سلفاكير لـ «الشرق الأوسط» : اتفاقية جوبا لم تفشل ولكن ينقصها التمويل

رئيس جنوب السودان قال إن علاقة بلاده مع الرياض «استراتيجية»... ومباحثات وشيكة حول «قضية أبيي»

سلفاكير ميارديت رئيس جنوب السودان (الشرق الأوسط)
سلفاكير ميارديت رئيس جنوب السودان (الشرق الأوسط)
TT

سلفاكير لـ «الشرق الأوسط» : اتفاقية جوبا لم تفشل ولكن ينقصها التمويل

سلفاكير ميارديت رئيس جنوب السودان (الشرق الأوسط)
سلفاكير ميارديت رئيس جنوب السودان (الشرق الأوسط)

في أول لقاء مع صحيفة عربية منذ تسلمه قيادة دولة جنوب السودان وكأول رئيس للدولة عقب الاستفتاء الذي جرى في 9 يوليو (تموز) عام 2011 الذي نتج عنه استقلال دولة جنوب السودان عن جمهورية السودان، دافع الرئيس سلفاكير ميارديت في حوار مع «الشرق الأوسط»، عن اتفاقية جوبا للسلام في السودان، وفند مزاعم فشلها، مبينا أنها تحتاج إلى تمويل ودعم إقليمي ودولي، وقال «نختلف تماماً مع من يعتقد بأن اتفاقية جوبا لسلام السودان لم تحقق السلام، فالغاية من توقيع اتفاقيات السلام تتمثل في إيقاف الحرب وهو ما تم». وقال سلفاكير في حوار مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من جوبا «ما يشغلنا الآن هو الاستمرار في تنفيذ اتفاقية السلام، لأن تنفيذ الاتفاق سيسهم في تحقيق الأمن والاستقرار ويعزز الأمن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي».
وأشاد الرئيس سلفاكير بتطور علاقات بلاده مع السعودية والتي وصفها بالاستراتيجية وأنها «في تطور مستمر وتتجه نحو آفاق أرحب للتعاون في مختلف المجالات»، وأشار إلى توقيع برتوكول التعاون المشترك بين الرياض وجوبا والتي تمت في الرياض بداية العام الجاري والتي شملت مجالات مختلفة، مثل الاستثمار والتعليم والصحة، والعلاقات الدبلوماسية، والتنسيق والتشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك في المحافل الدولية.
ورحب رئيس دولة جنوب السودان بزيارة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي إلى جوبا، وقال لدينا مجالات تعاون كثيرة مع السعودية ولدينا فرص استثمارية واعدة خاصةً في قطاعات النفط والغاز، التعدين، الزراعة، الإنشاءات، الطرق والسياحة وغيرها من القطاعات، ونريد الاستفادة من إمكانيات السعودية في مجال النفط والغاز، لما للشركات السعودية من تجربة كبيرة ونحن في أمس الحاجة إليها، وأضاف «من خلال صحيفة «الشرق الأوسط» أحب أن أدعو الإخوة السعوديين لزيارة جنوب السودان للوقوف على الإمكانيات في المجالات المختلفة في جنوب السودان وكيفية الاستفادة منها لمصلحة البلدين»، فإلى تفاصيل الحوار:

> بداية فخامة الرئيس هنالك نمو مطرد في العلاقات بين الرياض وجوبا بعد توقيع اتفاق برتوكولي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بين البلدين كيف تصف العلاقة؟ وما أهم مجالات التعاون بين البلدين؟
- قبل الإجابة على هذا السؤال دعني أرحب بكم عبر الأثير من مدينة جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان، وللإجابة على هذا السؤال نقول إن العلاقات بين البلدين في تطور مستمر ونتمنى أن تتطور إلى آفاق أرحب وأوسع، وهذه العلاقات من جانبنا نصفها بأنها استراتيجية لما يمكن أن يستفيد منه البلدان في المجالات كافة، والتوقيع بين وزيري الخارجية في البلدين - إبان زيارة وزير خارجيتنا للمملكة ديسمبر (كانون الأول) الماضي –على برتوكول للتعاون المشترك بين البلدين في المجالات ذات الاهتمام المشترك. أما فيما يختص بمجالات التعاون، فالكل يعلم بأن لدى جنوب السودان فرصا واعدة في مختلف المجالات وخاصةً في قطاعات النفط والغاز، التعدين، الزراعة، الإنشاءات، الطرق والسياحة وغيرها، وأوجه من خلال صحيفتكم الدعوة للإخوة المستثمرين في السعودية، لزيارة جنوب السودان للوقوف على هذه الإمكانيات في المجالات المختلفة وكيفية الاستفادة منها لمصلحة الشعبين في البلدين.

> وهل هنالك مشروعات تعاون حالية بين البلدين أو قريبا وما هي طبيعتها؟
- بعد التوقيع على بروتوكول التعاون بين البلدين، نسعى الآن لتكون المشاريع على أرض الواقع، وستتم مناقشة بعض الأمور المهمة خلال الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى جنوب السودان. وبعد ذلك ستتوالى اللقاءات بين المسؤولين في كلا البلدين كل في تخصصه لتنفيذ ما تم الاتفاق بشأنه، وسيعقد العديد من اللقاءات خاصةً في مجال النفط والغاز والزراعة لأننا حقيقة نرغب في الاستفادة من إمكانيات السعودية في مجال النفط والغاز لما للشركات السعودية من تجربة كبيرة ونحن في أمس الحاجة إليها والتعاون بين البلدين في تقديرنا سيستفيد منه الدول من حولنا ويمكن مستقبلا أن ننقل تجربتنا لهذه الدول، وما نود أن نضيفه في هذا الشأن هو أن جنوب السودان لديها أراضٍ زراعية خصبة وشاسعة يمكن الاستفادة منها لإنتاج الأعلاف وغيرها خاصةً أنه يمكن نقل المحاصيل الزراعية إلى السعودية عبر السودان، علما بأن الشركات السعودية المنتجة للألبان ومشتقاتها تزرع الأعلاف في دول أميركا اللاتينية وتنقلها عبر السفن إلى السعودية، مما يضاعف تكلفة الإنتاج، لذلك نعتقد أن الشركات السعودية، يمكن أن تنتج الأعلاف في مناطق شمال أعالي النيل المتاخمة للسودان وتنقلها عبر السودان، مما يقلل التكلفة وتقتصر المدة المطلوبة للنقل ويعزز الإنتاج.
> لكن كيف يتم التعامل مع التحديات التي تواجه جنوب السودان سواء في الخدمات أو البنى التحتية الأساسية؟
- من الأسباب التي دفعت جنوب السودان للاستقلال، يمكن أن نذكر تردي الخدمات الأساسية وغياب البنية التحتية الكافية. ولكن بعد الاستقلال شرعت الحكومة في توفير الخدمات الأساسية والضرورية ومشروعات البنية التحتية اللازمة لتحقيق مشروعات التنمية. وهنالك العديد من المشروعات التي ترعاها المؤسسات الحكومية المختلفة، ولكن هنالك بعض التحديات التي تعترض سبيل تحقيق هذه المشروعات الأساسية المتمثلة في غياب الأمن في بعض المناطق نتيجة للحرب التي خاضتها بعض الجماعات المسلحة ضد الحكومة، ولكن بعد التوقيع على اتفاقية السلام نسعى الآن لمواصلة جهود التنمية في هذه المناطق. ومن التحديات أيضاً هو غياب التمويل لبعض المشروعات التي تحتاج لأموال كبيرة لإتمامها، مما يشكل ضغطاً كبيراً على ميزانية الدولة، ولكننا نرغب في إبرام اتفاقيات مع بعض الجهات الإقليمية والدولية لتمويل هذه المشروعات.
> وما أهي أهم المشاكل التي تشغلكم وتعملون على معالجتها على مستوى تعزيز الأمن الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي؟
- ما يشغلنا الآن هو الاستمرار في تنفيذ اتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة والأطراف المختلفة، لأن تنفيذ الاتفاق سيسهم إسهاما فعالا في تحقيق الأمن والاستقرار، ويعزز الأمن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي بالبلاد. لذلك كل مجهوداتنا الآن منصبة تجاه تنفيذ الاتفاق لبسط السلم والطمأنينة.
> لكن هنالك تحديات أخرى تواجه جنوب السودان أهمها التعليم والصحة؟
- قطاعا الصحة والتعليم من القطاعات المهمة، التي نوليها الاهتمام على كافة المستويات باعتبارها أساس التنمية والتقدم. ولكن هذان القطاعان الهامان يعانيان من بعض التحديات المتمثلة في قلة الكوادر المدربة وقلة الموارد اللازمة، ورغم كل هذه الظروف عقدنا العزم للدفع بهذين القطاعين المهمين، والميزانية الأخيرة، التي تمت إجازتها من قبل البرلمان اهتمت بقطاعي الصحة والتعليم ونأمل في المستقبل، أن تتضاعف هذه الميزانيات لسد حاجتنا من الخدمات الصحية والتعليمية. ونسعى أيضاً لتدريب عدد كافٍ من الكوادر لرفد قطاعي الصحة والتعليم بالكوادر المدربة لمعالجة هذا التحدي.
> كيف تردون على من يدعي بأن دولة جنوب السودان لا تراعي حقوق الأقليات الدينية؟
- أولاً دولة جنوب السودان دولة علمانية ديمقراطية والمواطنة فيها هي أساس الحقوق والواجبات، فليس هنالك أي تمييز بين مواطني البلاد على أساس ديني أو عرقي، ورغم علمانية الدولة تم تكوين مجلس إسلامي للقيام بالأمور الدينية الخاصة بالمسلمين ومجلس للكنائس لرعاية والاهتمام بأمر المسيحيين. أما بشأن تولي الوظائف العامة فهو يخص القوى السياسية المختلفة لاختيار منسوبيها لتولي المناصب والوظائف العامة.
وبشكل أكثر تفصيلا لو رأيت مشاركة المسلمين تجدها في كل مستويات الحكم المختلفة على المستوى القومي والمستويات الأخرى، فعلى المستوى القومي تجد أن أحد نواب رئيس الجمهورية مسلم وهو السيد/ حسين عبد الباقي أيي أكول، نائب رئيس الجمهورية لقطاع الخدمات ولدينا عدد من الوزراء ومستشاري رئيس الجمهورية من المسلمين، وهنا أؤكد أن المواطنة في جنوب السودان هي أساس الحقوق والواجبات ولا نميز بأي شكل من الأشكال بين مواطني بلادنا.
> فخامة الرئيس هنالك حالة نزوح داخلي في بعض المناطق، كيف يمكن احتواء حالة هذا النزوح؟ وهل هنالك منظمات دولية قدمت لكم المساعدات لهذه المشكلة؟
- نعم، هنالك حالة نزوح داخلي ولجوء خارجي لمواطنينا، نتيجة للظروف الطبيعية كالفيضانات والجفاف في بعض المناطق، وكذلك نتيجة لغياب الأمن في بعض المناطق بسبب العنف الممارس من قبل بعض الجماعات المعارضة، وهؤلاء النازحون تركوا قراهم بحثا عن الأمن في المناطق الأخرى.
الحكومة عبر وزارة الشؤون الإنسانية ودرء الكوارث تعمل بشكل جاد وحثيث لمعالجة الصعوبات التي تواجه النازحين وتسعى لتهيئة الظروف التي تمكنهم من العودة لمناطقهم الأصلية للعودة إلى الحياة بشكل طبيعي وممارسة العمل في الزراعة وغيرها لتوفير قوتهم. أما فيما يخص اللاجئين فهنالك لاجئون من دول الجوار خاصةً من السودان والكونغو وجمهورية أفريقيا الأوسطي، وهنالك أيضاً لاجئون من جنوب السودان إلى هذه الدول ونعمل بشكل مشترك مع المنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة لمعالجة أوضاعهم الإنسانية والمعيشية، وحقيقة أن المنظمات الدولية والإقليمية تقوم بعمل جيد تجاه النازحين داخليا واللاجئين خاصةً وكالات الأمم المتحدة فهذه المنظمات تقوم بواجبها المطوب تجاه هذه الفئات.
> إلى أي مدى حققت اتفاقية السلام في جنوب السودان أهدافها خاصةً في الأمن والاستقرار؟
- اتفاقية السلام التي تم توقيعها بين الحكومة والأطراف المختلفة في عام 2018، حققت أمرا مهما جدا بالنسبة لبلادنا ألا وهو إيقاف الحرب والاقتتال الداخلي بين أبناء الوطن الواحد، رغم وجود بعض المجموعات، التي لم توقع على هذه الاتفاقية والتي نعمل حالياً بشكل جاد لضمها لجهود السلام من خلال التفاوض عبر منبر روما.
وحقيقة لتنفيذ هذا الاتفاق تم تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة من كل الفصائل والقوى السياسية المختلفة على جميع المستويات، وشرعنا في توحيد القوات وتدريبها في معسكرات موحدة لتوحيد العقيدة العسكرية، وسنعمل على جمع السلاح من أيدي المواطنين لتجنب الاقتتال العشائري.
ودعني أخبرك أنه تم مؤخراً الاتفاق بين أطراف اتفاقية السلام لتمديد الفترة الانتقالية، عبر خارطة طريق متفق عليها لتكملة ما تبقى من جداول التنفيذ خلال العامين المقبلين، وتم تمديد الفترة الانتقالية لتهيئة المناخ الملائم لإقامة الانتخابات بنهاية الفترة الانتقالية، وستقوم الحكومة بتوفير الظروف المناسبة لقيام الانتخابات المتمثلة في تعديل القوانين الضرورية كقانون الأحزاب السياسية وقانون الانتخابات وتكملة مشروع الدستور الدائم. وكذلك سنجري تعدادا سكانيا شاملا في البلاد لمعرفة عدد السكان واستخدام البيانات في تحديد الدوائر الجغرافية والمراكز الانتخابية وكذلك إعادة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم الأصلية بشكل طوعي لضمان مشاركتهم لانتخاب ممثليهم للأجهزة المختلفة. ونؤكد لكم أننا سنكون جاهزين لإقامة الانتخابات بنهاية الفترة الانتقالية بعد القيام بالتجهيزات اللازمة.

> بعد استقلال جنوب السودان، كيف ترى التعاون مع الخرطوم خاصةً في الجانب الأمني والسياسي والاقتصادي؟
- بعد استقلال جنوب السودان، تمت مناقشة قضايا ما بعد الاستفتاء مع الخرطوم، وهي قضايا متعلقة بالعديد من الملفات ليتم عقد مباحثات مطولة بين البلدين والتي أثمرت عن التوقيع على بروتوكولات التعاون، ومن أهم القضايا التي بحثت هي الحريات الأربع لمواطني البلدين «حق التملك، حرية التنقل، حق العمل وحق الإقامة» ونقل نفط جنوب السودان عبر الموانئ السودانية واستخدام بعض المنشآت النفطية، التي أصبحت سودانية بعد استقلال جنوب السودان. هذه البروتوكولات الموقعة بين البلدين شكلت أسس التعاون المشترك ونعمل الآن بشكل جاد لتطوير آفاق التعاون لآفاق أرحب. ومن بين المشروعات التي نعمل عليها الآن هو كيفية الاستفادة من بعض القدرات السودانية في تطوير بعض الحقول النفطية الجديدة، ونسعى أيضاً لتعزيز التعاون الأمني بين البلدين، حتى لا تستخدم أراضي أي من البلدين كحاضنة للمجموعات المسلحة المناوئة لحكومات البلدين.
> تتابعون المشهد الحالي في الخرطوم، وكنتم طرفاً ووسيطاً لحل المشاكل التي تواجه السودان، هل هنالك مبادرات ستحملها لحل الأزمة في السودان؟
- حكومة جمهورية جنوب السودان لديها علاقات متميزة مع حكومة جمهورية السودان الانتقالية لأن السودان دولة ذات بعد استراتيجي بالنسبة لنا. ونحتفظ بعلاقات متوازنة بين المكونين العسكري والمدني، بصفتنا الطرف الوسيط بين الحكومة السودانية الانتقالية والأطراف السودانية الأخرى. ولتقييم الأوضاع الحالية في السودان، نعتقد أن هنالك بعض التحديات، التي تواجه الحكومة الانتقالية في السودان، نسميها تحديات الانتقال، ويمكن معالجتها بتضافر جهود كل السودانيين وفصائلهم المختلفة، ونعمل الآن مع الحكومة الانتقالية والأطراف السودانية المختلفة لمعالجة هذه التحديات لتعيين رئيس الوزراء وتشكيل حكومة انتقالية بتوافق السودانيين ومن بعد ذلك تتم تهيئة المناخ لتقام انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة.
> كيف تردون على من يدعي أن اتفاقية جوبا للسلام فشلت في تحقيق أهدافها في سلام واستقرار السودان؟
- أولا، دعني أهنئ الشعب السوداني بمرور الذكرى الثانية على توقيع اتفاقية جوبا لسلام السودان، الذي تم في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، ونحن نختلف تمام الاختلاف مع من يعتقد بأن اتفاقية جوبا لسلام السودان لم تحقق أهدافها، لأن الغاية من توقيع اتفاقيات السلام تتمثل في إيقاف الحرب ومعالجة الأسباب التي أدت للحروب والعمل على إعادة التنمية، والسؤال الذي نود أن نطرحه هل تم إيقاف الحرب؟ نقول (نعم) منذ التوقيع على اتفاقية جوبا للسلام بين الحكومة الانتقالية في السودان وأطراف اتفاقية السلام توقفت الحرب، ودعوني أنتهز هذا اللقاء عبر صحيفة «الشرق الأوسط» بدعوة الأطراف التي لم توقع على اتفاق السلام والتي منها الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز آدم الحلو وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور للتفاوض مع الحكومة السودانية الانتقالية حتى يكتمل ملف السلام وضم كل حمَلَة السلاح لركب السلام.
ويمكن أن أقول لك إن اتفاقية السلام تواجه تحديا وحيدا متمثلا في غياب التمويل الكافي لتنفيذ بعض البنود خاصةً بند الترتيبات الأمنية في دارفور والمنطقتين (جبال النوبة والنيل الأزرق). لذلك ندعو المجتمع الدولي والإقليمي لدعم الإخوة في السودان، حتى يتمكنوا من تنفيذ اتفاقية السلام وتحقيق التنمية التي ستساعد في عودة النازحين واللاجئين.
> هل ما زال هنالك ارتباط بين الحركة الشعبية شمال والحركة الشعبية في جنوب السودان وما مدى تأثيرها على المشهد السوداني؟ وماذا عن انشقاق ياسر عرمان ومالك عقار وتأثيره على جهود السلام في السودان؟
- بعد إعلان نتائج الاستفتاء في جنوب السودان عقدت الحركة الشعبية لتحرير السودان ممثلة في مكتبها السياسي اجتماعا مهما في جوبا وتم الاتفاق على فك الارتباط بين الحركتين. ونتيجة لذلك تم تكوين الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال بقيادة مالك عقار ايير وينوب عنه عبد العزيز آدم الحلو وياسر عرمان كأمين عام للحركة. ومنذ ذلكم التوقيت لم يعد للحركتين أي ارتباط بل يعمل كل تنظيم بشكل مستقل عن التنظيم الآخر، أما بشأن الخلافات التنظيمية بين رفاق الأمس، نقول إن الخلاف بينهم شأن داخلي ولكن يمكن أن نقدم لهم النصيحة لمعالجة هذه الخلافات بما يضمن الاستقرار والسلام في السودان.
> وهل يسعى فخامتكم لدفع رموز الحركة بأجنحتها المنقسمة بقيادة الحلو وعقار لتعزيز الاستقرار والسلام في السودان؟
- جهودنا الآن منصبة تجاه حل الأزمة في السودان في الإطار العام، وليست محصورة تجاه الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال. فجنوب السودان كدولة تمثل الجهة الوسيطة والضامنة لتنفيذ اتفاقية جوبا للسلام، ونعمل مع جميع الأطراف لتحقيق الأمن والاستقرار في السودان.
> ما زالت قضية أبيي معلقة بين السودان وجنوب السودان، هل هنالك أي تحرك لحل هذا الملف؟
- عندما تم التوقيع على اتفاقية السلام الشامل في عام 2005، تم الاتفاق على حق شعب منطقة أبيي في ممارسة حقه في تقرير المصير بالتزامن مع استفتاء شعب جنوب السودان. ولكن بسبب بعض التحديات والاختلافات بين الطرفين لم يتمكن شعب أبيي من ممارسة حقه في تقرير المصير وبذلك أصبحت قضية أبيي من ضمن القضايا المعلقة، والتي يتم التباحث بشأنها بين البلدين. ومنذ استقلال جنوب السودان، وحتى الآن الجهود مستمرة لمعالجة ذلكم الأمر، وأخيرا كونت لجنة من عدد من المسؤولين في جنوب السودان، للتباحث مع الجانب السوداني، لحل نهائي لقضية أبيي، وفي المقابل الحكومة السودانية كونت لجنة من جانبها للتباحث مع اللجنة المشكلة من جنوب السودان للحل النهائي لهذا الملف، وفي الأيام المقبلة ستنطلق المباحثات بين البلدين وستعقد الاجتماعات في كل من جوبا والخرطوم بشكل مشترك للتوصل للحل النهائي.
> ما زال ملف سد النهضة محل خلاف بين دول المصب والمنبع، هل جنوب السودان تحمل أي مبادرة لحل هذا الخلاف؟
- نعتقد أن الحل الأمثل لهذه المعضلة، هو الحل السلمي والتوافقي بين هذه الدول، وهي دول تربطنا بها علاقات حسن الجوار كإثيوبيا والسودان وعلاقات طيبة مع مصر. وجنوب السودان لما لها من علاقات طيبة مع هذه الدول مجتمعة، يمكن أن تسهم إسهاما كبيرا وفاعلا في معالجة هذا الملف بما يضمن استفادة هذه الدول من مياه النيل بشكل يرضي جميع الأطراف ويحقق التعاون الذي ننشده.
> أخيراً فخامة الرئيس كيف تنظرون إلى الأزمة الروسية ـ الأوكرانية وآثارها على جنوب السودان والعالم؟
- قطعا، الأزمة الراهنة بين روسيا وأوكرانيا، لها تأثير على المشهد السياسي والاقتصادي في العالم أجمع وليس على جنوب السودان فحسب كما تفضلت. فروسيا من كبريات الدول المنتجة للنفط والغاز والحبوب الغذائية خاصةً القمح وكذلك أوكرانيا من كبريات الدول المنتجة للقمح والحبوب الغذائية الأخرى. فالحرب بين البلدين تسببت في ارتفاع الأسعار والشح في المنتجات القادمة من هاتين الدولتين نتيجة للحرب وقلة الصادر، نحن ندعم الجهود الرامية لحلحلة مثل هذه القضايا بالطرق السلمية لتلافي إفرازاتها التي تعوق تقدم الدول. ونحث الجانبين على الاستمرار في التفاوض والتباحث بغية إيجاد الحلول المرضية للطرفين وللحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.


مقالات ذات صلة

مقتل 7 مندوبين للسلام من جنوب السودان في هجوم استهدف منظمة نرويجية

العالم مقتل 7 مندوبين للسلام من جنوب السودان في هجوم استهدف منظمة نرويجية

مقتل 7 مندوبين للسلام من جنوب السودان في هجوم استهدف منظمة نرويجية

أعلنت منظمة إنسانية نرويجية، اليوم الخميس، أن سبعة مندوبين من جنوب السودان كانوا يشاركون في مؤتمر للسلام في هذه الدولة، قتلوا خلال عطلة نهاية الأسبوع في هجوم استهدف اثنين من سيارات الجمعية، بينما نجا ثلاثة من موظفيها. وقال رئيس جمعية المعونة الكنسية النروجية داغفين هويبراتن في بيان «ندين بشدة الهجوم على مدنيين وعلى عمال الإغاثة الإنسانية».

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
شمال افريقيا مأساة مزدوجة يعيشها لاجئو جنوب السودان في الخرطوم

مأساة مزدوجة يعيشها لاجئو جنوب السودان في الخرطوم

من بين آلاف السودانيين الذين غادروا العاصمة الخرطوم على عجل، هرباً من الحرب بين الجيش و«الدعم السريع»، شريحة كبيرة من اللاجئين من أبناء جنوب السودان، ممن فضلوا البقاء في السودان منذ انفصال البلدين في 2011، أو من الذين اضطروا للعودة هرباً من الحروب التي اندلعت في بلادهم، أو فشلت برامج العودة الطوعية في نقلهم وترحيلهم. هذه الشريحة، جعلها انفجار الحرب في الخرطوم تواجه أزمة «مزدوجة»، فهم في الأصل لاجئون، واضطرهم قتال الشوارع لـ«النزوح» مجدداً.

أحمد يونس (الخرطوم)
شمال افريقيا الخرطوم وجوبا تبحثان خلافاتهما على منطقة حدودية غنية بالنفط

الخرطوم وجوبا تبحثان خلافاتهما على منطقة حدودية غنية بالنفط

أكد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، أن قضية منطقة أبيي، الحدودية بين السودان وجمهورية جنوب السودان، تمثل أولوية لا تحتمل التأخير، قائلاً: «نأمل أن نتوصل إلى نتائج إيجابية لوضعها على مسار السلام العادل والمستدام». ويتنازع البلدان على المنطقة الغنية بالنفط، التي تقع بين ولايتي كردفان السودانية وبحر الغزال بجنوب السودان، ولم يتم حسم النزاع حول المنطقة منذ انفصال الجنوب عن الشمال في عام 2011. وجرى الاتفاق بين البلدين بمنح هذه المنطقة وضعاً مؤقتاً يمنحها شبه استقلالية مع حق سيادة البلدين عليها، إلى حين حسم الخلاف حول تبعيتها إلى أي من الدولتين.

محمد أمين ياسين (الخرطوم)
العالم إثيوبيا تجدد التزامها بدعم الاستقرار في جنوب السودان

إثيوبيا تجدد التزامها بدعم الاستقرار في جنوب السودان

جددت إثيوبيا التزامها بدعم الاستقرار والسلام في جنوب السودان، وذلك خلال زيارة خاطفة أجراها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، اليوم الثلاثاء، إلى جوبا. ووفق بيان حكومي إثيوبي، فإن رئيس الوزراء أجرى محادثات مع رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، والنائب الأول للرئيس رياك مشار خلال زيارة العمل التي قام بها ليوم واحد إلى جنوب السودان. وعبّر رئيس الوزراء عن «تقديره للرئيس سلفا كير على كرم الضيافة الذي لقيه والوفد المرافق له خلال زيارتهم لجوبا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم كباشي وعقار يرأسان اجتماع لجنة  تنفيذ بنود إتفاق جوبا

ورشة في «جوبا» لتقييم تنفيذ اتفاقية السلام في السودان

بدأت أمس في عاصمة جنوب السودان جوبا ورشة لتقييم اتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة السودانية المقالة والفصائل المسلحة في 2020، بمشاركة عضوي مجلس السيادة الانتقالي، شمس الدين كباشي ومالك عقار آير، وفي غضون ذلك رحبت الآلية الثلاثية بانطلاقة الورشة، واعتبرتها مكملة للمشاورات، التي جرت بين الأطراف الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري في الخرطوم مطلع فبراير (شباط) الحالي. وأكد رئيس فريق الوساطة الجنوبية، توت قلواك، في تصريحات صحافية أمس بجوبا، أن الهدف من الورشة وضع جداول زمنية تعين على رفع مستوى التنفيذ، وليس مراجعة أو تعديل الاتفاق.

محمد أمين ياسين (الخرطوم)

نودّع الحرب... ونستعدّ للحرب القادمة

جنود روس يتدربون على استخدام دبابة من طراز «تي-72» قبيل التوجه إلى الجبهة (رويترز)
جنود روس يتدربون على استخدام دبابة من طراز «تي-72» قبيل التوجه إلى الجبهة (رويترز)
TT

نودّع الحرب... ونستعدّ للحرب القادمة

جنود روس يتدربون على استخدام دبابة من طراز «تي-72» قبيل التوجه إلى الجبهة (رويترز)
جنود روس يتدربون على استخدام دبابة من طراز «تي-72» قبيل التوجه إلى الجبهة (رويترز)

كيف تتصرّف الأمم الصغيرة عند التحوّلات الكبرى؟ ما معنى العقلانية والواقعية السياسيّة في ظل الزلازل الجيوسياسيّة؟ هل مفروض على هذه الأمم أن تكون في وضع الخاسر - خاسر دائماً، وجُلّ ما يمكن لها القيام به هو السعي لتقليل الخسائر قدر الإمكان؟ لم يذكر التاريخ إمبراطوريّة واحدة قامت وتشكّلت من أمّة واحدة صرفة.

فقد وُعدت الأمم المتعدّدة ضمن الإمبراطوريات بالأمن والسلام والازدهار، وذلك مقابل الانصياع والانضمام إلى حدود القوّة. فالتمرّد على السلطة المركزيّة سيكون حسابه عسيراً وصولاً إلى حدّ الإبادة والإلغاء.

كان مركز السلطة في الإمبراطوريّة يُشكّل محور الكون. ومن هذا المحور - المركز، يتسلّل الضوء والقوّة معاً إلى الأطراف لفرض نوع مُعيّن من النماذج السياسيّة، كما فرض الإرث الثقافي والحضاريّ. وعندما يضعف المركز، تتفلّت الأطراف ويسقط المحور الكونيّ في مكان، لينبثق من مكان آخر. فالإمبراطوريات مثل طائر الفينيق. تنبعث الإمبراطورية الجديدة من رماد الإمبراطورية التي سبقتها، وعلى حسابها.

وعند التغيير، لزم على الأمم الصغيرة أن تعتمد خيارين ممكنين؛ الأولّ، أن تتمرّد على السلطة الجديدة فتدفع الأثمان، الثاني، أن تنضوي وتصطف، لتُبدّل الراية التي تنادي بـ«سقطت الإمبراطورية، عاشت الإمبراطوريّة».

يقول المفكّر الفرنسي جاك إتالي إن لقيام الإمبراطوريات مُحددات ومُتطلبّات معيّنة، أهمّها الحجم الجغرافيّ، الحجم السكانيّ، كما الثروة والقدرة على تمويل المشروع الكبير. لكن أهمّها هو الفكرة (The Idea) التي تقوم عليها هذه الإمبراطوريّة، والتي تقنع الأمم الأخرى بالانضمام إليه طوعاً. هناك الإمبراطوريات البحرية، كما البريّة - القاريّة. هناك إمبراطوريات نجحت طموحاتها، ومنها من فشل.

مؤشرات التحوّلات الجيوسياسيّة - عسكرياً!

شكّلت الحرب الأهليّة الإسبانيّة قبيل الحرب العالمية الثانية مسرحاً لتجربة واختبار الأسلحة الألمانيّة، وذلك إلى جانب اختبار التكتيكات؛ تدريب العسكر وتراكم للخبرات العسكريّة.

شكّلت الحرب الروسية على أوكرانيا مسرح اختبار لأسلحة القرن الواحد والعشرين. فهي، أي الحرب، حتى ولو شهدت أشكالاً من الحرب العالمية الأولى، كما الثانية، لكنها تدور في عصر الذكاء الاصطناعي، والعوالم الافتراضيّة. في هذه الحرب دخلت المسيّرات بشكل لم يحدث من قبل، الأمر الذي فاجأ القادة العسكرييّن، وغيّر معادلات الحماية في الحرب، كما ظهّر الفجوات الكبيرة في أغلب الاستراتيجيات العسكريّة (Military Doctrine). لم يقتصر تأثير المسيرات على القتال البريّ، لا بل تجاوزها إلى أبعاد الحرب الأخرى، من جو، بحر، برّ وحتى السيبرانيّ.

شكّلت الحرب على غزّة أهم تجربة لحرب المدن، كما لحرب العصابات. في هذه الحرب، خيضت الحرب في الأنفاق أيضاً، التي شكّلت العمق الجغرافي العمودي لحركة «حماس»، الأمر الذي عقّد العمليات العسكرية التقليدية للجيش الإسرائيليّ. ومن تجارب هذه الحرب، سوف تؤخذ الكثير من الدروس، خصوصاً وأن أغلب مسارح حروب المستقبل، وحسب بعض الدراسات العسكريّة، سوف تكون في المدن، وذلك بسبب النمط المتسارع لعملية التحضّر (Urbanization). في الحرب على غزّة، استخدم الجيش الإسرائيليّ الذكاء الاصطناعي في برنامجين هما «Gospel» لاقتراح الأهداف المتعلّقة بالأبنية والبنى التحتية لحركة «حماس»، وبرنامج «الخزامى» (Lavender) لاقتراح الأهداف البشريّة. سرّعت هذه البرامج عملية القتل، الأمر الذي يفسّر عدد القتلى في القطاع.

دبابة إسرائيلية بالقرب من الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة (رويترز)

شكّلت الحرب على لبنان تجربة مختلفة في الكثير من الأبعاد عن الحرب في غزّة. فهي انتقلت من الحرب الدفاعية (Positional) للجيش الإسرائيليّ، التي ترافقت مع السعي لاستنزاف قوات «حزب الله» إلى الحرب الهجوميّة وفي كلّ الأبعاد. شكّلت القوة الجويّة الإسرائيليّة العمود الفقري لعنصر المناورة والحركيّة في الجوّ. في الوقت نفسه، كانت المناورة البريّة المحدودة على الخطّ الأزرق ضد قوات «حزب الله» تسعى إلى وضع هذه القوات بين ما يُسمّى بـ«السندان والمطرقة».

لعب الهجوم البريّ المحدود داخل الخط الأزرق دور السندان، حتى لو كان متحرّكاً. أما سلاح الجو الإسرائيليّ فقد لعب وبامتياز دور المطرقة.

دبابات مهجورة على طريق سريع في منكت الحطب بالقرب من درعا (أ.ف.ب)

في المقابل استمرّ «حزب الله» بما تبقّى له من وسائل في تنفيذ الاستراتيجيّة التي كانت قد وُضعت أصلاً من قبل قياداته لاستعمالها في حال حصول السيناريو السيّئ. فكانت الصواريخ النوعيّة، كما الصواريخ المتوسّطة وقصيرة المدى، كما ما تبقّى من المسيّرات، لكن دون الوصول إلى المُبتغى المرسوم في الخطط الأصليّة. لكنه، أي الحزب، قد أقلق حتماً الخطط الإسرائيلية، خصوصاً عبر المسيّرات.

ماذا عن حروب المستقبل؟

* إذا كانت طبيعة الحرب ثابتة على أنها تُخاض لأهداف سياسيّة، فإن خصائص الحرب متبدّلة في الأبعاد السياسية، الاقتصادية والاجتماعيّة.

* سوف تتميز حروب القرن الـ21 عن سابقاتها، بدخول الذكاء الاصطناعي إلى الآلة العسكرية (Autonomous)، خصوصاً في جمع المعلومات والتنفيذ. أما قرار القتل فهو حتى الآن بيد الإنسان.

* لم تعد التكنولوجيا حكراً على الدولة وتحت سيطرتها. لا بل دخل إلى اللعبة الجيوسياسيّة أشخاص مدنيون يملكون الشركات الحديثة، التي تُصنع وتنتج هذه التكنولوجيا. وإذا كان قد قيل إن «الداتا» هي نفط القرن الـ21، فإن أغلب مراكز تجميع «الداتا» في العالم هي في يد الشركات المدنيّة؛ أغلبها أميركيّة.

* وبسبب الانتشار التكنولوجي السريع، والاستعمال المزدوج لها (Dual use)، كما سهولة الحصول عليها، أصبحت الحرب بالنسبة للاعب من خارج إطار الدولة ممكنة بسبب التكلفة المتدنّية. فمن يقاتل من حالياً في منطقة الهلال الخصيب؟ «حزب الله» ضد إسرائيل. حركة «حماس» ضد إسرائيل. الحوثيون ضد إسرائيل. وأخيراً وليس آخراً «هيئة تحرير الشام» ضد النظام السوري السابق.