تعرّف على أعمق المناطق المكتشفة بالأرض

تعرّف على أعمق المناطق المكتشفة بالأرض
TT

تعرّف على أعمق المناطق المكتشفة بالأرض

تعرّف على أعمق المناطق المكتشفة بالأرض

هناك عوالم عميقة على كوكبنا تبدو وكأنها خارج كوكب الأرض وتعيش فيها مخلوقات عجيبة منها أسماك شفافة تشبه الزهور. لكن من بين جميع الأخاديد والخنادق المغمورة الموجودة يا ترى ما هي أعمق البقع بكل محيطات العالم الخمسة؟
ويعد أعمق مكان في المحيط الهادئ (وعلى الأرض) خندق ماريانا. وأن أعمق نقطة في الخندق هي «تشالنجر ديب» بالقرب من أراضي غوام الأميركية؛ إذ يبلغ عمقها حوالى 36000 قدم (10973 مترًا) تحت سطح الماء، وفقًا لدراسة أجريت عام 2019 ونشرت بمجلة «Earth-Science Reviews». فيما تعتبر أعمق منطقة في المحيط الأطلسي هي «ميلووكي ديب» بمحور 27.585 قدم (8408 أمتار). ثم خندق بورتوريكو الذي يأتي على عمق 23917 قدمًا (7290 مترًا) بمنطقة مجهولة في قاع المحيط الهندي. غير ان ​المحيط الجنوبي (المعروف أيضًا باسم المحيط المتجمد الجنوبي) يقع على عمق 24229 قدمًا (7385 مترًا). و​​المحيط المتجمد الشمالي إلى عمق 16000 قدم (4877 مترًا) وفيه أعمق نقطة بمضيق فرام.
هذه المناطق بعيدة عن متناول الشمس وقد تبدو وكأنها ليست سوى أفواه فجوة من الظلام الذي لا يمكن اختراقه. لكن ماذا يعرف العلماء عن هذه الحدود النهائية؟
وفيما يلي أربع مناطق تعد الأكثر عمقا في كرتنا الأرضية:

خندق ماريانا

وهو عبارة عن هاوية محيطية لم يذهب اليها سوى 27 شخصًا فقط، إذ تعد «تشالنجر ديب» أعمق نقطة فيه، وان أول من ذهب إلى هناك المستكشفان جاكويس بيكارد ودون وولش خلال مغامرة عام عام 1960. كما ذهب ماكنزي جيرنجر الأستاذ المساعد في علم الأحياء بكلية جامعة ولاية نيويورك مع زملائه من جامعة هاواي في مانوا برحلة استكشافية عام 2014 إلى عمق «سيرينا ديب» (أحد أعمق أجزاء الخندق الأخرى) التي تقع على عمق 34448 قدمًا (10500 متر)؛ حيث الظلام والظروف الصعبة، وذلك وفق ما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي المتخصص.

وأفاد الموقع بأن هذه النقطة من الأرض «لا يوجد فيها ضوء للشمس. وان درجات الحرارة منخفضة عادة ما تكون حوالى 1-2 درجة مئوية وان الضغط مرتفع.
لكن، على الرغم من الظروف القاسية، توجد حياة في أعمق أجزاء بحار كوكبنا»؛ فقد لاحظ جيف درازن أستاذ علم المحيطات بجامعة هاواي في مانوا أن «أنواع الكائنات التي تعيش في أعماق قصوى تميل إلى التشابه، رغم أن الأنواع المختلفة قد تكون فريدة من نوعها في مناطق مختلفة». موضحا «أن بعض المخلوقات تظهر في أعماق معينة»، قائلا «وجدنا أن الحياة تتغير بشكل كبير مع العمق. إذ يتم التحكم بالعمق عن طريق التكيف مع الضغط».
كما ورد ان جيرنجر وزملاؤه أجروا تحقيقات بقاع «سيرينا ديب» واكتشفوا مخلوقا سمي «سمكة الحلزون» كما سميت بمنطقة هادال (جزء من المحيط يتراوح عمقها بين حوالى 19700 قدم و 36000 قدم - 6000 إلى 10970 مترًا - ولا توجد إلا في الخنادق البحرية).
فقد تم تكييف مثل هذه المخلوقات خصيصًا للبقاء على قيد الحياة في الأعماق.
ووفقًا لجيرنجر، فإن الضغوط الشديدة تدفع ضد الجسم وتضعف الإنزيمات والبروتينات؛ لذلك جهز سمك حلزون ماريانا وأنواع «هادال» الأخرى للتعامل مع هذا الأمر مع الإنزيمات التي تعمل بشكل أكثر فعالية تحت ضغط عالٍ للغاية. كما أنها تنتج جزيئا يعرف باسم «TMAO» (ثلاثي ميثيل أمين N-oxide) لمنع الضغط من العبث بالبروتينات بأجسامها. لكن ما لاحظه جيرنجر ودرازان بخندق ماريانا يعكس ما يُرى بشكل عام في المناطق السحيقة والهادئة عبر الأرض؛ ففي خندق ماريانا على عمق 16000 قدم (488 مترا)، سبحت ثعابين البقر وأسماك الجرساني بين الجمبري (ديكابود). وعندما كانت كاميرات المسبار تتعمق أكثر أفسحت هذه الأنواع الطريق لسمك الحلزون ومزدوجات الأرجل العملاقة. وعند الغوص أعمق من ذلك ظهرت أنواع مختلفة من البرمائيات والروبيان الأصغر في الغالب. إذ كان أعمق ما شوهدت فيه أي سمكة 26250 قدمًا (8000 متر).

خندق بورتوريكو

ويقع قبالة سواحل بورتوريكو جنوب فلوريدا.
يقول جيرنجر «معظم هذه الموائل هي خنادق تتشكل عبر الاندساس؛ حيث تنزلق صفيحة تكتونية تحت الأخرى مكونة واديًا عميقًا».

تفسر الصفائح التكتونية المتغيرة أيضًا وجود مجموعة من الجزر البركانية المنتشرة في مكان قريب، حيث أن الانغماس هو نفس النوع من النشاط التكتوني الذي يمكن أن يتسبب في ارتفاع الصهارة من تحت قشرة الأرض. هذه ليست البراكين الوحيدة حول هذا الخندق. ففي أعماق البحار، تم العثور على بركان اندلع في الوحل بالقرب من عمق 26000 قدم (8000 متر)، وفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA). وان المناطق المحيطة بهذا الخندق معرضة للزلازل وأمواج تسونامي بسبب الاندساس. حتى أن هناك خطأ في خندق بورتوريكو يبدو بشكل مخيف كنسخة مغمورة من صدع «سان أندرياس».
ويعد أعمق جزء من الخندق «ملويكي ديب» الذي غاص فيه المستكشف فيكتور فيسكوفو بغواصة مأهولة عام 2018 (كان فيسكوفو قد نزل سابقًا إلى خندق ماريانا وكان أول شخص يغوص في عمق تشالنجر مرتين).

خندق جافا وخندق ساندويتش الجنوبي

تم تحديد الأجزاء الأعمق من خندق جافا بالمحيط الهندي وخندق ساندويتش الجنوبي في المحيط المتجمد الجنوبي من قبل بعثة الأعماق الخمسة (FDE) عام 2021، وفقًا للمسح الجيولوجي البريطاني.
وقبل الرحلة الاستكشافية، كانت هذه المناطق غير المكتشفة في الغالب غير مستكشفة.
ولم يتم استكشاف خندق ساندويتش الجنوبي (المنطقة الوحيدة على الأرض التي تعاني من درجات حرارة دون الصفر) على الإطلاق قبل هذه المهمة.

فقد استكشف باحثو البعثة الأعماق الخفية للمحيط عن طريق إرسال مركبات تعمل عن بعد (ROVs). واستخدم الفريق مركبة الغاطسة العميقة (DSV) وثلاث مركبات هبوط إضافية وروبوتات تحمل أدوات متعددة، مثل أجهزة الاستشعار؛ التي تسقط في القاع وتستكشف قاع البحر. وقد نُشرت نتائج الفريق بمجلة «Geoscience Data Journal » للجمعية الملكية للأرصاد الجوية.

أما في خندق جافا فقد لاحظت الكاميرات الموجودة على مركبات الإنزال FDE سمك الحلزون وخيار البحر وأشكال الحياة الغريبة المظهر، مثل بخّ البحر الذي يطفو في المياه المظلمة كبالون شبحي. وأن دراسة أخرى لـ FDE نُشرت في الجزء الثاني من أبحاث أعماق البحار (الدراسات الموضعية في علم المحيطات) سلطت الضوء على الحيوانات في خندق «ساندويتش الجنوبي»؛ ففي هذه المياه المتجمدة وجد الباحثون أسماك الحلزون ومزدوجات الأرجل والنجوم الهشة وخيار البحر والإسفنج والكرينويدات.

مضيق فرام

وانطلاقًا من القطب الجنوبي إلى المحيط المتجمد الشمالي، قامت بعثة الأعماق الخمسة بالتحقيق في «مولّوي ديب» بمضيق فرام، بين شرق غرينلاند وجزر سفالبارد قبالة الساحل الشمالي للنرويج. حيث لم تشهد أي بعثة أخرى قاع «مولّوي ديب» من قبل.
وفي مضيق فرام، تؤثر التقلبات بمستويات المياه العذبة والمالحة على مجموعات العوالق النباتية والميكروبات الأخرى. فقد أثر تغير المناخ على المحيط المتجمد الشمالي أكثر من أي محيط من محيطات العالم الخمسة، كما أن سمك الجليد البحري يتناقص باطراد منذ عام 1990.

ويعيش القليل من المخلوقات في هذه النقطة العميقة من الأرض؛ إنها في الأساس فوهة بركان ضخمة؛ حيث تتجمع المادة العضوية وتسقط على جوانبها. لكن لا يوجد العديد من المخلوقات التي تعيش في هذه المنطقة القاحلة؛ حيث أن العلماء بمعمل ماير كايزر بـ«مؤسسة علوم المحيطات» في ماساتشوستس عندما بحثوا عن يرقات فيها كان الحيوان الوحيد الذي تم التقاطه بالكاميرا هو نوع من خيار البحر يُعرف باسم خنزير البحر.
وفي حين أن بيئات أعماق البحار هذه حول العالم قد تبدو بعيدة جدًا، إلا أنها لا تزال متأثرة بالنشاط البشري.
ويشعر جيرنجر بالقلق من أن آثار تغير المناخ مثل ذوبان الجليد في القطب الشمالي والتلوث قد تشق طريقها من القاع إلى السطح. إذ يوجد بالفعل «amphipod» (القشريات الصغيرة مثل برغوث الرمل) موجود بخندق ماريانا يسمى «Eurythenes plasticus» بسبب المواد البلاستيكية الدقيقة الموجودة بمعدته. ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد؛ فقد عثر فيسكوفو على كيس بلاستيكي وأغلفة حلوى بنفس الخندق، مبينا «ان أعماق البحار مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمحيطات السطحية؛ حيث تؤثر الأنشطة البشرية مثل التلوث البلاستيكي وتغير المناخ بالفعل على موائل أعماق البحار ومن المهم أن نفهم ونقدر ونحمي هذه النظم البيئية».


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)

تحتفي وزارة الثقافة السعودية بنظيرتها العراقية في النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتين» خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في «ميقا استوديو» بالرياض، لتقدم رحلة استثنائية للزوار عبر الزمن، في محطاتٍ تاريخية بارزة ومستندة إلى أبحاث موثوقة، تشمل أعمالاً فنيّةً لعمالقة الفن المعاصر والحديث من البلدين.

ويجوب مهرجان «بين ثقافتين» في دهاليز ثقافات العالم ويُعرّف بها، ويُسلّط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين الثقافة السعودية وهذه الثقافات، ويستضيف في هذه النسخة ثقافة العراق ليُعرّف بها، ويُبيّن الارتباط بينها وبين الثقافة السعودية، ويعرض أوجه التشابه بينهما في قالبٍ إبداعي.

ويُقدم المهرجانُ في نسخته الحالية رحلةً ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة، والسمعية في أجواءٍ تدفع الزائر إلى التفاعل والاستمتاع بثقافتَي المملكة والعراق، وذلك عبر أربعة أقسامٍ رئيسية؛ تبدأ من المعرض الفني الذي يُجسّد أوجه التشابه بين الثقافتين السعودية والعراقية، ويمتد إلى مختلف القطاعات الثقافية مما يعكس تنوعاً ثقافياً أنيقاً وإبداعاً في فضاءٍ مُنسجم.

كما يتضمن المهرجان قسم «المضيف»، وهو مبنى عراقي يُشيّد من القصب وتعود أصوله إلى الحضارة السومرية، ويُستخدم عادةً للضيافة، وتُعقدُ فيه الاجتماعات، إلى جانب الشخصيات الثقافية المتضمن روّاد الأدب والثقافة السعوديين والعراقيين. ويعرض مقتطفاتٍ من أعمالهم، وصوراً لمسيرتهم الأدبية، كما يضم المعرض الفني «منطقة درب زبيدة» التي تستعيد المواقع المُدرَجة ضمن قائمة اليونسكو على درب زبيدة مثل بركة بيسان، وبركة الجميمة، ومدينة فيد، ومحطة البدع، وبركة الثملية، ويُعطي المعرض الفني لمحاتٍ ثقافيةً من الموسيقى، والأزياء، والحِرف اليدوية التي تتميز بها الثقافتان السعودية والعراقية.

ويتضمن المهرجان قسم «شارع المتنبي» الذي يُجسّد القيمة الثقافية التي يُمثّلها الشاعر أبو الطيب المتنبي في العاصمة العراقية بغداد، ويعكس الأجواء الأدبية والثقافية الأصيلة عبر متاجر مليئة بالكتب؛ يعيشُ فيها الزائر تجربةً تفاعلية مباشرة مع الكُتب والبائعين، ويشارك في ورش عمل، وندواتٍ تناقش موضوعاتٍ ثقافيةً وفكرية متعلقة بتاريخ البلدين.

وتُستكمل التجربة بعزفٍ موسيقي؛ ليربط كلُّ عنصر فيها الزائرَ بتاريخٍ ثقافي عريق، وفي قسم «مقام النغم والأصالة» يستضيف مسرح المهرجان كلاً من الفنين السعودي والعراقي في صورةٍ تعكس الإبداع الفني، ويتضمن حفل الافتتاح والخِتام إلى جانب حفلةٍ مصاحبة، ليستمتع الجمهور بحفلاتٍ موسيقية كلاسيكية راقية تُناسب أجواء الحدث، وسط مشاركةٍ لأبرز الفنانين السعوديين والعراقيين.

فيما يستعرض قسم «درب الوصل» مجالاتٍ مُنوَّعةً من الثقافة السعودية والعراقية تثري تجربة الزائر، وتُعرّفه بمقوّمات الثقافتين من خلال منطقة الطفل المتّسمة بطابعٍ حيوي وإبداعي بألوان تُناسب الفئة المستهدفة، إذ يستمتع فيها الأطفال بألعاب تراثية تعكس الثقافتين، وتتنوع الأنشطة بين الفنون، والحِرف اليدوية، ورواية القصص بطريقةٍ تفاعلية مما يُعزز التعلّم والمرح.

بينما تقدم منطقة المطاعم تجربةً فريدة تجمع بين النكهات السعودية والعراقية؛ لتعكس الموروث الثقافي والمذاق الأصيل للبلدين، ويستمتع فيها الزائر بتذوق أطباقٍ تراثية تُمثّل جزءاً من هوية وثقافة كل دولة، والمقاهي التي توفر تشكيلةً واسعة من المشروبات الساخنة والباردة، بما فيها القهوة السعودية المميزة بنكهة الهيل، والشاي العراقي بنكهته التقليدية مما يُجسّد روحَ الضيافة العربية الأصيلة.

ويسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة تستعرض الحضارة السعودية والعراقية، وتُبرز التراث والفنون المشتركة بين البلدين، كما يهدف إلى تعزيز العلاقات بين الشعبين السعودي والعراقي، وتقوية أواصر العلاقات الثقافية بينهما، والتركيز على ترجمة الأبعاد الثقافية المتنوعة لكل دولة بما يُسهم في تعزيز الفهم المتبادل، وإبراز التراث المشترك بأساليب مبتكرة، ويعكس المهرجان حرص وزارة الثقافة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية المملكة 2030».