الكتب لا تُغذي العقول فقط؛ بل تشبع الذائقة البصرية أحياناً، وهو ما شد زوار معرض الرياض الدولي للكتاب تجاه كتاب «جدة البلد» الذي هو أشبه بتحفة فنية خلابة، فضلاً عن كونه الكتاب الأثقل والأثمن في المعرض، حيث يقدر وزنه بـ70 كيلوغراماً، ويصل سعره إلى 15 ألف دولار، كما يوضح داني سميحة، مدير دار «أسولين» في الشرق الأوسط، وهي دار فرنسية تتخذ من نيويورك مقراً لها، وتعد علامة مخصّصة للكتب الفاخرة.
يعرض سميحة الكتاب لـ«الشرق الأوسط» وهو يرتدي القفاز الأبيض، على غرار الأسلوب المتبع في متاجر المجوهرات ذات القطع الثمينة، ثم يُثبِّت الكتاب على قاعدة طويلة لتسهيل تقليب صفحاته الضخمة، ومع كل صفحة يفتحها تبدو الصورة الكبيرة ممتلئة بالتفاصيل الدقيقة، ما يُشعر من يراها وكأنه يقف أمام هذه الأمكنة المصوّرة.
- جدة القديمة
أشار سميحة إلى أن الكتاب الذي يتناول موضوعه أبنية ومعالم جدة القديمة، اكتمل قبل شهر من الآن، كما أنه يأتي بإصدار محدود جداً، حيث توجد منه 55 نسخة فقط حول العالم، كل نسخة مرقمة، والنسخة المشاركة في معرض الرياض هي رقم 53. وأبان أن الكتاب صُنع باليد، قائلاً: «الكتاب صُنع في إيطاليا، وهو شغل يدوي بالكامل، بما يشمل الخياطة وكبس الصفحات وقص الورق وثني الجلد، وغيره».
يأتي الكتاب بالتعاون بين دار «أسولين» ووزارة الثقافة السعودية، كما يفيد داني سميحة، مبيناً أنه إصدار يسعى لتأريخ جدة البلد، وإعطائها رونقاً ساحراً يعكس الجمال الإبداعي للأبنية القديمة في جدة، إلى جانب النوافذ الخشبية (الرواشين) التي عُرفت بها جدة البلد، ويعود عمر بعضها لأكثر من 200 عام، حيث ركزت عليها صور الكتاب كثيراً.
- عجائب السعودية
وأبان سميحة أن الكتاب الذي يزخر بمضمون غني من الصور ذات الدقة العالية خضع لفحوصات الجودة، كما توجد منه نسخة أخرى مصغرة بالحجم الاعتيادي، تعرضها الدار جنباً إلى جنب مع سلسلة من الكتب المهتمة بعجائب السعودية، مثل كتاب «العُلا»، وكتاب «النمر العربي»، وكتاب «رجال الأزهار».
كتاب «جدة البلد» الذي يأتي في نحو 52 صفحة، يركز على العمارة الإسلامية والتاريخ العريق الذي تحظى به مدينة جدة، وتنوّع الثقافات فيها، بالإضافة إلى مراحل ازدهارها وتحولها من مركز تاريخي إلى عاصمة عصرية للتراث المعماري الثمين والمشهد الفني الخلاب، في تنقل بين الأمكنة، من الأزقة إلى البيوت إلى المساجد والأسواق، وغيرها.
- جمهور الكتب الفاخرة
بسؤال داني سميحة عمّن يبتاع هذه الكتب، أشار إلى أن هواة اقتناء القطع الفنية يتلذذون بشراء مثل هذه الإصدارات المحدودة التي تقدمها دار «أسولين»، باعتبارها داراً تُصدر مجلدات ضخمة تزهو بالألوان والتصاميم الإبداعية، وتعد أول علامة فاخرة تُعنى بالثقافة في العالم. ويتطرق سميحة إلى كتاب «العُلا» الذي طرحته الدار في معرض الرياض الدولي للكتاب خلال العام الماضي 2021، قائلاً: «كان لدينا 55 نسخة منه، بعنا أغلبها، والآن لم يتبقَّ إلا 4 نسخ فقط».
وعن هويّة المشترين، يوضح سميحة أن كثيراً منهم من الأجانب المهتمين بمعرفة الكنوز الثقافية التي تزخر بها السعودية؛ حيث توزّعت نسخ كتاب «العُلا» بين فرنسا وأميركا والإمارات ودول أخرى، فضلاً عن الكميات المبيعة في السعودية التي تشكل الطلب الأكبر. ويضيف: «مثل هذه الكتب نخصصها لمعرض الرياض الدولي للكتاب، لكونه الأهم والأكبر في المنطقة؛ حيث يجمع حوالي 1200 ناشر».