مؤسسة «التراث»... تُبهر زائريها بعرض سيرة ملوك السعودية

دشّنت إصداراتها بحضور مؤسسها الأمير سلطان بن سلمان

مؤسسة «التراث»... تُبهر زائريها بعرض سيرة ملوك السعودية
TT

مؤسسة «التراث»... تُبهر زائريها بعرض سيرة ملوك السعودية

مؤسسة «التراث»... تُبهر زائريها بعرض سيرة ملوك السعودية

تحت شعار «وخيرُ جليس في التراث كتابٌ»، شاركت مؤسسة «التراث» في معرض الرياض الدولي للكتاب بالعاصمة السعودية، بحضور لافت، واحتفت أمس (الاثنين) بأبرز إصداراتها. ودشن الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، مؤسس ورئيس مؤسسة «التراث»، الطبعة الثالثة من كتاب «من الاندثار إلى الازدهار... البعد الحضاري للمملكة العربية السعودية»، وكتاب «الروعة، أو حسن فتحي الآخر سا باسا بلانكا»، بالتزامن مع اليوم العالمي للعمارة.
واحتفت المؤسسة بإصدارها كتاب «من الاندثار إلى الازدهار... البعد الحضاري للمملكة العربية السعودية» الطبعة الثالثة، وهو من تأليف الأمير سلطان بن سلمان، بالمشاركة مع الدكتور علي الغبان. ويوثق الكتاب جميع المبادرات والبرامج والمشروعات الوطنية، ويبرز رحلة تحوّل التراث من الاندثار إلى الازدهار، ويعد مرجعاً مهماً في رصد جميع المبادرات التي حافظت على التراث الوطني السعودي، ويعكس البعد الحضاري للمملكة، حين شهد منتصف الثمانينات اهتماماً من الأمير سلطان بن سلمان بتراث بلاده، ولم يلبث أن أصبح عنده قضية رئيسة.
وفي هذا الصدد يؤكد الأمير في مقدمته للكتاب «أهمية أن نستعيد تراثنا الوطني الذي يشكّل هذه الوحدة المباركة التي خرجت من تلك المواقع التاريخية في جميع أنحاء المملكة. فمن لم يكن وفياً لتاريخه والمواقع التي حدث فيها ذلك التاريخ لا يمكن أن يكون وفياً لوطنه، ولا يمكن أن يكون مشاركاً حقيقياً في المستقبل. ونتاجاً لكفاح السنوات نتأمل اليوم ازدهاراً اقتصادياً في مواقع التراث العمراني بدأت تتحول إلى مواقع حية تدب فيها الحياة والنشاط الاقتصادي، ليصبح التراث العمراني في وقت قريب كما لدينا قبل عقود، تراثاً حياً كما هو في دول العالم».
أما الكتاب الذي دُشّن أمس «الروعة، أو حسن فتحي الآخر سا باسا بلانكا»، الصادر عن مؤسسة «التراث» وقدم له الأمير سلطان بن سلمان، فهو الإصدار الخامس باللغة العربية من سلسلة كتب الراحل المعماري المصري حسن فتحي الذي بادر الأمير سلطان بتوثيق أعماله بوصفه رائداً من رواد التراث بأربع لغات: الإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، والألمانية، وقد أُصدرت عام 2019.
وقد عُرف فتحي معمارياً بألقاب متعددة، منها: «فيلسوف العمارة»، و«مهندس الفقراء»، و«شيخ المعماريين»، وتجاوزت شهرته محيطه المصري والعربي إلى العالم كافة، بسبب تفرده بطرازه المعماري الذي طبقه في أعماله، ولعل أشهرها تصميمه وتنفيذه لقرية «القرنة النموذجية» في الأقصر التي بناها عام 1948، وروى قصتها في كتاب سمَّاه «عمارة الفقراء»، ونال على أثرها جوائز محلية وعربية وعالمية، منها جائزة «نوبل» البديلة (RLA) في الهندسة المعمارية، وهي جائزة يقدمها البرلمان السويدي في اليوم الذي يسبق توزيع جوائز «نوبل».
ويضم جناح مؤسسة «التراث» في معرض الرياض الدولي للكتاب؛ عدداً من إصداراتها المتخصصة في التاريخ والثقافة والتراث، بعدة لغات. ومن بين تلك الإصدارات سلسلتها عن ملوك السعودية التي توثق مسيرتهم وإنجازاتهم في خدمة الوطن، من خلال عدد من الصور النادرة، إضافة إلى كتب الرحالة الغربيين عن الجزيرة العربية، وكتب المدن وقصص بداياتها وبنيتها العمرانية.
ولعل ما يميز جناح «التراث» لهذا العام، إضافة إلى احتوائه على الكتب القيِّمة، هو ثراء محتواه الذي تجسَّد في جدارية رصدت جميع مبادرات الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز في حفظ التراث، وذلك خلال محطات ساهمت في نشر ثقافة التراث وتوثيقه، وجعله قوة ناعمة مؤثرة تليق بالسعودية، وتترك بصمة أصيلة للهوية الحضارية لها.
وأهدت مؤسسة «التراث» زوار المعرض عروضاً مميزة وحصرية، بمناسبة اليوم الوطني الـ92، على «سلسلة ملوك المملكة»، إضافة إلى نخبة مختارة من إصداراتها المتخصصة.
يشار إلى أن مؤسسة «التراث» -وهي مؤسسة وطنية أسسها ويرأسها الأمير سلطان بن سلمان- لها مساهمات في خدمة التراث الوطني السعودي، والتراث العربي والإسلامي، منذ تأسيسها قبل ثلاثة عقود، وتسعى إلى المحافظة على هذا التراث، وتأكيد أهميته. وقد حصلت على الجائزة العربية الكبرى للتراث التي تمنحها «المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم» (الألكسو)، وذلك عن دورها في التعريف بالتراث ونشره عبر مختلف وسائل الاتصال العصرية والمكتوبة، سنة 2012. كما نالت «التراث» جائزة الدكتور عبد الرحمن الأنصاري لخدمة آثار المملكة، في 2017، عن فئة الرواد من علماء الآثار السعوديين، وذلك لدورها المميز وإسهاماتها في مجال تطوير مواقع الآثار وتأهيلها، ودورها التوعوي في مجال الآثار، خلال عدد من المعارض والأنشطة المختلفة.


مقالات ذات صلة

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان
خاص الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

خاص غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

يعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
TT

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة من خلال حديث مطول أدلى به لمحرر المذكرات ومؤلف الكتاب الصحافي سيد محمود سلام. ورغم أن حديث الذكريات هنا يشمل محطات مختلفة، فإن الكتاب يركز بشكل خاص على مرحلة النشأة والطفولة وما اكتنفها من اكتشاف الفنان في سنوات التكوين الأولى لعالم الأدب وخصوصية مدينته بورسعيد، مسقط رأسه.

ويشير محمود ياسين إلى أن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر، وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها. ويرى أنه كان طفلاً محظوظاً لأنه نشأ في أسرة تعد الثقافة جزءاً مهماً من تكوين أبنائها، وكان ترتيبه السادس بين أشقائه العشرة، وقد تأثر في طفولته بشقيقه الأكبر فاروق: «إذ فتح عيني على شيء اسمه الكتاب بمعناه الواسع. كان يتسلم الكتب ويذهب إلى المدرسة، لكن فاروق كانت له في البيت مكتبة خاصة عبارة عن خزانة كبيرة في الحائط صُممت على الطراز الفرنسي تضع فيها الوالدة الفخار وقطع الخزف الصيني وكؤوس الزجاج وأشياءها الخاصة، فصنع منها مكتبة بعرض الحائط بعد أن أقنعها بذلك حيث كانوا يقطنون في فيلا من دورين تابعة لشركة قناة السويس التي كان يعمل بها والده، وعاشوا فيها ما يزيد على 25 عاماً».

ظل فاروق يشتري الكتب باستمرار مثل سلسلة «اقرأ» التي كانت تصدر ملخصات لعيون الأدب العربي والعالمي والسير الذاتية مثل السيرة الذاتية لطه حسين ودوستويفسكي ومكسيم غوركي وأنطون تشيخوف، فضلاً عن عيون الأدب الفرنسي مثل مؤلفات غي دي موباسان. كانت السلسلة تصدر كتيبات لكل كتّاب ومفكّري العالم، فالتراث الإنساني كله أنتجته سلسلة «اقرأ»، وقد جمعه فاروق في مكتبته وأيضاً سلسلة أخرى بعنوان «كتابي» جمعها أيضاً في المكتبة.

قرأ محمود ياسين في صغره معظم دواوين الشعراء العرب وعبقريات العقاد في مكتبة شقيقه، فضلاً عن كتب سلسلة «الكتاب الذهبي» التي تعرّف فيها على محمد عبد الحليم عبد الله ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي. كما كان الشقيق الأكبر فاروق شغوفاً باقتناء الكتب والمطبوعات الثقافية مثل مجلة «الهلال» حتى إنه يشتري الكتب بمصروفه الشخصي المحدود. ولم يكن الطفل محمود يشغل نفسه بشراء الكتب، لكن يده بدأت تمتد إلى مكتبة شقيقه، فغضب بشدة من استعارته كتبه؛ وذلك خوفاً من ألا تلقى الاحترام ذاته الذي تلقاه عنده تلك المكتبة التي كوّنها واشتراها من مصروفه. لكن عندما اطمأن لشقيقه، بدأ يشجعه مع بعض النصائح خوفاً على هذه الكتب. وبدأ الشقيق الأصغر في متابعة المسرحيات المترجمة بشكل خاص، لا سيما أعمال وليام شكسبير وهو ما أثار دهشة وإعجاب فاروق حين رأى شقيقه لا يفوّت نصاً للكاتب العالمي، سواء في سلسلة «كتابي» أو نظيرتها «اقرأ».

ويشير محمود ياسين إلى أن أبناء بورسعيد يتشابهون في ملامحهم وتكوينهم؛ لأن هذه المدينة تترك بصماتها على أبنائها، فهي بلد مفتوح على الدنيا ويُطل على أوروبا، فهناك شاطئ بحر وفي الأفق عالم آخر يجب أن تحلم به. إنها مدينة وسط جزر من المياه، فتأثر بهذه الخصوصية الجغرافية وما أكسبته لسكانها من حس حضاري لافت.

يقول محمود ياسين في مذكراته إن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها.

امتزجت شخصية محمود ياسين بالبحر المتوسط الذي تطل عليه مدينته، فهو مثله تراه شديد الهدوء تارة، شديد الصخب تارة أخرى. يقول: «إن أخلاقي كأخلاق البحر وطبيعتي تشبهه، فأنا في شهري سبتمبر وأكتوبر أكون هادئاً هدوءاً غريباً وعندما تنظر إليّ تشاهد ما في أعماقي، وإذا تحدثت إليّ يمكنك أن تكتشف كل شيء. أما الشخص الصاخب العصبي فهو أيضاً أنا ولكن في شهر يناير، وكذلك البحر بـ(نواته) وأمواجه المتلاطمة. لا أحب شهر يناير، قد يكون لأنه بداية عام لا أعلم ما يخبئه، وحين راقبت نفسي وجدت أنني في مواسم أكون هادئاً وأخرى أكون صاخباً وهذا هو حال البحر».

كانت حياة الصبي محمود ياسين قبل التمثيل غير مستقرة، كأنه يبحث عن شيء يسعده. كان يراقب شقيقه فاروق، الممثل العظيم بقصور الثقافة، وتعلم منه كيف يحب الريحاني. يشاهده فيشعر بأنه يمتلك عالم التمثيل بين عينيه، نظراته، تأمله، صوته حتى وهو يغني بصوتٍ أجش تستسيغ غناءه من هذه الحالة التي لاحظها وتأثر بها. أحبَّ التمثيل وشعر بأنه الشيء الذي يبحث عنه، إنه عالمه المفقود، به ستكتمل حياته.

اللافت أن التمثيل منذ البدايات الأولى بالنسبة لمحمود ياسين «حالة»، إنه بمثابة «عفريت» يتجسد في الشخص المحب له، فكان يسعد بالمشاهد التي يمثلها في نادٍ يسمى «نادي المريخ» ببورسعيد وهو طفل. وكوّن هو وزملاؤه فرقة مسرحية، مع عباس أحمد الذي عُرف بأشهر مخرجي الثقافة الجماهيرية، وله باع طويل وأثر في حياته كصديق ورفيق رحلة كفاح، هو والسيد طليب، وكانا أقرب صديقين له، سواء على مستوى هواية التمثيل أو الحياة.

ويروي كيف كان يقدم مسرحية على خشبة مسرح صنعوه بأنفسهم من مناضد وكراسي متراصة، وفي قاعة تسع 100 شخص، فلمح والده، وكانت المرة الأولى التي يمثل فيها ويشاهده أبوه، وإذا به يبتسم له ابتسامة هادئة، اعتبرها أول تصريح رسمي منه بموافقته على دخوله هذا المجال. ويذكر أيضاً أن من بين العمال الذين تأثر بهم محمود عزمي، مهندس الديكور العبقري، الذي لم يحصل على أي شهادات دراسية ولم يلتحق بالتعليم، لكنه كان يهوى الرسم ويصمّم ديكورات أي نصوص سواء عربية أو عالمية ببراعة مدهشة.