مسرحية «كلام الست» تنتصر للحب الأول

عرض مصري يعتمد الحكي على نغمات «كوكب الشرق»

جانب من العرض (الشرق الأوسط)
جانب من العرض (الشرق الأوسط)
TT

مسرحية «كلام الست» تنتصر للحب الأول

جانب من العرض (الشرق الأوسط)
جانب من العرض (الشرق الأوسط)

أعاد عرض الحكي المسرحي «كلام الست» إحياء الحب الأول، الذي لم يمت يوماً على ما يبدو في وجدان الجمهور، فقد تفاعل الحضور مع العمل الذي احتضنه مسرح مكتبة الإسكندرية أخيراً، حيث ظهرت انفعالاتهم وآهاتهم ومشاركتهم «الست» (أم كلثوم) غناء بعض روائعها، فبين حكاية وأخرى كان يأتي صوتها الجهوري من راديو عتيق يتصدر المكان بينما عُلقت صورتها في مكان بارز على الحائط.

تناول «الحكاوتي» على خشبة المسرح من خلال حواديتهم قضية الحب الأول، ليثبتوا أنه ما زال يجتذب اهتمام المبدعين المعاصرين ويلهمهم في الحاضر مثل أسلافهم، طارحين الكثير من الأسئلة في جغرافيا الحب عند الأدباء والفلاسفة والمفكرين شرقاً وغرباً، ومنهم الأديب الفرنسي جان دي لابرويير الذي وصل في القرن السابع عشر إلى أن «الحب الأول هو الحب الحقيقي، وأننا نحب حقاً مرة واحدة في الحياة»، إلى جانب أعمال أدبية أخرى لكتاب كبار مثل الروسي إيفان تورجنيف صاحب رواية «الحب الأول»، وأحد مؤسسي الأدب السردي الروسي في القرن التاسع عشر.
ويأتي هذا العرض ليعيد من جديد إثارة النقاش حول الحب الأول، منتصراً له عبر حكايات يتخللها تعليقات من الراوي، وبعد نهاية كل حكاية يتم بث مقطع من إحدى أغنيات كوكب الشرق، لتزداد مشاعر الجمهور توهجاً، لا سيما أنه تم اختيار أغنيات تتماهى مع مفهوم العرض مثل «فكروني» و«الحب كله» و«دارت الأيام»، وهو ما عزز فكرة أن الحب الأول لا يُنسى مهما حاول المرء ادعاء عكس ذلك أو سعى لتجاهله أو القول بأنه قصة انتهت وفق رؤية مخرج العمل ومدير مسرح «مكتبة الإسكندرية» طارق حسن الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تؤكد القصص التي يرويها أبطال العمل أن الحب الأول يظل ملازماً للإنسان طوال حياته، وسواء كان يمثل قصة (حلوة) أو موجعة فإنها تبقى في ذاكرته لا تفارقه، بل إنها تطل بقوة في كل قصة حب جديدة تقابله فيما بعد».

على مدى التاريخ نسج هذا الحب قصصاً لا حصر لها وألهم الأدباء والفنانين في كل المجالات أعمالاً إبداعية خالدة، ليس من منطلق المشاعر وحدها، إنما يتخطى ذلك إلى القدرة على فهم النفس والآخر بحسب حسن الذي أضاف قائلاً: «إدراك وعي الحب الأول يعني إدراك وعينا لأنفسنا ولهذا (الآخر) أيضاً الذي يمثل موضوعاً للحب كونه حاجة وشغفاً».
المدهش أنه من خلال الحكي بالمسرحية يشعر المتلقي أنه ربما عليه أن يعيد فهم معنى الحب الأول من جديد، وسر تأثيره الطاغي على الإنسان، فيأخذنا العمل من حكي قصة إلى أخرى فنشعر رويداً رويداً أنه أقرب للارتباط بنا نحن، لا بالطرف الآخر أو المحبوب، إذ إن جانباً أساسياً من تفرده هو أنه يشكل بدايات إدراكنا للاحتياج إلى من يكملنا، بما تحمله هذه البدايات من دهشة وتوقد بصرف النظر عن معقوليتها أو جدواها، وهو ما يحكم على الحب الأول دوماً بالنهاية، ليبقى ذكرى تكتب افتتاحية حب آخر أكثر قوة وديمومة.
المسرحية قُدمت من خلال ورشة عمل لفريق سوفيتا للفنون وتمت معالجة هذه القصص مسرحياً في إطار تقديم مسرح حكي معاصر يتناسب مع التطور الذي شهده هذا الفن خلال السنوات الماضية، فهو مسرح مختلف في الأداء وأسلوب العرض، وفي هذا العمل جاءت الحكايات مستوحاة من قصص واقعية للشباب مُغلفة بمشاعر الرومانسية، بعضها للممثلين أنفسهم حيث سبق العرض إقامة عدة ورش مسرحية بمقر الفريق الذي يُعد من أبرز فرق المسرح المستقل بالإسكندرية.

قدم الممثلون مؤمن المصري ومنذر الفخراني وريم الوكيل وميريت عبده وشيري المصري ومروان مقدم أداءً جيداً عبر اللعب بأدوات «فن الحكي» حيث كان تركيزهم على نبرة الصوت، والإشارات وأسلوب السرد، ما أكسب العمل أسلوباً شيقاً جذب الجمهور، كما أدت أغاني كوكب الشرق إلى استحضار القصص والتجارب الإنسانية المحكية في أذهان الحضور.
ورغم أن الحكي المسرحي، فن عربي قديم، يُعد من بين أدوات توثيق التاريخ والإرث المجتمعي، حيث تتناقله الأجيال، فإنه لم يعد له وجود، بحسب طارق حسن الذي يقول: «لا تهتم به الحركة المسرحية المصرية، فيكاد يخلو منه مسرح الدولة في حين أن المصريين قضوا جانباً كبيراً من ماضيهم بين حلقات السامر، وشاعر الربابة، وقصص (ألف ليلة وليلة)، و(سيرة عنترة)، و(سيرة سيف بن ذي يزن)، و(كليلة ودمنة)».
في ضوء هذه الأهمية تحاول فرقة سوفيتا فضلاً عن مجموعة محدودة من فرق المسرح المستقل الآن إعادة إحيائه، و«يلقى احتفاءً بالغاً لأنه يقدم تجارب حقيقية، ويشعر الجمهور أنه شديد القرب من الممثلين ما يزيد من اندماجهم مع الفكر الذي يطرحه العمل وذلك هو المطلوب من الفن»، وفق حسن.


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

مصباح مملوكي يكسر الأرقام القياسية ويحقق أكثر من 5 ملايين جنيه إسترليني بالمزاد

«مصباح صرغتمش» الأغلى سعراً على الإطلاق (بونامز)
«مصباح صرغتمش» الأغلى سعراً على الإطلاق (بونامز)
TT

مصباح مملوكي يكسر الأرقام القياسية ويحقق أكثر من 5 ملايين جنيه إسترليني بالمزاد

«مصباح صرغتمش» الأغلى سعراً على الإطلاق (بونامز)
«مصباح صرغتمش» الأغلى سعراً على الإطلاق (بونامز)

لمصابيح المساجد المصنوعة في العهد المملوكي مكانة رفيعة في الفن الإسلامي؛ ولذلك تحرص المتاحف المتخصصة في الفنون الشرقية على وجود قطعة أو أكثر منها وبالنسبة إلى جامعي القطع الفنية؛ فالعثور على مصباح يعود لتلك الفترة وبحالة جيدة فذلك أمر شبه نادر الحدوث، ويضيف إلى القيمة العالية لتلك المصابيح نسبها والتاريخ المعروف عن توارثها. ولعل ذلك ما وجده المزايدون في مزاد «دار بونامز» (الثلاثاء 12 نوفمبر/تشرين الثاني) في مصباح عرضته الدار يعرف باسم «مصباح الأمير صرغتمش» من مصر، وتسبب في مزايدة تنافسية حامية بصالة المزاد وعبر الهواتف رفعت من سعر المصباح من السعر المقدر له الذي تراوح ما بين 600 ألف ومليون جنيه إسترليني ليختتم المزاد على رقم لم يسبقه مثيل تجاوز الـ5 ملايين جنيه إسترليني.

زخارف وكتابات بالمينا على الزجاج (بونامز)

يعود تاريخ المصباح إلى القرن الرابع عشر، وهو أحد أندر وأهم الأمثلة على الزجاج الإسلامي الذي عُرض في مزاد؛ ما يجعله للآن أغلى قطعة زجاجية بِيعت في مزاد على الإطلاق. وقد عُرِض المصباح من قِبل أحد أحفاد أول رئيس وزراء لمصر، نوبار باشا، بعد أن كان في العائلة لأكثر من قرن من الزمان. وقد عدَّته العائلة قطعة زخرفية - فقد اُسْتُخْدِم مزهريةً للزهور المجففة، بحسب بيان الدار.

من جانبه، عبَّر نيما ساغارتشي، رئيس قسم الفن الإسلامي والشرق الأوسط بـ«دار بونامز» بعد المزاد عن سعادته بهذه النتيجة، مضيفاً أن «مصباح صرغتمش» هو عمل فني وحِرفي رائع. هذا المصباح ليس نادراً للغاية فحسب، بل إنه يتمتع بتاريخ عرض مثير للإعجاب وواسع، حيث عُرِض في بعض أهم متاحف باريس. وبحسب ساغارتشي، فلم تشهد السوق الفنية سوى ثلاثة مصابيح من ذلك العصر خلال القرن الحالي، ويرجع ذلك إلى سبب أن أغلب المصابيح المماثلة تقبع في المتاحف العالمية، ويضم متحف الفن الإسلامي في القاهرة عدداً كبيراً منها.

المصباح يعود في تاريخ ملكيته إلى دبلوماسي فرنسي يُدْعَى تشارلز شيفر الذي عُيّن مترجماً في وزارة الخارجية الفرنسية في 1843 وحتى 1857، وتنقل في أماكن مختلفة في أرجاء الإمبراطورية العثمانية، وفي مصر، ويعتقد أنه ابتاع المصباح في تلك الفترة، وأخذه معه إلى باريس. بعد ذلك وفي عام 1906 انتقل المصباح لمجموعة بوغوص باشا، وهو ابن أول رئيس وزراء في مصر نوبار باشا (1825 - 1899)، وظل المصباح مع العائلة منذ ذلك الوقت.

جماليات تعكس صناعة وحِرفة باهرة (بونامز)

تميز المصباح بحالة ممتازة وبالكتابات الملونة على الجزء العلوي منه، حيث كُتبت الآية الكريمة «اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ» من سورة النور، وكُتب على المصباح أيضاً اسم الأمير صرغتمش وشعاره واسم السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وكان معلّقاً في مدرسة صرغتمش في حي السيدة زينب بالقاهرة التي أُسّست في عام 757هـ/ 1356م.

وتعدّ مصابيح المساجد من أكثر الأمثلة على الأواني الزجاجية التي تعود إلى العصور الوسطى براعة من الناحية الفنية في أي مكان في العالم. كانت تقنية التذهيب والطلاء بالمينا في الوقت نفسه فريدة في نوعها تقريباً في بلاط المماليك، حيث أُنْتِجت في القرنين الثالث عشر والرابع عشر للزينة وتوفير الإضاءة في المساجد.