إديث بياف... حياة قصيرة مسيجة بالأغاني والرجال

مرور 59 عاماً على رحيل عصفورة الموسيقى الفرنسية

إديث بياف وحب حياتها مارسيل سيردان (غيتي)
إديث بياف وحب حياتها مارسيل سيردان (غيتي)
TT

إديث بياف... حياة قصيرة مسيجة بالأغاني والرجال

إديث بياف وحب حياتها مارسيل سيردان (غيتي)
إديث بياف وحب حياتها مارسيل سيردان (غيتي)

منذ 59 عاماً، أغمضت إديث بياف عينَيها إلى الأبد على آلامٍ كثيرة وأغانٍ لا تُحصى. لكن لا الأوجاع المبرحة ولا الانشغالات الموسيقية سرقت المغنية الفرنسية مما هو الأغلى على قلبها: الحب.
عاشت بياف 47 سنة و13 قصة حب، على الأقل. لم يمضِ عامٌ واحدٌ وجدت فيه أيقونة الأغنية الفرنسية نفسها فارغة القلب.
في الـ17 من عمرها داهمتها أول خفقة. كانت حينذاك مغنية شوارع، أما هو فكان عامل توصيل يُدعى لويس دوبون. حملت منه وأنجبت طفلة سمتها مارسيل. من أجلها ومن أجل الحب، حاولت أن تمارس وظائف عادية، مستبدلةً غناءَ الشوارع بتنظيف المنازل أو الطهو. لم يدم الأمر طويلاً فعادت إلى الغناء ليلاً نهاراً، حاملة مارسيل على خصرها.
لم يرُق ذلك للويس الذي حاول أخذ الطفلة من دون جدوى. انتهى حب بياف الأول سريعاً، بانفصالٍ وبمأساة وفاة طفلتها في عمر السنتَين جراء تداعيات مرض التهاب السحايا.
بقيت إديث في الشارع. هناك بكت ابنتها، وهناك غنت من جديد. فهي لم تعرف سوى الشارع مكاناً منذ جرها والدها إليه في الـ7 من عمرها. رافقته غناءً فيما كان يقدم عروضه البهلوانية مقابل بعض النقود.
لاحقاً، تحررت من سطوته الاستغلالية ووجدت في لويس لوبليه والداً بديلاً. عام 1935 اكتشفها الرجل وهو صاحب أحد أهم كباريهات باريس، فانتشلها من الشارع وأصعدها على خشبته. إلا أن تلك الأبوة وذاك الأمان لم يدوما طويلاً، فلوبليه قُتل بعد سنة على اللقاء.
خسرت بياف أبوَيها البيولوجي والروحي، لكنها عثرت على منقذٍ جديد. أمسكَ الكاتب ريمون آسو بيدِها وحولها إلى مغنية محترفة. منحَها اسماً ودراسة موسيقية ومهنة وكلاماً لأغانيها. أهداها قلبه كذلك، قبل أن يتجند للقتال خلال الحرب العالمية الثانية.

فصلت الحرب بينهما فوجدت إديث العزاء إلى جانب الممثل بول موريس، ثم مع المغني المبتدئ آنذاك إيف مونتان الذي يصغرها بـ6 سنوات. أخذت على عاتقها تعليمه أصول المهنة، ووضعته في الصفوف الأمامية وقدمته إلى أهم المنتجين.
لم تبخل بياف بشيء على عشاقها، لا بهدايا ولا بمجدٍ ولا بشهرة. كانت تغرف من ضوئها وتسكبه عليهم من دون أنانية. لطالما كرهت شكلها، فحاولت جذب الرجال واستبقاءهم بكرَمها اللا محدود. لكنها في المقابل، كانت سريعة الملل، لا تكاد تفتح ذراعَيها لحبيب، حتى تلوح له وداعاً. هكذا حصل مع مونتان عام 1946، الذي لم يشفَ بسهولة من هَجر بياف له.

كما خذلت بعضَ الرجال، أتى بعضُهم ليخذلها. بين عامَي 1946 و1947، أُغرمت بالموسيقي جان لويس جوبير الذي تهرب من الزواج بحجة أنه يهودي ولا يستطيع الارتباط بكاثوليكية.
آلمها الأمر كثيراً، فكتبت غاضبة إلى أحد أصدقائها المقربين: «كل هؤلاء الرجال الذين يمضون وقتهم في خذلاني وإيلامي، يقرفونني. أنا عطشى للهدوء واللطف. لست مصنوعة لأكون محاطة بمجموعة من العشاق. أريد رجلاً واحداً، طيباً ونظيفاً. أما إذا كنت أخونهم، فهذا بسببهم. إن لم يحترموني فلن أحترمهم. هم دائماً بحاجة إليّ، كيف لي أن أصدق حبهم؟ الذي يحب امرأة لا يستغلها».

لم تتلون حياة بياف بالزهري إلا سنة 1947، عندما جمعها القدر بحب حياتها. كل ما سبق مارسيل سيردان كان مسودات حب، وكل مَن أتَوا بعده كانوا نسخاً مقلدة عنه.
سحرَها الملاكم الفرنسي البطل، وهي سرقت قلبه من زوجته وأولاده. عاشا علاقتهما في العلن وانتقلا للعيش معاً، قبل أن يصرخ القدر في وجه إديث: لا نَصيب لكِ مع اسم مارسيل!
بعد سنتَين على بداية علاقتهما، مات سيردان في حادث سقوط طائرة فوق البرتغال. كان في طريقه من باريس إلى نيويورك لملاقاة بياف، بعدما ألحت عليه في السفر جواً لا بحراً. أضناها رحيله الصادم وشعورُها بالذنب، فغرقت منذ تلك المأساة في آلامها الجسدية وأمراضها وإدمانها على المورفين والكحول.

فتحت أبواب بيتها لعائلته الصغيرة، ووقفت على مسارح فرنسا والعالم تغني ذكراه وتستجدي الله إرجاعه إليها.

أكملت إديث بياف حياتها ناقصة من مارسيل سيردان. ارتبطت بـ7 رجال بعده. كانت تلتهم الحب من دون أن تعثر على النكهة التي منحَها إياها حبيبها الراحل.
لم تكد تمر سنة على وفاته، حتى ارتبطت بالمغني الأميركي إدي كونستانتين، الذي اهتم بترجمة أشهر أغانيها إلى اللغة الإنجليزية. لكنهما انفصلا بعد عام لترتمي بياف في أحضان رياضي آخر، هو لويس جيراردان الذي كان متزوجاً. انفصل عنها بعد 5 أشهر، لكنها ظلت تراسله حتى عشية زواجها بالمغني الفرنسي جاك بيلس.
وحدَها تلك العلاقة تخطت عتبة السنتَين، فاستمرت 4 أعوام. أحب بيلس، بياف، بصدقٍ وحاول إنقاذها مما كانت تتخبط فيه من كآبة وإدمان، من دون جدوى. كتب لها الأغاني وجلس بجوارها على أسرة المستشفيات، لكنه انتهى بالاستسلام عام 1956.

إديث بياف وجاك بيلز (أ ف ب)
بعد بيلز، أمضت بياف 8 أشهر مع الممثل فيليكس مارتن، الذي كان يصغرها بـ4 سنوات. آمنت بموهبته وساعدته في صقلها، ثم فتحت أمامه ستائر مسرح الأولمبيا في باريس. وبعد أن اطمأنت إلى انطلاقة مسيرته السينمائية، افترقا لتجد حباً جديداً عام 1958 مع الفنان المبتدئ جورج موستاكي.

كانت في الـ41 وهو في الـ23، يقول إنها علمته ماذا يأكل ويرتدي، أما هو فكتب لها إحدى أبرز أغانيها «ميلور».
تعرض الثنائي لحادث سير قضى على القليل المتبقي من صحة بياف. تدهورت حالتها وخضعت لعدد كبير من الجراحات، خرجت منها لتجد نفسها وحيدة بعد أن هجرها موستاكي.

لم تفقد إديث الأمل بالحب، فبحثت عنه إلى جانب الرسام الأميركي الشاب دوغلاس دايفيس، الذي اعتنى بها، لكنه سرعان ما تعب مما سماه «استبدادها العاطفي».
في الخريف الذي داهم حياتها قبل الأوان، تزوجت بياف من موظف في صالون لتزيين الشعر. كانت في الـ46 وهو كان يصغرها بـ20 عاماً. وجدت بقرب تيو سارابو طمأنينة لأيامها الأخيرة، فجعلت منه مدير أعمالها وحولته إلى مغنٍ مشارِكة إياه إحدى آخر وقفاتها أمام الجمهور.


إديث بياف وتيو سارابو (أ ف ب)
من بين كل الرجال الذين أحاطوا بإديث بياف، وحدهما الكاتب جان كوكتو والمغني شارل أزنافور حافظا على رتبة «صديق» رغم التصاقهما بها.
يصف أزنافور علاقتهما قائلاً إنها أقل بقليل من حب وأكثر بقليل من صداقة. أما كوكتو فقد اختار أن يفارق الحياة بعد ساعات على وفاة صديقته، كاتباً في رثائها أن لا داعي لبقائه الآن وقد رحلت إديث.


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
TT

مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)

تختصر المخرجة مايا سعيد زمن الوفاء للوالدين بمسرحية «5 دقايق». اختارت عرضها في موسم عيد الميلاد، الموعد نفسه الذي خسرت فيه والدها. فكرّمته على طريقتها ضمن نص بسيط ومعبّر، يترك أثره عند متابعه ويتسلل إلى مشاعره من دون أن تفرض عليه ذلك. لا مبالغة في الوقت ولا في الحوارات.

رسالة إنسانية بامتياز تمرّ أمامك بـ50 دقيقة لتستوعب هدفها في الدقائق الخمس الأخيرة منها. على مسرح «ديستركت 7» في بيروت يقام العرض. ومع بطلي المسرحية طارق تميم وسولانج تراك وضعت مايا سعيد الشخصيتين اللتين يؤديانهما بتصرفهما، فأدركا دقّة معانيهما بحيث جسّداهما بعفوية تليق بخطوطهما.

مسرحية «5 دقايق» تحية تكريمية في ذكرى من نحبّهم (مايا سعيد)

بحوارات تميل إلى الكوميديا رغبت مايا سعيد في إيصال رسالتها المؤثرة. لم تشأ أن تحمّل المشاهد همّاً جديداً. ولا أن تُغرقه بمشاعر الأسى والحزن. فموسم الأعياد يجب أن يطبعه الفرح، ولكن لا بأس إذا ما تحررنا من أحاسيس حبّ مكبوتة في أعماقنا، وتكمن أهميتها بمنبعها فهي آتية من ذكرى الأهل.

تحكي المسرحية عن ليلة ميلادية تقتحم خلالها سيدة غريبة منزل «الأستاذ حرب»، فتقلبه رأساً على عقب بالشكلين الخارجي والداخلي. وتجري أحداث العمل في مساحة ضيقة على خشبة تتزين بديكورات بسيطة. وتتألّف من شجرة عيد الميلاد وكنبة وطاولة. وإذا ما تفرّجنا على هذا المكان بنظرة ثلاثية الأبعاد، سنكتشف أن الخشبة تُشبه شاشة تلفزيونية. فحلاوتها بعمقها وليس بسطحها العريض. مربّعة الشكل يتحرّك فيها البطلان براحة رغم ضيق المكان. يشعر المشاهد بأنه يعيش معهما في المكان والزمان نفسيهما.

وتعلّق مايا سعيد، كاتبة ومخرجة العمل، لـ«الشرق الأوسط»: «ينبع الموضوع من تجربة شخصية عشتها مع والدي الذي رحل في زمن الميلاد. وعندما تدهورت حالته الصحية عاش أيامه الخمسة الأخيرة فاقداً الذاكرة. ومثله مثل أي مريض مصاب بألزهايمر لم يكن في استطاعته التعرّف إليّ. وهو أمر أحزنني جداً».

من هذا المنطلق تروي مايا سعيد قصة «5 دقايق». وضمن أحداث سريعة وحوارات تترك غموضاً عند مشاهدها، يعيش هذا الأخير تجربة مسرحية جديدة. فيحاول حلّ لغز حبكة نصّ محيّرة. ويخيّل له بأنها مجرّد مقتطفات من قصص مصوّرة عدّة، ليكتشف في النهاية سبب هذا التشرذم الذي شرّحته المخرجة برؤية مبدعة.

طارق تميم يجسّد شخصية مصاب بألزهايمر ببراعة (مايا سعيد)

وتوضح مايا سعيد: «رغبت في أن يدخل المشاهد في ذهن الشخصيتين وأفكارهما. وفي الدقائق الخمس الأخيرة وضعته في مكان الشخص الذي يعاني من مرض الطرف الآخر. أنا شخصياً لم أتحمّل 5 أيام ضاع فيها توازن والدي العقلي. فكيف لهؤلاء الذين يمضون سنوات يساعدون أشخاصاً مصابون بمرض ألزهايمر».

وعن الصعوبة التي واجهتها في إيصال رسالتها ضمن هذا العمل تردّ: «كان همّي إيصال الرسالة من دون سكب الحزن والألم على مشاهدها. فنحن خرجنا للتو من حرب قاسية. وكان ذلك يفوق قدرة اللبناني على التحمّل. من هنا قرّرت أن تطبع الكوميديا العمل، ولكن من دون مبالغة. وفي الوقت نفسه أوصل الرسالة التي أريدها بسلاسة».

يلاحظ مشاهد العمل طيلة فترة العرض أن نوعاً من الشرود الذهني يسكن بطله. وعرف طارق تميم كيف يقولبه بحبكة مثيرة من خلال خبرته الطويلة في العمل المسرحي. وبالتالي كانت سولانج تراك حرفيّة بردّ الكرة له بالأسلوب نفسه. فصار المشاهد في حيرة من أمره. وتُعلّق مايا سعيد في سياق حديثها: «طارق وسولانج ساعداني كثيراً في تلقف صميم الرسالة. فتقمصا الشخصيتين بامتياز بحيث قدماهما أجمل مما كُتب على الورق».

ضمن نص معبّر تدور«5 دقايق» (مايا سعيد)

طيلة عرض المسرحية لن يتوصّل مشاهدها إلى معرفة اسمي الشخصيتين. فيختلط عليه الأمر في كل مرة اعتقد بأنه حفظ اسم أحدهما. وكانت بمثابة حبكة نص متقنة كي يشعر المشاهد بهذه اللخبطة. وتستطرد مايا: «لا شك أن المسرحية تتضمن مفاتيح صغيرة تدلّنا على فحوى الرسالة. والتشابك بالأسماء كان واحداً منها».

حاولت مايا سعيد إيصال معاني عيد الميلاد على طريقتها. وتختم: «لهذا العيد معانٍ كثيرة. وأردتها أن تحمل أبعاداً مختلفة تخصّ الأشخاص الذين نحبّهم حتى لو رحلوا عنّا. فغيابهم يحضر عندنا في مناسبات الفرح. وبهذا الأسلوب قد ننجح في التعبير لهم عن ذكراهم في قلوبنا».