طريقة اقتصادية غير ملوثة تُحول الكربون إلى «إيثيلين»

باستخدام نهج التحليل الكهربائي

رسم توضيحي للذرات المارّة عبر الماء وغشاء مكهرب تحت أشعة الشمس (الفريق البحثي)
رسم توضيحي للذرات المارّة عبر الماء وغشاء مكهرب تحت أشعة الشمس (الفريق البحثي)
TT

طريقة اقتصادية غير ملوثة تُحول الكربون إلى «إيثيلين»

رسم توضيحي للذرات المارّة عبر الماء وغشاء مكهرب تحت أشعة الشمس (الفريق البحثي)
رسم توضيحي للذرات المارّة عبر الماء وغشاء مكهرب تحت أشعة الشمس (الفريق البحثي)

اكتشف فريق من الباحثين بجامعة إلينوي الأميركية في شيكاغو، بقيادة الباحث مينش سينغ، طريقة لتحويل مائة في المائة من ثاني أكسيد الكربون الملتقط من العادم الصناعي إلى «إيثيلين»، وهو لبنة أساسية للمنتجات البلاستيكية.
وبينما كان الباحثون يستكشفون إمكانية تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى «الإيثيلين» لأكثر من عقد، فإن نهج فريق جامعة إلينوي، الذي أُعلن عنه في 9 سبتمبر (أيلول) الحالي بدورية «سيل ريبورتيز فيزيكال ساينس»، هو أول ما حقق استخداماً بنسبة نحو مائة في المائة لثاني أكسيد الكربون لإنتاج الهيدروكربونات.
وتستخدم الطريقة نظام التحليل الكهربائي لتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون الملتقط إلى «إيثيلين» عالي النقاء، مع أنواع أخرى من الوقود القائم على الكربون والأكسجين بصفتها منتجات ثانوية، ويمكن لهذه العملية تحويل نحو 6 أطنان مترية من ثاني أكسيد الكربون إلى طن متري واحد من «الإيثيلين»، وإعادة تدوير كل ثاني أكسيد الكربون الملتقط تقريباً. ونظراً إلى أن النظام يعمل بالكهرباء، فإن استخدام الطاقة المتجددة يمكن أن يجعل العملية سلبية الكربون.
ووفقاً لسينغ، فإن نهج فريقه يتجاوز هدف صافي الصفر الكربوني لتقنيات احتجاز الكربون، إلى توفير قيمة مضافة كبيرة، فمقابل كل طن من «الإيثيلين» يتم إنتاجه، فإنك تأخذ 6 أطنان من ثاني أكسيد الكربون من مصادر ثابتة والتي لولا ذلك لانطلقت في الغلاف الجوي.
واعتمدت المحاولات السابقة لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى «إيثيلين» على مفاعلات تنتج «الإيثيلين» ضمن تيار انبعاث ثاني أكسيد الكربون المصدر.
وفي هذه الحالات، يتحول ما لا يزيد على 10 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى «إيثيلين»، ويجب فيما بعد فصل «الإيثيلين» عن ثاني أكسيد الكربون في عملية كثيفة الطاقة، غالباً ما تشتمل على الوقود الأحفوري.
وفي نهج جامعة إلينوي، يُمرر تيار كهربائي عبر خلية، نصفها مملوء بثاني أكسيد الكربون الملتقط، والنصف الآخر بمحلول قائم على الماء، ويقوم المحفز المكهرب بسحب ذرات الهيدروجين المشحونة من جزيئات الماء إلى النصف الآخر من الوحدة مفصولة بغشاء، حيث تتحد مع ذرات الكربون المشحونة من جزيئات ثاني أكسيد الكربون لتكوين «الإيثيلين».
ومن بين المواد الكيميائية المصنعة في جميع أنحاء العالم، يحتل «الإيثيلين» المرتبة الثالثة بعد الأمونيا والإسمنت، ولا يستخدم في صناعة المنتجات البلاستيكية للتعبئة والتغليف والصناعات الزراعية والسيارات؛ فحسب، بل أيضاً لإنتاج المواد الكيميائية المستخدمة في مانعات التجمد والمعقمات الطبية.
ويُصنع «الإيثيلين» عادةً في عملية تسمى التكسير بالبخار، تتطلب كميات هائلة من الحرارة، ويولد التكسير نحو 1.5 طن متري من انبعاثات الكربون لكل طن من الإيثيلين الناتج. وفي المتوسط، ينتج المصنعون نحو 160 مليون طن من الإيثيلين كل عام، مما ينتج عنه أكثر من 260 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في جميع أنحاء العالم.
وبالإضافة إلى «الإيثيلين»، تمكًّن علماء جامعة إلينوي من إنتاج منتجات أخرى غنية بالكربون مفيدة للصناعة من خلال نهج التحليل الكهربائي، كما حققوا أيضاً كفاءة عالية جداً في تحويل الطاقة الشمسية، حيث قاموا بتحويل 10 في المائة من الطاقة من الألواح الشمسية مباشرة إلى منتج كربوني، وكانت كفاءة تحويل الطاقة الشمسية نحو 4 في المائة، وهو تقريباً معدل التمثيل الضوئي نفسه.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
TT

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)

تُشكل ندرة المياه العذبة تحدياً عالمياً زائداً، خصوصاً في المناطق الجافة التي تشهد استنزافاً سريعاً لمواردها المحدودة. كما يزيد النمو السكاني والتطور الاقتصادي من حدة المشكلة، حيث يرفعان الطلب على المياه لأغراض الشرب والزراعة والصناعة؛ مما يهدد الصحة العامة والأمن الغذائي.

وتعتمد الطرق التقليدية لتحلية المياه على الطاقة بشكل مكثف ولها آثار بيئية سلبية، بينما تعد تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية حلاً واعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي، حيث تستفيد من الطاقة الشمسية المتجددة. وعلى الرغم من أن أنظمة «المقطرات» الشمسية لتحلية المياه تعد طريقة مستدامة، فإنها تواجه تحديات مثل الكفاءة المنخفضة التي تتراوح بين 30 و40 في المائة، ومعدلات إنتاج منخفضة للمياه العذبة، بالإضافة إلى التلوث البيئي الناجم عن استخدام مواد تقليدية، مثل المواد ذات التغير الطوري.

ألياف طبيعية

واستعرضت دراسة مرجعية أجراها باحثون مصريون، إمكانية استخدام الألياف الطبيعية بوصفها وسيلة مستدامة لتعزيز أداء الأنظمة الشمسية لتحلية المياه. وتتميز الألياف الطبيعية، المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية متاحة في المناطق النائية، بكونها بديلاً منخفض التكلفة، وقابلة للتحلل الحيوي، ومتعددة الاستخدامات.

ووفق النتائج المنشورة بعدد نوفمبر (تشرين الثاني) بدورية (Solar Energy)، يمكن للألياف الطبيعية مثل القطن، وقش الأرز، وألياف شجرة الموز، ونبات السيزال، وقش الخيزران، تحسين الأداء من خلال توفير الهيكل المسامي من أجل ترشيح المياه، وإزالة الشوائب، وتعزيز نقل الحرارة.

يقول الدكتور محمد عجيزة، الباحث الرئيسي للدراسة بقسم الهندسة الميكانيكية في جامعة كفر الشيخ، إن الألياف الطبيعية توفر حلاً مستداماً لتحسين كفاءة تحلية المياه بالطاقة الشمسية مع تقليل الأثر البيئي، لأنها تتميز بالتحلل البيولوجي، ما يجعلها خياراً جذاباً لتعزيز كفاءة الأنظمة الشمسية في المناطق التي تفتقر إلى الموارد.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الألياف الطبيعية توفر امتصاصاً عالياً للإشعاع الشمسي؛ مما يُحسّن الاحتفاظ بالحرارة ويزيد معدلات التبخر، كما تعزز الكفاءة الحرارية والعزل وتقلل الفاقد الحراري؛ مما يزيد من كفاءة التكثيف بفضل مساحتها السطحية الكبيرة، فيما تُسهّل خصائصها نقل المقطر الشمسي، وتوزيعه في المناطق النائية، حيث تقلل من الوزن الإجمالي له.

تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية تعد حلا ًواعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي (جامعة واترلو)

تقييم الأداء

أثبتت الدراسة أن الألياف الطبيعية تتمتع بقدرة استثنائية على امتصاص المياه تصل إلى 234 في المائة، بالإضافة إلى خصائصها الحرارية المميزة؛ مما يتيح استخدامها بوصفها مواد عازلة أو ممتصة أو موصلة للحرارة في الأنظمة الشمسية. ويسهم ذلك في تحسين عمليات التبخير والتكثيف. وتعمل هذه الألياف على تعزيز نقل الحرارة وتقليل فقد الطاقة؛ مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة بنسبة 15 في المائة. كما وجد الباحثون أن هذه الألياف أثبتت قدرتها على زيادة إنتاجية المياه العذبة بشكل ملحوظ، حيث حققت زيادة تصل إلى 123.5 في المائة مع قشور الجوز الأسود، و126.67 في المائة مع مزيج من ألياف النباتات التي تنمو في البرك والمستنقعات وألياف السيزال.

وبالمقارنة مع المقطرات التقليدية، حققت بعض الألياف زيادة ملحوظة في إنتاج المياه العذبة، مثل نشارة الخشب وقش الأرز (62 في المائة)، واللوف الأسود (77.62 في المائة)، وألياف السيزال (102.7 في المائة)، والقماش القطني (53.12 في المائة)، وألياف النخيل (44.50 في المائة)، وألياف الكتان (39.6 في المائة).

وحددت الدراسة أبرز مميزات التوسع في استخدام الألياف الطبيعية في تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية، مثل وفرة الموارد الشمسية والمساحات الواسعة لتركيب الأنظمة، بالإضافة لكون الألياف خياراً مستداماً. كما تدعم زيادة استنزاف الموارد المائية العالمية، ونمو السكان، وزيادة الوعي بتغير المناخ الحاجة الملحة لهذه التكنولوجيا.

في المقابل، أشار الباحثون إلى تحديات تواجه هذه التقنيات، منها قلة الاستثمارات في الطاقة المتجددة، والوعي المحدود بفوائد أنظمة التحلية الشمسية، بالإضافة إلى قلة الانتشار والعوائق التجارية مقارنة بالتقنيات التقليدية، والاختلافات في سياسات الطاقة بين الدول، ما يؤثر على إمكانية توسيع نطاق استخدامها.

وأوصى الباحثون بإجراء مزيد من الأبحاث لتحسين تركيبات الألياف الطبيعية، واستكشاف بدائل قابلة للتحلل الحيوي لتقليل الأثر البيئي. وأكدوا أهمية إجراء تقييمات شاملة لتقنيات التحلية الشمسية لتحقيق أقصى تأثير ممكن وتلبية الاحتياجات الزائدة للمياه بشكل مستدام؛ مما يسهم في دعم الأمن المائي، وتعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.