جنوا: «وداعاً كورونا وأهلاً بالسيّاح»

إيطاليا تنفض غبار الإقفال وتستعيد بريقها

كامولي كانت قرية لصيادي الأسماك واليوم مقصد لمحبي الشواطئ الخلابة
كامولي كانت قرية لصيادي الأسماك واليوم مقصد لمحبي الشواطئ الخلابة
TT
20

جنوا: «وداعاً كورونا وأهلاً بالسيّاح»

كامولي كانت قرية لصيادي الأسماك واليوم مقصد لمحبي الشواطئ الخلابة
كامولي كانت قرية لصيادي الأسماك واليوم مقصد لمحبي الشواطئ الخلابة

سطور طال انتظار كتابتها، ووجهات انتظرت بفارغ الصبر لتستقبل زوارها من جديد، وملحق سياحي علق بسبب الجائحة التي شلت حركة التنقل والسفر والاستكشاف، وحرمت الناس من رؤية بعضهم البعض.
من الصعب أن نصدق بأن حياتنا في طريقها للعودة إلى طبيعتها، من الأصعب أن نصدق ما حصل عندما فرض على العالم فيروس لعين لم نره ولكن رأينا أضراره على البشر والاقتصاد وشركات الطيران والفنادق وشتى المرافق الحيوية التي نراها اليوم تسعى جاهدة للتعافي الذي قد يستغرق أكثر من سنة في ظل الأزمات الاقتصادية السيئة التي تعصف بالعالم.
بعد أشهر قليلة من رفع الإجراءات الاحترازية وفحوصات الـ«بي سي آر» واستعمال الكمامة (أصبحت اختيارية على بعض شركات الطيران) التي جعلتنا نفكر ملياً قبل الإقدام على السفر، نرى العالم اليوم يلملم جراحه المادية والمعنوية ويؤمن بمقولة: Life Goes On بمعنى أنه لا بد بأن تستمر الحياة مهما كان الثمن ومهما كانت الظروف.


جنوا مدينة بسيطة وجارة للأغنياء

وبعد طول غياب عن واحد من أجمل البلدان المتوسطية وبعد شوق للمعالم والثقافة والطعام كان لا بد من العودة إلى إحدى مدن تلك البلاد المتوسطية الجميلة، ووقع الخيار على جنوا القابعة على الساحل الشمالي الغربي لإيطاليا التي تعتبر سادس أقدم مدينة في البلاد وفيها واحد من أشهر الموانئ الأوروبية العريقة وفيها أيضاً المعمار المتنوع والشواطئ الخلابة وجارة ميلانو ومرفأ بورتوفينو و«تشينكوي تيري» الرائعة.
تماشياً مع الأوضاع الاقتصادية الراهنة وأهمية التنبه لمسألة الإنفاق، فمن الضروري أن نختار وجهة جميلة وبالوقت نفسه مقدور عليها من حيث التكلفة. ميزة جنوا هي أنها تقع وسط أجمل الأماكن السياحية التي يقصدها الأغنياء مما يجعل الإقامة والأكل غالي الثمن، ولهذا السبب نرى الكثير من الزوار الذين يجعلون من جنوا قاعدة لبدء جولتهم منها لأن فنادقها أرخص بكثير من فنادق جارتها ميلانو أو «بورتو فينو» أو مدينة «الأراضي الخمس» أو Cinque Terre المعروفة بروعة ألوانها وإطلالة هضباتها الخمس على البحر، فأفضل طريقة للتعرف على مقاطعة ليغوريا الملقبة بالريفييرا الفرنسية هي عن طريق التوجه إلى جنوا والتنقل بواسطة القطار أو استئجار سيارة والمشي على الأقدام.

صلصة البيستو من أشهر ما تقدمه جنوا

نقطة الانطلاق
بدأت الرحلة من لندن، فلا تزال تفرض بعض شركات الطيران على مسافريها وضع الكمامة، ولكن ولحسن الحظ لم يطلب منا ذلك، استغرقت الرحلة ساعة و45 دقيقة للوصول إلى مطار كريستوفر كولومبوس، وهذا الاسم تراه كثيراً في جنوا تكريماً للمستكشف والرحالة الإيطالي وابن جنوا التي لا تزال تحتفظ بمنزله القديم الذي أمضى فيه طفولته وتم ترميمه عدة مرات على مر السنين، ويعتبر من المعالم السياحية المقصودة في جنوا ويقع بالقرب من دير «سانت أندريا»، كما توجد سفينة كريستوفر كولومبوس راسية عند مرفأ جنوا القديم وهذا ما يجعل المدينة مغناطيساً لمحبي الحياة المائية والملاحة لأنها غنية بالتاريخ البحري.
إذا كنت من محبي التاريخ البحري أنصحك ببدء الرحلة من المرفأ القديم Porto Antico الذي تحول اليوم إلى معلم سياحي أكثر منه مرفأ يستقبل ويودع السفن بحيث يقصده سكان المدينة والسياح للتمتع بالأكل الليغوري في المطاعم المنتشرة على طول الكورنيش البحري، ومن هناك يمكن المشي للوصول إلى مصعد «بيغو» من تصميم رينزو بيانو الذي يؤمن لك رؤية المدينة من على علو 40 متراً فوق البحر، وبعدها تصل إلى الغابة الاستوائية و«بياتزا ديلي فيستي» المصممة على شكل مجسم من حديد مغروز في الماء.


الفوكاتشيا على طريقة جنوا وتحشى بالجبن

قد لا تكون جنوا من أجمل المدن الإيطالية المعروفة بمعمارها مثل روما وبوبميي، ولكنها ستفاجئك ببعض مبانيها الأثرية شرط أن تقرر المشي لاستكشاف روعة معمارها المخفي والمدرج على لائحة اليونيسكو، لا سيما في شارع التسوق الرئيس «فيا غاريبالدي» وشارع «كايرولي» و«بالبي» وكل هذه الشوارع تكون ما يعرف بالشارع الجديد «سترادي نووفي»، فيكفي أن تتمشى في أزقة جنوا القديمة لكي تكتشف المعمار الباروكي الذي يعود للقرن السادس عشر، مع استراحة قصيرة لتناول فنجان من الاسبريسو الإيطالية في الهواء الطلق.
من المعالم الجميلة في وسط جنوا كاتدرائية القديس لورينزو، المميزة بلون جدرانها الخارجية السوداء والبيضاء ويستمر مسلسل الدهشة بعد ولوجك للداخل حيث ترى روعة تاريخية حقيقية. ولا تفوتك زيارة منارة جنوا التي بنيت في عام 1500 ولا تزال واقفة بطولها الفاره الذي يبلغ 76 متراً، وتعتبر هذه المنارة من بين أهم المعالم السياحية في إيطاليا وأطولها.
لمحبي عالم البحار، لا تبخل جنوا على زوارها بالمتاحف التي تزيد على 10 متاحف، وعلى رأسها «غالاتا ميوزيو ديل ماري»، والمتحف الفن التاريخي بسقوفيته المرسومة باليد. ويحظى من يفضلون زيارة الغاليريهات العصرية بحصة وافرة من المعارض الفنية والمتاحف العصرية مثل متحف «فيلا غروسي» وغاليري الفن الحديث.

الريفييرا الإيطالية
بما أن جنوا هي الخيار الأفضل للإقامة والتمتع بجاراتها الواقعة على الريفييرا الإيطالية فلا بد من زيارة «كامولي» Camogli وهي قرية يسكنها صيادو الأسماك وتبعد عن جنوا بمسافة 35 دقيقة فقط بواسطة السيارة أو القطار، وتنتشر فيها الشواطئ الجميلة وإذا كنت من أصحاب القلوب القوية وتحب الغطس فيمكنك القفز من أعلى كنيسة «سان فروتووزو» لترى تمثال المسيح البرونزي في قعر البحر.
ومن المناطق الجميلة منطقة «نيرفي» Nervi وهي كانت مخصصة لصيد السمك في الماضي وتشتهر بحدائقها التي كانت في السابق تابعة لفيلات خاصة مثل يلا غروبالو وسيرا سالوتزو وغريمالدي فاسيو.
لهذه القرية رونق خاص تكتشفه عندما تتمشى بمحاذاة الماء حيث تنتشر البوتيكات الصغيرة التي تبيع القطع يدوية الصنع ومعدات صيد السمك. زيارة مرفأ بورتوفينو حلم لكثيرين، فهو شعار الرومانسية والحب والدولتشي فيتا أو الحياة الإيطالية السعيدة. تنتشر في بورتوفينو المقاهي المحازية للماء وفيها يمكنك أن تتناول الغداء أو العشاء أو تناول الجبن والمشروب أو «أبيريتيفو» على طريقة الإيطاليين الذين يتوجهون في المساء الباكر لتناول مشروب خفيف مع تشكيلة أجبان إيطالية وبعدها يتوجهون إلى أحد المطاعم لتناول الباستا أو البيتزا. بورتوفينو فيها شواطئ تحبس الأنفاس وفيها رونق خاص لا تجده إلا فيها. فهي تبعد عن جنوا بحوالي 50 دقيقة تنقلك إلى عالم جميل من المقاهي الممتدة على الريفييرا ينصح بتناول وجبة خفيفة فيها ومن ثم التوجه إلى منطقة قريبة لتناول العشاء لأنه أسعار مطاعمها غالية بعض الشيء بسبب نوعية الزوار الذين يأتون إليها على متن يخوتهم الخاصة، ومن الأماكن الجميلة لتناول الـ«أبيريتيفو» والأجبان الإيطالية «وينتر روز»، جلساته جميلة ولكنه لا تقبل الحجوزات المسبقة فيه.
وفي منطقة «سانتا مارغيريتا» القريبة من بورتوفينو توجد مطاعم كثيرة وجيدة وأسعارها أرخص من غيرها ولكن إذا أردت مطعماً جديداً وأطباقه رائعة فلقد افتتح فيها مطعم جديد اسمه «Longosteria Paraggi» فهو بمحاذاة الماء وأسعاره عالية جداً تنافس علو الأمواج ولكن أطباقه التي تعتمد على الأسماك وثمار البحر تبرر ذلك.
ومن بورتوفينو إلى Cinque Terre ويمكن الوصول إلى كل من تلك القرى الخمس عن طريق القارب، وفي كل قرية تجد شيئاً ما يشدك إليها بدءاً بألوان البيوت الزاهية التي ترتكز على الأحمر والبرتقالي والوردي والأصفر، مروراً بالانحدارات وانتهاء بالمطاعم التي تقدم أطباقاً إيطالية تقليدية يسيل لها اللعاب.

الأكل في ليغوريا
المعروف عن إيطاليا تنوع المطبخ فيها، على عكس ما يتصوره البعض بأن الأطباق تتشابه في جميع المناطق والمقاطعات، ففي ليغوريا وتحديداً في جنوا الساحلية، تنتشر الأطباق التي يدخل فيها السمك وثمار البحر بشكل عام، فهي مدينة واقعة على البحر مباشرة وتضم مرفأ كبيراً وهذا ما يجعلها من أهم المدن التي تشتهر بالأسماك مثل الكود والقواقع بشتى أنواعها التي لا تخلو منها لوائح الطعام في المطاعم.
أشهر طبق في جنوا يطلق عليه اسم «بوريدا» وهو يخنة من السمك مع صلصة طماطم وثوم.
وأشهر صلصة في جنوا هي البيستو المصنوعة من الحبق والصنوبر وزيت الزيتون والثوم وجبن البراميزان، فهذه الصلصة ولدت في جنوا ولا تستطيع أي منطقة أخرى أن تصنع بمثل نكهتها وجودتها، تباع هذه الصلصة في جميع المحلات في جنوا ولكن من المستحسن أن تسأل أحداً من أهالي المدينة لكي يرشدك للصنف الجيد أو في تراتوريا روزمارينو.
أما عن خبز الفوكاشيو فحدث ولا حرج، فجنوا تشتهر بالفوكاشيا بعدة أنواع، ولكن الطريقة التي يتبعها أهالي جنوا تختلف، فالفوكاشيا الـ«جينوفيزي» رقيقة جداً ومحشوة بالجبن الذي يشبه الموتزاريلا، وهناك نوع آخر فيه الكثير من زيت الزيتون والملح الخشن، وهناك نوع من الفوكاشيا يقدم على سطحه الانشوفة.


مقالات ذات صلة

«الصحة العقلية ليست ثانوية»... 5 دروس من أسعد دولة في العالم

يوميات الشرق لقطة للواجهة البحرية في هلسنكي (رويترز)

«الصحة العقلية ليست ثانوية»... 5 دروس من أسعد دولة في العالم

قضت باتريس بولتزر، وهي منتجة برامج سابقة حائزة على جوائز، عطلة نهاية أسبوع واحدة في أسعد بلد بالعالم، فنلندا.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
يوميات الشرق راقصون يؤدون عروضاً خلال كرنفال في رييكا بكرواتيا (رويترز)

ليست إيطاليا أو إسبانيا ولا اليونان... ما وجهة السفر الأولى في أوروبا لعام 2025؟

أصبح لأوروبا وجهة سفر جديدة رائجة، وهي ليست إسبانيا أو إيطاليا أو اليونان.

«الشرق الأوسط» (زغرب)
يوميات الشرق منطقة الساحل الشمالي بمصر (الشرق الأوسط)

مصر تعول على «الساحل الشمالي» لزيادة الحركة السياحية في الصيف

تُعوِّل مصر على زيادة الحركة السياحية في الصيف إلى الساحل الشمالي، عبر تنظيم رحلات تعريفية لممثلي شركات السياحة العالمية.

محمد الكفراوي (القاهرة)
خاص جانب من مضيق هرمز الذي تطل عليه محافظة مسندم العمانية (الشرق الأوسط)

خاص مسندم العمانية تشهد تحولات تنموية تعزز مكانتها الاستراتيجية على مضيق هرمز

تشهد محافظة مسندم تحولات تنموية كبيرة تهدف إلى تعزيز مكانتها الاستراتيجية، وتحقيق نهضة اقتصادية وسياحية متكاملة.

آيات نور (مسندم)
سفر وسياحة ميغان ماركل مع ابنتها ليليبيت والشعار المثير للجدل في الخلفية (موقع أز إيفير)

«بوريريس»... تشهرها ميغان ماركل عن طريق الخطأ

قبل أسبوعين من عرض برنامجها المنتظر «With Love» على منصة «نتفلكس»، أعلنت ميغان ماركل، دوقة ساسيكس، عن تغيير اسم علامتها التجارية

جوسلين إيليا (لندن)

«بوريريس»... تشهرها ميغان ماركل عن طريق الخطأ

ميغان ماركل مع ابنتها ليليبيت والشعار المثير للجدل في الخلفية (موقع أز إيفير)
ميغان ماركل مع ابنتها ليليبيت والشعار المثير للجدل في الخلفية (موقع أز إيفير)
TT
20

«بوريريس»... تشهرها ميغان ماركل عن طريق الخطأ

ميغان ماركل مع ابنتها ليليبيت والشعار المثير للجدل في الخلفية (موقع أز إيفير)
ميغان ماركل مع ابنتها ليليبيت والشعار المثير للجدل في الخلفية (موقع أز إيفير)

قبل أسبوعين من عرض برنامجها المنتظر «With Love» على منصة «نتفلكس»، أعلنت ميغان ماركل، دوقة ساسيكس، عن تغيير اسم علامتها التجارية «أميريكان ريفييرا أورشارد» (American Riviera Orchard)، من خلال فيديو قصير نشرته على حسابها الخاص على «إنستغرام»، حيث قام زوجها الأمير هاري بتصويرها وهي تعلن الاسم الجديد «أز إيفير» (As Ever) مستخدمة صورة ابنتها الأميرة ليليبيت للترويج لموقع علامتها التجارية الإلكتروني الجديد.

ولسوء الحظ لم يلقَ إعلان ماركل عن اسم علامتها التجارية، المخصصة لبيع أدوات البستنة والمربى، الترحيب والإعجاب الذي كانت ترنو إليه، إنما تلقت انتقادات، تحصى ولا تعد، إضافة إلى تهديد بالملاحقة القانونية.

ولكن ما قصة الملاحقة القانونية؟ ما حصل هو أن ماركل اختارت شعاراً لعلامتها التجارية شبيهاً إلى حدّ بعيد بشعار إحدى القرى الصغيرة في جزيرة مايوركا الإسبانية، وهو عبارة عن شجرة نخيل مع طائرين على الجانبين، وهذا الأمر أثار حفيظة عمدة «بوريريس» (Porreres)، زيسكا مورا، التي عدّت الأمر غير مقبول، وأنها تفكر بملاحقة الدوقة قانونياً، لكنها غيّرت رأيها بعدها، مكتفية بمطالبة ماركل بحذف الشعار الذي استخدمته في موقعها الإلكتروني، قائلة: «بغضّ النظر عن النكات، نريدها حقاً أن تغير الشعار، لأن شعارنا خاص جداً بثقافتنا ومرتبط بمدينتنا منذ تأسيسها قبل مئات السنين».

طبق البايلا الاسباني الشهير (غيتي)
طبق البايلا الاسباني الشهير (غيتي)

وتابعت مورا: «كل مدينة في مايوركا لها رمزها الخاص أو شعار النبالة الخاص بها، وهو مهم جداً لهويتنا، والناس منزعجون من استخدام هويتنا لبيع منتجات مثل المربى في جميع أنحاء العالم. الحقيقة هي أنه على الرغم من أن هذا قد أعطى مدينتنا التي لم تكن معروفة من قبل بعض الدعاية في غضون ساعات قليلة، فإننا لا نحبّ استخدام شعار النبالة الخاص بنا، ونريدهم أن يسحبوا الشعار».

وأضافت العمدة : «إن رفع دعوى بتهمة الانتحال أمر معقد ومكلف، ومجلس مدينة صغير مثل مجلسنا ليس في وضع يسمح له بمحاربة التاج الإنجليزي».

ومن اللافت أيضاً أن الصورة التي تصدرت موقع ماركل الإلكتروني، وكما تقول عمدة بوريريس، التقطت من تلك البلدة الإسبانية، حيث أضافت: «لا أعرف إذا كانت قد زارت ميغان ماركل بعض مواقع السياحة الزراعية ورأت شعار النبالة، لأن الصورة الموجودة على موقعها على الإنترنت مأخوذة من مايوركا».

ميغان ماركل خدمت مصلحة تلك القرية الصغيرة، ووضعتها على الخريطة العالمية بعد الإقبال الشديد من متصفحي الإنترنت لمعرفة موقعها والمعلومات الخاصة بها، لتتحول في غضون ساعات قليلة إلى واحدة من أكثر الوجهات بحثاً على محرك «غوغل»، جاذبة إليها السياح الذين ينوون زيارتها قريباً.

تتميز بوريريس بأبنيتها الحجرية القديمة (إنستغرام)
تتميز بوريريس بأبنيتها الحجرية القديمة (إنستغرام)

لنتعرف على بوريريس في مايوركا

«بوريريس» هي مدينة وبلدية هادئة في قلب المناطق الريفية لجزيرة مايوركا. تقع في منطقة زراعية، يبلغ عدد سكانها 5 آلاف نسمة، توجد فيها مستوطنات يعود تاريخها إلى العصر البرونزي، واحتلها كل من المسلمين والرومان. ولا تزال هناك آبار قديمة للري منتشرة في أنحاء البلدة تعود إلى فترة الوجود العربي. استعادت إسبانيا المدينة رسمياً عام 1300، وسميت على اسم الفارس الفاتح ويليام بورير. الحدث التاريخي الوحيد الملحوظ الآخر كان في وقت لاحق عام 1868، عندما تزامنت ثورة صغيرة تسمى «المجيدة» مع سقوط الملكة إيزابيلا الثانية، وأسفرت عن أعمال شغب وإحراق مبنى البلدية، الذي كان يحتوي للأسف على ما قيمته 600 عام من الوثائق التاريخية.

بوريريس في جزيرة مايوركا باسبانيا (غيتي)
بوريريس في جزيرة مايوركا باسبانيا (غيتي)

إذا كنت تنوي زيارة جزيرة مايوركا، وتريد زيارة العديد من البلدات الصغيرة النموذجية فيها، ننصحك بالتوجه إلى بوريريس التي تتميز بمبانيها الحجرية والساحات والشوارع المتعرجة التي تتمتع بسحر ريفي. لكن الروابط الوثيقة للمجتمع هي التي تجعل هذا المكان مميزاً للغاية. تجول في الشارع الرئيسي في «Avinguda Bisbe Campins»، الذي تم تخصيصه مؤخراً للمشاة، وستجد مقاهي هادئة ومبنى البلدية والكنيسة القوطية الشهيرة «Nostra Senyora del Consolacion» حيث يتجمع السكان المحليون. إحدى المفاجآت هي أن قاعة المدينة تستضيف معرضاً للفن الحديث، بما في ذلك أعمال سلفادور دالي. المفاجأة الأخرى هي الجودة العالية للطعام والشراب في الأماكن هنا.

تقع Porreres في وسط منطقة معروفة بالزراعة، لذا سوف تجد المنتجات المحلية بكثرة. قد يفسر الموقع والأجواء المريحة سبب كون ما يقرب من خمس المقيمين هنا هم من الأجانب.

إذا كنت مهتماً بشراء المنتجات المحلية الأصيلة فهذا مكان ممتاز لهذا الغرض. السوق المحلية ليست كبيرة مثل سوق سانتا ماريا في الغرب، ولكنها مليئة بالفواكه والخضراوات والعسل. وتشتهر هذه المنطقة بشكل خاص بزراعة الزيتون والمشمش واللوز ومحاصيل الحبوب.

هناك عدد من مستوطنات العصر البرونزي للمهتمين بعلم الآثار، بالإضافة إلى 36 طاحونة هواء، التي تعدّ شاهدة على الجذور الزراعية لبوريريس. تم بناء دير «سانتواري دي مونتي - زيون» الفرنسيسكاني عام 1551، ويقع على بعد كيلومترين من المدينة، كما توجد «محطات الصليب» التي تم بناؤها على طول الطريق التي تم تشييدها عام 1497. إنها كنيسة صغيرة للغاية، لكن على بعد مسافة قصيرة سيراً على الأقدام، على الرغم من أنها شاقة، وتوفر إطلالات مذهلة وبعيدة المدى على المناطق الريفية المحيطة.

إذا كنت ترغب في القيام بجولة موسعة في مايوركا، فإن Porreres هو موقع مركزي جيد. لا يوجد أي جزء من الجزيرة بعيد جداً، وعندما تعود إلى القاعدة يمكنك الاستمتاع بالهدوء في هذه المدينة الصغيرة، بعيداً عن جحافل السياح. يعدّ هذا أيضاً مكاناً جيداً لقضاء أمسيات مريحة مع السكان المحليين والمغتربين واكتشاف ريف مايوركا الأصيل.