«القضاء الأعلى» يرفض الاستسلام لتعطيل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

وزير العدل يدعو لاجتماع طارئ الأسبوع المقبل للبت في تعيين قاض رديف

TT

«القضاء الأعلى» يرفض الاستسلام لتعطيل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

مع وصول اقتراح تعيين المحقق العدلي الرديف في ملف انفجار مرفأ بيروت إلى طريق مسدود، وبدء مجلس القضاء الأعلى بالبحث عن خيارات قانونية تطلق مجدداً يد المحقق الأصيل طارق البيطار المتوقف عن العمل قسراً منذ 10 أشهر، دعا وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري، مجلس القضاء لاجتماع يعقد يوم الثلاثاء المقبل، لـ«البت بمسألة تعيين رؤساء الغرف لدى محكمة التمييز، واتخاذ موقف بالتصويت سلباً أو إيجاباً فيما يخص اسم القاضي المقترح انتدابه في قضية انفجار مرفأ بيروت».
وتأتي دعوة مجلس القضاء للاجتماع الطارئ، بعدما رصدت أوساط قصر العدل تحركاً على أكثر من اتجاه لإنهاء الشلل الذي يضرب هذه القضية الحساسة، وجزمت هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط»، بأن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود «لن يبقى مكتوف الأيدي حيال تعطيل التحقيق إلى أجلٍ غير مسمى، والذي يلحق الظلم بالضحايا وبالموقوفين بالقضية على حد سواء، لذلك فإن الوزير استبق أي خطوة محتملة، وقرر الاجتماع بمجلس القضاء لإيجاد المخرج المناسب لهذه الأزمة قبل فوات الأوان».
وكشفت أن عبود «لديه بعض أفكار وضعت قيد البحث، أبرزها استكمال عقد الهيئة العامة لمحكمة التمييز، بعد تجميد متعمد لمرسوم تعيين رؤساء محاكم التمييز منذ أشهر، والشروع بحسم الدعاوى المقدمة أمامها سواء ضد البيطار أو القضاة الذين ينظرون بدعاوى رده المقدمة من سياسيين مدعى عليهم».
وكان وزير العدل أعاد مشروع مرسوم تعيين رؤساء غرف التمييز إلى مجلس القضاء الأعلى، من دون توقيعه، بزعم أن «القاضية جمال الخوري المقترح اسمها كرئيسة لإحدى غرف التمييز أحيلت إلى التقاعد في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي». وشكلت هذه الخطوة مفاجأة أوحت بوجود نية مبيتة هدفها إغراق ملف المرفأ في متاهات التشكيلات وغيرها، وعبرت مصادر قضائية عن أسفها «لتجميد المرسوم (عند وزير العدل) لأسابيع طويلة، ومن ثم إعادته إلى مجلس القضاء بعد إحالة أحد القضاة على التقاعد»
لكن الوزير الخوري استغرب كل ما يروج من أخبار بهذا الشأن، وقال في بيان صدر عن مكتبه أمس «إظهاراً للحقيقة، فإن مشروع المرسوم المرسل تضمن اسم قاضٍ من بين رؤساء الغرف في محكمة التمييز سيحال إلى التقاعد بتاريخ 25 أيلول الماضي، ولذلك أعاد الوزير بالاستناد إلى ما تقدم مشروع المرسوم إلى مجلس القضاء الأعلى، مشيراً إلى وجوب استبدال اسم القاضي المحال على التقاعد في الغرفة التاسعة باسم آخر».
وتتعدد الخيارات التي قد يلجأ إليها مجلس القضاء إذا استمر تعطيل التحقيق بملف المرفأ، ولم تستبعد المصادر القضائية عبر «الشرق الأوسط»، أن يتجه المجلس إلى «اعتماد رؤساء محاكم التمييز المنتدبين كأعضاء في الهيئة العامة، باعتبار أن تجميد المرسوم ينطلق من خلفيات سياسية، أدت عن قصد إلى عرقلة العدالة وإنهاء تحقيقات المرفأ بشكل نهائي، خصوصا أن مجلس القضاء أصر بالإجماع ولثلاث مرات متتالية على مشروع المرسوم وبنفس الصيغة، ما يجعل المرسوم نافذاً، ويخرجه من الأسر السياسي». لكنها أشارت إلى أن المجلس «سيستمع إلى طروحات وزير العدل في اجتماع الثلاثاء، وبعدها يُبنى على الشيء مقتضاه».
ولا يزال مجلس القضاء منقسماً على نفسه، بسبب الخلاف على اسم القاضية سمرندا نصار التي اقترحها الوزير هنري الخوري لمهمة محقق عدلي رديف تتولى البت بطلبات إخلاء سبيل الموقوفين بملف المرفأ، وأشارت المصادر إلى أن رئيس مجلس القضاء «يريد حلاً مستداماً يعالج معضلة الملف بكل جوانبه، خصوصاً مسألة البت بإخلاء سبيل الموقوفين، والأهم إعادة التحقيق إلى مساره الطبيعي، وحسم الدعاوى المقدمة ضد البيطار، بما يمكن الأخير من استئناف عمله، أو قبول الدعاوى وتعيين بديل عنه».
وأفادت المصادر بأن القاضي سهيل عبود «فضل عدم عقد جلسة لمجلس القضاء هذا الأسبوع، ما دام أن البند الوحيد المطروح أمامه هو تعيين القاضية نصار، وعدم مبادرة وزير العدل إلى اقتراح اسم آخر». إلا أن مصدراً مسؤولاً في وزارة العدل أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن الوزير هنري الخوري «لم يتبلغ أي قرار من مجلس القضاء بقبول اقتراح تعيين القاضية نصار أو رفضه».
وشدد على خوري «لا يزال حذراً جداً بمقاربة هذا الملف، وسيعطي الموضوع مداه لمعالجة الإشكالية الواقعة بين أعضاء مجلس القضاء».
ورد المصدر على الاتهامات بأن الوزير لم يقترح سوى اسم القاضية نصار، فذكر بأن القانون يفرض عليه اقتراح اسم واحد، فإذا جاءه الجواب برفض هذا القاضي يقترح حينها اسما آخر، وهذا ما حصل مع وزيرة العدل السابقة (ماري كلود نجم)، قبل تعيين القاضي فادي صوان ومن ثم تعيين القاضي طارق البيطار. وقال: «فور تبلغ وزير العدل قرار مجلس القضاء برفض تسمية القاضية نصار سيسارع إلى اقتراح اسم قاضٍ آخر، لكن هذا الشيء لم يحصل حتى الآن».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

قائد «قسد»: اتفقنا مع السلطة الجديدة على رفض «مشاريع الانقسام»

عناصر من «قسد» في منطقة دير الزور السورية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «قسد» في منطقة دير الزور السورية (أرشيفية - رويترز)
TT

قائد «قسد»: اتفقنا مع السلطة الجديدة على رفض «مشاريع الانقسام»

عناصر من «قسد» في منطقة دير الزور السورية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «قسد» في منطقة دير الزور السورية (أرشيفية - رويترز)

قال مظلوم عبدي، قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تسيطر على مناطق الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرقي سوريا، إنه تم الاتفاق مع السلطة الجديدة في دمشق على رفض «أي مشاريع انقسام» تهدد وحدة البلاد.

وفي تصريح مكتوب لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قال عبدي إن لقاء «إيجابياً» جمع قيادتي الطرفين نهاية الشهر الماضي في دمشق، مضيفاً: «نتفق أننا مع وحدة وسلامة الأراضي السورية، وعلى رفض أي مشاريع انقسام تهدد وحدة البلاد».

وتخضع مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا لسيطرة الإدارة الذاتية التي أنشأها الأكراد بعد اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، وانسحاب القوات الحكومية منها من دون مواجهات.

وبنى الأكراد الذين تصدّوا لتنظيم «داعش»، مؤسسات تربوية واجتماعية وعسكرية. وحاولوا طيلة سنوات النزاع الحفاظ على مكتسباتهم، في وقت حملت عليهم السلطة السابقة نزعتهم «الانفصالية».

وكان وفد من قوات سوريا الديموقراطية التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري وتدعمها واشنطن، التقى قائد الادارة الجديدة في دمشق أحمد الشرع في 30 ديسمبر (كانون الأول)، في أول محادثات بين الطرفين منذ إطاحة بشار الأسد في وقت سابق من الشهر ذاته.

وقال عبدي «ناقشنا معا المرحلة المستقبلية بعد سقوط نظام الأسد وكيفية النهوض مجددا بسوريا مبنية على ركائز متينة».

وأكد «دعم مساعي الادارة الجديدة لأن يكون هناك استقرار في سوريا من أجل تهيئة الأجواء لحوار بناء بين السوريين»، معتبراً أنه «يقع على عاتق الإدارة الجديدة التدخل من أجل وقف إطلاق النار في عموم سوريا».

ورفع الأكراد السوريون، بعد هزيمة الأسد، علم الاستقلال الذي تعتمده فصائل المعارضة، على مؤسساتهم، في بادرة حسن نية تجاه السلطة الجديدة، في خطوة رحّبت بها واشنطن.

وعلى وقع الهجوم المباغت الذي شنّته «هيئة تحرير الشام» بقيادة الشرع، وتمكنت بموجبه من الوصول الى دمشق خلال 11 يوما، تعرض المقاتلون الأكراد لهجمات شنتها فصائل سورية موالية لأنقرة في شمال سوريا وأدت الى انسحابهم من مناطق عدة.

وتعتبر أنقرة الوحدات الكردية امتدادا لـ«حزب العمال الكردستاني» الذي تصنفه منظمة «إرهابية» ويخوض تمرداً ضدها منذ عقود. وتسعى تركيا، وفق محللين، لجعل الأكراد في موقع ضعيف في سوريا على ضوء الأحداث الأخيرة.
وقتل خمسة مدنيين وأصيب 15 آخرون الأربعاء جراء قصف تركي استهدف قوافل مدنية كانت في طريقها الى سد تشرين في ريف حلب الشرقي، بحسب الإدارة الذاتية، وذلك استجابة لدعوة وجهتها تنديدا بالقصف المستمر على المرفق الحيوي.

وأسفرت اشتباكات متواصلة بين قوات سوريا الديمقراطية وفصائل سورية موالية لأنقرة في ريف منبج (شمال) رغم اعلان هدنة بوساطة اميركية، عن مقتل أكثر من مئة شخص خلال يومين حتى فجر الأحد، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

منذ عام 2016، نفذت تركيا عدة عمليات عسكرية ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا وتمكنت من السيطرة على شريط حدودي واسع.
ولوّح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الثلاثاء بشنّ عملية جديدة ما لم توافق القوات الكردية على شروط أنقرة لمرحلة انتقالية «غير دموية» بعد الأسد.