المشهد: آسف.. أنا أعتذر

المشهد: آسف.. أنا أعتذر
TT

المشهد: آسف.. أنا أعتذر

المشهد: آسف.. أنا أعتذر

* في هوليوود شكوى من كثرة المرّات التي بات السينمائيون يعترفون بأخطائهم ويقولون علنًا «آسف». آخرهم، حتى كتابة هذه السطور، قبل أقل من 24 ساعة على طبعها، المخرج كاميرون كراو الذي أعلن أسفه قبل أيام قليلة على رداءة فيلمه الجديد «ألوها» معترفًا بأنه أخطأ في اختيار الممثلين (ولو أن الفيلم كله يحتاج إلى اعتذار).
* نتكلم عن ممثلين من باب أول: إيما ستون وبل موراي وبرادلي كوبر. الأخير كان خرج من فوز كبير بقيامه ببطولة فيلم كلينت ايستوود «قناص أميركي». وحده بل موراي، بين الثلاثة، المحصّن ضد الفشل لأنه دائمًا ما يختار أن يؤم الأفلام المختلفة والصغيرة وأحيانا بأدوار مساندة أو صغيرة.
* ليس إعلان الأسف جديدا في هوليوود. هو دائمًا هناك على شاشة التلفزيون مثل مجموعة الممثلين الذين تضرّعوا آسفين لأسباب مختلفة من مارلون براندو لأسباب سياسية إلى توم كروز لأسباب عاطفية، مرورًا بعشرات آخرين (مل غيبسون، أليك بولدوين من بينهم). وهناك الأسف الذي يقوم به محامون معلنون أسف موكليهم عن أخطائهم في اتهامات ما أو تصرّفات. وقبل أيام قام مذيع النشرة التلفزيونية برايان ويليامز على محطة NBC بإعلان أسفه عن فبركة أخباره عندما قام قبل عشر سنوات بالادعاء بأن الطائرة المروحية التي كان يستقلها فوق العراق تعرضت لإطلاق قذيفة كادت تودي بحياته.
* ولا ننسى أسف رئيسة شركة «سوني» للإنتاج، آمي باسكال، التي اضطرت للاعتذار للرئيس أوباما عن رسائل حملت نبرة عنصرية ضده سرّبها مجهولون سطوا على بنك المعلومات لشركة «سوني» ورؤسائها عند مطلع هذا العام. وهي اعتذرت أكثر من مرّة، كل مرّة لجهة ما بعد تسريب تلك الرسائل ولو أن كثرة الاعتذار لم تحل دون استبدالها في مطلع الشهر الثاني من هذه السنة.
* ربما الاعتذار طريقة لتفادي نتائج وخيمة، كأن يُقاضى أحد على ما قاله، فيقوم باستباق الأمر بإعلان أسفه علنًا. أو طريقة للالتفاف حول النتائج المرتقبة بحيث يَحد من سلبياتها، كما هو حال مستر ويليامز الذي بحاجة للبقاء في منصبه (يتقاضى 10 ملايين دولار في السنة). لكن من المفيد أيضا اعتبار أن بعض الأسف في محلّه ويعبّر بالفعل عن اعتراف بفشل أو بفعل لا يمكن قبوله كما حدث مع الممثل بندكت كابرباتش عندما وصف الممثلين الأفرو - أميركيين بأنهم «ملوّنون».
* الأسف جميل. له وقع تواضعي وطلب للمعذرة لكننا لا نسمعه إلا لمامًا من جوقة فنانينا نحن العرب. متى سمعت أو قرأت آخر مرّة عن ممثل أو مخرج اعتذر عن سوء فعله؟ عن فيلم خرج ركيكًا وضعيفًا ولا يصلح حتى لعرض عاشر في محطة تلفزيونية صغيرة؟ ألا يرتكب السينمائيون أخطاء جسيمة أو نصف جسيمة مطلقًا؟ بالطبع. أين اعتذاراتهم؟
• السبب في عدم الاعتذار عندنا هو ربط الاعتذار بصفة الخنوع والاعتقاد بأن «آسف» تعني دركًا في شخصية الممثل يجب أن لا يصل إليه. حطّا من قيمته المعنوية. يعتذر؟ لا. يتنصل؟ نعم. والتنصل كذب والاعتذار فضيلة.
• هناك نكتة في الكذب والاعتذار: ذات مرّة بعيدة عاد صياد من أفريقيا وأخذ يتحدّث مع رفاقه عن مغامراته هناك فقال: «كنت ذات مرّة في الغابة بمفردي. هجم علي ثلاثة أسود. فجأة. لم أستطع الوصول إلى بندقيّتي لكني انحنيت أمام الأول وهو يقفز علي فمر من فوقي وضرب رأسه بالشجرة وغشي عليه. وأمسكت الثاني من فكيه وفسخته. وصرخت بالثالث الذي ما أن شاهد ما فعلت حتى ولّى هاربًا». عندها قال له أحد الجالسين: «هل هذا معقول؟ تكذب علينا كما لو كنا أولادًا صغارًا؟». لم يشأ الصياد الاعتذار فرد: «يا أخى. كنت في الغابة هجم علي ثلاثة أسود وأكلوني… صدقت الآن؟»



«هوليوود» تقتل نجومها بمسلسلات ورسوم

بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
TT

«هوليوود» تقتل نجومها بمسلسلات ورسوم

بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)

عندما يتساءل البعض أين هم النجوم الكبار؟ فهناك أكثر من جواب.

إذا كان السؤال عن عمالقة التمثيل في الفن السابع، أمثال مارلون براندو، وكلارك غيبل، وباربرا ستانويك، وجاك نيكلسن، وصوفيا لورِين، وجوليانو جيما، وهمفري بوغارت، وجيمس ستيوارت، وكاثرين دينوف، وأنتوني كوين، وعشرات سواهم، فإن الجواب هو أن معظمهم وافته المنية ورحل عن الدنيا. القلّة الباقية اعتزلت أو تجهدُ لأن تبقى حاضرة. المثال الأبرز هنا، كاثرين دينوف (81 سنة) التي شوهدت خلال عام 2024 في 3 أفلام متعاقبة.

أما إذا كان السؤال مناطاً بنجوم جيل الثمانينات والتسعينات ممن لا يزالون أحياء، أمثال سيلفستر ستالون، وأرنولد شوارتزنيغر، وسيغورني ويڤر، وسوزان ساراندون، وأنتوني هوبكنز، وميل غيبسن، وجيسيكا لانج، وكيم باسنجر، وغلين كلوز، وهاريسون فورد، وستيفن سيغال، وروبرت دي نيرو، وآل باتشينو وسواهم من الجيل نفسه، فحبّهم للبقاء على الشاشة مثالي يدفعهم للظهور إمّا في أدوار مساندة أو في أفلام صغيرة معظمها يتوفّر على منصات الاشتراكات.

أما بالنسبة للزمن الحالي، فإن الأمور مختلفة، فعلى الأقل تمتّع من ذُكروا أعلاه بأدوارٍ خالدة لا تُنسى في أنواع سينمائية متعدّدة (أكشن، دراما، كوميديا، ميوزيكال... إلخ).

الحال أنه لم يعد هناك من ممثلين كثيرين يستطيعون حمل أعباء فيلمٍ واحدٍ من نقطة الانطلاق إلى أعلى قائمة النجاح. أحد القلّة توم كروز، وذلك بسبب سلسلة «Mission‪:‬ Impossible» التي قاد بطولتها منفرداً، ولا تزال لديه ورقة واحدة من هذا المسلسل مفترضٌ بها أن تهبط على شاشات السينما في مايو (أيار) المقبل.

بطولات جماعية

بكلمة أخرى: لم يعد هناك نجوم كما كان الحال في زمن مضى. نعم هناك توم هانكس، وروبرت داوني جونيور، وجوني دَب، وسكارليت جوهانسون، ودانيال كريغ، ونيكول كيدمان، لكن على عكس الماضي البعيد، عندما كان اسم الممثل رهاناً على إقبالٍ هائل لجمهور لا يفوّت أي فيلم له، لا يستطيع أحد من هؤلاء، على الرغم من ذيوع اسمه، ضمان نجاح فيلمٍ واحدٍ.

ما يُثبت ذلك، هو استقراءُ حقيقة سقوط أفلامٍ أدّى المذكورة أسماؤهم أعلاه بطولاتها منفردين، لكنها أثمرت عن فتورِ إقبالٍ كما حال توم هانكس، وجنيفر لورنس، وجوني دَب، وروبرت داوني جونيور.

الحادث فعلياً أن «هوليوود» قضت على نجومها بنفسها.

كيف فعلت ذلك؟ وما المنهج الذي اتبعته ولماذا؟

الذي حصل، منذ 3 عقود وإلى اليوم، هو أن هوليوود أطلقت، منذ مطلع القرن الحالي، مئات الأفلام ذات الأجزاء المتسلسلة بحيث بات اهتمامُ الجمهور منصبّاً على الفيلم وليس على الممثل الذي لم يَعُد وحده في معظمها، بل يؤازره ممثلون آخرون من حجم النجومية نفسها.

كثير من هذه المسلسلات يضعُ ممثلين مشهورين في البطولة كما حال سلسلة «The Avengers»، التي ضمّت روبرت داوني جونيور، وسكارليت جوهانسن، وجوينيث بالترو، وصامويل ل. جاكسون، ومارك رافالو، وكريس إيڤانز تحت مظلّتها.

في مسلسل «كابتن أميركا»، وإلى جانب داوني جونيور، وسكارليت جوهانسون، وإيڤنز، أيضاً تناثر بول رود، وتوم هولاند، وإليزابيث أولسن. كلُ واحدٍ منهم قدّم في هذا المسلسل وسواه من أفلام الكوميكس والسوبر هيروز نمرته، وقبض أجره ومضى منتظراً الجزء التالي.

أيّ فيلم خارج هذه المنظومة مرجّح فشله. بذلك تكون «هوليوود» قد ساهمت في دفن نجومها عبر توجيه الجمهور لقبولهم الجميع معاً على طريقة «اشترِ اثنين واحصل على الثالث مجاناً».

ولا عجب أن أعلى الأفلام إيراداً حول العالم كسرت إمكانية تعزيز العودة إلى أيامٍ كان اسم ممثلٍ كبيرٍ واحدٍ، (لنقل كلينت إيستوود أو أنتوني هوبكنز)، كفيلاً بجرِّ أقدام المشاهدين إلى صالات السينما بسببه هو.

الأفلام العشرة التي تقود قائمة أعلى الأفلام رواجاً حول العالم، تتألف من 4 أفلام من «الأنيميشن» هي، «Inside Out 2»، و«Despicable Me 4»، و«Moana 2»، و«Kung Fu Panda 4».

بعض هذه الأفلام جاءت بممثلين مجهولين، وأُخرى جلبت بعض الأسماء المعروفة. في «إنسايد آوت 2»، اعتُمد على عددٍ من الممثلين غير المعروفين أمثال مايا هوك، وليزا لابيرا، وتوني هايل، ولويس بلاك.

في «مونا 2»، استُعين باسم معروف واحد هو، دواين جونسون الذي تقاضى 50 مليون دولار وأُحيط بممثلين مجهولين. نعم الإقبال على هذا الفيلم أثمر عن 441 مليونَ دولارٍ حتى الآن (ما زال معروضاً)، لكن ليس بسبب اسم بطله جونسون، بل بسبب تطبيع جمهور مستعدٍ لأن يرى الفيلم حلقةً مسلسلةً أكثر مما يهتم لو أن جونسون أو دنزل واشنطن قام بالأداء الصوتي.

سقوط وونكا

أحد الأفلام العشرة كان من بطولة وحشين كاسرين هما غودزيللا وكينغ كونغ. معهما من يحتاج لممثلين معروفين، أشهر المشتركين كانت ريبيكا هول، أما الباقون فهم مجموعة جديدة أخرى لم يعد باستطاعة كثيرين حفظ أسمائهم.

يتمتع الفيلم الخامس في القائمة «Dune 2»، بوجود ممثلين معروفين أمثال تيموثي شالامي، وزيندايا، وخافيير باردم. لكن الكل يعرف هنا أنه لو لم يكن شالامي أو زيندايا أو باردم لكان هناك آخرون لن يقدّموا أو يؤخّروا نجاح هذا الفيلم، لأن الإقبال كان، كما كل الأفلام الأخرى، من أجله وليس من أجل ممثليه.

لهذا نجد أنه عندما حاول شالامي تعزيز مكانته ببطولة منفردة في «Wonka»، سقط الفيلم وأنجز أقلَّ بكثيرٍ ممّا وعد به.

ما سبق يؤكد الحالة الحاضرة من أن نظام إطلاق أفلام الرُّسوم والمسلسلات الفانتازية أثمر عن إضعاف موقع الممثل جماهيرياً. غداً عندما ينتهي كروز من عرض آخر جزءٍ من «المهمّة: مستحيلة» سينضمُّ إلى من أفُلَت قوّتهم التجارية أو كادت. سينضم إلى جوني دَب، مثلاً، الذي من بعد انقضاء سلسلة «قراصنة الكاريبي» وجد نفسه في وحول أفلام لا ترتفع بإيرادها إلى مستوى جيد.