بروفايل: روبرت هابيك... أجبرته حرب أوكرانيا على مواجهة آفات شتاء صعب في ألمانيا

وزير الاقتصاد في حكومة أولاف شولتس

بروفايل: روبرت هابيك... أجبرته حرب أوكرانيا على مواجهة آفات شتاء صعب في ألمانيا
TT

بروفايل: روبرت هابيك... أجبرته حرب أوكرانيا على مواجهة آفات شتاء صعب في ألمانيا

بروفايل: روبرت هابيك... أجبرته حرب أوكرانيا على مواجهة آفات شتاء صعب في ألمانيا

عندما تسلم روبرت هابيك، حقيبة وزارة الاقتصاد والمناخ في ألمانيا، نهاية العام الماضي، ظن أنه نجح بالوصول إلى مركز سلطة يخوله تطبيق سياساته المناخية التي يروج لها منذ انضمامه لحزب «الخضر» البيئي قبل قرابة 20 سنة. فوزارة المناخ أضيفت إليها مهمة المناخ، خصيصاً، كي تكون ملائمة للزعيم المشترك السابق لـ«الخضر». وعندما تسلمها هابيك كان يخطط حقاً لإغلاق كل معامل الفحم والطاقة النووية المتبقية في البلاد، والسعي لجلب استثمارات في الطاقة الخضراء والمتجددة. لكن بعد أشهر قليلة من تسلمه منصبه، تغير كل شيء وانقلبت خططه رأساً على عقب. إذ اندلعت الحرب في أوكرانيا، وبات هابيك مسؤولاً عن أزمة الطاقة التي تلف ألمانيا، بعد قطع روسيا إمدادات الغاز إلى ألمانيا التي كانت تعتمد عليها في أكثر من 60 في المائة من وارداتها من الغاز. وهكذا وجد الوزير نفسه مضطراً للتخلي عن الكثير من خططه الأصلية، بل وحتى السير في الاتجاه المعاكس. وحقاً قرر تمديد العمل بمصانع الفحم الحجري الشديدة التلوث، وتمديد حياة معامل الطاقة النووية المتبقية في الخدمة، رغم أن هابيك بنى حياته السياسية على الترويج لفكرة التخلي عن الطاقة النووية التي يعدها حزبه خطرة وباهظة الثمن. وبدأ رحلات ماراثونية حول العالم بحثاً عن مصادر طاقة جديدة تساعد ألمانيا في تخطي أزمتها المستجدة. هكذا تحول هابيك، على الأقل خلال الأشهر الأولى من عمر الأزمة، إلى أكثر السياسيين الألمان شعبية. فقد تخطى شعبية حتى المستشار أولاف شولتز، وغدا الوجه الحكومي الأكثر نشاطاً في المقابلات واللقاءات المخصصة لطمأنة الألمان وتحضيرهم لما هو آت.

دخل روبرت هابيك البالغ اليوم من العمر 53 سنة، عالم السياسة متأخراً. كان في الأربعين من عمره عندما تفرغ كلياً للسياسة، وانتخب للبرلمان المحلي لولاية شليزفيغ هولشتاين (أقصى شمال ألمانيا) عام 2009 عن حزب «الخضر». ومنذ ذلك الوقت بدأ صعوداً سياسياً سريعاً، ذلك أنه عين في عام 2012 وزيراً للطاقة والمناخ في الولاية، وهو منصب هيأه لتسلم الحقيبة نفسها لاحقاً على المستوى الفيدرالي.
قبل الانتخابات الأخيرة التي أوصلت حزب «الخضر» للسلطة في حكومة ائتلافية، كان هابيك نجم حزبه الأبرز، وبالفعل، توقع كثيرون آنذاك أنه سيكون المستشار المقبل. فهو بدا وكأنه يتمتع بكل المؤهلات اللازمة: «الكاريزما» والفصاحة والتعاطف. إلا أن حزبه اختار «غريمته» أنالينا بيربوك (التي هي اليوم وزيرة الخارجية) لقيادة الحملة ورشحها لمنصب المستشارة. وبعد خسارة «الخضر» الانتخابات بسبب هفوات ارتكبتها بيربوك أثناء الحملة، وكثيرون أيضاً قالوا إن هذه الأخطاء ما كانت لتحصل لو كان الحزب قد اختار هابيك لمنصب المستشار.

- هفوات وأخطاء حسابات
لكن أزمة الطاقة الحالية التي سلطت الضوء عليه أكثر من أي سياسي آخر في ألمانيا، أظهرت أنه بدوره معرض لارتكاب هفوات. فقد تسببت مقابلة واحدة أدلى بها للقناة الألمانية الأولى، مطلع الشهر الماضي، في تراجع شعبيته وخسارته لمصداقيته. وعلى عكس مقابلاته ولقاءاته العامة السابقة حين كان هابيك يظهر متعاطفاً مع الناس ومتفهماً لطبيعة الأزمة، بدا في تلك المقابلة بعيداً عن الواقع ومرتبكاً في فهم أو شرح ما يحصل. وكمثال، سُئل عن المخاوف من موجة إفلاسات قد تضرب الأعمال، خصوصاً المخابز، بسبب أزمة الغاز وارتفاع الأسعار، فرد بالقول إن «بعض الأعمال الصغيرة والمتوسطة قد تضطر للتوقف عن العمل لفترة إذا لم تعد قادرة على دفع الفواتير لكنها لن تفلس». فردت الصحافية التي كان تدير الحوار معه بتعجب: «تقول واقعياً إن هنا يعني إفلاساً!». وعلى الأثر دخلا في جدل تحول إلى نكات سوداء في مواقع التواصل الاجتماعي. إذ اتهم كثيرون هابيك بأنه يتكلم بما لا يفهمه، مشككين بقدرته على قيادة وزارته. وحقاً، أثرت تلك المقابلة على نسبة شعبيته التي انخفضت ليتخلف ليس فقط عن المستشار الاشتراكي أولاف شولتس، بل حتى زعيم المعارضة المحافظ فريدريش ميرز زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل.
من ناحية ثانية، لم تكن تلك المقابلة على الأرجح وحدها المسؤولة عن تراجع شعبية هابيك، وحزب «الخضر» أيضاً، بل هناك قرارات اتخذها وصفت بأنها غير مدروسة. ثم إن بعضها أُجبر حتى على التراجع عنها، كالضريبة على الغاز حين سمح للشركات التي تزود بالغاز بتمرير جزء من التكاليف إلى المستهلكين، على الرغم من الأرباح الطائلة التي تجنيها هذه الشركات. وكان من المفترض أن تدخل الضريبة حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، إلا أنها ألغيت بعد مشاورات حكومية وانتقادات واسعة لكونها تزيد العبء المالي على المستهلكين في حين تحاول الحكومة تخفيفه عنهم.

- إشكالية المفاعلات النووية
لكن القرار الأكثر جدلية بالنسبة لهابيك، كان قرار الإبقاء على مفاعلين نوويين، كان من المفترض إغلاقهما نهاية العام، في «حالة تأهب» حتى أبريل (نيسان) المقبل. لقد شكل القرار - الذي أراده الوزير البيئي «حلاً وسطاً» - أزمة بالنسبة إليه مع حزبه ومع الحزب الديمقراطي الحر، الذي هو الشريك الليبرالي في الائتلاف الحكومي الراهن بين الاشتراكيين و«الخضر» والليبراليين. فـ«الخضر» الذين يعارضون «آيديولوجياً» الطاقة النووية، ويعدونها غير آمنة، أرادوا إغلاق المفاعلات المتبقية كلياً، بينما أراد الليبراليون الإبقاء عليها عاملة، ليس فقط في «حالة تأهب»، على اعتبار أن إبقاءها عاملة من دون استخدام الطاقة التي تنتجها مسألة غير عملية بسبب التكلفة الكبيرة لتشغيلها من دون استخدامها.
هابيك، من جهته، يتذرع في قراره بأن ألمانيا لا تواجه أزمة كهرباء، بل أزمة تدفئة، كون التدفئة مرتبطة بالغاز، فيما الكهرباء تعتمد على مصادر مختلفة إضافة إلى الغاز مثل الطاقة الشمسية والهوائية وغيرها. مع هذا، لم يلق قراره إبقاء مفاعلين بـ«حالة تأهب» انتقادات من الليبراليين فقط، بل كذلك من مجموعة كبيرة من الخبراء والاقتصاديين، الذين اعتبروا أنه «القرار الأسوأ» الذي يمكن اتخاذه فيما يتعلق بالطاقة النووية، لكونه «الأغلى ثمناً من دون أن يكون هناك مقابل»، أي من دون إنتاج كهرباء.
ما يجدر ذكره هنا، أنه حتى العام الماضي كانت ألمانيا تعتمد على الطاقة النووية لإنتاج قرابة 13 في المائة من حاجتها من الكهرباء، ولقد انخفضت هذه النسبة بعد إغلاق مفاعلين في نهاية العام الماضي والإبقاء على ثلاثة سيغلق مبدئياً واحد منها نهاية هذا العام، ويبقى اثنان بـ«حالة تأهب» لاستخدامهما «في حالة الطوارئ». ثم إن المستشارة السابقة ميركل كانت عام 2011 قد اتخذت قراراً، أيده معظم الألمان آنذاك، يقضي بإغلاق كل المفاعلات النووية في البلاد، وذلك بعد وقوع كارثة فوكوشيما النووية في اليابان، تفادياً لحوادث شبيهة. وللعلم، اتخذت ميركل القرار آنذاك مع أنها، كعالمة فيزيائية، كانت تؤيد الطاقة النووية وتعدها انتقالية. وبالتالي، بدأت ألمانيا منذ ذلك الحين إغلاق مفاعلاتها النووية الـ17 تدريجياً، وتبقى منها الثلاثة التي كان من المفترض إغلاقها نهاية هذا العام.
في سياق متصل، تسبب قرار هابيك بالإبقاء على مفاعلات نووية مفتوحة بأزمة له شخصياً مع مؤيديه من «الخضر»، الذي بدأوا يعدونه «خائناً» لقضيتهم. ونتيجة لذلك لم يعد هابيك يتحرك من دون حماية ومجموعة كبيرة من رجال الأمن، خوفاً من التعرض له، في ظل التهديدات التي يتلقاها. ومن الواضح الآن أن كثرة من مؤيديه باتوا غاضبين ويعدون لرحيله. وفي اليوم الذي أعلن خلال مؤتمر صحافي عن قراره تمديد إقفال المفاعلين النوويين، كان ناشطون من «الخضر» ينتظرون خارج القاعة حاملين يافطات يدعونه فيها لإقفالهما على الفور. وامتد هذا السخط في أوساط واسعة من ساسة حزب «الخضر» الذي بات يواجه انتخابات محلية صعبة في ولايات كانت تؤيده. بل إن منهم من أخذ يتهمه بالتفكير بطموحه السياسي الشخصي، لا مبادئ الحزب، وبأنه يخطط منذ الآن للترشح لمنصب المستشار عام 2025 بالترويج لنفسه على أنه «يضع البلاد قبل حزبه».

- نقاشات... وواقعية
لكن حتى الآن، على الأقل، يحظى هابيك بدعم كتلته النيابية وقيادة الحزب، التي يبدو أنها تتفهم صعوبة موقفه، رغم أن هذا الدعم يبدو ضعيفاً، واستغرق أياماً من النقاشات والإقناع. هذا، وعلى هذا الصعيد، نقلت «دير شبيغل» أن هابيك كان يريد الإبقاء على المفاعلات عاملة لا في «حالة تأهب» فقط، وأن مجموعة من الفاعلين المعارضين بشكل قوي للطاقة النووية داخل الحزب، بينهم وزيرة الخارجية بيربوك، نجحوا في إقناعه بالتخلي مؤقتاً عن فكرة إبقاء المفاعلات عاملة، وهو ما دفعه إلى التفكير في «حل وسط»، واقتراح إبقائها في «حالة تأهب» تخوفاً من أزمة كهرباء كبرى في فصل الشتاء.
في أي حال، هذه «التسويات» التي يجد هابيك نفسه مضطراً لاتخاذها اليوم ليست غريبة كلياً عنه. فهو ينتمي لما يعرف بـ«الجناح الواقعي» داخل حزب «الخضر»... مقابل جناح «الحالمين» أو «المثاليين». ثم إنه منذ تسلمه زعامة الحزب بشكل مشترك مع أنالينا بيربوك، عام 2018، نجح الوزيران «الأخضران» لفضل سياساتهما الوسطية في إعادة «الخضر» إلى موقع التنافس مع الأحزاب التقليدية، وحولته سياساتهما إلى قوة سياسية حقيقية استطاعت تقاسم السلطة. ورغم أن هابيك دخل الحكومة حاملاً بعض الأفكار «المثالية»، فهو سرعان ما وجد نفسه مضطراً للانقلاب على الكثير منها بسبب الحرب في أوكرانيا. وما كانت فقط السياسات البيئية هي التي اضطر هابيك لتعديلها، بل كذلك السياسات المتعلقة بالتسليح والتدخل في الصراعات. فالحزب البيئي الذي لطالما صوت ضد التدخلات العسكرية الخارجية، تحول إلى المحرك الأساسي داخل الحكومة الذي يروج لمساعدات عسكرية متزايدة لأوكرانيا ودعم حكومتها في حربها ضد روسيا.

- خلفية هابيك
قد تكون خلفية روبرت هابيك، قد ساعدته في التحول إلى الرجل القادر على التواصل مع الناخبين بسهولة أكثر من السياسيين الآخرين، رغم النكسات الأخيرة، الناجمة ربما عن تزايد الضغوط عليه والإرهاق الذي يتعرض له منذ تسلمه منصبه. فقبل دخوله السياسة، كان هابيك المولود في مدينة لوبيك بشمال البلاد على مقربة من الحدود الدنماركية، منخرطاً في الفلسفة والأعمال الأدبية، في كل من ألمانيا والدنمارك التي يتكلم لغتها. وعن دراسته الجامعية في الفلسفة والآداب والترجمة، فهو درس في جامعة فرايبورغ (ألبرت لودفيغس) العريقة بجنوب ألمانيا، ثم جامعة روسكيلده في الدنمارك، قبل أن يحصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة هامبورغ.
بعد ذلك بدأ مع زوجته أندريا بالوش، التي أنجب منها 4 أطفال، رحلة عائلية وعملية شملت كتابة مؤلفات وترجمة قصائد من الإنجليزية إلى الألمانية. إلا أن اهتماماته بدأت تتغير عندما بلغ الثلاثين من عمره، وقرر الانضمام إلى حزب «الخضر» في ولايته شليزفيغ - هولشتاين عام 2002، وبعد سنتين من انضمامه انتخب زعيماً لتنظيم الحزب في الولاية. وبعدها انطلق صعوداً ليصل إلى تسلم زعامة الحزب بشكل مشترك مع آنالينا بيربوك عام 2018، ودخولهما معاً إلى الحكومة الحالية بعد إسهام أداء الحزب في تشكيل الغالبية الجديدة في الانتخابات الأخيرة من تحالف الاشتراكيين والليبراليين والبيئيين.
وهنا لا بد من القول، إنه رغم كل تراجع شعبية هابيك في الأسابيع الماضية، فهو ما زال من أكثر الوزراء استقطاباً للأضواء. فهو الرجل الذي يحمل على كاهله عبء التأكيد من أن فصل الشتاء سيمر على الألمان بمأمن من نقص الغاز أو انقطاع للكهرباء أو التدفئة، وكذلك من دون أن تزيد الأعباء الاقتصادية على المواطنين. وهي مهمة ليست بالسهلة. وقد دفعت هذه الضغوط هابيك قبل أيام إلى توجيه انتقادات لاذعة للولايات المتحدة، أكبر حلفاء ألمانيا، لما قال إنه «استغلال للأزمة بين الأصدقاء»، وبيع الغاز المُسال لألمانيا بأسعار خيالية. وبالفعل، يبدو أن هابيك يعمل على مدار الساعة منذ أشهر، لتأمين موارد جديدة من الغاز بأسعار معقولة، تعوض عن الغاز الروسي الذي كان يصل لألمانيا بأسعار منخفضة، بينما تجد الحكومة نفسها مضطرة الآن إلى استيراد الغاز المُسال من أماكن بعيدة بأسعار خيالية.


مقالات ذات صلة

ألمانيا تسحب قواتها من مالي... وتؤكد أنها «باقية»

العالم ألمانيا تسحب قواتها من مالي... وتؤكد أنها «باقية»

ألمانيا تسحب قواتها من مالي... وتؤكد أنها «باقية»

عشية بدء المستشار الألماني أولاف شولتس زيارة رسمية إلى أفريقيا، هي الثانية له منذ تسلمه مهامه، أعلنت الحكومة الألمانية رسمياً إنهاء مهمة الجيش الألماني في مالي بعد 11 عاماً من انتشاره في الدولة الأفريقية ضمن قوات حفظ السلام الأممية. وعلى الرغم من ذلك، فإن الحكومة الألمانية شددت على أنها ستبقى «فاعلة» في أفريقيا، وملتزمة بدعم الأمن في القارة، وهي الرسالة التي يحملها شولتس معه إلى إثيوبيا وكينيا.

راغدة بهنام (برلين)
العالم ألمانيا لتعزيز حضورها في شرق أفريقيا

ألمانيا لتعزيز حضورها في شرق أفريقيا

منذ إعلانها استراتيجية جديدة تجاه أفريقيا، العام الماضي، كثفت برلين نشاطها في القارة غرباً وجنوباً، فيما تتجه البوصلة الآن شرقاً، عبر جولة على المستوى الأعلى رسمياً، حين يبدأ المستشار الألماني أولاف شولتس، الخميس، جولة إلى منطقة القرن الأفريقي تضم دولتي إثيوبيا وكينيا. وتعد جولة المستشار الألماني الثانية له في القارة الأفريقية، منذ توليه منصبه في ديسمبر (كانون الأول) عام 2021. وقال مسؤولون بالحكومة الألمانية في إفادة صحافية، إن شولتس سيلتقي في إثيوبيا رئيس الوزراء آبي أحمد والزعيم المؤقت لإقليم تيغراي غيتاتشو رضا؛ لمناقشة التقدم المحرز في ضمان السلام بعد حرب استمرت عامين، وأسفرت عن مقتل عشرات

العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الرياضة مدير دورتموند: لن أخوض في نقاش ضربة الجزاء غير المحتسبة أمام بوخوم

مدير دورتموند: لن أخوض في نقاش ضربة الجزاء غير المحتسبة أمام بوخوم

لا يرغب هانز يواخيم فاتسكه، المدير الإداري لنادي بوروسيا دورتموند، في تأجيج النقاش حول عدم حصول فريقه على ركلة جزاء محتملة خلال تعادله 1 - 1 مع مضيفه بوخوم أول من أمس الجمعة في بطولة الدوري الألماني لكرة القدم. وصرح فاتسكه لوكالة الأنباء الألمانية اليوم الأحد: «نتقبل الأمر.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
شؤون إقليمية الاتحاد الأوروبي يطالب طهران بإلغاء عقوبة الإعدام بحق مواطن ألماني - إيراني

الاتحاد الأوروبي يطالب طهران بإلغاء عقوبة الإعدام بحق مواطن ألماني - إيراني

قال الاتحاد الأوروبي إنه «يدين بشدة» قرار القضاء الإيراني فرض عقوبة الإعدام بحق المواطن الألماني - الإيراني السجين جمشيد شارمهد، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وأيدت المحكمة العليا الإيرانية يوم الأربعاء حكم الإعدام الصادر بحق شارمهد.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)
لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)
TT

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)
لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ مستوياتها منذ تفكّك الاتحاد السوفياتي السابق، وجرى تقويض كل قنوات الاتصال السياسية والدبلوماسية والأمنية. وحتى «الخط الساخن» الذي طالما عوّل عليه البلدان لمواجهة الظروف الطارئة وتجنّب الانزلاق إلى احتكاكات مقصودة أو غير مقصودة، جرى تجميده كلياً. كانت تلك، وفقاً لمسؤولين روس، أسوأ أربع سنوات في العلاقات، ولقد تحوّلت فيها الولايات المتحدة إلى خصم مباشر، و«شريك رئيس في الحرب الهجينة ضد روسيا». ولم ينعكس التدهور فقط في ملفات أوكرانيا والأمن الاستراتيجي والوضع في أوروبا - وهي القضايا المركزية التي تشغل بال الكرملين - بل أيضاً امتد في تأثيره بعيداً عن الجغرافيا الحيوية لروسيا... ليصل إلى الملفات الإقليمية الساخنة في الشرق الأوسط التي شهدت تصعيداً متواصلاً فاقم تأجيج الأزمة في العلاقات.

بمجرد اتضاح نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، بدأ محللون روس في وضع «سيناريوهات» للتقارب مع الإدارة الجمهورية الجديدة في واشنطن. ولطالما كان ينظر في موسكو للرئيس المنتخب دونالد ترمب على أنه «قادر على إعادة تشغيل العلاقات مع موسكو»، والتوصل إلى تسويات أو «صفقات» حول القضايا الأكثر خلافية.

بيد أن الكرملين كان قد خاض تجربة مريرة مع ولاية ترمب الأولى، عندما بدا الرئيس - المتهم بالتعاون سرّاً مع روسيا - عاجزاً عن مواجهة تركة باراك أوباما الثقيلة في العلاقة مع موسكو. لذلك لم ينجح التفاؤل الروسي في حينه، ولا الخطوات المحدودة التي انتهجها ترمب في تحسين العلاقات جدياً، ووضع «سيناريوهات» للتعاون في ملفات دولية أو إقليمية. بل بالعكس من ذلك، فقد واجهت روسيا في ولاية ترمب السابقة أضخم رُزم عقوبات فرضتها واشنطن. ومن ناحية ثانية، فشل الطرفان أيضاً في تحسين شروط التعاون حيال ملفات إقليمية مهمة، فتدهور الوضع حول إيران بعد انسحاب ترمب من الاتفاقية النووية، وتراجع الأخير عن تنفيذ تعهد الانسحاب من سوريا.

ثلاثة أفخاخ

بناءً عليه، بدت موسكو أكثر حذراً هذه المرة وهي تستقبل أنباء فوز ترمب الساحق. وحقاً، تجنّبت تعليق آمال جدية، بانتظار ما ستقدم عليه الإدارة الجديدة من خطوات عملية فور تسلم الرئيس منصبه رسمياً في يناير (كانون الثاني) المقبل.

لكن هذا لم يمنع التوقّعات المتشائمة، التي غلبت على العلاقة، من البروز بشكل مباشر أو غير مباشر. والحال أن موسكو تبدو حالياً ضعيفة الثقة بقدرة «ترمب الجديد» على تجاوز التغيّرات الكبرى التي شهدتها الأوضاع الإقليمية والدولية خلال السنوات الأخيرة. وفي هذا الإطار، أجمل أليكسي بوشكوف، عضو مجلس الشيوخ الروسي وأحد خبراء السياسة المقربين من الرئيس فلاديمير بوتين، المأزق الذي يواجه ترمب بأنه يشتمل على «ثلاثة أفخاخ صعبة».

الفخ الأول، بطبيعة الحال، هو ملف أوكرانيا: فلقد استثمرت الولايات المتحدة بالفعل الكثير في أوكرانيا لدرجة أنها ما عادت تعرف كيفية الخروج من هذه الأزمة. وهنا لا تتوقف موسكو كثيراً عند الوعود الانتخابية لترمب بإنهاء الحرب في 24 ساعة. ويتساءل بوشكوف: «هل ستتخلى واشنطن عنها مثل أفغانستان؟ لم يعد يمكنها ذلك». أو تكمل ما بدأته الإدارة الديمقراطية؟ عندها... وكما حذّر ترمب بحق، فإن هذا قد يؤدي إلى صراع نووي مع روسيا. تدرك موسكو حجم الصعوبات التي تواجه ترمب في هذا الملف.

أما الفخ الثاني، فهو شرق أوسطي. وهنا - حسب بوشكوف - «لا يمكن لترمب التراجع عن دعم إسرائيل بسبب وجود لوبي قوي جدّاً مؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة. لكنه لا يستطيع دعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو علناً في كل ما يفعله، لأن هذا يضرّ بمكانة الولايات المتحدة في العالم العربي (...) ولأن المخطط الأميركي لمصالحة إسرائيل مع جيرانها ما زال موضع شك. لقد حاولت الولايات المتحدة إخراج إسرائيل من عزلتها في المنطقة... لكن هذا المدخل لم يعد يعمل. وعلاوة على ذلك: يُصرّ العالم العربي على إقامة الدولة الفلسطينية، وهو ما ترفضه إسرائيل بشكل قاطع. إذن فهذا أيضًاً فخ».

وأما الفخ الثالث فهو تايوان. ووفقاً لبوشكوف: «من الممكن أن تصبح قضية تايوان فخاً كبيراً للولايات المتحدة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل ستدعم أوروبا الأميركيين إذا دخلت الولايات المتحدة في صراع مع الصين؟ لقد قوّضت أوروبا نفسها اقتصادياً بشدة بالفعل بسبب انفصالها عن روسيا. وإذا فتحت أيضاً معركة مع الصين، التي يبلغ حجم تجارة الاتحاد الأوروبي معها تريليون دولار أميركي، فمن المرجح أن ينهار الاقتصاد الأوروبي ببساطة».

قنابل موقوتة

السياسي الروسي يرى أن «الأفخاخ الثلاثة» تمثل قنابل موقوتة بالنسبة إلى دونالد ترمب... مهما كانت طبيعة التركيبة النهائية لفريقه الرئاسي، أو خطواته الأولى على صعيد السياسة الخارجية.

فضلاً عن ذلك، يرى بوشكوف، أن ترمب الذي تعهد بإيلاء القدر الأكبر من الاهتمام للإصلاح الداخلي، سيواجه صعوبة كبرى في إيجاد توازن بين الانكفاء إلى الداخل من أجل تحسين الأداء الاقتصادي ومواجهة الهجرة و«إعادة أميركا عظيمة» بقدراتها واقتصادها ومستوى المعيشة لشعبها، وبين العمل بسرعة لتنفيذ وعود انتخابية بإنهاء حروب وتقليص التوتر في أزمات خارجية. ويضيف متسائلاً: «كيف يمكن أن تكون أميركا عظيمة مجدّداً... وهي تنكفئ في السياسة الدولية؟».

تبدو موسكو حالياً ضعيفة الثقة بقدرة «ترمب الجديد» على تجاوز

التغيّرات الكبرى التي شهدتها الأوضاع الإقليمية والدولية خلال السنوات الأخيرة

تباين حيال التسوية في الشرق الأوسط

لا يبدو أن موسكو تثق كثيراً بقدرة ترمب على لعب دور نشط لإنهاء الحرب على غزة ولبنان، ودفع الإسرائيليين إلى التوصّل لحلول سياسية تعيد الهدوء - ولو نسبياً - إلى الشرق الأوسط.

وهنا، يذكر خبراء أن المدخل الأميركي السابق قام على أساس تعزيز اتفاقات تطبيع وفرض سلام من نوع خاص، لا يؤدي إلى تسوية سياسية حقيقية تنهي العنف في المنطقة وتنزع ذرائعه.

وترمب نفسه أعرب خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى عن نيته التوسط في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لكنه أظهر لاحقاً التقارب مع إسرائيل من أجل كسب دعم المانحين الرئيسيين والناخبين الرئيسيين، وخاصة الصهاينة المسيحيين الإيفانجيليين.

بحسب خبراء، هذا الموقف يتوافق مع النهج القائل: «أميركا تفعل ما تريد، وبالتالي أصدقاء أميركا يفعلون ما يريدون». مع الإشارة هنا إلى أن هذا النهج المائل إلى عقد «صفقات» ينصّ على «امتيازات خاصة للحلفاء كدفعة مقابل الأمن». غير أن موسكو ليست مقتنعة بأن هذا المدخل سيعزّز طريق الحلول النهائية للمنطقة.

ومقابل القناعة الروسية بالعودة إلى الآليات التي توافر عليها نوعٌ من الإجماع الدولي، كإحياء «الرباعية الدولية» وتوسيعها بضم بعض الأطراف الإقليمية المهمة (المملكة العربية السعودية ومصر وجامعة الدول العربية)، وأيضاً العودة إلى مبادئ التسوية القائمة على أساس رفض التوسّع الجغرافي للاحتلال، وإعلاء «مبدأ حل الدولتين» ووضع خرائط طريق جديدة بينها «المبادرة العربية للسلام»، فإن مدخل ترمب يقوم على عقد صفقات سريعة للتهدئة، وترك المناطق أمام «برميل بارود» قابل للانفجار مجدداً في أي وقت.

في هذا الإطار لا يتوقّع خبراء روس أن تكون التسوية في الشرق الأوسط بين أولويات الحوار المنتظر مع الإدارة الأميركية الجديدة، بالنظر إلى أن هذا الموضوع فيه تباعد واسع في وجهات النظر، ولا يدخل ضمن الملفات التي قد يكون بوسع الطرفين التوصل إلى صفقات حولها.

وفي الوقت ذاته، ترى موسكو - وفقاً لتحركات محدَّدة برزت في سوريا، ومن خلال حوارات مكثفة أجريت غالباً خلف أبواب مغلقة مع الجانب الإسرائيلي - أن بوسعها لعب دور أساسي في تأكيد دورها بضمان أمن إسرائيل من جهة سوريا وإيران مستقبلاً. وهو ما يعني أن هذا الموضوع قد يكون جزئياً على طاولة حوار روسي - أميركي في وقت لاحق.

تأهب للحوار حول سوريا

في هذه الأثناء، لدى الأوساط الروسية نظرة إيجابية، ولكن حذرة، بشأن احتمالات سحب ترمب القوات الأميركية من سوريا إبان ولاية ترمب الجديدة.

موسكو تتذكر الإرادة الأميركية في الانسحاب من سوريا إبان ولاية ترمب السابقة، لكن يومذاك كان التهديد الإرهابي ما زال نشطاً، والخطوط الفاصلة ومناطق النفوذ لم تكن قد تبلورت بشكل شبه نهائي. لذا يرى خبراء روس أن ترمب عندما يتكلّم عن سحب القوات حالياً فهو ينطلق من واقع ميداني وسياسي جديد. وبالتالي، سيكون حذراً للغاية عند مناقشة هذه المشكلة مجدداً.

أيضاً، ونظراً لوعود ترمب الانتخابية المتكررة، يُرجح أن ترغب واشنطن في سحب قواتها من سوريا، لكن لا يبدو لموسكو أن هذه القضية ستكون مُدرجة على جدول الأعمال ضمن أولويات التحرك الأميركي حالياً.

لقد قوبلت خطط ترمب لسحب القوات في السابق بمقاومة مفتوحة، خاصة من «القيادة الوسطى» الأميركية وشخصيات، مثل بريت ماكغورك، الذي عمل مبعوثاً خاصاً لمكافحة «داعش» حتى أواخر عام 2018، واستقال قبل شهرين من انتهاء فترة ولايته، مباشرة بعد قرار إدارة ترمب سحب القوات من سوريا في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018. بعدها عيّن جو بايدن، الرئيس الأميركي المنتخب، عام 2020، ماكغورك منسقاً لمجلس الأمن القومي الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واكتسبت سياسة واشنطن في سوريا لدعم حزب العمال الكردستاني «وحدات حماية الشعب» زخماً.

حالياً يعود الملف إلى دائرة النقاش، ولقد برز بشكل واضح خلال اجتماعات «جولة آستانة للحوار» التي انعقدت أخيراً. وأكد المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتييف إلى سوريا في ختام الاجتماعات أن موسكو منفتحة على الحوار مع الإدارة الأميركية الجديدة فور تشكيلها، لبحث الملفات المتعلقة بسوريا. وقال الدبلوماسي الروسي: «إذا كانت هناك مقترحات، فإن الجانب الروسي منفتح، ونحن على استعداد لمواصلة الاتصالات مع الأميركيين».

وفي هذا المجال، تنطلق موسكو من قناعة بأنه لا يمكن التوصل إلى بعض الحلول الوسط إلا من خلال المفاوضات المباشرة. وهي هنا مستعدة للاستماع إلى وجهات النظر الأخرى، وربما تقديم بعض الضمانات التي تحتاج إليها واشنطن لتسريع عملية الانسحاب ودعم التسوية في سوريا برعاية روسية تضمن مصالح الأخيرة.