«نوبل الآداب» للفرنسية آني إرنو... «كاتبة السهل الممتنع»

مؤلفاتها تتسم بـ«الجرأة والشجاعة»

آني إرنو خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته عقب إعلان فوزها بالجائزة (رويترز)
آني إرنو خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته عقب إعلان فوزها بالجائزة (رويترز)
TT

«نوبل الآداب» للفرنسية آني إرنو... «كاتبة السهل الممتنع»

آني إرنو خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته عقب إعلان فوزها بالجائزة (رويترز)
آني إرنو خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته عقب إعلان فوزها بالجائزة (رويترز)

هل تملك الجرأة للكتابة عن سيرتك الذاتية بشجاعة ودون خجل، محاولا من خلال ذلك مناقشة قضايا اجتماعية وثقافية، هذا ما فعلته كاتبة «السهل الممتنع» الفرنسية آني إرنو، التي كانت ضيفا دائما على قائمة الترشيحات لجائزة نوبل في الأدب، لتحصل عليها أخيراً.
وبحصول إرنو على الجائزة أمس تكون فرنسا قد سجلت الحضور الثاني لها حتى الآن في جوائز نوبل، لعام 2022 بعد أن حصل الفيزيائي الفرنسي آلان أسبكت على جائزة الفيزياء بمشاركة آخرين.
وقالت لجنة نوبل الخميس في مؤتمر صحافي إن «الكاتبة الفرنسية تميزت بشجاعة ودقة سريرية في اكتشاف الجذور والابتعاد عن القيود الجماعية للذاكرة الشخصية».
وبدا استخدام مصطلح «الدقة السريرية» غريبا، لكونه أقرب إلى عالم الطب، لكن ربما أرادت لجنة نوبل، أن توضح كما كانت إرنو بارعة في تشريح الشخصية بدقة بدت لافتة.
وتفحص أعمال إرنو باستمرار ومن زوايا مختلفة حياة تتميز بتباينات شديدة، فيما يتعلق بالجنس واللغة والطبقة، كما تقول أندرس أولسون، رئيسة لجنة نوبل للأدب.
وغالبا ما تتطرق أعمال إرنو لأسئلة التاريخ الشخصي، فتناقش مذكراتها «يحدث» الإجهاض غير القانوني الذي أجرته في الستينات، وتم إدراج ترجمة 2018 لمذكراتها «السنوات» في القائمة المختصرة لجائزة بوكر، ونُشرت هذه السنة ترجمة لكتاب «الضياع» لإرنو، وهو يوميات عن علاقتها مع رجل متزوج أصغر سنا.
ومن المقرر أن تنشر مطبعة جامعة ييل ترجمة لإرنو بعنوان «انظر إلى الأضواء، حبي» في خريف عام 2023.
وقال جون دوناتيش، مدير مطبعة جامعة ييل، في بيان: «بصفتي معجباً كبيراً بعمل آني إرنو الاستثنائي، فإنه لمن دواعي سروري بشكل خاص أن أراها تتلقى هذا التقدير العالمي، وهي تستحق بكل ثراء القراء الواسعين الذين ستجذبهم هذه الجائزة، هؤلاء القراء الكُثر على وشك تحقيق اكتشاف رائع».
وربما كان دوناتيش محقا في أن الجائزة ستجذب لها المزيد من القراء، وذلك لأن إدارة الجائزة طرحت اليوم استفتاء بعد إعلان فوزها، سُئل خلاله الجمهور: «هل قرأت أي شئ لآني إرنو؟»، وكانت النتيجة أن 85 في المائة من جمهور القراءة الذي انتظر معرفة اسم الفائز بجائزة نوبل للآداب هذا العام، لم يقرأ كتابا واحدا لها، وهي مفاجأة اعتاد عليها جمهور الأدب حول العالم، إذ دائما ما يكون الكاتب أو الكاتبة من غير المشهورين على مستوى الجمهور الأدبي حول العالم.
والمعروف عن إرنو أسلوبها السهل الممتنع، وكتبت المؤلفة ليندا باريت أوزبورن في عام 1996 عن أسلوبها قائلة: «يمكن لعمل آني إرنو أن يثير نفس الاستجابة التي يثيرها بعض الفن الحديث لدى المشاهدين، وهو الميل إلى الاعتقاد أنه، نظرا لأنه يبدو بسيطا أو مباشرا في التكوين، كان من السهل تصور، أن أي شخص يمكنه خلق نفس الأشكال والانطباعات، بدلاً من ذلك، تمتلك إرنو، في أفضل حالاتها، القدرة على تحسين التجربة العادية، وتجريدها من اللامبالاة والاستطراد، واختزالها إلى نوع من الأيقونات لروح أواخر القرن العشرين».
وتوصف إرنو بأنها «المرشحة الدائمة لجائزة نوبل»، وهي أول كاتبة فرنسية تفوز بالجائزة منذ باتريك موديانو في عام 2014. وأصبحت الكاتبة الفرنسية السادسة عشرة التي تفوز بجائزة نوبل حتى الآن.
ومن المفارقات أن الأكاديمية السويدية مانحة الجائزة لم تتمكن من الوصول إلى إرنو لإبلاغها بالفوز، كما هو معتاد، لكن لاحقا تمكن التلفزيون السويدي من الوصول إليها، وقالت إن الفوز بجائزة نوبل «شرف عظيم» و«مسؤولية كبيرة جدا».
وولدت إرنو عام 1940 في نورماندي وهي ابنة أبوين من الطبقة العاملة، وكان كتابها الأول في عام 1974 عن تجربة إجهاضها، وهي تعيش في سيرجي، في الضواحي الشمالية الغربية لباريس، ولديها ولدان وحصلت على العديد من الجوائز الأدبية الفرنسية.
تبلغ قيمة جائزة نوبل في الأدب 10 ملايين كرونة سويدية، وتذهب إلى الكاتب الذي يُعتبر، على حد تعبير وصية ألفريد نوبل «الشخص الذي أنتج في مجال الأدب العمل الأكثر تميزاً في الاتجاه المثالي».
وعلق الكاتب المصري محمد سلماوي على فوز آني إرنو، بأنه يبرئ لجنة نوبل من اتهامات دائما تتعرض لها وهي «تدخل اللوبي اليهودي في اختياراتها».
وقال سلماوي لـ«الشرق الأوسط»: «إرنو صاحبة موقف مؤيد للقضية الفلسطينية، بل إنها كانت من الكتاب القلائل الذين انضموا إلى حملة مقاطعة المنتجات الزراعية الإسرائيلية التي تمت زراعتها في الأراضي العربية المحتلة».
ويشير سلماوي إلى أن «كتابتها جريئة، لكنها ليست إباحية، وتكتب في منطقة وسط بين السيرة الذاتية والرواية، ولها أسلوب مميز في السرد وهي تتجول في ضمير الراوي بشكل حر ومتنوع، فتخلط بين (الأنا، وهم، وهي) بشكل مميز».


مقالات ذات صلة

للمرة الأولى... لجنة «نوبل» تتواصل عبر الفيديو مع الإيرانية نرجس محمدي

شؤون إقليمية للمرة الأولى... لجنة «نوبل» تتواصل عبر الفيديو مع الإيرانية نرجس محمدي

للمرة الأولى... لجنة «نوبل» تتواصل عبر الفيديو مع الإيرانية نرجس محمدي

تحدثت لجنة نوبل للمرة الأولى مع الإيرانية نرجس محمدي، التي حازت جائزتها للسلام لعام 2023 وأُفرِج عنها موقتاً في بلادها لأسباب طبية.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
شؤون إقليمية نرجس محمدي (رويترز)

تدهور صحة السجينة الإيرانية نرجس محمدي ونقلها إلى المستشفى

وافقت السلطات الإيرانية على نقل السجينة الحائزة على جائزة نوبل للسلام نرجس محمدي إلى المستشفى بعد نحو تسعة أسابيع من معاناتها من المرض.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد الخبير الاقتصادي سايمون جونسون بعد فوزه المشترك بجائزة نوبل في الاقتصاد بمنزله في واشنطن يوم الاثنين 14 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الفائز بـ«نوبل الاقتصاد»: لا تتركوا قادة شركات التكنولوجيا العملاقة يقرّرون المستقبل

يؤكد الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد سايمون جونسون على ضرورة أن يستفيد الأشخاص الأقل كفاءة من الذكاء الاصطناعي، مشدداً على مخاطر تحويل العمل إلى آلي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق خلال إعلان الأكاديمية الملكية السويدية عن فوز ثلاثة أميركيين بجائزة نوبل للاقتصاد (رويترز)

«نوبل الاقتصاد» لـ 3 أميركيين

فاز خبراء الاقتصاد الأميركيون دارون أسيموغلو وسايمون جونسون وجيمس روبنسون، بجائزة «نوبل» في العلوم الاقتصادية، أمس، عن أبحاثهم في مجال اللامساواة في الثروة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد شاشة داخل «الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم» خلال الإعلان عن جائزة «نوبل الاقتصاد» في استوكهولم (رويترز)

عقد من التميز... نظرة على الفائزين بجائزة «نوبل الاقتصاد» وأبحاثهم المؤثرة

على مدار العقد الماضي، شهدت «الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم» تتويج عدد من الأسماء اللامعة التي أحدثت تحولاً جذرياً في فهم الديناميات الاقتصادية المعقدة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)

مقتل أربعة من «فيلق الشام» في كمين بريف اللاذقية

عنصر سوري يحرس مدخل قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية الساحلية السورية (رويترز)
عنصر سوري يحرس مدخل قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية الساحلية السورية (رويترز)
TT

مقتل أربعة من «فيلق الشام» في كمين بريف اللاذقية

عنصر سوري يحرس مدخل قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية الساحلية السورية (رويترز)
عنصر سوري يحرس مدخل قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية الساحلية السورية (رويترز)

قُتل أربعة على الأقل من عناصر إدارة العمليات العسكرية في سوريا في كمين نصب لهم أمس السبت في ريف اللاذقية، معقل الرئيس المخلوع بشار الأسد.

في الأثناء، أعلن التحالف الذي تولى السلطة في دمشق وتقوده هيئة تحرير الشام، أن «إدارة العمليات العسكرية ترسل تعزيزات عسكرية كبرى نحو أرياف اللاذقية وطرطوس وجبلة».

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل «أربعة مقاتلين على الأقل» من «فيلق الشام» في «اشتباكات عنيفة اندلعت في ريف اللاذقية بين مسلحين من فلول النظام السابق وعناصر من الفصيل».

وأشار المرصد إلى أن «الهجوم جاء نتيجة كمين مسلح نصبه المسلحون لمقاتلي الفيلق، قرب أوتستراد اللاذقية - جبلة»، قرب دارة لوسيم الأسد، واصفاً الأخير بأنه «قريب ماهر الأسد الذي كان يشرف على عمليات تصنيع وتجارة الكبتاغون»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ولفت المرصد إلى أن الاشتباكات جاءت «عقب توجه الفيلق إلى ثكنة عسكرية كانت سابقاً لقوات النظام البائد في قرية الحكيم التابعة لمنطقة المزيرعة بريف اللاذقية بهدف ضبط عمليات سرقة سلاح كانت تحدث في الثكنة من قبل فلول النظام».

وأكد مصدر في «فيلق الشام» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «لصوصاً مسلحين» أطلقوا النار على مقاتلي الفيلق الذين كانوا «يسيّرون دورية» أمنية، مما أسفر عن مقتل أربعة منهم.

وجاء في تنويه نشرته القيادة العامة لتحالف الفصائل على منصة «تلغرام» أن «القوات الموجودة في اللاذقية تعمل على معالجة الوضع ومحاسبة المرتكبين بأسرع وقت وبكل حزم»، مذكّرةً بأنه «يُمنع منعاً باتاً حمل الأسلحة في مدينة اللاذقية، وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق أي مخالف».

ولفت المرصد إلى أن سكان المنطقة كانوا طلبوا السبت من السلطات الجديدة التدخل ضد من يرتكبون «أفعالاً تزعزع أمن المنطقة التي تتميز بوجود العديد من مكونات الشعب السوري».

والسبت أعلنت السلطات الجديدة تخصيص أرقام هاتفية للاتصال بها من أجل الإبلاغ عن حدوث أي طارئ في اللاذقية.

كما أصدرت بياناً حضّت فيه «كل من استولى على أي من الممتلكات العامة سواء كانت عسكرية أو خدمية أن يبادر بتسليم ما أخده إلى أقرب مركز شرطة خلال مدة أقصاها سبعة أيام من تاريخ صدور هذا البلاغ».

وهي كانت قد دعت (الثلاثاء) جميع التشكيلات العسكرية والمدنيين في منطقة الساحل السوري، إلى «عدم مصادرة أية معدات أو أسلحة أو مركبات عامة لأي شخص»، وذلك «تحت طائلة المساءلة والعقوبة».