عرض أميركي لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل يلبي «مبدئياً» مطالب لبنان

بري لـ«الشرق الأوسط»: المسودة إيجابية والتوقيع في الناقورة

الرئيس نبيه بري يتسلم أمس مسودة الاتفاق من السفيرة الأميركية دوروثي شيا (إ.ب.أ)
الرئيس نبيه بري يتسلم أمس مسودة الاتفاق من السفيرة الأميركية دوروثي شيا (إ.ب.أ)
TT

عرض أميركي لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل يلبي «مبدئياً» مطالب لبنان

الرئيس نبيه بري يتسلم أمس مسودة الاتفاق من السفيرة الأميركية دوروثي شيا (إ.ب.أ)
الرئيس نبيه بري يتسلم أمس مسودة الاتفاق من السفيرة الأميركية دوروثي شيا (إ.ب.أ)

شهد ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل اختراقاً نوعياً مع وصول أول اقتراح مكتوب من الوسيط الأميركي آموس هوكستاين، وصفه رئيس البرلمان نبيه بري بأنه «مسودة اتفاق»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» بعد دقائق من مغادرة السفيرة الأميركية دوروثي شيا، مكتبه: «إنها تلبي مبدئياً المطالب اللبنانية التي ترفض إعطاء أي تأثير للاتفاق البحري على الحدود البرية».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن اللجنة المختصة، التي تضم نائب رئيس البرلمان إلياس أبو صعب والمدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير ومستشار الرئيس بري علي حمدان وضابطاً تقنياً من الجيش، سوف تجتمع خلال 24 ساعة لدرس ملاحظات المسؤولين اللبنانيين وتقديم اقتراحات التعديل إذا ما دعت الحاجة»، فيما قال أبو صعب لـ«الشرق الأوسط» إن الأجواء إيجابية «أكثر من أي وقت مضى». وأضاف: «نحن بانتظار اجتماع اللجنة بعد ترجمة الاتفاق إلى العربية، لطرح الملاحظات اللبنانية عليه»، مؤكداً وجوب إحداث تعديلات على النص المقترح، كاشفاً أن «السفيرة الأميركية أكدت أن النص غير نهائي، وبالتالي قابل للتعديل»، لكنه شدد على أن التعديلات التي سوف يقترحها لبنان «غير جوهرية». وقال: «الفكرة متفق عليها، وتحتاج إلى ترجمة تقنية وقانونية يجري العمل عليها». ورأى أن هذا الاتفاق هو «ثمرة الموقف اللبناني الموحد الذي أثمر تنازلات مقابلة».

وفيما قالت شيا بعد لقائها بري: «الجو إيجابي جداً»، سألت «الشرق الأوسط» بري إذا كان المضمون «قمحة أو شعيرة» كما يقول المثل اللبناني، فأجاب ضاحكاً: «مبدئياً قمحة». وقال بري: «إن الاتفاق مؤلف من 10 صفحات وباللغة الإنجليزية ويستلزم درساً قبل إعطاء الرد النهائي عليه»، مشيراً إلى أنه ورئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي يدرسون مع مساعديهم تحديد الملاحظات عليه - إن وُجدت - على أن يتم بعدها التشاور بينهم قبل تقديم الرد. وجزم بري بأن الاتفاق - عند حصوله - سوف يتم توقيعه في بلدة الناقورة (الحدودية)، وفقاً لاتفاق الإطار الذي توصل إليه مع الأميركيين العام الماضي.
وفيما بدأ فريق تقني بدرس المسودة ووضع الملاحظات عليها، تقول مصادر مطلعة على لقاءات شيا لـ«الشرق الأوسط» إنه سيتم اجتماع ثلاثي منتصف الأسبوع المقبل للاتفاق على الرد الرسمي اللبناني، مشيرة إلى أن الجانب الأميركي يحث على إنهاء الاتفاق في أسرع وقت ممكن، أي خلال الأسبوعين المقبلين.
وزارت شيا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مسلمة إياه المسودة، فيما كان المكتب الإعلامي لبري أعلن أن السفيرة الأميركية سلمته «نسخة من اقتراح الاتفاق النهائي لترسيم الحدود البحرية الجنوبية لدرسه والإجابة عنه»، كما قال مكتب الرئيس عون إن رئيس الجمهورية تسلم منها «عرضاً خطياً من الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود الجنوبية البحرية آموس هوكستاين يتعلق بترسيم الحدود من ضمن مسار المفاوضات».
وأجرى الرئيس عون، على الأثر، اتصالين هاتفيين برئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وتشاور معهما في الموضوع، وفي كيفية المتابعة لإعطاء الوسيط الأميركي رداً لبنانياً في أسرع وقت ممكن.
وهذه هي المرة الأولى منذ بدء المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل قبل عامين، يعلن فيها عن تقديم رسالة خطية من الجانب الأميركي حول ترسيم الحدود، بعدما كانت قد تسارعت التطورات المرتبطة بالملف منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي بعد توقف لأشهر، إثر وصول سفينة إنتاج وتخزين على مقربة من حقل كاريش، تمهيداً لبدء استخراج الغاز منه، وهو الذي يقع الخلاف عليه بين لبنان وإسرائيل.
وكانت المفاوضات بين لبنان وإسرائيل انطلقت في عام 2020، ثم توقفت في شهر مايو (أيار) 2021 جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.
وكان من المفترض أن تقتصر المحادثات لدى انطلاقها على مساحة بحرية تقدّر بنحو 860 كيلومتراً مربعاً تُعرف حدودها بالخط 23، بناء على خريطة أرسلها لبنان عام 2011 إلى الأمم المتحدة. لكن لبنان اعتبر لاحقاً أن الخريطة استندت إلى تقديرات خاطئة، وطالب بالبحث في مساحة 1430 كيلومتراً مربعة إضافية تشمل أجزاء من حقل «كاريش» وتُعرف بالخط 29.
وبعد وصول منصة استخراج الغاز قبالة السواحل الإسرائيلية، دعا لبنان هوكستاين لاستئناف المفاوضات، وقدم عرضاً جديداً لترسيم الحدود لا يتطرق إلى كاريش، بل يشمل ما يُعرف بحقل قانا. ويقع حقل قانا في منطقة يتقاطع فيها الخط 23 مع الخط واحد، وهو الخط الذي أودعته إسرائيل الأمم المتحدة، ويمتد أبعد من الخط 23.
ومن شأن التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية أن يسهّل عملية استكشاف الموارد النفطية ضمن مياه لبنان الإقليمية. وتعوّل السلطات اللبنانية على وجود احتياطيات نفطية من شأنها أن تساعد البلاد على تخطي التداعيات الكارثية للانهيار الاقتصادي المتمادي منذ نحو ثلاثة أعوام.
من جهة أخرى، وصف أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، تسلّم لبنان العرض الخطي حول الحدود البحرية مع إسرائيل بـ«الخطوة المهمة جداً» وقال إن المسؤولين في الدولة اللبنانية «هم الذين يتخذون القرار بشأنه»، بعدما سبق أن لوّح بالتصعيد مرات عدة في وقت سابق.
وقال أمس (السبت): «شاهدنا اليوم من خلال الإعلام تسلّم الرؤساء الثلاثة بشكل رسمي النص المكتوب المقترح لمعالجة موضوع ترسيم الحدود البحرية، وهذه خطوة مهمة جداً»، وأضاف: «مسؤولو الدولة هم الذين يتخذون القرار لمصلحة لبنان، ونحن أمام أيام حاسمة في هذا الملف وستتضح النتيجة خلال الأيام المقبلة، ونأمل أن تكون الخواتيم طيبة».


مقالات ذات صلة

توتّر على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية بعد تظاهرة لأنصار «حزب الله»

المشرق العربي توتّر على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية بعد تظاهرة لأنصار «حزب الله»

توتّر على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية بعد تظاهرة لأنصار «حزب الله»

دعت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل)، مساء الجمعة، إلى الهدوء بعد توتر بين حرس الحدود الإسرائيليين وأنصار لـ«حزب الله» كانوا يتظاهرون إحياءً لـ«يوم القدس». ونظّم «حزب الله» تظاهرات في أماكن عدّة في لبنان الجمعة بمناسبة «يوم القدس»، وقد اقترب بعض من أنصاره في جنوب لبنان من الحدود مع إسرائيل. وقالت نائبة المتحدّث باسم يونيفيل كانديس أرديل لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ عناصر القبعات الزرق «شاهدوا جمعاً من 50 أو 60 شخصاً يرمون الحجارة ويضعون علم حزب الله على السياج الحدودي».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تباين بين «أمل» و«حزب الله» بشأن صواريخ الجنوب

تباين بين «أمل» و«حزب الله» بشأن صواريخ الجنوب

ذكرت أوساط سياسية لبنانية أنَّ «الصمت الشيعي» حيال إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه منطقة الجليل في شمال إسرائيل لا يعني أنَّ «حزب الله» على توافق مع حركة «أمل» بهذا الشأن، بمقدار ما ينم عن تباين بينهما، إذ ارتأيا عدم إظهاره للعلن لقطع الطريق على الدخول في سجال يمكن أن ينعكس سلباً على الساحة الجنوبية. وقالت المصادر إنَّ حركة «أمل»، وإن كانت تتناغم بصمتها مع صمت حليفها «حزب الله»، فإنها لا تُبدي ارتياحاً للعب بأمن واستقرار الجنوب، ولا توفّر الغطاء السياسي للتوقيت الخاطئ الذي أملى على الجهة الفلسطينية إطلاق الصواريخ الذي يشكّل خرقاً للقرار 1701. وعلى صعيد الأزمة الرئاسية، ذكرت مصادر فرنسية مط

العالم العربي المطارنة الموارنة يستنكرون تحويل جنوب لبنان إلى «صندوق» في الصراعات الإقليمية

المطارنة الموارنة يستنكرون تحويل جنوب لبنان إلى «صندوق» في الصراعات الإقليمية

استنكر المطارنة الموارنة في لبنان، اليوم (الأربعاء)، بشدة المحاولات الهادفة إلى تحويل جنوب لبنان إلى صندوق لتبادل الرسائل في الصراعات الإقليمية. ووفق وكالة الأنباء الألمانية، طالب المطارنة الموارنة، في بيان أصدروه في ختام اجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي شمال شرقي لبنان اليوم، الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية بالحزم في تطبيق القرار 1701، بما في ذلك تعزيز أجهزة الرصد والتتبُّع والملاحقة. وناشد المطارنة الموارنة، في اجتماعهم برئاسة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، «القوى الإقليمية والمجتمع الدولي مساعدة لبنان على تحمل أعباء لم تجلب عليه ماضياً سوى الخراب والدمار وتشتيت ا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي ميقاتي: عناصر غير لبنانية وراء إطلاق الصواريخ من الجنوب على إسرائيل

ميقاتي: عناصر غير لبنانية وراء إطلاق الصواريخ من الجنوب

أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الأحد، أن العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان والانتهاك المتمادي للسيادة اللبنانية أمر مرفوض، مؤكدا أن «عناصر غير لبنانية» وراء إطلاق الصواريخ من الجنوب. وقال ميقاتي إن «الهجوم الإسرائيلي على المصلّين في الأقصى وانتهاك حرمته أمر غير مقبول على الإطلاق، ويشكل تجاوزاً لكل القوانين والأعراف، ويتطلب وقفة عربية ودولية جامعة لوقف هذا العدوان السافر». وعن إطلاق الصواريخ من الجنوب والقصف الإسرائيلي على لبنان، وما يقال عن غياب وعجز الحكومة، قال ميقاتي إن «كل ما يقال في هذا السياق يندرج في إطار الحملات الإعلامية والاستهداف المجاني، إذ منذ اللحظة

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنان لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن رفضاً لاعتداءات إسرائيل

لبنان لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن رفضاً لاعتداءات إسرائيل

قررت الحكومة اللبنانية تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ضد إسرائيل، على خلفية الغارات التي نفذتها على مناطق لبنانية بعد إطلاق صواريخ من الجنوب اللبناني باتجاه المستوطنات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

TT

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)

تحوّلت العاصمة بيروت إلى هدف أساسي للجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، بعد تحذيرات أطلقها المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي، إلى مناطق وأحياء بيروتية للمرة الأولى، ما أثار حالة من الرعب والخوف في أوساط المواطنين الذي خرجوا من منازلهم قبل تنفيذ التهديدات، لا سيما أن المناطق المُحددة مكتظة بالسكان، ومعظمها لا يُعدّ محسوباً على «حزب الله».

وفيما أفادت «القناة 12» الإسرائيلية بأن تل أبيب جهّزت خطة عسكرية كاملة للساعات الأربع والعشرين الأخيرة من الحرب مع لبنان، بدأ استهداف بيروت ظهر الثلاثاء بغارة على منطقة النويري، القريبة من وسط العاصمة، ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية بأن غارة «نفذها الطيران الحربي المعادي» استهدفت مبنى «في المنطقة الواقعة بين النويري والبسطة في بيروت». ودمّرت الغارة «مبنى مؤلفاً من 4 طوابق يؤوي نازحين»، وفق الوكالة.

ومن موقع الغارة في النويري، وقفت رولا إلى جانب زوجها وسام جعفر باكية تحتضن ابنها الذي فقد لوقت قصير: «كنا في البيت، وفجأة وقعت الضربة، طرنا، والجدران كلها تناثرت علينا (...) الصدمة كانت صعبة جداً».

وبعد النويري التي استُهدفت دون إنذار، توالت التحذيرات الإسرائيلية لمناطق في العاصمة بيروت، بحيث قال أدرعي إنها تستهدف فروعاً لـ«القرض الحسن». وقال في منشور له على منصة «إكس»: «يواصل الجيش الإسرائيلي العمل بقوة لتفكيك بنى (حزب الله). على المدى الزمني القريب سنقوم بمهاجمة فروع عدة لجميعة (القرض الحسن)؛ حيث تحتوي هذه الفروع على أموال تمويل إيرانية وأخرى من مصادر الدخل لـ(حزب الله) التي تُستخدم في الواقع لإدارة وتخزين مصالح الحزب»، مضيفاً: «هذه الغارات ستُشكل ضربة إضافية لسلسلة التمويل الإيرانية لـ(حزب الله) الذي يستخدم هذه الجمعية لأغراضه العسكرية».

وفي منشورات متلاحقة، حذّر أدرعي السكان الموجودين في مبانٍ محددة على الخرائط في مناطق رأس بيروت والمزرعة والمصيطبة وزقاق البلاط لإخلائها، إضافة إلى مبانٍ في مدينتي صيدا وصور، علماً بأنها المرة الأولى أيضاً التي يستهدف فيها وسط مدينة صيدا.

وخلال أقل من ساعة على التحذيرات التي جعلت العائلات تخرج من منازلها على وجه السرعة من دون أن تعرف الوجهة التي ستذهب إليها، بدأت الغارات الإسرائيلية باستهداف منطقة النويري مرة ثانية، ومن ثم مارالياس (كانت قد استُهدفت قبل نحو أسبوع)، وبربور والمزرعة وشارع الحمرا، ومناطق أخرى للمرة الأولى.

وفيما أدى هذا الخوف إلى زحمة سير خانقة في كل أحياء وشوارع العاصمة، اضطرت عائلات من بعض المناطق، ولا سيما الفقيرة منها، على غرار منطقة الجناح، للخروج سيراً على الأقدام.

عمليات بحث عن ضحايا تحت أنقاض أحد المباني الذي استهدف في غارة إسرائيلية (أ.ب)

وفي تعليق منه على التصعيد، قال عضو كتلة «حزب الله» النائب أمين شري، بينما كان يتفقد موقع الغارة في بيروت، إن «العدو الإسرائيلي» قبل «التسوية يريد أن ينتقم من كل جمهور المقاومة ومن كل اللبنانيين» مشيراً إلى «عشرات الإنذارات» التي وجهها الجيش الإسرائيلي قبل استهداف ضاحية بيروت الجنوبية، معقل الحزب.