هل يمكن إرسال رواد فضاء إلى توأم الأرض الشرير؟

حفر مسبار ماجلان التابع لـ«ناسا» على كوكب الزهرة (ناسا)
حفر مسبار ماجلان التابع لـ«ناسا» على كوكب الزهرة (ناسا)
TT
20

هل يمكن إرسال رواد فضاء إلى توأم الأرض الشرير؟

حفر مسبار ماجلان التابع لـ«ناسا» على كوكب الزهرة (ناسا)
حفر مسبار ماجلان التابع لـ«ناسا» على كوكب الزهرة (ناسا)

كوكب الزهرة، الذي يطلق عليه «التوأم الشرير» لكوكب الأرض، تشكل بالقرب من الشمس، وتطور منذ ذلك الحين بشكل مختلف تماماً عن كوكبنا، وله «تأثير غازي هارب»، بمعنى أن الحرارة محاصرة تماماً داخله، وغلاف جوي كثيف غني بثاني أكسيد الكربون، وليس هناك مجال مغناطيسي وسطح ساخن بدرجة كافية لإذابة الرصاص.
وتدرس عدة بعثات علمية غير مأهولة في العقد المقبل كيف ولماذا أصبح الكوكب على هذه الهيئة، ولكن الآن يريد بعض العلماء إرسال مهمة مأهولة هناك أيضاً للقيام برحلة جوية حول الكوكب، وهو الاقتراح الذي تم تقديمه في اجتماع حديث للاتحاد الدولي للملاحة الفضائية، في سبتمبر (أيلول) من العام الحالي.
واقتراح فكرة تحليق طاقم حول كوكب الزهرة، ليس بالجديد، حيث طرح في أواخر الستينيات من القرن الماضي، وقال أصحابه أنه يمكن استخدام كبسولة «أبولو» لنقل الناس حول الكوكب، لكن هذه الفكرة انتهت عندما انتهى برنامج أبولو، والآن، أدى مشروع مركبة «أرتميس» للتحليق حول القمر، والأفكار الأخرى للمهام المأهولة، إلى طرح الفكرة مجدداً.
والفكرة التي يطرحها البعض هي قيادة مركبة فضائية مأهولة حول كوكب الزهرة والعودة إلى الأرض، وسيسمح هذا للعلماء باختبار تقنيات الفضاء السحيق مثل كيفية تشغيل مهمة مأهولة مع تأخيرات زمنية كبيرة عند الاتصال بالأرض، لذلك يمكن أن يعدنا ذلك لمهمة أكثر تعقيداً، وهي إرسال طاقم إلى المريخ، كما أن هذه المهمة ستجيب على أسئلة كثيرة حول كوكب الزهرة.
ويقول أندرو كواتس، أستاذ الفيزياء، والباحث في مختبر علوم الفضاء بكلية لندن الجامعية في مقال نشره بموقع «ذا كونفرسيشن»: «مهمة طيران كهذه، ستتيح فقط بضع ساعات من البيانات، وسيكون في المقابل مشروعاً مكلفاً للغاية، ورغم بعض الصور المذهلة والبيانات الإضافية المفيدة التي يمكن توفيرها، فإن هذا من شأنه أن يضيف القليل إلى المعلومات حول الكوكب».
وتم جمع ما نعرفه عن كوكب الزهرة حتى الآن من 21 مهمة ناجحة غير مأهولة، منذ عام 1962 وحتى 2021. وكان أكثرها نجاحاً، هبوط المسبار السوفياتي «فينيرا» على سطح كوكب الزهرة القاسي، والبقاء على قيد الحياة لمدة تصل إلى ساعتين وإرسال الصور والبيانات، ولكن هناك أسئلة متبقية حول كيفية تطور كوكب الزهرة بشكل مختلف تماماً عن الأرض، وهي أيضاً ذات صلة بفهم الكواكب التي تدور حول نجوم أخرى والتي قد تؤوي الحياة.
ويعد العقد القادم بمثابة ثروة لعلماء كوكب الزهرة، ففي عام 2021، أعلنت «ناسا» عن بعثتي «فيريتاس» و«دافينشي» المقرر إطلاقهما في الفترة من 2028 إلى 2030. واختارت وكالة الفضاء الأوروبية «إنفيشن» المقرر إطلاقها في أوائل عام 2030، وهذه مهمات تكميلية غير مأهولة ستمنح فهماً أعمق لبيئة كوكب الزهرة وتطوره.
وستعمل «فيريتاس» على رسم خريطة لسطح كوكب الزهرة لتحديد التاريخ الجيولوجي وتكوين الصخور وأهمية المياه المبكرة، وتستهدف «دافينشي» الغلاف الجوي لقياس تكوينه وتطوره ويحدد ما إذا كان يحتوي على محيط، وسوف تدرس «إنفيشن» الغازات السطحية والجوية وتحت سطح الكوكب، وستستخدم الرادار لرسم خريطة للسطح بدقة أفضل من أي وقت مضى.
كما تخطط الهند أيضاً لمهمة غير مأهولة، هي «شكريان - 1»، واقترحت روسيا مهمة باسم «فينيرا دي».
ويقول كواتس: «مثل هذه المهام غير المأهولة، هي أفضل طريقة للإجابة على الأسئلة التي يحتاجها العلماء، لأن مخاطر الرحلات المأهولة كبيرة، حيث توجد تحديات حرارية كبيرة وإشعاع أعلى من التوهجات الشمسية بسبب قرب الزهرة من الشمس».
والسؤال المهم الذي يسعى العلماء للحصول على إجابة عليه أثير بعد أن أظهرت المهام الحديثة احتواء غيوم كوكب الزهرة على مركب «الفوسفين»، وتساءل العلماء عن مصدره، لأنه علامة محتملة على الحياة، حيث يتم إنتاجه باستمرار بواسطة الميكروبات على الأرض، فهل توجد ميكروبات على سطح الزهرة، رغم ظروفه القاسية.
ويدور كوكب الزهرة بالقرب من الشمس، وهذا يعني أن أي ماء على السطح قد يتبخر بعد فترة وجيزة من تكوينه، ليبدأ تأثير الاحتباس الحراري، وأدت الانفجارات البركانية المبكرة والمستمرة إلى إنشاء سهول من الحمم البركانية تسببت في زيادة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للكوكب، وتسبب تأثير الاحتباس الحراري الجامح، إلى زيادة درجة الحرارة في غلافه الجوي لتصل إلى 475 درجة مئوية، فهل يمكن أن تعيش ميكروبات في هذا المناخ؟
يقول كواتس: «إرسال البشر إلى كوكب نشك في احتوائه على كائنات حية لن يسهل مهمة العثور على تلك الكائنات، لكنها في الحقيقة مهمة محفوفة بالمخاطر، وقد تنتهي المهمة قبل اكتشاف أي حياة، وأفضل طريقة للبحث عن العلامات البيوكيميائية للحياة هي استخدام المهام غير المأهولة».
أما عن فكرة أن مثل هذه المهام تعدنا لمهمة أكثر تعقيداً وهي إرسال طاقم إلى المريخ، يرى كواتس، أن مهمة «أرتميس» التي سيتم إطلاقها قريباً للقمر، يمكن أن تساعدنا على المدى الطويل في الوصول إلى المريخ دون التدريب في كوكب الزهرة.


مقالات ذات صلة

السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

العالم السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

أعلنت السلطات في ولاية تكساس، اليوم (الاثنين)، أنّها تلاحق رجلاً يشتبه بأنه قتل خمسة أشخاص، بينهم طفل يبلغ ثماني سنوات، بعدما أبدوا انزعاجاً من ممارسته الرماية بالبندقية في حديقة منزله. ويشارك أكثر من مائتي شرطي محليين وفيدراليين في عملية البحث عن الرجل، وهو مكسيكي يدعى فرانشيسكو أوروبيزا، في الولاية الواقعة جنوب الولايات المتحدة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وفي مؤتمر صحافي عقده في نهاية الأسبوع، حذّر غريغ كيبرز شريف مقاطعة سان خاسينتو في شمال هيوستن، من المسلّح الذي وصفه بأنه خطير «وقد يكون موجوداً في أي مكان». وعرضت السلطات جائزة مالية مقدارها 80 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تتيح الوصول إل

«الشرق الأوسط» (هيوستن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
العالم وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن أمين مجلس الأمن الأرميني قوله إن أرمينيا وأذربيجان ستجريان محادثات في المستقبل القريب بشأن اتفاق سلام لمحاولة تسوية الخلافات القائمة بينهما منذ فترة طويلة، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء. ولم يفصح المسؤول أرمين جريجوريان عن توقيت المحادثات أو مكانها أو مستواها.

«الشرق الأوسط» (يريفان)
العالم مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الجمعة)، أن الطيران الروسي شن سلسلة من الضربات الصاروخية البعيدة المدى «كروز»، ما أدى إلى تعطيل تقدم الاحتياطيات الأوكرانية، حسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية. وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيانها، إن «القوات الجوية الروسية شنت ضربة صاروخية بأسلحة عالية الدقة بعيدة المدى، وأطلقت من الجو على نقاط الانتشار المؤقتة للوحدات الاحتياطية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، وقد تحقق هدف الضربة، وتم إصابة جميع الأهداف المحددة»، وفقاً لوكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية. وأضافت «الدفاع الروسية» أنه «تم إيقاف نقل احتياطيات العدو إلى مناطق القتال».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم نائب لرئيس الوزراء الروسي يؤكد أنه زار باخموت

نائب لرئيس الوزراء الروسي يؤكد أنه زار باخموت

أعلن مارات خوسنولين أحد نواب رئيس الوزراء الروسي، اليوم (الجمعة)، أنه زار مدينة باخموت المدمّرة في شرق أوكرانيا، وتعهد بأن تعيد موسكو بناءها، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال خوسنولين على «تلغرام»ك «لقد زرت أرتيموفسك»، مستخدماً الاسم الروسي لباخموت، مضيفاً: «المدينة متضررة، لكن يمكن إعادة بنائها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

رئيس وزراء كندا الجديد: الأميركيون يريدون بلدنا لكن لن نسمح لترمب بالانتصار

مارك كارني يستمع إلى كلمة جاستن ترودو خلال مؤتمر الحزب الليبرالي الحاكم في كندا اليوم (رويترز)
مارك كارني يستمع إلى كلمة جاستن ترودو خلال مؤتمر الحزب الليبرالي الحاكم في كندا اليوم (رويترز)
TT
20

رئيس وزراء كندا الجديد: الأميركيون يريدون بلدنا لكن لن نسمح لترمب بالانتصار

مارك كارني يستمع إلى كلمة جاستن ترودو خلال مؤتمر الحزب الليبرالي الحاكم في كندا اليوم (رويترز)
مارك كارني يستمع إلى كلمة جاستن ترودو خلال مؤتمر الحزب الليبرالي الحاكم في كندا اليوم (رويترز)

انتخب الحزب الحاكم في كندا، اليوم الأحد، مارك كارني زعيما جديدا له ورئيسا للحكومة المقبلة ليحل بذلك محل جاستن ترودو، في وقت تواجه البلاد توترات تاريخية مع الولايات المتحدة في عهد دونالد ترمب.
وأعلن رئيس الحزب الليبرالي ساشيت ميهرا أن كارني، المصرفي السابق البالغ 59 عاما والمبتدئ في العمل السياسي، فاز بنسبة 85,9% من الأصوات. وحذّر كارني في خطاب النصر الذي ألقاه في أوتاوا الأحد، من أن «الأميركيين يريدون بلدنا». وأضاف «لا يمكننا أن نسمح لترمب بالانتصار»، قائلا إن كندا بحاجة إلى «بناء اقتصاد جديد وإقامة علاقات تجارية جديدة».
من جهته شدد ترودو في خطاب وداعي ألقاه أمام أنصار الحزب، على أن كندا تواجه «تحديا وجوديا» بسبب تهديدات جارتها برئاسة ترمب. وقال ترودو لحشد تجمع في أوتاوا استعدادا لإعلان اسم الزعيم الجديد للحزب الليبرالي إنّ «الكنديين يواجهون تحديا وجوديا واقتصاديا من جانب جارتهم».
وكان كارني، وهو مصرفي سابق خبرته السياسية محدودة، المرشح الأوفر حظا للفوز بزعامة الحزب الليبرالي (وسط اليسار) الأحد. وأعلن ترودو في يناير (كانون الثاني) تنحّيه عن المنصب الذي شغله قرابة عقد من الزمن، في خطوة اتخذها بينما كان يواجه ضغوطا كثيرة، بدءا بتراجع شعبية الحزب وصولا إلى اقتراب موعد الانتخابات العامة المقبلة. ويُتوقع أن يتم التسليم والتسلم بين ترودو وخلفه في غضون أيام مع تأليف الحكومة الجديدة.
وتقدم كارني، وهو حاكم سابق لبنك كندا وبنك انكلترا، على منافسيه على صعيد الدعم الشعبي والتمويل لحملته. وكان سؤال واحد قد هيمن على النقاشات خلال الأسابيع الماضية: من هو الشخص المناسب لمواجهة ترمب وهجماته؟
وقال كارني في آخر لقاء انتخابي الجمعة «نواجه الأزمة الأخطر في حياتنا»، مشددا على أن كل ما اكتسبه في مسيرته «حضّرني لهذه اللحظة». وركز كارني خلال حملته على الخبرة التي اكتسبها في إدارة الأزمات، وهي استراتيجية يبدو أنها أثمرت ومنحته الأفضلية.
وأطلق ترمب حربا تجارية عبر فرض رسوم جمركية على الواردات من كندا، مكررا رغبته بأن يصبح هذا البلد «الولاية الأميركية الحادية والخمسين». وأثارت هذه الهجمات غضب الكنديين الذين بات كثيرون منهم يحجمون عن زيارة الولايات المتحدة أو يقاطعون المنتجات الأميركية.

خبرة وجدية

ورأت أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العسكرية الملكية في كندا ستيفاني شوينار أن كارني نجح في استقطاب التأييد بفضل «خبرته الاقتصادية وجديته». أضافت «هو ملّم بالأنظمة المالية العالمية ونقاط القوة والضعف للاقتصاد الكندي»، مشيرة الى أنه نجح أيضا في الابتعاد عن ترودو ومواقفه السياسية.
وقبل صدور النتيجة النهائية، كان محللون قالوا إن حظوظ المنافِسة الرئيسية لكارني، كريستيا فريلاند، ضئيلة للفوز بزعامة الحزب الحاكم. وكانت فريلاند وزيرة للمال في حكومة ترودو، واستقالت منها في ظل خلاف معلن ووجهات نظر متباينة مع رئيس الوزراء حول أفضل السبل لمواجهة ترمب.
وإضافة إلى التوترات السياسية والاقتصادية مع الولايات المتحدة، سيكون الزعيم الجديد للحزب الليبرالي أمام مهمة شاقة هي إعادة توحيد صفوفه تحضيرا للانتخابات المقبلة. ويُفترض أن تُجرى الانتخابات في موعد أقصاه أكتوبر (تشرين الأول)، لكنها قد تقام في وقت مبكر، وهي تعِد بأن تكون تنافسية أكثر مما كان متوقعا.
وتراجعت شعبية الليبراليين بشكل ملحوظ، ويحمّلهم الكنديون المسؤولية عن مشكلات عدة، خصوصا زيادة التضخم وأزمة السكن. لكن بعدما كان الحزب الليبرالي متأخرا بفارق 20 بالمئة في نوايا التصويت في يناير (كانون الثاني)، وضعته استطلاعات الرأي في شبه تعادل مع المحافظين. وبحسب استطلاعات للرأي نشره معهد آنغس ريد الأربعاء، فكارني هو المرشح المفضل لدى الكنديين لمواجهة ترمب، إذ اختاره 43 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع، في مقابل 34 بالمئة يفضّلون زعيم المحافظين بيار بوالييفر.
وبعدما حقق الأخير تقدما في الأشهر الماضية، يبدو أن السياق السياسي المستجد أفقده بعض الزخم. وأوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماكغيل الكندية دانيال بيلان أن «الخطاب الشعبوي» لبوالييفر يذكّر بخطاب ترمب ويزعج بعض الكنديين. في المقابل، يطمئنّ كثر من الكنديين إلى الخبرة الدولية التي يتمتع بها كارني وهدوئه «شبه الممل»، بحسب بيلان.