زائفة
* كان يان هندريك شون Schön، الباحث في معامل «بيل لابوراتوريز» المرموقة في نيوجيرسي، خبيرا عظيما في الإلكترونيات المتطورة. وبين عامي 2000 و2001 نشر سبع أوراق بحثية في دورية «نتشر»، وتسع أوراق بحثية في دورية «ساينس». كذلك حصل شون على الكثير من الجوائز في الفيزياء نظرًا لإسهاماته المهمة في مجال العلوم. مع ذلك تغير الحال بعد تشكيك بعض العلماء في بعض النتائج التي توصل إليها، وليس في حالة واحدة فقط، بل في 16 حالة على الأقل. وتسبب ذلك في إحراجه وإحراج كل معاونيه، وأصحاب العمل، بل ومسؤولي النشر في الدوريات التي نشرت أعماله. وبعد هذه الفضيحة، قامت جامعة «كونستانز» في ألمانيا بتجريد شون من درجة الدكتوراه بسبب سلوكه غير الأخلاقي المشين.
وربما كان العار الأكبر هو إنفاق ملايين الدولارات على العلماء والمشروعات في محاولة البناء على عمل شون المعيب.

* عملاق كارديف
* كان عملاق كارديف The Cardiff Giant من أشهر عمليات الخداع العلمي في تاريخ أميركا. في عام 1896 اكتشف عمال ما بدا أنه جثة حفرية لرجل يبلغ طوله 10 أقدام داخل بئر في نيويورك. ولم يكن العملاق في الواقع سوى شيء من صنع رجل ملحد يدعى جورج هال، الذي صنعه للسخرية من القول إن العمالقة كانوا موجودين على الأرض.
ورغم تأكيد العلماء أن العملاق مزيف، انتشر نبأه بين الناس إلى الحد الذي جعل أحد العاملين في ميدان الترفيه هو بي تي برنام، يعرض 60 ألف دولار لاستئجار العملاق لمدة ثلاثة أشهر. المفاجئ في الأمر هو رفض العرض، مما دفع برنام إلى صنع نسخة من العملاق وعرضها. وأصبحت هذه النسخة أكثر شعبية من العملاق الأصلي مما دفع هال، صاحب النسخة المزيفة «الأصلية»، إلى مقاضاة برنام. وأغلق قاضي القضية بقوله إنه ما لم يثبت المدعي أن النسخة الأصلية من العملاق أصلية بالفعل، فلا يمكن اعتبار برنام قد ارتكب أي خطأ. وأخيرا اعترف هال بتزييف العملاق.
طير ـ ديناصور
تم اكتشاف حفرية الأركيورابتور archaeoraptor fossil عام 1999. وكان يُعتقد أنها دليل على أن الطيور في العصر الحديث من سلالة الديناصورات آكلة اللحم. وسرعان ما تم اكتشاف الخدعة، حيث أوضح العلماء أن هذا الكشف ما هو إلا حفرية لرأس وجسد طائر قديم تم لصقهما بالأطراف الخلفية والذيل لحفرية ديناصور من نوع «درومايوصو» عثر عليها مزارع صيني. مع ذلك لم يتم اكتشاف عملية الاحتيال إلا بعد نشر مجلة «ناشونال جيوغرافيك» لموضوع عن هذا الاكتشاف باعتباره حقيقيا. وأقرّت المجلة فيما بعد أن هذا القرار كان خاطئا. المثير في الأمر هو أن كل نصف من النصفين كان اكتشافًا فريدًا في حد ذاته. ورغم كشف زيف هذا «الدليل القديم»، يوجد حاليا الكثير من حفريات الديناصورات ذات الريش، وهو ما يدعم فكرة أن الطيور شكل متطور من الديناصورات.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ ({الشرق الأوسط})



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».