هل تنعش بريطانيا سياحتها بـ {التسوق المعفي من الضرائب»؟

بعد انخفاض نسبة المبيعات والمتسوقين

انخفضت نسبة مبيعات السلع الفاخرة في لندن بعد إلغاء قانون رد الضرائب المضافة للسياح
انخفضت نسبة مبيعات السلع الفاخرة في لندن بعد إلغاء قانون رد الضرائب المضافة للسياح
TT

هل تنعش بريطانيا سياحتها بـ {التسوق المعفي من الضرائب»؟

انخفضت نسبة مبيعات السلع الفاخرة في لندن بعد إلغاء قانون رد الضرائب المضافة للسياح
انخفضت نسبة مبيعات السلع الفاخرة في لندن بعد إلغاء قانون رد الضرائب المضافة للسياح

راقب المتسوقون من مختلف دول العالم ومحلات العلامات التجارية للبيع بالتجزئة، الجمعة الماضي، بقلقٍ إعلان وزير المالية الجديد «ميزانيته المصغرة»؛ على أمل سماع حوافز تسوق جديدة.
فبعد أشهر من الحملات لإحياء التسوق المُعفى من الضرائب بعد إلغائه في أوائل عام 2021 إثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، استجابت وزارة المالية، وسيعود التسوق المعفى من الضرائب إلى أسواق المملكة المتحدة دون تحديد موعد لذلك.
يعدّ التسوق المعفى من الضرائب حافزاً كبيراً لمتسوقي السلع الفاخرة والسائحين العرب، وتعدّ لندن واحدة من أكثر الوجهات المرغوبة حول العالم.
جاء هذا التحسن ليلقى استحساناً كبيراً من قبل المتسوقين وتجار التجزئة على حد سواء، حيث سيكون للسياسة بلا شك تأثير هائل على العلامات التجارية والشركات البريطانية.
في أوائل عام 2021، انتهى التسوق المعفى من الضرائب في المملكة المتحدة بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وشعور المتسوقين وتجار التجزئة بالتأثير الفوري. وشرع السائحون العرب الذين يتطلعون إلى شراء منتجات فاخرة أثناء العطلة في البحث عن وجهات مثل باريس وميلانو لتجنب ضريبة القيمة المضافة البالغة 20 % التي فُرضت على جميع السلع في بريطانيا. وذهب بعض المتسوقين العرب إلى حد القدوم إلى لندن من أجل تجربة التسوق، لكنهم سافروا إلى باريس لإتمام الشراء. وكان لهذا تأثيره الضار على العلامات التجارية الفاخرة والمتاجر في لندن وفي الشوارع الرئيسة في جميع أنحاء البلاد.
وقبل نهاية التسوق المعفى من الضرائب، كان هناك حوالي 3.5 مليار جنيه إسترليني سنوياً، وأجبرت خسارة تلك المبالغ العديد من العلامات التجارية على إعادة النظر في نهجها ونقل مواقعها خارج المملكة المتحدة.
تساهم السياحة الفاخرة ككل بـ 30 مليار جنيه إسترليني في اقتصاد المملكة المتحدة، من البيع بالتجزئة إلى الضيافة، ويعتمد اقتصاد المدينة عليها. ومن خلال إزالة التسوق المعفى من الضرائب وجعل لندن أقل قدرة على المنافسة، مقارنة بالمدن الأوروبية الكبرى الأخرى، أصبحت هذه الصناعة مهددة بالكساد.
ومع ذلك ظلت لندن في جميع أنحاء العالم وجهة شهيرة للسائحين العرب، لذلك من المنطقي أن نفترض أن إعادة تقديم التسوق المعفى من الضرائب ستساعد في إبراز الإنفاق القيم من قبل متسوقي المنتجات الفاخرة العرب.
تقوم الشركات والأفراد والمنظمات بحملات لإعادة التسوق المعفى من الضرائب منذ أن أُلغي في أوائل عام 2021.
ولا يمكن إنكار أن كل هذا سيغير مشهد التسوق الفاخر، حيث ستكون المملكة المتحدة قادرة مجدداً على المنافسة مع الأسعار بالنسبة للمتسوقين العرب. ويمكن أن تتوقع العلامات التجارية أن ترى تحسينات هائلة في أعمالها من المتسوقين الدوليين بسرعة بعد دخول السياسة حيز التنفيذ، حيث يتطلع العديد من المتسوقين العرب بالفعل للعودة إلى مناطق التسوق في لندن.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».