ريكاردو تيشي يودع «بيربري» بتشكيلة مستوحاة من الشاطئ البريطاني الممطر

الدار العريقة تُعلن دانييل لي مصمماً جديداً لها بعد يومين فقط من العرض

الشاطئ البريطاني بالنسبة له هو تحسب لكل أحوال الطقس - أخذ المعطف الممطر عدة أشكال في هذه التشكيلة - العارضة إيرين أوكنر وتصميم بالجينز
الشاطئ البريطاني بالنسبة له هو تحسب لكل أحوال الطقس - أخذ المعطف الممطر عدة أشكال في هذه التشكيلة - العارضة إيرين أوكنر وتصميم بالجينز
TT

ريكاردو تيشي يودع «بيربري» بتشكيلة مستوحاة من الشاطئ البريطاني الممطر

الشاطئ البريطاني بالنسبة له هو تحسب لكل أحوال الطقس - أخذ المعطف الممطر عدة أشكال في هذه التشكيلة - العارضة إيرين أوكنر وتصميم بالجينز
الشاطئ البريطاني بالنسبة له هو تحسب لكل أحوال الطقس - أخذ المعطف الممطر عدة أشكال في هذه التشكيلة - العارضة إيرين أوكنر وتصميم بالجينز

منذ أسبوع، استيقظ سكان بيرمندسي، الواقعة جنوب شرقي لندن، على حركة غير معهودة. مظاهر احتفالية أخرجتهم من بيوتهم المتواضعة ليتابعوا بانبهار ما يجري حولها: حرس بلباس أسود أنيق، سيارات فخمة تخترق شوارعهم وشخصيات مهمة تنزل منها في أبهى حلة. ما زاد من دهشتهم أن المكان الذي يتوقفون عنده ليس معلماً سياحياً أو تاريخياً. هو ببساطة مكتب بريد قديم اختارته دار «بيربري» لإقامة عرض تأجل لأكثر من أسبوع بسبب وفاة الملكة إليزابيث.


كان من الصعب تجاهل المعطف الممطر..فهو من أهم رموز الدار البريطانية

حتى من وجهة نظر دار «بيربري» البريطانية التي عودتنا على إقامة عروضها في أماكن مهمة، فإن المكان هذه المرة لم يكن مبهراً، لا من الناحية الجغرافية ولا المعمارية، لكنه كان شاسعاً، أي أنه قادر على استيعاب الضيوف وفرقة موسيقية طويلة عريضة احتلت وسطه بالكامل. باقة النجوم التي حضرت العرض مثل كيني ويست وستورمنزي وصوت السوبرانو نادين سييرا وهي تصدح بمقطوعات أوبرالية، عوضت عن افتقاد مسرح الحدث عنصر الإبهار، وأضفت الكثير من الدفء على عاصمة تعاني من برود وتقلبات تتعدى الطقس إلى الاقتصاد والسياسة. ما لا يختلف عليه اثنان أن وفاة الملكة إليزابيث الثانية كان صدمة لصناع الموضة في لندن تحديداً. فعدا أن معظم العروض التي كانت مُبرمجة لأسبوعها الموجه لربيع وصيف 2023، إن لم نقل كلها، مرت مرور الكرام احتراماً للحدث الجليل، فإن الدار البريطانية العريقة ألغت عرضها مباشرة بعد إعلان خبر الوفاة. عادت بعدها لتُعلن أنها لم تُلغ العرض تماماً، بل فقط أجلته إلى أن تنتهي فترة الحداد.


أراد المصمم أن تكون تشكيلته ديمقراطية بخاماتها وتصاميمها

كان انسحابها لفتة طبيعية، بالنظر إلى أن اسمها مرتبط بالتاج الملكي منذ زمن طويل، إلا أنه كان أيضاً ضربة موجعة لباقي الأسماء المشاركة. فهذه كانت ولا تزال تُعول على اسم «بيربري» لجذب شخصيات مهمة ومؤثرة في صناعة الموضة إلى أسبوع لندن. يوم الاثنين تبادرت إلى الذهن الكثير من التساؤلات حول التوقيت. كان بإمكان الدار أن تُلغي العرض تماماً أو تؤجله إلى ما بعد انتهاء دورة الموضة العالمية عوض يوم 26 من سبتمبر (أيلول) المحشور بين أسبوعي ميلانو وباريس. وعلى ما يبدو، فإن الجانب التجاري والمتمثل في توفير الأزياء وطرحها في المحلات في أقرب فرصة كان هو الغالب. بعد يومين من العرض، تبين أيضاً أن الدار كانت تريد أن تُودع مصممها الإيطالي بطريقة تليق به، وتبدأ صفحة جديدة مع مصمم جديد هو دانييل لي. ورغم عدم مثالية هذا التاريخ، فإنه أكد قوتها كدار أزياء عريقة وذات سطوة إعلانية في الوقت ذاته، وهو ما تجلى في حضور مميز، مثل أنا وينتور وكيني ويست وستورمزي، وعارضات شاركن في العرض من مثيلات ناعومي كامبل، وبيلا حديد، وإيرينا الشايخ وإيرين أوكونر وغيرهن.


ناعومي كامبل وزي يجمع الحداثة بالعملية

كل عناصر الإبهار هاته لم تُلغ حقيقة أن الدار كانت تُدرك أن فترة الحداد على الملكة لا تزال تُلقي بظلالها على الأجواء. كل من كانوا في استقبال الحضور من العاملين فيها توشحوا بالأسود. مثل غيرها تعرف جيداً أن التضخم المالي بات يرفع ضغط شريحة كبيرة من الناس، فضلاً عما يعنيه تراجع الجنيه الإسترليني بالنسبة لقطاعات اقتصادية مهمة منها الموضة، ومع ذلك أصر مصممها الفني، الإيطالي ريكاردو تيشي، أن يُرفه عنا بأخذنا إلى الشاطئ... البريطاني تحديداً. جسد مُتعه وتناقضاته في تشكيلة جد متنوعة جمعت التفصيل مع تصاميم مستوحاة من ملابس النوم وأخرى من الأسلوب القوطي أو «البانك». بالنسبة لمصمم إيطالي، فإن «الصيف البريطاني يختلف عن كل ما سواه في العالم. فهنا سترى الناس في كامل أزيائهم وهم يتمشون على الشاطئ، لأنهم لا يضمنون حالة الطقس»، حسب ما كتبه على الورق الذي وُزع على الضيوف. بيد أن أكثر ما أثار انتباهه كإيطالي في هذه الشواطئ شريحة الشباب، وكيف يُعبرون عن أساليبهم وأهوائهم بطرق تجمع التمرد بالرغبة في العيش، وذلك بخلقهم السعادة من أبسط الأشياء». قد يكون ريكاردو تيشي مُعجباً بالثقافة البريطانية، وما تتيحه من حرية واحتضان للأهواء والميول على اختلافها، لكن ترجمته افتقدت ذلك العُمق في قراءة ما بين سطورها والإمساك بخيوطها الرفيعة. غلبت عليها في المقابل رؤية من ينظر إليها من الخارج. مثلاً حضر فيها أسلوبه القوطي، الذي أدخله إلى الدار منذ خمس سنوات عندما التحق بها، وبقوة. أما كيف وفي بوعده أن يأخذنا إلى الشاطئ، فبطرحه مجموعة كبيرة من القطع المستوحاة من ملابس البحر، بما في ذلك المايوهات التي ظهرت من تحت الفساتين والبنطلونات والجاكيتات تارة وكجزء منها تارة أخرى. ولأنه لا يمكن لأي مصمم يدخل داراً عريقة بنت سُمعتها واسمها على الغاباردين والمعطف الواقي من المطر والكاروهات، أن يتجاهل هذه الرموز، كان بديهياً أن تظهر هي الأخرى مع رشة قوطية أرادها أن تدخل الدار الألفية وعالم الشباب. لكن يبقى السؤال ما إذا كان قد نجح في تجسيد رغبته والأهداف المنتظرة منه من قبل المساهمين والمسؤولين أم لا؟ أرقام المبيعات تقول إنه أصاب في الجانب الرجالي بينما خاب في الجانب النسائي، خصوصاً عندما قرر طرح أزياء راقية بأسعار عالية بهدف الارتقاء بها وتجميل صورتها.
ما لا يمكن إنكاره أن ريكاردو تيشي الذي تسلم المشعل من كريستوفر بايلي منذ خمس سنوات كمصمم فني للدار، حاول جُهده أن يضخها بروح شبابية ونجح في ذلك إلى حد كبير، لكن العديد من منتقديه يرون أنه لم ينجح في الإمساك بكل خيوطها. هربت منه تلك النغمات الثقافية البريطانية المحسوسة وغير الملموسة، وظل أسلوبه الذي كان وراء نجاحه في دار «جيفنشي» سابقاً هو الغالب. أسلوب يعشقه الكثير من المعجبين، لكنه جاء على حساب استراتيجيات تعوّد عليها عشاق الدار المخلصون.


لم يغب التفصيل في المجموعة

الكثير من التكهنات كانت تدور في الآونة الأخيرة حول مصيره. ما إذا كانت الدار ستُجدد عقدها معه بعد انتهائه أم لا. يوم الاثنين كان عرضه لربيع وصيف 2023، يوم الأربعاء جاء الجواب بالإعلان عن تعيين دانييل لي مصمم الدار الجديد على أن يتسلم عمله بعد أسبوع واحد، ويقدم تشكيلته الأولى للدار في الموسم المقبل.
لم يكن الإعلان مفاجأة ولا سرعة التنفيذ صادمة. فالعديد من المتابعين كانوا يتوقعون إنهاء الدار تعاقدها مع ريكاردو تيشي لسببين؛ الأول خروج الرئيس التنفيذي ماركو غوبيتي منها منذ حوالي ستة أشهر. فهو الذي رشحه منذ خمس سنوات ودعمه طوال فترته. والثاني تردد اسم دانييل لي خليفة له بعد مغادرته دار «بوتيغا فينيتا» في عام 2021، فبالإضافة إلى أن هذا الأخير بريطاني الهوى والمولد، فإن دار «بوتيغا فينيتا» الإيطالية تدين له بالكثير من النجاحات، على رأسها وضعه لها ضمن خريطة كبار بيوت الأزياء العالمية.
فخلال السنوات الثلاث التي قضاها فيها، غيّر الكثير من أساسياتها وجمّل صورتها. أدخل مثلاً الألوان الصارخة على حقائبها، الأمر الذي كان له مفعول السحر على اسمها كما على أرباحها. فقد ارتفعت في عام 2019 بحوالي 1.2 مليار يورو. وحتى في عام 2020، وفي عز جائحة «كورونا»، ظلت الدار تحقق الأرباح بفضل صور هذه الحقائب على شبكات التواصل الاجتماعي خصوصاً «إنستغرام». هذا لا يعني أن «بيربري» لم تحقق أي نجاحات في عهد ريكاردو تيشي. بالعكس فإيراداتها لعام 2022 ارتفعت بحوالي 3 مليارات دولار عما كانت عليه قبل الجائحة، وارتفعت مبيعات المنتجات الجلدية بشكل ملحوظ. وهذا ما أكده المدير العام الجديد للمجموعة جوناثان أكرويد، قائلاً: «إن ريكاردو لعب دوراً محورياً في إعادة تنظيم الدار وتعزيز لغتها التصميمية». المشكلة أنها رغم هذه الأرباح لم تصل إلى مستوى أرباح مجموعة «إل في آم آش» أو «شانيل». كما أنها رغم تحقيقها مرادها من الوصول إلى شريحة الشباب، فإن زبائنها الذين تعودوا على أسلوبها البريطاني الخاص كان لهم رأي آخر، وحان الوقت لاستعادة ولائهم.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.