مطالب غربية وأممية بالتحقيق في «محرقة المهاجرين» بصبراتة

مخاوف من غرق 100 شخص عالقين قبالة ساحل ليبيا

تجمع لعدد من المهاجرين غير النظاميين في العاصمة الليبية (أرشيفية من جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة)
تجمع لعدد من المهاجرين غير النظاميين في العاصمة الليبية (أرشيفية من جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة)
TT

مطالب غربية وأممية بالتحقيق في «محرقة المهاجرين» بصبراتة

تجمع لعدد من المهاجرين غير النظاميين في العاصمة الليبية (أرشيفية من جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة)
تجمع لعدد من المهاجرين غير النظاميين في العاصمة الليبية (أرشيفية من جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة)

دخلت بعثات دبلوماسية غربية، في ليبيا على خط «جريمة» العثور على 15 جثة متفحمة على متن قارب وبجواره على شاطئ مدينة صبراتة، المطلة على البحر المتوسط (70 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس)، ودعت السلطات المحلية إلى إجراء تحقيق «سريع ومستقل وشفاف» لتقديم جميع الجناة إلى العدالة. يأتي ذلك فيما أطلقت منظمات إنسانية دولية، اليوم، نداء استغاثة لسرعة إنقاذ قارب يواجه الغرق قبالة سواحل ليبيا، على متنه 100 مهاجر غير نظامي.
وأدان رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، ساباديل جوزيه، «بشدة عملية القتل الشنيعة» للمهاجرين الخمسة عشر في صبراتة، وقال: «نشعر بحزن عميق للخسارة المأساوية في الأرواح البشرية، قلوبنا مع الضحايا وعائلاتهم».
وطالب جوزيه عبر حسابه على «تويتر» مساء أمس، بـ«إجراء سريع لتقديم المتورطين للمحاكمة»، وتابع: «يجب أن نستمر في محاربة الشبكات الإجرامية التي تستغل المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا».
وتعددت الروايات حول طريقة مقتل المهاجرين الذين عثر على جثامينهم متفحمة الجمعة الماضي، على شاطئ صبراتة، ما بين تعرضهم لإطلاق نار كثيف على خلفية اشتباكات بين متاجري البشر، وتدمير مركبهم بقذيفة مدفعية، لكن جمعية الهلال الأحمر الليبي، التي انتشلتهم نأت بنفسها عن كشف تفاصيل الحادثة، وقالت في بيان اليوم، إن «جهودها التطوعية تقتصر على تقديم الدعم الإنساني للسلطات المحلية بقصد تخفيف معاناة الفئات الأكثر ضعفاً».
وتصاعدت ردود الفعل المحلية والدولية الغاضبة، وطالبت السفيرة البريطانية لدى ليبيا كارولين هورندال، بالعمل على تفكيك «الشبكات الإجرامية» التي تستغل المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا.
وأيدت السفيرة، البيان الذي أصدرته البعثة الأممية للدعم في ليبيا، مساء أمس، وقالت إنها «تؤيده تماماً»، كما «يجب التحقيق في هذا الحدث البغيض وتقديم الجناة إلى العدالة».
وكانت البعثة الأممية، سارعت بإدانة ما سمته بـ«عملية القتل الشنيعة» التي راح ضحيتها 15 مهاجراً وطالب لجوء على الأقل في صبراتة. تم العثور على 11 جثة متفحمة داخل القارب مع العثور على أربع جثث أخرى خارجه، داعية السلطات الليبية إلى «ضمان إجراء تحقيق سريع ومستقل وشفاف لتقديم جميع الجناة إلى العدالة».
وأوضحت البعثة الأممية أنه «لم يتم الإفصاح عن تفاصيل الحادثة بعد، لكن «ورد أن عملية القتل نتجت عن اشتباكات مسلحة بين المتاجرين بالبشر المتنافسين».
ورأت البعثة أن هذا الهجوم هو «تذكير صارخ بضعف الحماية الذي يواجهه المهاجرون وطالبو اللجوء في ليبيا، والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان التي ترتكبها شبكات تهريب قوية وشبكات إجرامية تحتاج إلى وقف سريع ومقاضاة».
وصبراتة تعد من أهم نقاط انطلاق المهاجرين غير النظاميين إلى دول أوروبا، بجانب مدن أخرى مثل الزاوية وزوارة والقرة بوللي، شرق العاصمة وغرب، حيث تنشط بها مافيا تهريب المهاجرين بعيداً عن أعين الشرطة بتسريبهم عبر البحر.
ويعد هؤلاء المهاجرون فريسة للمتاجرين، عندما لا يقضون أثناء محاولتهم عبور «المتوسط» المحفوف بالمخاطر، فيما تتعرض ليبيا بانتظام لانتقاد المنظمات غير الحكومية بسبب سوء المعاملة التي تلحق بالمهاجرين.
ومنذ بداية العام، تم اعتراض ما يزيد على 14 ألف مهاجر وإعادتهم إلى ليبيا، وفقاً لتقرير صادر عن المنظمة الدولية للهجرة. وأشارت المنظمة إلى أن ما لا يقل عن 216 شخصاً لقوا مصرعهم أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط، كما فُقد 724 شخصاً يُرجح أنهم لقوا حتفهم.
وعادة ما تقذف أمواج البحر بعشرات الجثث لمهاجرين على شواطئ المدن الساحلية من بينها صبراتة والخميس. وسبق لفريق البحث بجمعية الهلال الأحمر انتشال العشرات منها بعد ظهورها على ساحل مدينة الخمس (غرب البلاد) في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، وهي الكارثة التي وصفتها الجمعية حينها، بأنها «الأكثر ترويعاً».
ونوهت الجمعية اليوم، إلى أن «عملها يتضمن التواصل مع الشركاء من المنظمات الإنسانية الإقليمية والدولية، من أجل تقديم الدعم والمساعدة للمهاجرين»، مؤكدة على استمرار عملها في مجال الهجرة والمهجرين في جميع المدن والمناطق التي بها مراكز إيواء تابعة لوزارة الداخلية، من خلال تقديم الخدمات الصحية لهم، وتوفير الاتصالات بأسرهم.
كذلك، دعت السفارة الأميركية في ليبيا السلطات المحلية إلى محاكمة المتورطين في حادث صبراتة، وتكثيف جهود مكافحة الاتجار بالبشر، مطالبة مساء أمس، بـ«سرعة التحقيق في هذا الهجوم المروع، ومحاكمة المجرمين».
وحولت الفوضى التي أعقبت سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011 ليبيا إلى طريق مفضل لعشرات الآلاف من المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء والدول العربية وجنوب آسيا، الذين يتسربون عبر حدودها المترامية للوصول إلى الشواطئ الأوروبية.
في غضون ذلك، وجهت منظمة «إس أو إس ميديتيراني» غير الحكومية الفرنسية - الألمانية، ومشروع «آلارم فون» التابع لمنظمة «ووتش ذا ميد» غير الحكومية، نداء استغاثة مشترك لإنقاذ قارب يقل مائة مهاجر غير نظامي، قبالة الساحل الليبي.
وتضمن النداء الذي نقلته وكالة «أكي» الإيطالية، اليوم، أن «مائة شخص معرضون للخطر قبالة سواحل ليبيا»، بعدما فقد الاتصال بهم، لافتة إلى أنه «قبل انقطاع الاتصال، أبلغ أحد المهاجرين الجهتين عن حدوث تسرب للماء داخل القارب، الذي تعطل محركه».


مقالات ذات صلة

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر أمنية، السبت، أن اثنين من رجال الأمن ومهاجرَين قُتلوا بإطلاق نار في لون بلاج بالقرب من مدينة دونكيرك الشمالية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا سفينة على متنها مهاجرون غير شرعيين ترسو في جزيرة كريت اليونانية (أرشيفية - رويترز)

غرق مهاجر ومخاوف من فقد آخرين بعد انقلاب قارب قبالة اليونان

قال خفر السواحل اليوناني، اليوم السبت، إن السلطات انتشلت جثة مهاجر وأنقذت 39 آخرين من البحر بعد انقلاب قارب.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
شمال افريقيا حرس جزر الكناري الإسبانية يقدم مساعدات لمهاجرين أفارقة انطلقوا من سواحل تونس بعد غرق مركبهم (إ.ب.أ)

مقتل 9 مهاجرين وفقدان 6 آخرين قبالة سواحل تونس

قضى تسعة مهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وفُقد ستة آخرون بعد غرق قاربهم قبالة السواحل التونسية.

«الشرق الأوسط» (تونس)
العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين غرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

سلطات طرابلس تضبط 40 باكستانياً قبل تهريبهم إلى أوروبا

يقول «جهاز دعم الاستقرار» الليبي بطرابلس إنه «تم جلب هؤلاء المهاجرين عبر تشكيل عصابي دولي يتقاضى 20 ألف دولار أميركي من كل مهاجر مقابل إرساله إلى ليبيا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.