«ضربة القدس» في ذروة التحريض على ضعف السلطة بالضفة

العملية تخلط أوراق الإسرائيليين... ورام الله تختار الصمت

جنود إسرائيليون عند أحد مداخل مخيم شعفاط للاجئين في القدس الشرقية الأحد (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون عند أحد مداخل مخيم شعفاط للاجئين في القدس الشرقية الأحد (أ.ف.ب)
TT

«ضربة القدس» في ذروة التحريض على ضعف السلطة بالضفة

جنود إسرائيليون عند أحد مداخل مخيم شعفاط للاجئين في القدس الشرقية الأحد (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون عند أحد مداخل مخيم شعفاط للاجئين في القدس الشرقية الأحد (أ.ف.ب)

في ذروة التحريض الإسرائيلي الرسمي على شمال الضفة الغربية واتهام السلطة الفلسطينية بفقدان السيطرة هناك، خرج منفذ العملية الأخيرة في القدس من قلب المنطقة التي تحرص إسرائيل دوماً على القول بأنها العاصمة الموحدة وهي تحت سيطرتها بالكامل، في عملية خلطت الأرواق الإسرائيلية السياسية والأمنية.
المنفذ الذي تعرف عليه الإسرائيليون لاحقاً، جاء من القدس يحمل الهوية الإسرائيلية، لم يأتِ من الضفة ولم يرسله أحد من الفلسطينيين هناك، ليس له ماضٍ أمني ولا ينتمي للفصائل الفلسطينية... باختصار لا توجد جهة فلسطينية يمكن أن تلقي عليها إسرائيل اللوم، وإنما فقط الاستخبارات الإسرائيلية التي حذرت من 80 هجوماً محتملاً في فترة الأعياد، ولم تتوقع أن تأتيها الضربة من مأمن.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية «كان» إن الصدمة لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية أن منفذ عملية شعفاط لا توجد استخبارات بشأنه من قبل. وكان متورطاً في تجارة الأسلحة، ولم يتوقع أن ينخرط في مثل هذا الهجوم.
وكان فلسطيني من مخيم شعفاط في القدس ترجل من سيارة، مساء (السبت)، وتقدم نحو جنود متمركزين على الحاجز العسكري المعروف باسم حاجز شعفاط، وبادر بإطلاق النار من مسافة صفر على الجنود الذين يظهر فيديو كيف تساقطوا وهلعوا، فيما تمكن هو من الانسحاب راجلاً في مشهد يظهر جرأة غير عادية، قبل أن يؤكد الجيش الإسرائيلي أن جندية قتلت في الهجوم، فيما أصيب اثنان أحدهما بحالة خطيرة للغاية.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان الأحد، إن المجندة التي قُتلت في هجوم إطلاق النار الذي وقع في القدس الشرقية هي الرقيب نوعا لازار (18 عاماً) وهي من سكان بات حيفر في شمال إسرائيل، كانت عضواً في كتيبة «إيرز» التابعة للشرطة العسكرية. ولقد تمت ترقية لازار، التي كانت برتبة عريف، إلى رتبة رقيب بعد وفاتها.
أما المركز الطبي هداسا في القدس فأكد أن الحارس المصاب خضع لعملية جراحية طوال الليل من قبل جراحي أعصاب، ولا يزال موصولاً بجهاز تنفس صناعي وفي حالة خطيرة.
وتعهد المسؤولون في الحكومة الإسرائيلية بالوصول إلى المنفذ الذي ضرب في وقت حساس عشية احتفال الإسرائيليين بعيد «العرش» مساء الأحد. وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية، يائير لبيد، إن قواته ستقبض على منفذ العملية، مضيفاً في محاولة لامتصاص غضب الجمهور الإسرائيلي: «الإرهاب لن ينتصر علينا، وهناك قوات كبيرة منتشرة في المنطقة وتواصل الليل بالنهار من أجل الحفاظ على المواطنين».
وفوراً حاصرت القوات الإسرائيلية مخيم شعفاط واقتحمته بحثاً عن منفذ الهجوم، قبل أن تندلع مواجهات عنيفة في المكان استخدم فيها الإسرائيليون النار وقنابل الغاز في مواجهة الحجارة والزجاجات الحارقة والمفرقعات.
قبل ذلك بقليل، استفز السكان في مخيم شعفاط الإسرائيليين إلى أقصى حد بعدما أطلقوا مفرقعات في الهواء ابتهاجاً بالعملية في صورة التقطتها الشرطة الإسرائيلية ووزعتها على وسائل الإعلام، فيما بدا جزءاً من التحريض على المخيم أو لتبرير الهجوم.
لكن كل ذلك لم يقنع اليمين الإسرائيلي الذي استغل الهجوم وهاجم حكومته بشدة. وقال رئيس حزب «شاس» أرييه درعي إن العمليات تنتشر في كل مكان من الضفة إلى القدس في مواجهة حكومة ضعيفة، مضيفاً: «هذه حكومة ضعيفة لمحاربة العمليات، لا يمكن هزيمة الإرهاب إلا بيد حازمة».
وقال عضو الكنيست إيتمار بن غفير مهاجماً وزير الأمن الداخلي عومر بارليف إن سياسة الحكومة الإسرائيلية قذرة. وأضاف مخاطباً بارليف: «أنت و(وزير الدفاع بيني) غانتس، لماذا ألغيتما الإغلاق (في فترة الأعياد) لقد جلبتما هجوماً آخر بفعل سياستكما القذرة».
ورد بارليف بعد أن قال إن قواته ستلقي القبض على المنفذ من مخيم شعفاط حياً أو ميتاً، بتهديد شمال الضفة. وقال بارليف إنه «إذا لم تتوقف هذه الأحداث فسنضطر إلى القيام بعملية عسكرية كبيرة في مناطق شمال الضفة الغربية»، مضيفاً: «الموعد النهائي لم يأتِ، نحتاج إلى مواصلة فحص الأمر واتخاذ القرارات». وأضاف أن حكومته لا تريد الوصول إلى عملية عسكرية بالضفة الغربية، لكن لا شك أن الأحداث التي جرت في الأسابيع والأيام الماضية كانت شديدة، بحسب وصفه.
طبعاً أقر بارليف بأن حادث شعفاط صعب لأن المنفذ جاء من القدس، ووصل ماشياً إلى الحاجز، وأطلق النار ثم انسحب ماشياً كذلك إلى مخيم شعفاط. وقال: «ليست المرة الأولى التي يخرج فيها مسلحون فلسطينيون من شرق القدس لتنفيذ عمليات ضد الشرطة الإسرائيلية، نحن في حالة تأهب قصوى، فترة الأعياد اليهودية حساسة للغاية».
في السياق، ردت فصائل فلسطينية وناشطون على بارليف بتذكير إسرائيل أنها قمعت محتفلين في القدس بعيد المولد النبوي وتنتهك المسجد الأقصى، وأن الذي يمس بالأقصى عليه أن يتوقع كل شيء، سواء من الضفة أو القدس أو غزة أو حتى الداخل. ليست مسألة تخص شمال الضفة فقط.
وحتى ظهر الأحد لم تكن إسرائيل قريبة من المنفذ وانتقدت وسائل إعلام إسرائيلية أنه بعد كل هذه الساعات وآلاف الجنود وقوات خاصة وطائرات مسيرة ومروحيات «يتجول المنفذ في قلب القدس العاصمة بحرية».
من جهتها، باركت «حماس» و«الجهاد» والفصائل الفلسطينية الأخرى العملية التي وصفتها بـ«البطولية»، ودعت إلى تكثيف المقاومة، فيما التزمت السلطة الفلسطينية الصمت، وهو صمت يكاد يكون أقرب إلى شماتة في إسرائيل التي ما توقفت عن اتهام السلطة بالضعف وفقدان السيطرة في شمال الضفة الغربية ما سمح للمسلحين بالتحرك، قبل أن تأتي الضربة من أكثر مكان تفاخر إسرائيل وتصر وتعيد القول مراراً بأنه تحت سيطرتها، وهو القدس.


مقالات ذات صلة

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

شؤون إقليمية غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

في اليوم الذي استأنف فيه المتظاهرون احتجاجهم على خطة الحكومة الإسرائيلية لتغيير منظومة الحكم والقضاء، بـ«يوم تشويش الحياة الرتيبة في الدولة»، فاجأ رئيس حزب «المعسكر الرسمي» وأقوى المرشحين لرئاسة الحكومة، بيني غانتس، الإسرائيليين، بإعلانه أنه يؤيد إبرام صفقة ادعاء تنهي محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهم الفساد، من دون الدخول إلى السجن بشرط أن يتخلى عن الحكم. وقال غانتس في تصريحات صحافية خلال المظاهرات، إن نتنياهو يعيش في ضائقة بسبب هذه المحاكمة، ويستخدم كل ما لديه من قوة وحلفاء وأدوات حكم لكي يحارب القضاء ويهدم منظومة الحكم. فإذا نجا من المحاكمة وتم تحييده، سوف تسقط هذه الخطة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد مرور 75 عاماً على قيامها، أصبح اقتصاد إسرائيل واحداً من أكثر الاقتصادات ازدهاراً في العالم، وحقّقت شركاتها في مجالات مختلفة من بينها التكنولوجيا المتقدمة والزراعة وغيرها، نجاحاً هائلاً، ولكنها أيضاً توجد فيها فروقات اجتماعية صارخة. وتحتلّ إسرائيل التي توصف دائماً بأنها «دولة الشركات الناشئة» المركز الرابع عشر في تصنيف 2022 للبلدان وفقاً لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، متقدمةً على الاقتصادات الأوروبية الأربعة الأولى (ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، وفقاً لأرقام صادرة عن صندوق النقد الدولي. ولكن يقول جيل دارمون، رئيس منظمة «لاتيت» الإسرائيلية غير الربحية التي تسعى لمكافحة ا

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفين مكارثي، في تل أبيب، امتعاضه من تجاهل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وامتناعه عن دعوته للقيام بالزيارة التقليدية إلى واشنطن. وهدد قائلاً «إذا لم يدع نتنياهو إلى البيت الأبيض قريباً، فإنني سأدعوه إلى الكونغرس». وقال مكارثي، الذي يمثل الحزب الجمهوري، ويعدّ اليوم أحد أقوى الشخصيات في السياسة الأميركية «لا أعرف التوقيت الدقيق للزيارة، ولكن إذا حدث ذلك فسوف أدعوه للحضور ومقابلتي في مجلس النواب باحترام كبير. فأنا أرى في نتنياهو صديقاً عزيزاً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

بدأت المواجهة المفتوحة في إسرائيل، بسبب خطة «التعديلات» القضائية لحكومة بنيامين نتنياهو، تأخذ طابع «شارع ضد شارع» بعد مظاهرة كبيرة نظمها اليمين، الخميس الماضي، دعماً لهذه الخطة، ما دفع المعارضة إلى إظهار عزمها الرد باحتجاجات واسعة النطاق مع برنامج عمل مستقبلي. وجاء في بيان لمعارضي التعديلات القضائية: «ابتداءً من يوم الأحد، مع انتهاء عطلة الكنيست، صوت واحد فقط يفصل إسرائيل عن أن تصبحَ ديكتاتورية قومية متطرفة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

عودة ترمب: فرح في تل أبيب ومخاوف في رام الله

فلسطيني في مخيم البريج يطلب من ترمب وقف الحرب على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني في مخيم البريج يطلب من ترمب وقف الحرب على غزة (أ.ف.ب)
TT

عودة ترمب: فرح في تل أبيب ومخاوف في رام الله

فلسطيني في مخيم البريج يطلب من ترمب وقف الحرب على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني في مخيم البريج يطلب من ترمب وقف الحرب على غزة (أ.ف.ب)

لا يضاهي فرح قادة الائتلاف الحاكم في إسرائيل بفوز الرئيس دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، سوى فرح أنصاره في الولايات المتحدة.

أما بقية العالم، وتحديداً الفلسطينيين، فإنهم متحفظون ومتوجسون وقلقون، وينتظرون كيف سيتصرف الرجل. ولا يملكون بعد مجاملة بروتوكولية له بالفوز، سوى أن يربّوا الأمل في أنه قد ينهي الحروب فعلاً، ويغير سياسته «العدائية» المعروفة، وليس أكثر من الأمل.

وأعطى ترمب إشارة قوية، تلقفها الفلسطينيون والإسرائيليون كل بحسب أمنياته، عندما قال بعد فوزه في الانتخابات، إنه سينهي الحروب في العالم، مؤكداً «لن أبدأ الحروب، سأنهيها».

وتبدو الجملة مقلقة لـتل أبيب ومشجعة للفلسطينيين، لكن عليهما (الطرفين) أن ينتظرا شهرين حتى يتسلم منصبه، وأكثر من ذلك حتى ينخرط في السياسة الخارجية.

وبانتظار ذلك، بدا الفرح غامراً في إسرائيل، لدى الائتلاف الحاكم الذي استقبل خبر فوز ترمب، بالترحيب والابتهاج والاحتفال؛ بناءً على قناعة بسيطة، وهي أنهم ينتظرون منه كل دعم ممكن، عسكري وأمني وسياسي، ليس فقط في حربهم ضد إيران ولبنان وقطاع غزة، وإنما أطماعهم الأخرى في إنهاء حلم الفلسطينيين بالدولة، وتهجيرهم، وضم الضفة الغربية فعلياً والجولان وربما مناطق في لبنان.

تهنئة نتنياهو

وهنأ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الرئيس ترمب، قائلاً له: «عزيزَي دونالد وميلانيا، تهانينا على العودة الأعظم. إن عودتكما التاريخية إلى البيت الأبيض تؤشر إلى بداية جديدة لأميركا وتشكل تجديداً قوياً للالتزام بالتحالف العظيم الذي يسود بين إسرائيل وأميركا».

وكان نتنياهو تقريباً أول زعيم هنأ ترمب، ثم بارك له وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، قائلاً: «بارك الله إسرائيل، بارك الله أميركا».

إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي (أ.ب)

وكذلك فعل وزراء آخرون كثيرون بينهم يسرائيل كاتس، وزير الدفاع الجديد الذي وصف فوز ترمب بتاريخي، مضيفاً: «معاً سنعزز التحالف الأميركي - الإسرائيلي ونعيد المختطفين ونقف بثبات لهزيمة محور الشر الذي تقوده إيران».

وضمن سيل من التهاني، خرج وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وكتب على «إكس» عبارة «نعم»، وشارك تغريدة له منذ يوليو (تموز) كتب فيها: «فليبارك الله ترمب».

ولاحقاً، صعد بن غفير إلى منصة الكنيست مبتسماً، واختار أن يهنئ ترمب أولاً: «هذا هو وقت السيادة، هذا هو وقت النصر المطلق، هذا هو الوقت المناسب لسن عقوبة الإعدام للإرهابيين، هذا هو الوقت المناسب لجميع أنواع القوانين» وأضاف: «تهانينا لدولة إسرائيل وبعون الله - حتى النصر المطلق».

وفي ذروة الفرح، وقف رئيس لجنة الدستور عضو الكنيست سيمحا روثمان وأقام صلاة شكر على فوز ترمب، وعلق وزير القدس مئير باروش: «نصلي جميعاً»، وقال عضو الكنيست أوهاد تال من الصهيونية الدينية: «الوضع سيكون عظيماً مرة أخرى»

مطالب الإسرائيليين

قال المعلق السياسي في صحيفة «يسرائيل هيوم» ارييل كاهانا إنه في كثير من النواحي، ولأسباب عدّة، كان فوز دونالد ترمب الثاني أكثر دراماتيكية من الأول، ولا شك أن ترمب سوف يغير العالم.

وأضاف: «بالطبع سيأتي إلى حربنا أيضاً. وسيتم رفع القيود التي فرضها بايدن على إسرائيل، وستحصل إسرائيل على كل ما تحتاج إليه».

واختصر كاهانا الأمر بقوله إن إسرائيل ستحصل على كل ما تحتاج إليه، سبب الفرحة الكبيرة في ائتلاف نتنياهو، لكن نتنياهو فعلاً ينتظر أشياء محددة. وإضافة إلى ما كتبه بن غفير، فإنهم بشكل عام ينتظرون أشياء كان يصعب فعلها بوجود إدارة الرئيس الحالي جو بايدن.

الحلم الإسرائيلي

وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إنه بشكل عام، سيعيد فوز ترمب إلى الطاولة حلم «الحق في تطبيق السيادة الإسرائيلية على المستوطنات» في الضفة الغربية.

وأضافت: «هنا في إسرائيل يأملون أن يروا شخصاً مثل مايك بومبيو في منصب وزير الدفاع. ومن الممكن أيضاً ترقية سفير ترمب السابق لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، إلى منصب رفيع - الأمر الذي سيجعل المستوطنين سعداء للغاية. فريدمان، وهو مؤيد واضح لإسرائيل ومؤيد للاستيطان، ونشر خطة سياسية لمستقبل إسرائيل، جزء كبير منها هو تطبيق السيادة على يهودا والسامرة (الضفة الغربية)».

سيارات تمر أمام لوحة إعلانية كبيرة تهنئ الرئيس السابق دونالد ترمب عند تقاطع مروري في مدينة تل أبيب الأربعاء (أ.ف.ب)

بالإضافة إلى ذلك، فإن فوز الجمهوريين قد يدفع بشكل كبير قضية التطبيع في المنطقة.

أما في قضية إيران، فإن فوز ترمب سيدخل في نطاق اعتبارات الإيرانيين في الطريق إلى القرار النهائي بشأن مهاجمة إسرائيل أو تجنب الرد الذي خططوا له.

نقطة أخرى مهمة هي أن «فوز ترمب قد يقلل أيضاً من احتمال أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرات اعتقال ضد نتنياهو ووزير الدفاع المُقال يوآف غالانت؛ لأنه في الماضي منع بايدن فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، والتي يمكن لترمب الآن التهديد بها.

يعتقدون في إسرائيل كذلك أنه مع وجود إمكانية لفرض حظر على الأسلحة، فإن الرئيس الجمهوري سيلغي ذلك في أول يوم له في منصبه.

مرحلة حرجة

وتخشى إسرائيل الآن وحتى وصول ترمب من انتقام إدارة بايدن. وقالت «يديعوت أحرنوت» إنه «ينبغي القول إن البلاد تدخل مرحلة حرجة. من الآن وحتى تنصيب الرئيس ترمب في 20 يناير (كانون الثاني)، الرئيس بايدن هو رئيس كل شيء ولديه القدرة على فعل ما يريد. وفي إسرائيل علينا أن نضع في الحسبان احتمال أن يستغل بايدن هذه الفترة لتصفية الحسابات مع نتنياهو.».

وقال المعلق السياسي في «يديعوت» رون بن يشاي إنه من المرجح بعد خسارة هاريس، أن يعود بايدن ويأخذ عجلة القيادة بين يديه، وسيكون متحرراً من قيود الحملة الانتخابية، ومن إرهاب الجناح التقدمي المتطرف، وبالتالي يريد أن يترك وراءه إرثاً واضحاً سيبقى في الذاكرة. وأضاف: «ليس لديه الكثير ليفعله في الشؤون الأميركية الداخلية، لكنه يود في الشرق الأوسط أن يُسجل باعتباره الشخص الذي أنهى الحرب في غزة ولبنان، ووضع حداً لمعاناة الفلسطينيين وردع إيران».

ويرى بن يشاي «أن إدارة بايدن خلال الشهرين المتبقيين له، ستطالب إسرائيل بزيادة كبيرة في كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة، وتخفيف حدة القتال في شمال قطاع غزة، والموافقة على إدارة بديلة في غزة تضم، على الأقل رسمياً، أعضاء السلطة الفلسطينية».

وتابع: «الخلاف الرئيسي سيكون حول المختطفين. ربما يريد بايدن أن يُنسب إليه الفضل في عودتهم»، وتساءل: «ماذا سيفعل كل هذا بالائتلاف؟ من الصعب التقدير».

مخاوف وآمال في رام الله

وإذا كان الإسرائيليون ينتظرون وصول ترمب بلهفة، فليس هذا هو الوضع في رام الله. وثمة مخاوف عالية لدى القيادة الفلسطينية من ألا يغير ترمب سياسته السابقة.

رام الله بين القلق من وصول ترمب والآمال بالسلام (أ.ف.ب)

وقالت ورقة بحثية لمركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في لندن إن فترة ترمب السابقة كانت محملة بقرارات أثرت سلباً على الفلسطينيين، أبرزها نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بها عاصمةً لإسرائيل، وإلغاء التمويل الأميركي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وكلها سياسيات ساهمت في عزلة السلطة الفلسطينية وتهميش مطالبها السياسية.

وأضافت أن «ثمة مخاوف من أن تستمر هذه السياسات أو تتوسع لتشمل إجراءات أكثر صرامة، مثل تقليص المزيد من الدعم الدولي للفلسطينيين أو تشجيع خطط استيطانية إضافية. وبالنسبة للفلسطينيين، يعني ذلك مواجهة واقع جديد يزيد من تعقيد الأوضاع السياسية والاقتصادية والإنسانية».

وإضافة إلى ذلك، معروف أن ترمب من أشد المعادين لفصائل المقاومة، وقد خرج عند مقتل زعيم «حماس» يحيى السنوار قائلاً إن مقتله يمثل خطوة مهمة في سبيل استقرار المنطقة.

ولا يملك الفلسطينيون الآن سوى الانتظار. ولم يفت الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن يهنئ ترمب، وقال إنه يتطلع إلى العمل مع الرئيس ترمب من أجل السلام والأمن في المنطقة. وفي رسالة لترمب قال عباس: «سنظل ثابتين في التزامنا بالسلام، ونحن على ثقة بأن الولايات المتحدة ستدعم تحت قيادتكم التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني».

فلسطينيان يتابعان أخبار فوز ترمب في صالون حلاقة برام الله (أ.ف.ب)

ودعم الدولة الفلسطينية جُلّ ما يريده الفلسطينيون من ترمب، لكنهم اليوم يتطلعون أولاً لإنهاء الحرب. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إنه يأمل أن يتبنى ترمب سياسات واضحة تنهي الحروب وتدفع نحو إحلال السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

وتقريباً هذه أمنيات «حماس» كذلك. وقال القيادي في الحركة سامي أبو زهري، إن فوز ترمب بالمنصب «جعله أمام اختبار لترجمة تصريحاته بأنه يستطيع وقف الحرب خلال ساعات». وقالت «حماس» في أول تعقيب على نتائج الانتخابات الرّئاسية الأميركية إن موقفها من الإدارة الأميركية الجديدة، يعتمد على مواقفها وسلوكها العملي تجاه شعبنا الفلسطيني وحقوقه المشروعة وقضيته العادلة.

من الصعب تقييم ماذا ستكون سياسة ترمب، بالنسبة للإسرائيليين والفلسطينيين كذلك؛ لأن الرجل بحسب ما تصفه وسائل الإعلام الإسرائيلية، «متقلب المزاج ولا يمكن التنبؤ به وعاطفي للغاية».