المرّي: «منتدى الإعلام العربي» يسعى لرسم خريطة المستقبل للقطاع

قالت إن التجمّع يحتفل بمرور 20 سنة على انطلاقته التي أسهمت في بناء مكانته

منى المرّي... رئيسة «نادي دبيّ للصحافة» ورئيسة اللجنة التنظيمية لـ«منتدى الإعلام العربي»
منى المرّي... رئيسة «نادي دبيّ للصحافة» ورئيسة اللجنة التنظيمية لـ«منتدى الإعلام العربي»
TT

المرّي: «منتدى الإعلام العربي» يسعى لرسم خريطة المستقبل للقطاع

منى المرّي... رئيسة «نادي دبيّ للصحافة» ورئيسة اللجنة التنظيمية لـ«منتدى الإعلام العربي»
منى المرّي... رئيسة «نادي دبيّ للصحافة» ورئيسة اللجنة التنظيمية لـ«منتدى الإعلام العربي»

صرّحت منى غانم المرّي، رئيسة «نادي دبيّ للصحافة» ورئيسة اللجنة التنظيمية لـ«منتدى الإعلام العربي»، بأن دورة العام الحالي ستعمل على تحليل المشهد الإعلامي وعلاقته بالعديد من القطاعات والمحاور الحياتية المهمة التي يعايشها المُتلقّي يومياً، وتلامس حياته وتؤثر فيها. وذكرت المرّي في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن «المنتدى» الذي ستنطلق فعالياته غداً في مدينة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وتستمر لمدة يومين، سيبحث أهم المستجدات على الساحتين العربية والعالمية، وتأثيرها في الإعلام، وتأثرها به، ودور الإعلام في مواجهة التحديات المحيطة بالمنطقة. وتطرقت كذلك للعديد من المحاور حول «منتدى الإعلام العربي»، والوضع العام للإعلام العربي.
وفيما يلي نص الحوار:

> تحتفلون هذا العام بعقدين من الزمان من بدء مسيرة حراك عربي إعلامي عبر عقد «منتدى الإعلام العربي»، ونحن على أبواب انطلاق الدورة العشرين، ما هو المختلف والجديد الذي ستحمله هذه الدورة؟
- نحتفل في هذه الدورة ومعنا صُنّاع الإعلام في المنطقة بمرور 20 عاماً على انطلاق «منتدى الإعلام العربي» ونجاحه في إقامة حوار شاركت فيه مؤسسات الإعلام العاملة في المنطقة، والقائمون على شؤون هذا القطاع الحيوي، وبحضور ومشاركة قيادات إعلامية عالمية؛ إذ نجح «المنتدى» في بناء مكانة نعتز بها ونفخر بما قدمته من إسهامات، مستنداً في ذلك إلى الروابط القوية مع «نادي دبي للصحافة» الذي أتشرّف برئاسته، وهو الجهة المُنظّمة لـ«المنتدى»، بمختلف الكيانات الإعلامية العربية والعالمية. فمنذ تكليف الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لنا قبل أكثر من عقدين من الزمان بإطلاق هذا التجمع المهني الأكبر من نوعه في المنطقة، واصل «المنتدى» رسالته في تحليل المشهد الإعلامي بهدف الوقوف على متطلبات تطويره، وما يلزم من خطوات وآليات لتحقيق التقدم المنشود لإعلامنا العربي، وتعزيز تنافسيته على الصعيد العالمي. «المنتدى» في دورته العشرين سيواصل هذا المسعى من خلال استشراف «مستقبل الإعلام»، والنظر فيما يتوجب على المؤسسات الإعلامية عمله من أجل مواكبة المتغيرات العالمية المحيطة على جميع المستويات التقنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكي يكون حضور الإعلام العربي ذا تأثير إيجابي في قلب المشهد التنموي العربي، مُحلّلاً وناقداً وموجهاً بإيجابية، ومسانداً لكل جهد هدفه الارتقاء بالإنسان العربي، وتمكينه من الوصول إلى ما يصبو إليه من إنجازات ونجاحات.
> ما أبرز الملفات التي سيُصار إلى طرحها في «منتدى الإعلام العربي 2022»؟
- راعينا في وضع أجندة «المنتدى» أن تكون على قدر كبير من التنوع لتتناول طيفاً واسعاً من الموضوعات المهمة التي هي موضع اهتمام كل المعنيين بالقطاع، ومن خلال مجموعة من الجلسات الرئيسية والنقاشية وورشات العمل سيتناول جمع من كبار الإعلاميين والمتخصصين، بمشاركة نحو 3 آلاف إعلامي من مختلف أنحاء العالم العربي، تحليل المشهد الإعلامي وعلاقته بالعديد من القطاعات والمحاور الحياتية المهمة التي يعايشها المُتلقّي يومياً، وتلامس حياته وتؤثر فيها. وسيتم التطرق إلى بحث أهم المستجدات على الساحتين العربية والعالمية، وتأثيرها في الإعلام وتأثرها به، ودور الإعلام في مواجهة التحديات المحيطة بالمنطقة. ومن أهم الجلسات الرئيسية جلسة نستضيف خلالها الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات؛ حيث سيستعرض علاقة الإعلام بما تموج به المنطقة والعالم من تحولات سياسية واقتصادية وأمنية، كذلك سيتناول جون كايسي، رئيس شبكة «سي إن بي سي» الدولية، التطور الكبير الذي يشهده قطاع الإعلام في العالم، وتعامل الإعلام العالمي مع المتغيرات السريعة في المنطقة، وهذه أمثلة لما سيتعرض له الحدث من محاور وموضوعات.
النقاشات أيضاً ستمتد لمستقبل الكتابة الصحافية في العالم العربي، وقضية غياب إعلام الطفل وتأثيرات ذلك على المجتمع، كما ستكون الدراما العربية، والإعلام الرياضي، والتطور التقني الهائل الذي أثمر ظواهر غير مسبوقة، ومنها عالم «الميتافيرس»، بين جملة كبيرة من الموضوعات الحيوية التي سيتطرق إليها «المنتدى»، من خلال أفكار نخبة من الإعلاميين وقيادات المؤسسات الإعلامية وكبار الكُتّاب في العالم العربي، لتناول المشهد السياسي والاقتصادي والتنموي في المنطقة بشيء من التحليل، ورصد ما يعتريه من تحول سريع على مختلف الأصعدة.
وسيكون هناك أيضاً نقاش حول التجربة الصحافية المصرية الرائدة والتطور الحاصل فيها، كذلك محاولة الوقوف على التحولات التي ألمّت بالمشهد الإعلامي اللبناني، إضافةً إلى محاولة التعرف على المنظور الخليجي للإعلام العربي. وسيكون كذلك للشركات الناشئة وما ينتظرها من فرص في المجال الإعلامي العربي، محل نقاش متخصص، فيما سيحضر الإعلام الجديد ومنصاته الرقمية بقوة ضمن العديد من الجلسات التي ستتناوله من زوايا مختلفة.
> كيف يمكن أن تسهم جلسات «المنتدى» في تشخيص حالة الإعلام العربي، والحلول التي يمكن تقديمها لتطوير القطاع؟ وكيف يمكن أن يسهم «المنتدى» في مواجهة التحديات التي تعترض طريق الإعلام العربي؟
- أعتقد أن الحوار وتبادل الأفكار ووجهات النظر حول القضايا التي تشكل هاجساً مشتركاً للقائمين على العمل الإعلامي في المنطقة، هو أفضل سبيل للوقوف على مجمل التحديات التي تعترض طريق الإعلام في عالمنا العربي. ومع كون «المنتدى» هو التجمع الأكبر للقائمين عليه من المحيط إلى الخليج، فإن هذا في حد ذاته ميزة كبيرة لمزاوجة الأفكار على تنوعها، والتعرف على وجهات النظر المختلفة فيما يتعلق بمتطلبات وأسلوب النهوض بإعلام المنطقة، ومعالجة ما يواجهه من تحديات، والنظر في الحلول المناسبة لمعالجتها والتغلب عليها، بل أيضاً اكتشاف ما يمكن أن تحمله في طياتها من فرص.
> مع اتساع رقعة الأدوات الإعلامية، هل شكّل ذلك تحدياً في الإعداد لأجندة دورة هذا العام من «منتدى الإعلام العربي»؟
- على النقيض تماماً؛ فهذا التنوع هو ميزة إضافية تعزز من قدرة «المنتدى» على التناول بإيجابية كبرى مع الموضوعات الملحة التي تشغل المجتمع وصُنّاع الإعلام في المنطقة.
وأجندة «المنتدى» يتم وضعها كل عام في إطار من التعاون والتشاور مع أقطاب صناعة الإعلام ورواده في مختلف البلدان العربية، وعن طريق نقاشات نحاول من خلالها تكوين صورة كلية جامعة لأهم الموضوعات التي تحتاج أن توضع تحت المجهر لتحليلها، والتعرف على الأسلوب الأمثل للتعاطي معها بكفاءة تكفل للإعلام القيام بالدور الإيجابي المنشود له في المجتمع.
> من وجهة نظرك، هل استطاع «منتدى الإعلام العربي» المساهمة في تطوير قطاع الإعلام في الدول العربية بشكل عام، وفي الإمارات بشكل خاص؟
- أعتقد أن «منتدى الإعلام العربي»، مع استضافته سنوياً لآلاف الكوادر المتخصصة ضمن مختلف التخصصات الإعلامية على امتداد دول المنطقة، أسهم في تقديم إضافات مهمة كان لها أثرها في دفع مسيرة التطوير الإعلامي، وإن اختلف ذلك الأثر وتباين في حجم تأثيره من دولة إلى أخرى، ومن مؤسسة إعلامية إلى نظيرتها على امتداد عالمنا العربي، كلٌّ وفق ظروفه واحتياجاته وخططه وميزانياته. ونعتز بكون تقرير «نظرة على الإعلام العربي» من أهم ما قدم «المنتدى» من إسهامات على مدار سنوات عديدة، خدم بها «المنتدى» ودفع مسيرة التطوير الإعلامي في المنطقة، من خلال تقديم تقرير علمي وافٍ مشفوع بكم كبير من الحقائق والأرقام، ضمن جهد بحثي مكثف تبنّاه «نادي دبي للصحافة»، انطلاقاً من موقعه بصفته الجهة المنظمة لـ«منتدى الإعلام العربي»، بالشراكة مع مؤسسات بحثية عربية وعالمية ذات مكانة مرموقة، وكان التقرير بمثابة مرجعية مهنية شاملة لكل المعنيين بالإعلام في عالمنا العربي.
وعلى مستوى دولة الإمارات، فقد استنسخنا التجربة الرائدة لـ«منتدى الإعلام العربي»، بتنظيم «منتدى الإعلام الإماراتي» الذي واصل بدوره منذ انطلاقه في عام 2013 تحفيز الأفكار وتشجيع المبادرات، من أجل الوصول بالإعلام الإماراتي إلى مستويات متقدمة من الإجادة والتميز. وكان «المنتدى» حافزاً رئيسياً لزيادة مساحة مشاركة الكادر الوطني في المشهد الإعلامي المحلي، وإطلاق برامج التدريب لصقل المهارات الإبداعية للإعلامي الإماراتي، فضلاً عن تعزيز جهود تحديث الأطر التنظيمية للعمل الإعلامي المحلي، وغيرها من الآثار الإيجابية العديدة التي أثمرها هذا اللقاء السنوي على الصعد المهنية كافة.
> الجائزة توسعت من جائزة مخصصة للصحافة لتشمل جميع قطاعات الإعلام، ما هو الهدف من ذلك؟
- «جائزة الإعلام العربي» جاءت بعد 20 عاماً من العمل الجاد لتكريم أصحاب الفكر المبدع في مجال العمل الصحافي. وقد شهدت الجائزة على مدار تلك السنوات العديد من حلقات التطوير التي انتهت إلى ضرورة توسيع نطاق الجائزة لتواكب التطور الكبير في المشهد الإعلامي العربي، كما جاء التطوير الجديد بعد أن أحرزت الجائزة رصيداً ضخماً من الثقة والتقدير لدى المجتمع الصحافي والإعلامي العربي، نتيجة الحفاظ على أعلى مستويات المهنية والنزاهة والموضوعية في اختيار الفائزين على مدار عمر الجائزة. وتوسيع نطاق الجائزة لتشمل، إلى جانب الصحافة، قطاعي الإعلام المرئي والإعلام الرقمي، هو حلقة جديدة في سلسلة متصلة من مراحل التطوير العديدة التي مرت بها الجائزة منذ انطلاقها قبل أكثر من عشرين عاماً، بإسهام مجالس الإدارة المتعاقبة للجائزة التي ضمت مجموعة من أهم قامات العمل الصحافي في عالمنا العربي. فهناك اليوم إعلام رقمي على قدر كبير من الانتشار، في ضوء تقدم تكنولوجي مذهل أثمر إعلاماً جديداً استدعى القيام بتحرك موازٍ من أجل إيجاد منصة لتكريم الإبداع في منصاته، كذلك الإعلام المرئي أو التلفزيوني بما له من انتشار وتأثير واسع النطاق في المجتمع العربي... وسنعمل على أن تكون الجائزة في إطارها الجديد امتداداً فعّالاً لتاريخ طويل من الاحتفاء بالتميز الإعلامي العربي.


مقالات ذات صلة

«طالبان» تحظر البث المباشر للبرامج الحوارية السياسية

آسيا صحافيون أفغان في لقاء بمكتب أخبار «تولو» في العاصمة كابل (إعلام أفغاني)

«طالبان» تحظر البث المباشر للبرامج الحوارية السياسية

فرضت حكومة «طالبان» في كابل، حظراً على البث المباشر للبرامج الحوارية السياسية بالقنوات الإخبارية الأفغانية، ما أثار موجة إدانات دولية من مختلف أنحاء العالم.

عمر فاروق (إسلام آباد)
المشرق العربي عربة عسكرية إسرائيلية خارج المبنى الذي يستضيف مكتب قناة الجزيرة في رام الله بالضفة الغربية المحتلة (رويترز)

«الجزيرة» تعدّ اقتحام القوات الإسرائيلية لمكتبها في رام الله «عملاً إجرامياً»

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنه أغلق مكتب قناة «الجزيرة» في رام الله بالضفة الغربية المحتلة، لأنه «يحرض على الإرهاب».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
يوميات الشرق تقرير «ليونز العالمي» يُعدّ معياراً عالمياً موثوقاً في مجالات الإبداع والتسويق لدى الوكالات والعلامات التجارية (الشرق الأوسط)

«SRMG Labs» تحصد لقب أفضل شركة سعودية للخدمات الإبداعية والإعلانية

حلّت «SRMG Labs» شركة الخدمات الإبداعية والإعلانية في المراتب الأفضل بين الشركات المدرجة هذا العام في تقرير «ليونز العالمي للإبداع».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق صدر كتاب السيرة الذاتية للإعلامي اللبناني كميل منسّى بعد أشهر على وفاته (الشرق الأوسط)

كميل منسّى يختم نشرته الأخيرة ويمضي

رحل كميل منسى، أحد مؤسسي الإعلام التلفزيوني اللبناني قبل أشهر، فلم يسعفه الوقت ليحقق أمنية توقيع سيرته الذاتية. تسلّم ابنه الأمانة وأشرف على إصدار الكتاب.

كريستين حبيب (بيروت)
العالم شعار مجموعة «ميتا» (رويترز)

«ميتا» تحظر وسائل الإعلام الحكومية الروسية على منصاتها

أعلنت مجموعة «ميتا»، المالكة لـ«فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب»، فرض حظر على استخدام وسائل الإعلام الحكومية الروسية لمنصاتها، وذلك تجنّبا لأي «نشاط تدخلي أجنبي».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«هدنة غزة»: لماذا تتضارب عناوين التغطيات الإعلامية؟

من جلسات التفاوض حول وقف الحرب على غزة (آ ف ب)
من جلسات التفاوض حول وقف الحرب على غزة (آ ف ب)
TT

«هدنة غزة»: لماذا تتضارب عناوين التغطيات الإعلامية؟

من جلسات التفاوض حول وقف الحرب على غزة (آ ف ب)
من جلسات التفاوض حول وقف الحرب على غزة (آ ف ب)

طوال الأشهر الماضية، حظي مسار المفاوضات الرامية إلى تحقيق «هدنة» في قطاع غزة، باهتمام وسائل الإعلام العربية والأجنبية. واحتلت الأخبار المتعلقة بالمباحثات مساحات واسعة في التغطيات الإعلامية، وسط تضارب في العناوين والتفسيرات بين «التفاؤل» بقرب الوصول إلى اتفاق حيناً، والحديث عن «فشل» المفاوضات حيناً آخر. وبين هذا وذاك تنشر وسائل الإعلام يومياً تقارير متباينة، إما عن عثرات وعقبات تقف في طريق الهدنة، أو عن جهود تمنح دفعة نحو الحل، الأمر الذي يثير تساؤلات بشأن أسباب هذه التضارب في العناوين، والمعلومات، ومدى تأثيره على مصداقية الإعلام.

وفي حين أرجع خبراء هذا التضارب إلى غياب المعلومات من مصدرها الأصلي والاعتماد على التسريبات، حذّروا من «تأثير النقل عن مصادر مُجهّلة على ثقة الجمهور في وسائل الإعلام».

يوان ماكساكيل (جامعة غلاسغو)

الواقع أنه يعتمد معظم الأخبار المتعلقة بمفاوضات «هدنة غزة»، سواءً عربياً أو غربياً، على «تسريبات» من مصادر «مُجهّلة» تتكلم عن تفاصيل مقترحات التهدئة، إضافة إلى بعض التصريحات الرسمية، إما من الوسطاء (مصر وقطر والولايات المتحدة)، أو من طرفي المفاوضات (إسرائيل وحماس).

ولكن بحسب مراقبين، فإن «أطراف المفاوضات لا تدلي بمعلومات بقدر ما تسرب من تفاصيل تعبّر عن وجهة نظرها، بهدف التأثير على مسار المفاوضات أو تحسين موقفها فيها».

الصحافي والمدرّب الأردني خالد القضاة، نائب رئيس شعبة الاتصال بجامعة الدول العربية لشؤون الحريات الصحافية والسلامة المهنية، عدّ في لقاء مع «الشرق الأوسط» الإعلام «طرفاً» في المفاوضات الدائرة حالياً، وقال: «أطراف التفاوض تستخدم الإعلام سلاحاً في المعركة، لتعزيز وجهة نظرها وخلق رأي عام مناصر لها، فكل طرف يستخدم الإعلام لتحقيق مصالحه».

وأضاف أن «طبيعة المفاوضات التي تجري دائماً في غرف مغلقة تفرض هذه الصيغة، بحيث يعتمد الإعلام على ما يصل إليه من تسريبات أو معلومات من أطراف التفاوض».

وتابع القضاة أن «ما ينشر يسبِّب ارتباكاً للجمهور، الذي بات مضطراً للبحث عن المعلومات من أكثر من مصدر أو وسيلة إعلامية، لتكوين صورة أقرب للواقع في ظل انحيازات إعلامية واضحة».

من جهة ثانية، وفق كتاب نشر عام 2003 وحرّره البروفسور الراحل جون دربي بجامعة نوتردايم الأميركية وروجر ماكغينتي البروفسور حالياً بجامعة درام البريطانية، فإن «إحدى الفرضيات الأكثر شيوعاً في جميع مفاوضات السلام، أنه من الضروري إبقاء وسائل الإعلام خارجاً، حيث يقال إنه كلما زاد مستوى المشاركة الإعلامية، زاد احتمال فشل المباحثات».

وبحسب الكتاب، فإن «هذه الفرضية صحيحة في معظمها، لأن إجراء المفاوضات تحت وهج الأضواء أصعب بكثير من إجرائها خلف الأبواب المغلقة، لكن في الوقت ذاته من المهم لصانعي السياسة النظر للمسألة بشكل أعمق... ثم إن الإعلام يشكل حلقة في أحجية المفاوضات، فعندما يلعب الإعلام دوراً بنّاءً في نقل أنباء المفاوضات التي تجري في مناخ داعم، لا يعود من المحتمل أن يكون له تأثير سلبي على نتائجها».

الإعلام وصانع السياسة بينهما مصالح متبادلة

أيضاً ورد في الكتاب أن «العلاقة بين الإعلام وصانع السياسة تعتمد على مصالح متبادلة، فالأول يريد معلومات لصناعة قصة جاذبة للجمهور يتمتع فيها بأكبر مساحة من النقد والتحليل وحرية العرض، والثاني يريد نقل سياساته لقطاع أكبر من الجمهور، مع السيطرة الكاملة على نوع وحجم وطريقة نقل المعلومات دون نقد». واستخلص أن «هذه العلاقة الجدلية هي التي تحدد دور الإعلام في العملية السياسية».

على الجانب العملي، قال يوان ماكاسكيل، الصحافي البريطاني الاستقصائي ومراسل صحيفة «الغارديان» البريطانية السابق، لـ«الشرق الأوسط»، إن «واحدة من كبرى المشاكل التي تواجه الصحافيين، هي انعدام ثقة الجمهور... وأن إحدى الطرق للبدء في استعادة الثقة هي الالتزام بالشفافية في نقل المعلومات بقدر الإمكان، وهذا يعني تجنب المصادر المجهولة كلما كان ذلك ممكناً».

ماكاسكيل شرح أن «الأخبار التي تنشر وقت المفاوضات تعتمد في معظمها على مصادر مُجهّلة، ما قد ينتج عنه تضارب في المعلومات، وربما يقوض الثقة في الإعلام»، لافتاً إلى أنه خلال عمله صحافياً حاول فقط استخدام اقتباسات من أشخاص تكلم إليهم فعلاً، وعند النقل من وكالة أنباء أو صحيفة أخرى، أو متى من مواقع التواصل الاجتماعي، كان يحرص على نسبة الاقتباسات لمصدرها.

أيضاً ذكر ماكاسكيل أنه «في كل الأحوال ينبغي استخدام المصادر المجهولة بشكل مقتصد جداً... وهذا مع أن استخدامها قد يكون ضرورياً في ظروف استثنائية، لا سيما إن كان الكشف عن هوية المصدر قد يعرض حياته أو وظيفته للخطر».

بالتوازي، كانت دراسة نشرتها جامعة أكسفورد عام 1974، أسهم فيها الباحث و. فيليبس دافيسون، قد أشارت إلى أن «التسريبات يمكن أن تعرقل المفاوضات الدولية، ولكن في الوقت ذاته قد يسهم الإعلام في تحقيق الاتفاق عبر تسليط الضوء على القضايا قيد التفاوض، ما يساعد في ضمان التنسيق بين أطراف التفاوض، ويربط الحكومات بالجماهير، عبر قنوات اتصال تكميلية للدبلوماسية».

مراعاة المعايير المهنية

وفي حوار مع «الشرق الأوسط»، ألقى الدكتور محمود خليل، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، باللائمة على الصحافيين في تضارب المعلومات التي تنشر على لسان مسؤولين رسميين، بيد أنه شدد على «ضرورة أن يراعي الصحافي المعايير المهنية في نقل التصريحات، فلا يتزيد أو يغير فيها، ولا يعالجها بشكل يتضمن نوعا من الانحياز». وتابع أن «الصحافي دوره هنا ناقل للسياسة وليس صانعاً لها. وبالتالي فهو ينقل تفاعلات الأطراف المختلفة في الحدث ويعرض وجهات نظرها جميعاً».

وقياساً على مفاوضات «هدنة غزة»، لفت خليل إلى أنه «في جولات التفاوض المتعددة، كان معظم ما نشرته وسائل الإعلام معتمداً على تسريبات من مصادر مُجهَّلة». وأردف: «لا بد للصحافي أن يلتزم الحذر في التعامل مع التسريبات التي تهدف إلى الترويج لوجهة نظر ما بهدف التأثير على مسار المفاوضات». وعزا انتشار التسريبات إلى نقص المعلومات، وغياب القوانين التي تكفل حرية تداولها.

من ثم، لمواجهة التضارب في المعلومات وتداعياته من تراجع للثقة في وسائل الإعلام، ينصح الدكتور خليل بـ«الالتزام بالمعايير المهنية في نقل المعلومات والتوازن في عرض التحليلات، من دون انحياز لوجهة نظر على حساب أخرى، لأن تلك الانحيازات تؤثر على التغطية، وعلى المصداقية أيضاً». وشدد على «ضرورة إعطاء مساحة أكبر للمعلومات مقارنة بالتحليلات والتفسيرات، لا سيما أن بعض التحليلات قد ينطوي على خداع للجمهور». واستطرد أن «مساحة التحليل في الإعلام العربي أكبر من مساحة المعلومات التي تراجع وجودها لصالح التسريبات في ظل غياب حرية تداول المعلومات».