هاتف ذكي لعشر سنوات

جهاز «فيرفون 4» الأوروبي يسمح لمستخدميه باستبدال أجزائه المتقادمة

تفكيك هاتف فيرفون سهل
تفكيك هاتف فيرفون سهل
TT

هاتف ذكي لعشر سنوات

تفكيك هاتف فيرفون سهل
تفكيك هاتف فيرفون سهل

يمكن للهاتف الذكي المصمم للتعمير أن يصبح حقيقة. ولكن معظم الهواتف المتوفرة في الأسواق اليوم ليست مصممة لهذه الغاية.
ما الذي قد يبدو عليه الهاتف المصمم، ليعيش عشر سنوات؟ معظمنا لا يملك ترف تأمل هذا السؤال لأن الغالبية الساحقة من الهواتف الذكية مصممة لتُستبدل كل سنتين أو ثلاث، فضلاً عن أن الشركات الكبرى مثل آبل وسامسونغ تكشف النقاب عن طرازات جديدة كل عام وتخصص لها حملات تسويقية كبيرة لحث المستهلك على التحديث.
ولكن، إذا صُممت الهواتف الذكية لتعيش لعقدٍ من الزمن، فهذا يعني أنها على الأرجح ستكون قابلة للفتح لتتيح استبدال بطارية متهالكة أو شاشة متصدعة، وتحديث الكثير من مكوناتها – فإذا رغبتم بكاميرا أفضل مثلاً، فيمكنكم فوراً استبدال القديمة بواسطة أخرى أحدث وأقوى - بالإضافة إلى تنزيل التحديثات البرمجية الصادرة عن الشركة المصنعة وقتما تريدون ومن دون سقوف زمنية.
هاتف مستدام
ولكن الواقع مختلف لأن معظم الأجهزة المصنعة اليوم تكون مغلقة بإحكام بالغراء لمنعكم من فكها والدخول في تفاصيلها، أي أنكم لا تستطيعون تحديث أجزاء كالكاميرا والشاشة. علاوة على ذلك، تُتاح التحديثات البرمجية في أجهزة اليوم لفترة زمنية محددة، حوالي سنتين لهواتف الأندرويد وخمس سنوات للآيفون.
ويرى دون نورمان، نائب رئيس قسم التقنية المتقدمة السابق في شركة آبل ومؤلف حوالي عشرة كتب عن التصميم، أن صانعي الهواتف الذكية ارتكبوا خطأ عندما تعاملوا مع تقنية المستهلك وكأنها صيحة (الموضة) بإطلاق منتجات صعبة الصيانة وبإضافة مزايا تعجل تقادمها كل عام.
ولكن فكرة الهواتف الطويلة العمر ليست خيالاً لأن هذا النوع من الأجهزة متوفر اليوم: إنه «فيرفون 4» Fairphone 4 (580 دولارا) من تصميم شركة «فيرفون» في أمستردام. ويتميز «فيرفون 4»، الذي يُباع في أوروبا فقط، بغطاء بلاستيكي يُنتزع بسهولة لكشف أجزائه الداخلية، ويتيح لمستخدمه بنزع المكونات في دقائق من خلال فك بعض البراغي العادية.
صُمم «فيرفون» لتلبية رغبة الأشخاص الذين يبحثون عن هاتف مجهز بتقنية حديثة دون الاضطرار لتغيير جهازهم الحالي بالكامل – وإذا تعرض الهاتف لأي ضرر، كالسقوط مثلاً، فيمكنهم صيانته بسهولة. هذا الأمر يجعل من «فيرفون» النقيض للهواتف الذكية المنتشرة اليوم، ويظهر كيف أن شركات التقنية قادرة على تصميم الأجهزة بطريقة مختلفة لتلبية حاجات كالمتانة والاستدامة.
مزايا ونقائص
* استبدال العتاد. يأتي «فيرفون 4» مع مفك صغير يسمح لمستخدمه بفتح الجهاز، وهذا ما فعلته مع بداية اختباري للهاتف.
ووجدت أن تفكيك «فيرفون 4» سهلٌ جداً لأن نزع الغطاء البلاستيكي يكشف عن الكاميرا والبطارية ومكبرات الصوت والمكونات الداخلية الأخرى المثبتة جميعها بواسطة البراغي التقليدية التي تُنتزع بسهولة بواسطة المفك الخاص. وفي أقل من خمس دقائق، استطعت تفكيك جميع الأجزاء، ومن ثم جمعته في المدة الزمنية نفسها.
خلال تجربة تفكيك أجزاء الهاتف، شعرتُ بنوعٍ من القوة لأنني كنت واثقا من أنني إذا اضطررت لإجراء بعض الصيانة، كتركيب كاميرا أو بطارية جديدة، فيمكنني أن أفعل ذلك في دقائق وبتكلفة لا تُذكر. (تُباع البطارية الجديدة من «فيروفون» بـ30 دولاراً، والكاميرا بـ80 دولاراً).
في المقابل، حاولت تفكيك هاتف الآيفون ليتبين لي أن الأمر أقرب إلى الكابوس. ولكن تجدر الإشارة إلى أن غطاء فيرفون البلاستيكي ليس جميلاً، ولا شك أنه سيخرج من مكانه إذا وقع الجهاز على سطح صلب.
* الاستخدام. لم يكن استخدام «فيرفون» مميزاً، حيث إنه يشغل برنامج «فانيلا أندرويد»، ما يعني أن يستطيع تنزيل تطبيقات وبرمجيات غوغل من متجر «بلاي».
ولكن إيفا غوينز، الرئيسة التنفيذية لشركة «فيرفون»، قالت إن الشركة ملتزمة بتأمين تحديثات برمجية لهواتفها لأطول فترة ممكنة لأن هذه التحديثات أساسية لحماية الجهاز من آخر الاعتداءات السيبرانية والبرمجيات الخبيثة، وتضمن تشغيل هاتفكم لأحدث التطبيقات.
وتجدر الإشارة إلى أن طراز «فيرفون» الصادر منذ ست سنوات لا يزال يتلقى ويجري تحديثات أندرويد حتى اليوم، رغم أن معظم هواتف الأندرويد تتوقف عن تلقي التحديثات بعد عامين من صدورها.
ومع ذلك، يفتقر «فيرفون 4» بمعالجه الحوسبي وكاميرته للكثير مما يبحث عنه المستهلك. فقد أظهرت اختبارات السرعة التي أجريتها بواسطة تطبيق «غيك بينش» أن أداء «فيرفون 4» أبطأ بنسبة 35 في المائة من هاتف غوغل بيكسل (600 دولار) في مهام بسيطة كالتحقق من البريد الإلكتروني والتقاط الصور. وتبين لنا أن الصور الملتقطة بهذا الجهاز قليلة الجودة والجمال مقارنة باللقطات التي يأخذها الآيفون وهواتف أندرويد العادية حتى.
ولكننا لم نتوقع منذ البداية أن يتمكن فريق «فيرفون» الصغير المؤلف من 110 أشخاص من تطوير قدرة حوسبية وتقنية كاميرا تنافس تلك التي تنتجها الشركات الكبرى.
وأخيراً، كشفت «فيرفون» أن عائدات منتجها ليست سيئة، وأنها حققت أرباحاً ببضعة ملايين يورو في عامي 2020 و2021.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«غوغل» تعزز تجربة زوار ومتابعي أولمبياد باريس عبر تقنيات وتحديثات خاصة

تكنولوجيا تقدم «غوغل» التحديثات في الوقت الفعلي والخرائط التفاعلية وخدمات البث ومساعدي الذكاء الاصطناعي لمتابعي الأولمبياد (غوغل)

«غوغل» تعزز تجربة زوار ومتابعي أولمبياد باريس عبر تقنيات وتحديثات خاصة

بمساعدة التكنولوجيا المتقدمة والمنصات الرقمية لـ«غوغل»، يمكن لمشجع أولمبياد باريس في جميع أنحاء العالم البقاء على اتصال واطلاع طوال المباريات.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا «كراود سترايك» هي شركة تكنولوجيا أميركية عملاقة تقدر قيمتها بأكثر من 80 مليار دولار (شاترستوك)

«كراود سترايك»: 97 % من أجهزة استشعار «ويندوز» عادت للعمل

بعد أسبوع من الأزمة المعلوماتية العالمية التي تسببت بها، أعلنت «كراود سترايك» عودة 97 في المائة من أجهزة استشعار «ويندوز» للعمل.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا من السهل على مجرمي الإنترنت اعتراض أو فك تشفير أو اختراق البيانات التي يتم نقلها عبر شبكات الـ«واي فاي» المجانية (شاترستوك)

25 % من شبكات الـ«واي فاي» المجانية في أولمبياد باريس غير آمنة

يلعب توافر نقاط الـ«واي فاي» المجانية دوراً مهماً، وخاصة أثناء الأحداث العامة الكبيرة، لكنها تطرح مخاطر التهديدات الإلكترونية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)

خاص 4 مليارات حادث سيبراني متوقع في أولمبياد باريس

فريق «استخبارات التهديدات» والذكاء الاصطناعي في طليعة أسلحة أول مركز موحد للأمن السيبراني في تاريخ الأولمبياد.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يمكن أن يسهّل التعرف المبكر على المرضى الذين من المرجح أن يتقدموا بسرعة العلاج في الوقت المناسب والمراقبة الدقيقة (شاترستوك)

الذكاء الاصطناعي أكثر دقة بـ3 مرات في التنبؤ بتقدم مرض ألزهايمر

ابتكر باحثون بجامعة كمبردج نموذجاً للتعلم الآلي يمكنه التنبؤ بتطور مشاكل الذاكرة والتفكير الخفيفة إلى مرض ألزهايمر بدقة أكبر من الأدوات السريرية.

نسيم رمضان (لندن)

«كراود سترايك»: 97 % من أجهزة استشعار «ويندوز» عادت للعمل

«كراود سترايك» هي شركة تكنولوجيا أميركية عملاقة تقدر قيمتها بأكثر من 80 مليار دولار (شاترستوك)
«كراود سترايك» هي شركة تكنولوجيا أميركية عملاقة تقدر قيمتها بأكثر من 80 مليار دولار (شاترستوك)
TT

«كراود سترايك»: 97 % من أجهزة استشعار «ويندوز» عادت للعمل

«كراود سترايك» هي شركة تكنولوجيا أميركية عملاقة تقدر قيمتها بأكثر من 80 مليار دولار (شاترستوك)
«كراود سترايك» هي شركة تكنولوجيا أميركية عملاقة تقدر قيمتها بأكثر من 80 مليار دولار (شاترستوك)

بعد أسبوع من الأزمة العالمية التي تسببت بها شركة «كراود سترايك» عندما أثّر تحديث في نحو 8.5 مليون جهاز يعمل بنظام «ويندوز»، سارع جورج كورتز، رئيس الشركة، إلى بثّ رسالة طمأنة، مؤكداً فيها أن 97 في المائة من أجهزة استشعار «ويندوز» عادت للعمل اعتباراً من 25 يوليو (تموز). وقال كورتز إن نجاح ذلك يعود إلى تطوير تقنيات الاسترداد التلقائي، وتعبئة جميع الموارد لدعم العملاء. كما أصدرت الشركة مراجعة أولية لما بعد الحادث (PIR) تشرح من خلالها السبب الجذري للعطل.

ماذا حدث؟

في يوم الجمعة 19 يوليو، أصدرت «كراود سترايك» تحديثاً لتكوين المحتوى لمستشعر «ويندوز» لجمع القياس عن بُعد حول تقنيات التهديد الجديدة المحتملة. وتعدّ مثل هذه التحديثات روتينية، وهي جزء من آليات الحماية الديناميكية لمنصة «فالكون». تقول الشركة: «لسوء الحظ، أدى تحديث تكوين محتوى الاستجابة السريعة هذا إلى تعطل نظام (ويندوز)».

شملت الأنظمة المتأثرة أجهزة تعمل بنظام «ويندوز» بإصدار المستشعر (7.11) وما فوق، التي كانت متصلة بالإنترنت وتلقت التحديث في ذلك التوقيت. لم تتأثر أجهزة «ماك»، و«لينكس» كما ذكرت الشركة في تقريرها، وأنه تم إصلاح الخلل بسرعة.

أثّر الانقطاع في العملاء بما في ذلك شركات الطيران والقطارات والمطارات وأنظمة الدفع ومحلات السوبر ماركت (شاترستوك)

ما الخطأ بحسب «كراود سترايك»؟

في فبراير (شباط) 2024، قدمت الشركة نوع قالب «InterProcessCommunication (IPC)» الجديد المصمم للكشف عن تقنيات الهجوم المتطورة. اجتاز نوع القالب هذا الاختبارات الأولية في 5 مارس (آذار)، مما دفع إلى إصدار نموذج قالب مماثل. بين 8 و24 أبريل (نسيان)، تم نشر 3 نماذج قالب «IPC» أخرى، وجميعها يعمل دون التسبب في مشكلات لملايين أجهزة «ويندوز». ويشار إلى أن أجهزة «لينكس (Linux)» واجهت بعض المشكلات مع «كراود سترايك» في أبريل الماضي.

في 19 يوليو، أصدرت «كراود سترايك» نموذجين إضافيين لقالب «IPC». تقول الشركة إنه «لسوء الحظ، احتوى أحد هذين النموذجين على (بيانات محتوى تسبب المشكلات) وتم نشره بسبب خطأ في «محقق المحتوى». وفي حين أن الدور المحدد لمحقق المحتوى غير مفصل، فمن المفترض أنه يتحقق من المحتوى بحثاً عن أخطاء قبل الإصدار.

سمح هذا الإهمال بتشغيل «Template Instance»، وهو في الأساس تطبيق محدد لقالب عام يحتوي على أخطاء أو تناقضات، شُغل استناداً إلى الافتراض الخاطئ بأن الاختبارات الناجحة لأنواع النماذج السابقة ضمنت سلامة إصدار 19 يوليو. أثبت هذا الافتراض أنه كارثي، مما أدى إلى «قراءة ذاكرة خارج الحدود تؤدي إلى حدوث استثناء». أدى هذا الاستثناء غير المعالج إلى تعطل نظام التشغيل «ويندوز» على نحو 8.5 مليون جهاز.

رداً على هذا الحادث، التزمت «كراود سترايك» بإجراء اختبارات أكثر صرامة لمحتوى الاستجابة السريعة في المستقبل. وأعلنت أنها تخطط لتأخير الإصدارات، ومنح المستخدمين مزيداً من التحكم في توقيت النشر، وتوفير ملاحظات إصدار شاملة.

خطأ بشري كان السبب!

في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، يرى ماهر يمّوت باحث أمني رئيسي في فريق البحث والتحليل العالمي لدى شركة «كاسبرسكي» أن السبب المحدد لانقطاع الخدمة المفاجئ لا يُعد محورياً هنا». ويشرح يمّوت أن «ما يهم هو أن خطأ بشرياً أو خطأ في العملية أدى إلى تحديث سيئ، مما تسبب في تعطل الأنظمة العالمية.» ولتقليل احتمال حدوث ذلك في المستقبل، ينصح يمّوت «بضرورة تنفيذ عملية التحديث على جانب العميل لترتيب التحديثات، بدلاً من الاعتماد فقط على التحديثات التلقائية من المصدر».

يُتخوَّف من استغلال المقرصنين لحادثة «كراود سترايك» لإنشاء مواقع ويب وهمية للاسترداد وصفحات تصيّد أخرى (شاترستوك)

استغلال من المقرصنين

كان خبراء ووكالات الأمن السيبراني قد حذّروا من موجات قرصنة قد يتعرّض لها المستخدمون مرتبطة بالحادث. وطالبت وكالات الأمن السيبراني في المملكة المتحدة وأستراليا الأشخاص بتوخي الحذر من رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات والمواقع الإلكترونية المزيفة التي تتظاهر بأنها رسمية. وقالت الوكالات إنها لاحظت بالفعل زيادة في عمليات التصيد الاحتيالي التي تشير إلى هذا الانقطاع، حيث تسعى الجهات الخبيثة الانتهازية إلى الاستفادة من الموقف. وحث جورج كورتز، رئيس شركة «كراود سترايك» المستخدمين على التأكد من التحدث إلى ممثلين رسميين من الشركة قبل تحميل أي تحديثات.

وأفاد ماهر يمّوت بأن مجرمي الإنترنت يقومون بإنشاء مواقع ويب وهمية للاسترداد، وصفحات تصيد أخرى لمحاولة خداع المستخدمين المتأثرين بانقطاع تكنولوجيا المعلومات هذا. وأوضح خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك يسمى «تكتيك الهندسة الاجتماعية الذي يستخدمه المحتالون غالباً لاستغلال الأشخاص في أثناء حوادث عالمية مماثلة».

تفسيرات ومناقشات واسعة النطاق

أثار الحادث مناقشات وانتقادات كثيرة دفعت البعض للتعمق في الكود المحدد الذي أدى إلى التعطل، بينما يشكك آخرون في فاعلية العمليات الداخلية لشركة «كراود سترايك». وقد تم استدعاء الرئيس التنفيذي لشرح هذا الفشل من قبل لجنة الأمن الداخلي الأميركية، مسلطاً الضوء على أهمية الحدث. وقد تسبب الحادث في اضطرابات تتجاوز المجال التقني، مؤثراً في الشركات والأفراد الذين يعتمدون على عمليات الكومبيوتر المستمرة، العاملة بنظام «ويندوز».

يؤكد خطأ «كراود سترايك» أهمية عمليات الاختبار والتحقق القوية في تطوير البرامج، خصوصاً لمنتجات الأمان التي تحمي ملايين الأجهزة. وربما يشكّل التزام الشركة بتحسين إجراءاتها والشفافية في التعامل مع العواقب خطوةً حاسمةً في استعادة ثقة المستخدم ومنع وقوع حوادث مماثلة في المستقبل.