ذكرى حرب أكتوبر: وثائق تكشف «صدمة» الغرب بحظر النفط... وعلاء مبارك يحتفي بوالده

في حين تحتفل مصر رسمياً وشعبياً بالذكرى 49 لانتصارها في حرب السادس من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973. ما زالت أسرار هذه المعركة تتكشف، حيث تحدثت وثائق بريطانية عن «صدمة» بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية بقرار حظر النفط من جانب الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
واحتفاءً بذكرى النصر نشر علاء مبارك، نجل الرئيس المصري الراحل، محمد حسني مبارك، على حسابه الشخصي على «تويتر» مقطع فيديو، يتضمن جزءاً من خطاب ألقاه والده في احتفالات سابقة بهذه الذكرى، مصحوبة بتغريدة وجه خلالها التحية لأبطال الحرب بقوله إن «أبطال حرب أكتوبر قادة وضباط وجنود قواتنا المسلحة رجال حرروا الأرض وصانوا العرض». وكان حسني مبارك قائداً للقوات الجوية وقت الحرب، وخلال فترة رئاسته لمصر، قالت وسائل إعلام محلية إنه كان «صاحب الضربة الجوية الأولى في المعركة».
فيما كشفت وثائق بريطانية، نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» اليوم (الأربعاء)، عن أن بريطانيا والولايات المتحدة «قللتا» من إرادة العرب وقدرتهم على وقف ضخ النفط للغرب خلال الحرب. وأن البريطانيين «فوجئوا» بإعلان الدول العربية المنتجة للنفط الحد من الإمدادات للغرب بعد عشرة أيام من بدء العمليات العسكرية.
وتشير الوثائق إلى أنه بعد أربعة أيام من بدء جسر جوي أميركي لنقل السلاح إلى إسرائيل، سلمت وزارة الخارجية السعودية، السفارة البريطانية مذكرة، أعربت خلالها عن «استياء» المملكة من الموقف الأميركي المؤيد لإسرائيل، محذرة من «التأثير السيء لهذا على الدول العربية». وقالت المذكرة إن «السعودية تجد نفسها مجبرة على خفض كمية النفط، في مواجهة هذا الموقف الأميركي المتحيز، الأمر الذي سيضر بدول السوق الأوروبية المشتركة».
وحسب الوثائق كانت المذكرة السعودية «صادمة» للبريطانيين الذين «لم يتوقعوا أن تكون لدى العرب الجرأة للإقدام على مثل هذه الخطوة». وذلك بناء على تقرير أرسلته سفارتا لندن في القاهرة والرياض، إلى نائب الوكيل الدائم للخارجية البريطانية لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا، مارتن لو كويسن في الأسبوع الأول من يونيو (حزيران) عام 1973، استبعدت خلاله السفارة البريطانية في القاهرة أن «تدفع مصر باستخدام سلاح النفط»، وخلصت إدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، إلى أن المصريين يطلقون «تهديدات جوفاء» بهذا الشأن.
ورغم وجود تقارير تحدثت عن مباحثات سرية بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات، وخادم الحرمين الشريفين الملك فيصل بن عبد العزيز لبحث مسألة استخدام النفط، فإن التقارير البريطانية استبعدت مناقشة الموضوع. وقال رئيس إدارة الشرق الأدنى إنه «رغم التقارير التي تشير لمباحثات بين فيصل والسادات، لكن ليس لدينا أي شيء عن النفط، ولو جرى نقاش بهذا الشأن فسيكون مفاجئاً لأننا لم نسمع عنه»، مشككاً في إمكانية حصول القاهرة على وعد من الرياض بقطع النفط عن أميركا.
وتشير الوثائق إلى «تقليل» وزير الخارجية الأميركي، آنذاك، ويليام روجرز، من شأن تهديدات العرب باستخدام سلاح النفط، حيث يقول أنتوني بارسونز، الوكيل الدائم لوزارة الخارجية البريطانية آنذاك، في تقرير سري يتناول حواراً دار بينه وبين الوزير الأميركي في يونيو (حزيران) عام 1973، على هامش اجتماع مجلس وزراء منظمة معاهدة الشرق الأوسط (حلف بغداد) في طهران، إن روجرز وصف الحديث عن استخدام العرب سلاح النفط سياسياً بأنه «فارغ»، وأنه «لا مجال على الإطلاق لأن تؤخذ الولايات المتحدة رهينة».
لكن الدول العربية نفذت تهديداتها التي لم يأخذها الغرب بجدية، وبعد أيام من بدء العمليات العسكرية، استطاعت فيها مصر اقتحام «خط بارليف»، مدت الولايات المتحدة الأميركية جسراً جوياً لدعم إسرائيل، مما دفع السعودية والعراق وإيران والجزائر والكويت والإمارات وقطر، إلى إعلان رفع أسعار النفط بنسبة 17 في المائة، وخفض الإنتاج في 16 أكتوبر 1973، تبعه قرار بحظر توريد النفط للدول المؤدية لإسرائيل.
ولا يشكل ما كشفته الوثائق البريطانية مفاجأة، حسب اللواء حمدي بخيت، الخبير العسكري والاستراتيجي، الذي أكد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «لم يكن هناك اتفاق عربي مسبق على استخدام سلاح النفط في الحرب، فلم يكن من قبيل الحنكة السياسية الإعلان عن ذلك قبل الحرب»، وأردف: «إن الحرب خلقت نوعاً من التوافق والحماس العربي دفع إلى استخدام كل ما هو متاح من أسلحة بما في ذلك النفط»، لكن بخيت أشار إلى ما وصفه بـ«المناوشات السياسية بشأن النفط قبل الحرب». وقال بخيت إن «قرار حظر النفط كان له تأثير كبير في الحرب وشكل تهديداً لأوروبا التي كانت مقبلة على موسم الشتاء، لا سيما مع اعتمادها بنسبة كبيرة على بترول الشرق الأوسط».