يبدو أن مصر باتت على رأس أولويات دور الأزياء العالمية، فلأول مرة، تحوّل معبد حتشبسوت في الأقصر منصة لعرض الأزياء، ووسط أجواء احتفالية، استقبل معبد الدير البحري نحو 350 شخصية عامة، ليل الأحد، من حول العالم، جاؤوا إلى المدينة التاريخية للاحتفال باليوبيل الذهبي بمرور 50 عامًا على انطلاق دار الأزياء الإيطالية الرائدة في مجال الملابس الرجالية الفاخرة «ستيفانو ريتشي».
كانت الدار قد وقع اختيارها على المعبد الذي شيّدته الملكة حتشبسوت قبل أكثر من 3500 عام، في أحضان جبل القرنة التاريخي بالبر الغربي لمدينة الأقصر، ليشهد أحدث عروضها، وقال ستيفانو ريتشي، مؤسس الدار التي انطلقت إلى عالم الموضة في 1972، في حديث لمجلة «أناسا إيت توسكانا» الإيطالية: «أتطلع لأن يكون معبد حتشبسوت منصة غير عادية تحتضن إبداعاتي». وأضاف: «الحصول على موافقة المؤسسات المصرية يُشعرني بكثير من الاعتزاز والشرف، وأشعر بإحساس كبير بالمسؤولية والاحترام عندما أدخل هذه الأماكن الفريدة».
وحسبما جاء في الصحف الإيطالية، كان من المقرر أن يُقام هذا العرض في مارس (آذار) الماضي، غير أنه تأجل لظروف الأزمة الروسية - الأوكرانية، ليُقام في التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) ويمتد لثلاثة أيام قادمة بمحافل تُقام في ساحات معبدي الأقصر وهابو بمصر.
ويرى الدكتور مصطفى وزيري، أمين عام المجلس الأعلى للآثار، أن إقامة عرض أزياء عالمي أمام معبد حتشبسوت له «دلالات وانعكاسات إيجابية على قطاع السياحة في مصر»، وقال في حديث إلى صحيفة «الأهرام» المصرية: «مثل هذا الحدث يعد دعاية رائعة لسياحة الأقصر لأنه حدث عالمي تتابعه جميع الصحف حول العالم».
ويبدو أن مصر كذلك آتية في عالم الموضة، فقبل قرابة شهر أعلنت الدار الفرنسية الفاخرة «كريستيان ديور»، عزمها تقديم تشكيلة ما قبل الخريف للأزياء الرجالية 2022 - 2023 من أمام سفح أهرامات الجيزة، وحسب بيان صحافي، فقد حددت الدار موعد 3 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لتكون بذلك تعزز وجودها في مصر لا سيما بعدما اختارت منطقة الأهرامات من قبل للاحتفال بحملة ترويجية لعطر «سوفاج» الأيقوني، مارس الماضي.
من جانبه يُرجع أشرف محيي، مدير عام منطقة آثار الهرم، هذا الاهتمام من صُناع الموضة إلى المحافل الأثرية التي نظّمتها مصر خلال العام، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنها تبعات موكب المومياوات الذي وصل صداه إلى أطراف العالم، كذلك، احتفالية طريق الكباش، فهذا جزء أصيل من خطة وزارة السياحة والآثار لإعادة مصر إلى مكانتها السياحية». ويواصل: «صحيح أن كلا الدارين لها صيت ذائع، غير أن الظهور إلى جوار معالم مصر الأثرية له مكانة خاصة، فهنا أقدم معالم الأرض».
وأشار محيي إلى أن مصر تستهدف تنوع أنماط السياحة، وأوضح: «قبل سنوات كانت مصر تعتمد على السياحة الثقافية فحسب والتي تتلخص في زيارة المناطق الأثرية، بينما اتجهت الوزارة نحو توسيع وتعدد السلوك السياحي ليشمل السياحة الرياضية باستضافة مسابقات عالمية، وسياحة المعارض، وكذلك سياحة العلامات التجارية التي نشهدها نتوسع فيها آنياً».
اتجاه دور الأزياء العالمية نحو مصر لا ينعكس على السياحة فحسب، بينما ثمة أثر متوقع ربما يجنيه رواد تصميم الأزياء في مصر، وهو ما أشارت إليه سوزان ثابت، العضو المؤسس لمجلس الأزياء والتصميم المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «مصر وتاريخها الزاخر منطقة جذب لكل علامات الأزياء ليس فقط من خلال إقامة المحافل على أرضها، بينما لطالما كانت مصدر إلهام، غير أن حضور هذه العلامات وانطلاق تشكيلاتها من قلب مصر له تبعات إيجابية على سوق صناعة الموضة في مصر». وأضافت: «حضور علامات مثل ستيفانو ريتشي وديور يمهد الطريق لأول أسبوع موضة في مصر والمرتقب إقامته في أبريل (نيسان) المقبل».
وأكدت ثابت أن صعود مصر كوجهة لسياحة الموضة يزيد صغار المصممين ثقةً، ما ينعكس على أدائهم وإبداعاتهم لاحقاً، وزادت «دور الأزياء البارزة تضع المتسوق العربي نُصب أعينها الآن، وهو ما يفسر اتجاهها نحو دبي والرياض ثم مصر بمناطقها السياحية، فهنا في قلب الشرق الأوسط سوق واعدة وقوة شرائية لافتة».
هل باتت مصر وجهة جديدة لصُناع الموضة؟
معبد حتشبسوت يستضيف ستيفانو ريتشي... والأهرامات تنتظر ديور
هل باتت مصر وجهة جديدة لصُناع الموضة؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة