«دفاتر مايا»... يمثل لبنان في «أوسكار» 2023

تنافس مع الفيلم اللبناني «بيروت هولدم»

لقطة من فيلم «دفاتر مايا» (الشرق الأوسط)
لقطة من فيلم «دفاتر مايا» (الشرق الأوسط)
TT

«دفاتر مايا»... يمثل لبنان في «أوسكار» 2023

لقطة من فيلم «دفاتر مايا» (الشرق الأوسط)
لقطة من فيلم «دفاتر مايا» (الشرق الأوسط)

مايا هي امرأة لبنانية انتقلت للعيش في كندا منذ أكثر من 30 سنة، ولا تزال تقيم في مونتريال مع ابنتها المراهقة أليكس. وعشية عيد الميلاد، تتلقّى مايا شحنة، وهي كناية عن صندوق في داخله دفاتر وأشرطة كاسيت وصور؛ مما شكل مفاجأة لها. فهي كانت قد أرسلتها قبل سنوات طويلة (في عام 1982) من بيروت إلى صديقة عزيزة لها تعيش في باريس. ترفض مايا فتح الصندوق ومواجهة ذكرياتها. لكنّ مقتنيات الشحنة من صور ومذكرات تثير فضول الابنة أليكس، فتغوص في هذا الأرشيف وفي أسرار حياة أمها، فتدخل ما بين الخيال والواقع عالم مراهقة والدتها خلال الحرب اللبنانية، مكتشفة ألغاز الماضي الخفي.
هذه هي قصة فيلم «دفاتر مايا» الذي اختارته وزارة الثقافة وأعضاء لجنة مكلفة بهذه المهمة لتمثيل لبنان في جائزة «أوسكار» السينمائية لعام 2023.
وسيدخل الفيلم هذه المسابقة عن فئة أفضل فيلم أجنبي غير ناطق بالإنجليزية التي تنظمها أكاديمية الفنون وعلم الصور المتحركة في الولايات المتحدة الأميركية. وسيجري حفل الأوسكار المنتظر في 12 مارس (آذار) عام 2023.
الفيلم من إخراج الثنائي جريج وجوانا حجي توما، وقد استوحته هذه الأخيرة من قصة واقعية حصلت معها. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «ترتكز فكرة الفيلم على مراسلات وُجدت بعد 30 عاماً. كنا نتبادلها صديقتي وأنا، على مدار 6 سنوات. وهو ما ولّد لدي وزوجي الرغبة في صناعة الفيلم. فهدفنا هو نقل حيثيات هذه المرحلة لابنتي عليا ولآخرين من أبناء جيلها. فأصداء هذا الماضي كانت غريبة بالنسبة لنا في هذا الوقت الذي نشهد خلاله أزمات وانهيارات لا سابق لها».
وتنافس الفيلم المذكور مع آخر بعنوان «بيروت هولدم» للمخرج ميشال كمون. شارك في عملية التصويت لجنة مخصصة من قِبل وزارة الثقافة. وهي تتألف من نقاد وخبراء سينمائيين وهم صوفي بطرس، وعلي ضاهر، وإميل شاهين، ومحمد حجازي، وهادي زكاك، وإيلي يزبك، وأحمد غصين، وفيليب عرقتنجي، وشادي زيدان، وتوفيق خوري. حصل «دفاتر مايا» على أعلى نسبة أصوات مقابل صوت واحد لمنافسه. واعتمدت اللجنة المكلفة من وزارة الثقافة معايير سينمائية تمثلت بالآتي: موضوع الفيلم وطريقة معالجته، وكذلك حركة الإخراج والسيناريو والتقنيات المستخدمة، إضافة إلى عملية إدارة الممثلين وحركة الكاميرا وإيقاع الفيلم، حسب ما ذكر بيان وزارة الثقافة في لبنان. وعلق وزير الثقافة في لبنان القاضي محمد وسام المرتضى على هذا الإعلان بالقول «أتطلع إلى أن يعكس هذا الفيلم بتقنياته وموضوعه صورة مميزة عن الإنتاج السينمائي اللبناني. وآمل أن يلاقيه الدعم اللازم من ناحية التسويق ليكون بمتناول أوسع شريحة من المشاهدين محليا ودولياً. ونتمنى أن يحقق لبنان إنجازا في مجال الفن السابع ويتمكن من الفوز بجائزة الأوسكار لعام 2023».
من ناحيته، أشار أحد أعضاء اللجنة الذي شارك في عملية التصويت الناقد السينمائي محمد حجازي، إلى أنه يراهن على وصول «دفاتر مايا» إلى المراحل النهائية من جائزة الـ«أوسكار».
ويتابع في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «الفيلم تكتمل فيه جميع العناصر السينمائية المطلوبة، فيه الكثير من المشاعر والجهد السينمائي. كما أنه يولّد أجواء جديدة في العلاقة ما بين المخرج وفيلمه. وكما هو معروف، فإن الفيلم مستوحى من قصة حقيقية حصلت مع مخرجته جوانا حجي توما».
ويشير حجازي إلى أنه وللمرة الأولى يتفق أعضاء اللجنة وبالإجماع على ترشيح نفس الفيلم إلى الـ«أوسكار». ويوضح «بغض النظر عن الصوت الوحيد الذي ناله (بيروت هولدم) فإننا كنا متفقين على هذا الترشيح. حتى أن الشخص الذي صوّت لـ(بيروت هولدم) كان يدرك أنه الأفضل سينمائياً، ولكنه رغب في الإشارة إلى أهمية (بيروت هولدم) وهو ما نتفق عليه معه أيضاً».
وفي رأي حجازي، فإن «دفاتر مايا» يتفوق على منافسه اللبناني بتغليفته السينمائية المكتملة. وقال «لقد كان الخيار صعباً جداً؛ ولذلك طالبنا من وزير الثقافة أن ينوه بفيلم ميشال كمون ضمن بيانه الرسمي الذي تضمن نتيجة التصويت».
وفي المقابل، لوحظ حضور نسائي عربي لأربعة أفلام عربية تشارك في المسابقة. وتخوض 5 أفلام عربية غمار هذه المسابقة العالمية وهي «فرحة» من الأردن و«القفطان الأزرق» من المغرب، و«تحت أشجار التين» من تونس، و«إخواننا» من الجزائر، و«حمى البحر المتوسط»، من فلسطين. ويعلق حجازي «إنها ليست المرة الأولى التي ترشح فيها أفلام سينمائية لمخرجات عربيات ضمن الـ(أوسكار). فقد حققت التونسية كوثر بن هنية عن فيلمها (الرجل الذي باع ظهره) نتيجة رائعة في العام الفائت خلال مهرجان الأوسكار. فوصلت مرحلة التصفيات النهائية التي تتضمن 5 أفلام مرشحة للفوز. وهو الأمر نفسه الذي حققته أيضاً المخرجة اللبنانية نادين لبكي مع فيلمها (كفرناحوم) في أوسكار 2019».
وتجدر الإشارة إلى أن مصر ولأول مرة تغيب عن المشاركة في الـ«أوسكار». وأثار قرار لجنة اختيار الفيلم المصري المرشح للمنافسة على الدخول في قائمة «أوسكار أفضل فيلم أجنبي»، الكثير من الجدل. فأيّده البعض في حين انتقده آخرون.
وجاء قرار اللجنة بعدم ترشيح أي فيلم نتيجة غالبية أصوات رأت أن الأفلام التي كانت على مائدة الترشيح لم تكن مناسبة.


مقالات ذات صلة

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)
سينما بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

يأتي فيلم «سعود وينه؟» بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي.

«الشرق الأوسط» (جدة)

«مدينة مفقودة» في المحيط الأطلسي «لا تشبه شيئاً على الأرض»

أعماق المحيط أذهلت الإنسان (مختبر «أميز»)
أعماق المحيط أذهلت الإنسان (مختبر «أميز»)
TT

«مدينة مفقودة» في المحيط الأطلسي «لا تشبه شيئاً على الأرض»

أعماق المحيط أذهلت الإنسان (مختبر «أميز»)
أعماق المحيط أذهلت الإنسان (مختبر «أميز»)

أذهلت حقيقة ما يكمُن داخل محيطاتنا، الناس منذ الأزل؛ لذا ليس مستغرباً تكاثُر الخرافات حول الأعماق المائية. ولكن بصرف النظر عن قارة أتلانتيس الغارقة، فقد اكتشف العلماء «مدينة مفقودة» حقيقية تحت الأمواج، تعجُّ بالحياة.

وذكرت «إندبندنت» أنّ المناظر الطبيعية الصخرية الشاهقة تقع غرب سلسلة جبال وسط الأطلسي، على عمق مئات الأمتار تحت سطح المحيط، وتتألّف من جدران وأعمدة وصخور ضخمة تمتدّ على طول أكثر من 60 متراً. للتوضيح، فهي ليست موطناً لإحدى الحضارات الإنسانية المنسيّة منذ مدّة طويلة؛ لكنَّ ذلك لا يقلِّل أهمية وجودها.

يُعدُّ الحقل الحراري المائي، الذي أُطلق عليه اسم «المدينة المفقودة» لدى اكتشافه عام 2000، أطول بيئة تنفُّس في المحيطات، وفق موقع «ساينس أليرت ريبورتس». وإذ لم يُعثَر على شيء آخر مثله على الأرض، يعتقد الخبراء بإمكان أن يقدّم نظرة ثاقبة على النُّظم البيئية التي يمكن أن توجد في مكان آخر في الكون.

«مدينة مفقودة» حقيقية تحت الأمواج (مختبر «أميز»)

ولأكثر من 120 ألف عام، تغذَّت الحلزونات والقشريات والمجتمعات الميكروبية على الفتحات الموجودة في الحقل، التي تُطلق الهيدروجين والميثان والغازات الذائبة الأخرى في المياه المحيطة.

ورغم عدم وجود الأكسجين هناك، فإنّ حيوانات أكبر تعيش أيضاً في هذه البيئة القاسية، بما فيها السرطانات والجمبري والثعابين البحرية؛ وإنْ ندُرَت.

لم تنشأ الهيدروكربونات التي تُنتجها الفتحات من ضوء الشمس أو ثاني أكسيد الكربون، وإنما بتفاعلات كيميائية في قاع البحر. سُمِّيت أطول سهول «المدينة المفقودة»، «بوسيدون»، على اسم إله البحر الإغريقي، ويبلغ ارتفاعه أكثر من 60 متراً. في الوقت عينه، إلى الشمال الشرقي من البرج، ثمة جرفٌ حيث تنضح الفتحات بالسوائل، مما ينتج «مجموعات من الزوائد الكربونية الدقيقة متعدّدة الأطراف تمتدّ إلى الخارج مثل أصابع الأيدي المقلوبة»، وفق الباحثين في «جامعة واشنطن».

هناك الآن دعوات لإدراج «المدينة المفقودة» ضمن مواقع التراث العالمي لحماية الظاهرة الطبيعية، خصوصاً في ضوء مَيْل البشر إلى تدمير النُّظم البيئية الثمينة.

وفي عام 2018، جرى تأكيد أنّ بولندا نالت حقوق التنقيب في أعماق البحار حول الحقل الحراري. وفي حين أنّ «المدينة المفقودة»، نظرياً، لن تتأثّر بمثل هذه الأعمال، فإنّ تدمير محيطها قد تكون له عواقب غير مقصودة.