ليبيا: حكومة الدبيبة تدافع عن الاتفاقيات المتعددة مع تركيا

دافع عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، عن توقيع «اتفاقيات عدة» مثيرة للجدل مع تركيا، واعتبر أنها تخدم ما وصفه بـ«المصالح العليا للشعب الليبي».
وعبر الدبيبة في بيان له مساء أمس، عبر «توتير»، عن سعادته باستقبال وفد «تركيا الصديقة»، وأضاف: «نحن متوافقون من أجل حشد الدعم الدولي المطلوب لإجراء الانتخابات». وتابع: «أهلاً بمن يريد صداقة شعبنا، ويحترم وحدة بلادنا. ولا لمن يدعم الحرب والانقسام والتمديد».
بدوره، امتنع محمد المنفى رئيس المجلس الرئاسي، عن التعليق على هذه الاتفاقيات، واكتفى بالإشارة إلى أنه بحث لدى اجتماعه مع الوفد التركي بطرابلس، دفع العملية السياسية في ليبيا من خلال انتخابات برلمانية ورئاسية، والتأكيد على وحدة التراب الليبي، لتحقيق الاستقرار والسلام في البلاد.
وقال إن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، نقل إليه تحيات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، معبراً عن عمق العلاقة التاريخية التي تجمع البلدين.
واكتفى رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ببث صور لاجتماعه مع الوفد التركي، ولم يكشف تفاصيل المحادثات، لكن وكالة «الأناضول» التركية الرسمية نقلت عنه أنه أطلع الوفد التركي على «رؤية المجلس للخروج من الأزمة الراهنة عبر تنظيم انتخابات على أُسس دستورية وقانونية سليمة تحقق الاستقرار الدائم في البلاد». وكان مقرراً أن يستأنف مجلس الدولة اليوم، التصويت الذي بدأه مساء أمس، على مواد القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة.
وقال الدبيبة، إن حكومته وُقعت مذكرات تفاهم في مجالات التدريب الأمني والطاقة النفطية والغاز والإعلام، في إطار تعزيز العلاقات بين البلدين، لافتاً إلى مناقشة التحضيرات لعقد المجلس الاستراتيجي الليبي التركي الأعلى في طرابلس، ومنتدى الشراكة الليبي التركي الذي سيمثل انطلاقة لعدد من المشروعات الاستراتيجية المهمة. كما أعلنت حكومة الدبيبة، إبرام مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجال الاتصال والإعلام، بما في ذلك إنشاء منصة إعلامية مشتركة.
بدوره، قال محمد حمودة الناطق باسم حكومة الدبيبة، إن مذكرة التفاهم بين الجانبين الليبي والتركي بشأن الطاقة الهيدروكربونية تستهدف تعزيز التعاون بين البلدين في عدة مجالات، ‏ عبر تطوير المشاريع المتعلقة بالاستكشاف والإنتاج والنقل والتنقيب والتجارة للنفط والغاز والهيدروكربون، وتأسيس شركات مشتركة بين المؤسسة الوطنية للنفط والمؤسسة التركية. وقال إن انتقاد مذكرة التفاهم التي اعتبر أنها «تصب في مصلحة الدولة والشعب الليبي»، هو من باب المناكفة السياسية.
وبعد ساعات فقط من ادعاء وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أن وجود قوات بلاده المسلحة في ليبيا «ليست بصفتها قوة أجنبية»، قالت وسائل إعلام ليبية محلية إن طائرة عسكرية تركية هبطت اليوم، في مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس. ونقلت وكالة «الأناضول» عن أكار، قوله خلال اجتماعه مع الدبيبة، في العاصمة طرابلس، إن القوات التركية الموجودة هناك هي عناصر لدولة صديقة وشقيقة لليبيا، واعتبر أن مواصلة هذه القوات تدريبها العسكري في 5 مراكز في ليبيا، بمثابة استثمار لأمن الليبيين في المستقبل.
كما قال إن تركيا هي الدولة الوحيدة التي بذلت جهوداً صادقة لتحقيق الاكتفاء الذاتي لليبيا، دون أن تكون لها أي أجندات، مشدداً على ضرورة إنشاء جيش نظامي يمكنه ضمان الأمن ودمج المجموعات المسلحة فيه.
في المقابل، أكد وزيرا الخارجية المصري واليوناني، عقب اتصال هاتفي بينهما مساء أمس، أن ما وصفاها بحكومة «الوحدة» (المنتهية ولايتها) في طرابلس «لا تملك صلاحية إبرام أي اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم». وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبوزيد، إن وزير خارجية اليونان نيكوس ديندياس، سيزور مصر الأسبوع المقبل لاستكمال المشاورات في هذا الصدد.
واستغرب أبو زيد في تصريحات تلفزيونية مساء أمس، من استمرار حكومة الدبيبة، في التوقيع على اتفاقيات جديدة تؤثر على مستقبل ليبيا ومواردها، لافتاً إلى أنها حكومة انتهت ولايتها والبرلمان نزع الثقة عنها، بالتالي لا صلاحية لها.
وبعدما قال إن ملتقى الحوار السياسي الليبي (في جنيف برعاية الأمم المتحدة)، الذي أتى بحكومة الدبيبة، أقر خريطة طريق تؤكد عدم صلاحية الحكومة في إبرام أي اتفاقيات تتعارض مع مستقبل ليبيا، اعتبر أبو زيد، أن موقف مصر المعارض للاتفاقيات التي أبرمتها حكومة الدبيبة مع تركيا، مسألة مبدأ تتعلق باستقرار الوضع الليبي المعقد والمتأزم، لافتاً إلى أن توقيع مثل هذه الاتفاقيات يزيد المشهد تعقيداً.
وقال بخصوص العلاقات المصرية التركية، «توجد اتصالات في مرحلة سابقة، ولم تستكمل بشكل كامل الآن».
وقالت اليونان في بيان لوزارة خارجيتها، إن لديها حقوقاً سيادية في المنطقة تنوي الدفاع عنها باستخدام جميع الوسائل القانونية، مع الاحترام الكامل للقانون الدولي للبحار.
واعتبرت أن «المذكرة» التركية الليبية التي وُقعت عام 2019 «غير قانونية وباطلة وغير موجودة»، لذلك لا يحق لأحد الاحتجاج بها، وأكدت أن أي إشارة أو إجراء يتم اتخاذه لتنفيذ «المذكرة» المذكورة سيكون بحكم الواقع غير قانوني، واعتماداً على خطورته، سيكون هناك رد فعل على المستوى الثنائي وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، مشيرة إلى أن اليونان ستواصل إبلاغ شركائها وحلفائها بشأن ما وصفته بدور تركيا المزعزع للاستقرار. وعبرت عن ارتياحها لتصريحات عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، ولجنة الطاقة بالمجلس، بشأن بطلان وانعدام شرعية المذكرة.
وقال الاتحاد الأوروبي على لسان المتحدث الرسمي باسمه، إنه أحيط علماً بالتقارير التي تشير إلى أن إبرام حكومة الوحدة وتركيا وحكومة اتفاقية بشأن الهيدروكربونات على أساس مذكرة التفاهم التركية الليبية لعام 2019 بشأن تحديد مناطق الاختصاص البحري في البحر الأبيض المتوسط.
وذكر في بيان أن موقف الاتحاد الأوروبي بشأن هذه المذكرة قد تم تحديده بوضوح من قبل المجلس الأوروبي في ديسمبر (كانون الأول) 2019 ولم يتغير، باعتبار أن مذكرة التفاهم التركية الليبية لعام 2019 تنتهك الحقوق السيادية للدول الثالثة، ولا تمتثل لقانون البحار، ولا يمكن أن تترتب عليها أي عواقب قانونية للدول الثالثة. وبعدما لفت إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من الإيضاحات بشأن محتوى الاتفاقية الجديدة التي لم يتم الإعلان عنها بعد، اعتبر أنه «يجب تجنب الأعمال التي يمكن أن تقوض الاستقرار الإقليمي».